ذكر ابن هشام رحمه الله تعالى في المغنى أن بعض الزنادقة تمسك بقوله تعالى ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (سورة الفتح 29) ، في الطعن على بعض الصحابة (انتهى).فقالوا أن (من) في الاية للتبعيض.
والحقيقة أن أصل (من ) إبتداء الغاية وليس التبعيض والسياق يظهر بعض المعاني المرافقة للابتداء ، فالاية السابقة من سورة الفتح ، (من) ابتدائية لحظة دخول الايمان لقلوبهم ، فاللهسبحانه وتعالى لايترهم اعمالهم ، ولايخلي بينهم وبين نفوسهم ،ويوفقهم لعمل الصالحات ، هذا المعنى الاول ، والمعنى الثاني أن (من) في سورة الفتح هو التبين اي الذين هم هؤلاء ، فهي تعين وتبين وتظهر .
وكذلك القول في الاية (سورة سبأ) التي ذكرتها أخي محمد، فلو قلنا بالتبعيض ، لكان المعنى لم يتبع ابليس الا فريق كان بعضه مؤمن والبعض الاخر غير مؤمن وكما ترى فيه تكلف واضح ، (فمن ) هنا إبتدائية لحظة مخالفة هذا الفريق المؤمن لابليس ، وايضا يوجد المعنى المرافق ل(من ) وهوالتبين، (فمن) توضح وتظهر معتقد هؤلاء الفريق المخالف لابليس وتمدحه .
والله اعلم