يقول ابن القيم فى الوابل الصيب:
،، فاذا اراد الله بعبده خيرا فتح له باباً من أبتواب التوبة ، والانـكسـار والذل والافتقار والاستغاثة به ، و صِـدقِ اللًّـجا إليه ، ودوام التضرع والدعاء والتقرب اليه بما أمـكـن من الحسنات ما تكون به تلك السيئة به سبب رحمته ، حتى يقول عدو الله : ياليتنى تركته ولـم أََوقِعـهُ .
وهذا معنى قول بعض السلف : إن العبد ليعمل الذنب يَدخلُ به الجنه ، ويعمل الحسنة يدخل بها النار ، قالوا كيف ؟ قال : يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا مُشفقاً وجلاً باكياً نادماً ، متحيا من ربه تعالى ، ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له ، فيكون ذلك الذنب سبب سعادة العبد وفلاحه ، حتى يكون الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الامور التى بها سعاده العبد وفلاحه ، حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنه
ويفعل الحسنة فـلا يزال يَـمُـنُّ بـها على ربه ، ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها و يستطيل بها ، ويقول : فعلت ُ، وفعلت ُ، فيورثه ذلـك من العجب والكبر والفخر والاستطاله ما يكون سبب هلاكه .
فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيراً ابتلاه بأمر يَـكسِـره به ويذلُّ به عنقه ، ويغره به نفسه عنده . وإن اراد به غير ذلك ، خَـلاهُ وعجبه و كبره ، وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه ؛ فان العارفين كلهم مجمعون على ان التوفيق : أن لا يكِـلك الله تعالى الى نفسك ، والخذلان : ان يَـكِلكـَ الله تعالى الى نفسكـ .
فمن اراد الله به خيرا فتح له باب الذل والانكسار ودوام اللَّـجأ الى الله تعالى ، والافتقار اليه و رؤية عيوب نفيه ، وهخهلها وظلمها وعدوانها ومشاهدة فضل ربه واحسانه و رحمته وجوده وبِره وغِـناه و حمده .
[FONT="]فالعارف سائر الى الله تعالى بين هذيين الجنـاحيين لا يمكنه ان يسير الا بهما فمتى فاته واحد منهما فهو كالطير الذى فقد احد جناحيه ,,
[/FONT]