هل هى حرب عالمية لإبادة السنة؟

إنضم
04/02/2009
المشاركات
202
مستوى التفاعل
0
النقاط
16

هل هى حرب عالمية لإبادة السنة؟

الجمعة 07-02-2014 00:58

طلعت رميح
لم يعد بالإمكان الحديث بلغة وألفاظ ملتفة أو منمقة، فمثل تلك اللغة باتت تمثل غطاء لأبشع عمليات قتل وإبادة شاملة، إنسانية وحضارية يشهدها التاريخ المعاصر، هي حرب عالمية حقيقية ضد السنة في كل مكان تقريبا، ولا علاقة لهذا التوصيف بأية لغة أو توصيف طائفي.
من يتلفت بحثا أو فهما أو متابعة لما يجرى في مختلف أنحاء العالم، من حروب تشنها الدول الكبرى ودول إقليمية أيضاً ضد دول أخرى أو أعمال حرب إجرامية تقودها جيوش دول ضد شعوبها أو أعمال تطهير عرقي ضد أقليات.. من يفعل ذلك سيجد نفسه أمام طوفان من أعمال القتل والترحيل القسري للسكان وأعمال الاستيلاء على أراضيهم وهدم للمدن على رؤوس ساكنيها، ويجد أن عداد القتل اليومي يكاد يعلن عدم قدرته على إحصاء ما يجرى منذ سنوات طوال، وسيصدم إذ يرى الحقيقة الماثلة أمامه تقول: إن صنفا واحدا من البشر هو من تجرى ضده كل أعمال القتل والإبادة تلك.. من أفغانستان عبر ثلاثة حروب تبادلت فيها القوتان الدوليتان أدوار استخدام القوة العسكرية الجبارة في القتل والإبادة والهدم، ظل "نوع المقتول واحدا وثابتا".. إلى العراق.. حيث تبادلت قوة إقليمية (إيران) وقوة دولية (أمريكا وبريطانيا)، الأدوار في القتل والإبادة والتدمير للإنسان والمجتمع والدولة لنحو ثلاثين عاما متواصلة، نجد "نوع المقتول واحدا وثابتا"، رغم اختلاف الدول المعتدية ونوع السلاح القاتل.. المقتول هو من نفس النوع المقتول في أفغانستان.
وهكذا كان ما قامت به روسيا ضد مواطني الشيشان، وما قامت به إثيوبيا ضد أبناء الصومال وكيلا عن الولايات المتحدة..
إلى بورما إلى الصين إلى إفريقيا الوسطى إلى نيجيريا، ومن قبل كانت البوسنة والهرسك بمذابحها التي جرت تحت أعين جنود الأمم المتحدة وتحت بصر العالم ومثلها كوسوفا، ومن قبل كانت فلسطين صاحبة المائة عام من القتل والإبادة والترحيل والتهجير وما تزال.
أعمال الإبادة والقتل تلك هي نفسها مهما تعدد القتلة أو اختلفت لغات القتلة، وهى جرائم تجرى في مختلف قارات العالم، وإذ لم نشر إلى أمريكا على أرضها، فلأنها تقوم بدورها في القتل خارج أرضها وتعتبر المسلم المقيم على أرضها إرهابيا يستحق الملاحقة والمراقبة والتنصت عليه ومتابعته.
في الوقت الراهن تجري معارك الإبادة في العراق وسوريا، فيقتل الآلاف وتهدم المدن فوق رؤوسهم ويحاصرون بحرب الجوع – التي تعيشها غزة منذ سنوات- دون تحرك دولي، إلا في فتح الطريق وتقديم الدعم لتلك المذبحة البشرية وحالة الإبادة الحضارية الجارية، مع إطلاق تصريحات لتبرئة الذمة ولممارسة الخداع لا أكثر ولا أقل.
التصنيف هنا بأن السنة هم من يقتلون وتهدم مدنهم ويجرى نقلهم من الحياة إلى الموت تحت الأرض، ليس تصنيفا طائفيا وإنما هو تقرير واقع وتحديد لنوعية من يقتلون، فالقوات الأمريكية التي احتلت العراق وأفغانستان ركزت ضرباتها العسكرية من قصف الطائرات إلى الدك بالصواريخ على المناطق السنية.. والحال في سوريا، أن المقتول بأيدي وطائرات وصواريخ جيش النظام هم سكان المناطق السنية، والمفارقة هنا أن يجري اتهام من يأتي من السنة من الدول الأخرى لمناصرة السنة في سوريا أو العراق بأنه إرهابي حتى لو عمل تحت قيادة سورية، أما من يأتي لنصرة بشار على خلفية طائفية من لبنان إلى العراق إلى إيران، فالمجتمع الدولي لا يراه، ولا يتحدث عنه، إذ تخلو كل الأقوال والقرارات الدولية والأفعال من أي إدانة له.
هي وفقا لهذا الرصد، حرب عالمية ضد السنة، لا يمكن تبريرها بحكاية تنظيم القاعدة أو الحرب على الإرهاب، بل يجب تفسيرها بفتح أبواب أخرى تتعلق بالصراع على الأرض والثروة.. إلخ.
ما يجري هو الترجمة الفعلية لنظرية صدام الحضارات ودراسة نهاية التاريخ.. لا أكثر ولا أقل.
 
قراءة طائفية للصراع، وهذه القراءة رغم طائفيتها وإختزاليتها إلا أنها قراءة مهمة جدا لفهم خطورة الإعلام الدولي المهيمن من حيث هو إعلام غير منفتح، نعم. مافيهش سنة ولاشيعة ولادروز. فيه صراع تعصب للمذهب وللأرض، وتعصب لروح الهيمنة، وتعصب لكرسي الحكم، وتعصب لفريق كرة قدم أدى إلى مجازر في الملاعب هنا وهناك في مصر وتركيا وكولومبيا. مشكلة الإعلام أنه يركز على التعصب المذهبي الديني أولا والسياسي ثانيا أما التعصب لهيمنة سوق معين والتعصب للفنان واللاعب والمغني وهذه الأشياء فلا تكاد تسمع عنها شيء.

عندنا في بلجيكا مثلا لم يقتل إمام مسجد من طرف متعصب شيعي لكن قتل إمام مسجد من طرف متعصب سني، وفي العراق كما هناك هجوم على السنة هناك هجوم على الشيعة. الصراع السوري واضح فجنوب لبنان أمامه طريق واحد كي لا يصير مثل غزة (سجن كبير) وهذا الطريق رهين ببقاء النظام البعثي والنظام البعثي كجهاز فيه سني وشيعي وناصري ونصراني أرثودوكسي .. أما قولك (فالمجتمع الدولي لا يراه) فغير صحيح فحزب الله على قائمة الإرهاب وكذلك جند الله الإيراني والمنظمات الأخرى الحقيقية منها والإعلامية. بالنسبة للتعصب البوذي في بورما فهو في حقيقته تعصب تابع لتعصب آخر هو تعصب للحكم حيث هناك مشاكل وأزمات خانقة تؤدي إلى ضغوطات يمكن التخفيف منها بتوجيه الأنظار إلى مشاكل جديدة مختلقة، وكذلك التعصب المسيحي الوثني في إفريقيا الوسطى. بالنسبة لأفغانستان فالمناطق المستهدفة هي كذلك لاستراتيجيتها وهي نفس المناطق التي كان تستهدفها طالبان قبل أن تسيطر على أغلبية الأرض لتتحول المناطق المستهدفة بعد ذلك إلى الشمال وأما ما يحدث في باكستان من تفجيرات شبه يومية فلا يمكن متابعتها إلا بفتح قنوات باكستانية. أما صدام الحضارات فنظرية لا حقيقة لها والحقيقة صراع بين القوى المتضادة وبين الحق والباطل وبين الخير والشر إلى جانب الصراعات العشوائية (الفتنة بالإصطلاح الإسلامي). نحن لا نرى صراع بين أمريكا والخليج لأن أمريكا تتعامل بالمصالح والخليج عقلية عربية متسامحة وتبادل دبلوماسي وهذه الأشياء المعروفة. قتل إمام مسجد في أمريكا، نعم لكن كم من راهبة وقسيس أستهدفوا بعد تصريحات البابا؟ أما التنصت: نعم، يعاني منه الإتحاد الأوروبي بأكلمه فما بالك بأشخاص في موضع الشك؟ وفي أمريكا هناك تخوف من فرق عنصرية كما كان هناك تخوف من تنظيمات يسارية. سبحان مبدل الأحوال.

أنا لا أستطيع أن أرد على كل الأخطاء الواردة في قراءتك الطائفية سيدي ماجد حتى لاندخل في جدالات أسأل الله أن يحفظ الملتقى العلمي منها. لكن هذه الورقة دفعتني للاتصال ببعض الإخوة لنشكل مجموعة وشبكة رصد على النت للتعريف بالتعصب ضد المسلمين وأرجو أن تكون محاولة ناجحة مادام الإعلام المحلي يركّز بشكل كبير على "التعصب الإسلامي". وأنا أرى أننا دائما ما نحاول التشخيص ونكتفي بذلك! علينا أن ندفع الباطل بالحرية: حرية الصحافة وحق الناس في معرفة الأحداث دون تحيز ولا تمركز، وهذا إنما بالعمل الجماعي وتطوير شبكة الرصد العالمية باللغات الحية الكبرى، وكذلك بمساندة القنوات الحرة وتشجيعها لتنافس هي بدورها داخل السوق. جزاك الله خيرا.
 
عودة
أعلى