هل هناك تضاد بين ما قاله الشاطبي والشوكاني!

أم الأشبال

New member
إنضم
30/06/2004
المشاركات
503
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :

وأنا أتصفح كتابا من الكتب لفت نظري قولان أحدهما للشاطبي والآخر للشوكاني فلاحظت أن بينهما تضاد في قضية ، وهي أن لغة العرب يعرف عنها غزارة الأساليب والمعاني مما جعل السلف يطلقون قولتهم المشهورة وهي أن القرآن الكريم حمال أوجه ، وذلك لأنه نزل بلغة العرب ، وهذا ما يبرز في قضية الاشتراك اللغوي ، وما أطلق عليه أهل العلم مصطلح ( الحقيقة الشرعية ) ، لذلك فتفسير معاني القرآن الكريم لا يرجع إلى أصل الوضع في اللغة كما أشار الشاطبي ، ومنطقة التضاد التي اعتقدتها تظهر عند قول الشوكاني :
"ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه ( يقصد الصحابة رضي الله عنهم ) به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها ، فخذ هذه كلية تنتفع بها" ،
والسؤال :
ما فائدة أن نضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه اللغة ، فما يفيدنا إبراز الاشتراك اللفظي أو البعد عن الحقيقة الشرعية ، أو ما هو بحكم المرفوع ، أو المعنى في الاستعمال من أرباب اللغة الصحابة رضي الله عنهم .
والحقيقة أني بهذا اكتشفت تضادا آخر في عبارة الشوكاني نفسه ، فكيف نشد أيدينا على قول الصحابي ، ثم نبحث عن ما تقتضيه لغة العرب ؟!

هذا والله أعلم وأحكم.

هنا أنقل العبارتين للفائدة :

قال الشاطبي:
" أن يذكر أحد الأقوال على تفسير اللغة ويذكر الآخر على التفسير المعنوي وفرق بين تقرير الإعراب وتفسير المعنى وهما معا يرجعان إلى حكم واحد لأن النظر اللغوي راجع إلى تقرير أصل الوضع والآخر راجع إلى تقرير المعنى في الاستعمال كما قالوا في قوله تعالى (ومتاعا للمقوين) أي: المسافرين وقيل النازلين بالأرض القواء وهى القفر وكذلك قوله ( تصيبهم بما صنعوا قارعة) أي: داهية تفجؤهم ،وقيل سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأشباه ذلك " أهــ [ الموافقات ]

وقال الشوكاني:
"واشدد يديك في تفسير كتاب الله على ما تقتضيه اللغة العربية ، فهو قرآن عربيّ كما وصفه الله ، فإن جاءك التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تلتفت إلى غيره ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم من جملة العرب ، ومن أهل اللغة ، وممن جمع إلى اللغة العربية العلم بالاصطلاحات الشرعية ، ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها ، فخذ هذه كلية تنتفع بها ".أهــ [ فتح القدير ][/align]
 
لم يظهر لي تضاد في عبارات الشيخين رحمهما الله .
فهما يقصدان أن اللفظة القرآنية قد يفسرها الصحابة تفسيراً على المثال ، ويكون مدلولها في اللغة أوسع من ذلك ، فينتبه من يقرأ تفسيرهم أنه مثال على المعنى المقصود الواسع وليس محصوراً فيما ذكروه رضي الله عنهم ، ولذلك نبه الشوكاني على ذلك فقال : (ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها ، فخذ هذه كلية تنتفع بها ) .
ومثله كلام الشاطبي ، فهو ينبه إلى أن التفسير قد يكون بالمعنى المستعمل للفظة دون إغفال للمعنى اللغوي الذي اشتقت منه العبارة ، كلفظة (المقوين) في آية سورة الواقعة.
والمراد من كلامهما هو التنبيه على مسألة العناية بالنظر إلى المعنى اللغوي في لغة العرب وقت نزول الوحي مع النظر في تفسير السلف واعتبار الأمرين في تفسير الآية ومراعاة أصول التفسير في مثل هذه المسألة .
والله أعلم .
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد:

أشكر لفضيلتكم تكرمكم بالإجابة والإفادة ، ولأبين ما أشكل علي أزيد بمثال :

قال تعالى :
{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }(الأعراف:180)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الإلحاد: التكذيب.


قال ابن القيم في تعليقه على تفسير ابن عباس :
" وهذا تفسير بالمعنى وحقيقة الإلحاد فيها :
العدول بها عن الصواب فيها ، وإدخال ما ليس من معانيها فيها ، وإخراج حقائق معانيها عنها ، هذه حقيقة الإلحاد ، ومن فعل ذلك فقد كذب على الله .
ففسر ابن عباس الإلحاد بالكذب ، وهو غاية الملحد في أسمائه تعالى ، فإنه إذا أدخل في معانيها ما ليس منها ، وخرج بها عن حقائقها ، أو بعضها فقد عدل بها عن الصواب والحق ، وهو حقيقة الإلحاد ..."

قال الطبري:
" وأصل "الإلحاد" في كلام العرب: العدول عن القصد، والجورُ عنه، والإعراض. ثم يستعمل في كل معوَجّ غير مستقيم" أهــ

قلت :
في وجهة نظري أن المعنى اللغوي للإلحاد يتساوى فيه العدول عن الصواب بقصد ومن غير قصد والمخطي والمعاند ، أما توجيه ابن عباس رضي الله عنه لمعنى اللفظة القرآنية نرى فيه أن حدد فقال " التكذيب " ، ويظهر أن ابن عباس اختار هذا المعنى لوجود الوعيد الذي تضمنته الآية ، فما كان الله ليتوعدهم وهم يفعلون ذلك جهلا أو عن غير قصد .
وقد ظهر هذا التوجيه من ابن عباس في تفسيره للإلحاد في قوله تعالى:
( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعني أن تستحلّ من الحرام ما حرّم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.
وهذا المثال الذي طرحته لفضيلتكم يبين ما اعتقدت من التضاد والذي ظهر في ذهني عند اطلاعي على القولين السابقين ، ويظهر من خلال المثال توجيه الصحابي للمعنى ، ولا يمكننا أن نوجهه بغير ذلك ، وإن كان اطلاع طلاب العلم على المعنى اللغوي ، ومن ثم على توجيه الصحابي فيه دربة وفائدة .

هذا والله أعلم وأحكم.
 
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :


وقال الشوكاني:
"واشدد يديك في تفسير كتاب الله على ما تقتضيه اللغة العربية ، فهو قرآن عربيّ كما وصفه الله ، فإن جاءك التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تلتفت إلى غيره ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم من جملة العرب ، ومن أهل اللغة ، وممن جمع إلى اللغة العربية العلم بالاصطلاحات الشرعية ، ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها ، فخذ هذه كلية تنتفع بها ".أهــ [ فتح القدير ][/align]

ربما هذا الكلام من الشوكاني يفسر ما قاله الشيخ مساعد الطيار عن منهجية الشوكاني فقد قال الدكتور مساعد :
أما كتاب الشوكاني الذي هو "فتح القدير" الجامع بين فني الرواية والدراية، هذا الكتاب من المؤلف -رحمه الله تعالى- أنا أعتبر الحقيقة هذا المنهج الذي سلكه الشوكاني منهج غريب، ولا أحبذه؛ لأن الشوكاني -رحمه الله تعالى- أخر ما يتعلق بتفسيرات السلف، بعد ما يسميه هو بالتفسير الدرائي، الذي هو التفسير بالرأي، وجعل كلام السلف متأخراً يبتدئ بقوله: "وأخرج".
فنحن إذا أردنا أن نقرأ في تفسير الشوكاني نريد أن نستفيد من عبارات السلف في التفسير، ونعرف كيف نستفيد منها وقد فصلها عن التفسير الدرائي؟ وهل التفسير الدرائي هو الأصل أو التفسير الروائي هو الأصل عند الشوكاني؟ لا نعرف، فهذا التفصيل أو هذا الفصل الذي حصل فصل غير سليم في رأيي وفي نظري، بل كان الأولى أن يفعل مثل ما فعل غيره من العلماء، بل ما فعل الذي اعتمد كتابه، هو اعتمد كتاب القرطبي، واستفاد منه كثيراً، ونقل منه كثيراً، والقرطبي -رحمه الله تعالى- مع أن كتابه كان من مقاصد التأليف عنده ذكر الأحكام الفقهية التي في الآيات إلا أنه ذكر التفسير كاملاً، وكان يخلط التفسير الوارد عن السلف بغيره ويذكر ويرجح إلى آخره، فهذا الفصل أنا بالنسبة لي يكون فيه إشكال وليس بحميد عندي، ومن دلائل ذلك: أني لم أجد أحداً ممن قرأ هذا الكتاب ذكر أنه اعتنى بمأثور السلف هذا عند قوله "وأخرج" بل إنني أذكر لما كنا في الجامعة، من درسنا هذا الكتاب؛ لأنه كان معتمد في الجامعة كان إذا وصل عند قوله "وأخرج" يقول لنا عبارة "اقلب الصفحة"، طيب الآن هذا مأثور السلف لماذا تركناه؟ أخذنا الإعراب وأخذنا البلاغة وأخذنا مسائل فيما يتعلق بالآيات، وأخذنا استنباطات، ولما جاء ما يتعلق بعبارات السلف تركناه، فيتكون لدى الطالب في مثل هذه المرحلة أن هذا الذي تركناه ليس مهماً، وليس فيه فائدة، وإنما الفائدة في هذا الكلام الذي يعتبر كلام من التحقيق والتدقيق بمكان، وهذا ليس بصواب، فهذا تقريباً إشارة لما يتعلق بتفسير الشوكاني.
 
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم[/align][align=justify]
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :


وقال الشوكاني:
"واشدد يديك في تفسير كتاب الله على ما تقتضيه اللغة العربية ، فهو قرآن عربيّ كما وصفه الله ، فإن جاءك التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تلتفت إلى غيره ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم من جملة العرب ، ومن أهل اللغة ، وممن جمع إلى اللغة العربية العلم بالاصطلاحات الشرعية ، ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها ، فخذ هذه كلية تنتفع بها ".أهــ [ فتح القدير ][/align]

قال ابن جني :
ينبغي أن يحسن الظن بابن عباس فيقال :
إنه أعلم بلغة القوم من كثير من علمائهم "
 
عودة
أعلى