كان سؤالك في أول الموضوع عن إطلاق اسم الشفيع على الله جل وعلا
وقلت:
لماذا لا نجد هذا الاسم ضمن أسماء الله الحسنى؟؟؟
وقد أجبت عن ذلك بما أحسب أنه يكفي
وهذه بعض الوقفات اليسيرة مع بعض ما ذكرته في مشاركتك التالية أرجو أن يزول بها ما أشكل عليك أو يكون فيها ما ينفعك
ولعلك تعذرني في التأخر في الرد
و التعريف الذي وضع لفعل (شفع) هذا التعريف من وضع البشر..و الله تعالى يبدو لي وبكل صراحة..أنه قد فصل في تعريف الشفاعة..و الشفيع.و ذلك من خلال الآيات البينات الواضحات و ضوح الشمس في رابعة النهار..فهي ليست متشابهة أو غامضة ..
معنى الشفاعة معروف في لسان العرب جرى به التخاطب بينهم وهو مشهور مذكور في الآيات والأحاديث وأشعار العرب والآثار عمن كان في عصر الاحتجاج
وليس لفظ (الشفاعة) من الألفاظ الغريبة التي لا يعرفها إلا العلماء باللغة
ومع ذلك يمكنك مراجعة معناها في المعاجم اللغوية وكتب مفردات القرآن
وانظر إن شئت: تهذيب اللغة للأزهري، أو الصحاح للجوهري، أو معجم مقاييس اللغة لابن فارس أو المفردات للراغب الأصفهاني
وستجد بيان معنى الشفاعة في لغة العرب ، وقد وضحت لك ذلك في المشاركة الأولى، ولكن زيادة التوثق في العلم تنفعك وتقويك
والقرآن الكريم نزل باللسان العربي ، ومعنى الشفاعة في القرآن هو معناها في لسان العرب
هذا من حيث المعنى اللغوي للشفاعة
وأما شروط الشفاعة عنده جل وعلا يوم القيامة فقد بينها الله عز وجل في كتابه أتم بيان:
- فقال تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)
-وقال: (ولا تنفع الشافعة عنده إلا لمن أذن له)
- وقال: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى)
- وقال: (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى).
فهذه الآيات تبين أن الشفاعة لا تكون إلا بشرطين:
الأول: إذن الله تعالى للشافع أن يشفع.
والآخر: رضا الله تعالى عن المشفوع له أن يُشفع له.
والله تعالى قادر على أن يغفر للمشفوع له ويدخله الجنة دون شفاعة
ولكن الله حكيم عليم، وفي الشفاعة من إظهار كرامة الشافعين ورفعتهم ما لا يخفى، وفيها من رحمة الله عز وجل بالمشفوع له ما هو ظاهر بين حيث جعل له سبباً تحصل له به المغفرة ودخول الجنة.
وبيَّن تعالى في آيات أخر أن الشفاعة لا تنفع الكافرين :
كما قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) )
فقوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) هذه الفاء هي لبيان ترتب هذا الحكم على الأسباب السابقة أي: فلأجل أنهم كذبوا بالدين ولم يكونوا من المصلين ولم يكونوا يطعمون المسكين وكانوا يخوضون مع أهل الباطل الذين يجادلون في الحق بعد ما تبين بغير علم ولا هدى ولا قصد صالح وينطقون في الحق بالكذب والبهتان.
وتفيد هذه الآيات بمفهومها أن هناك شفاعة نافعة يوم القيامة لمن كان من المصلين وأطعم المسكين وصدق بيوم الدين واجتنب الخوض فيما يسخط الله تعالى
يعني منطقيا كيف يعقل للرسول أن يطلب الشفاعة من الله لأناس دخلوا النار وهم عصاة..زناة ..و قتلة..آكلين لمال اليتيم..إلخ (بالرغم كونهم موحدين) حكم الله عليهم بالدخول إلى النارو الخلود فيها بنص قرآني صريح ..
هذه الكبائر من القتل والزنا وأكل مال اليتيم ونحوها هي ذنوب عظيمة يخشى على من وقع فيها العذاب الأليم في الدنيا والآخرة
ولكنه لا يخرج بتلك الذنوب الكبيرة من دائرة الإسلام
فما لم يرتد المؤمن عن دينه ويكفر بعد إسلامه بارتكاب ناقض من نواقض الدين المعروفة كالشرك بالله تعالى، أو التكذيب بالحق، أو الشك في صدق خبر الله ورسوله بعد علمه بصحته أو الاستهزاء بشيء من الدين، أو ارتكب شيئاً مما نص الشارع على كفر مرتكبه
فإذا لم يفعل شيئاً من ذلك لم يكفر وإن زنى وإن سرق
بل هو باق على دين الإسلام وقد حافظ على حسنة التوحيد وصلى وصام وأدى أركان الإسلام فله من الطاعات ما يشفع له بإذن الله تعالى
في الصحيحين من حديث أبي الأسود الديلي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ نَائِمٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ؛ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ:
(مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ).
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟!!
قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟!!.
قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.
ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ فِى الرَّابِعَةِ: « عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِى ذَرٍّ »
قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِى ذَرٍّ).
ومعنى قول (لا إله إلا الله) يقتضي الإقرار بالتوحيد والعمل به واجتناب الشرك كما جاء مفسراً في الرواية الأخرى في الصحيحين أيضاً عن أبي ذر رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: « أَتَانِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.
قَالَ: « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ».
وهذه البشرى بدخول الجنة لا تقتضي أن أصحاب الكبائر لا يعذبون قبل دخول الجنة بل وردت أدلة كثيرة صحيحة على أنهم تصيبهم بعض عقوبات ذنوبهم في حياتهم الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة حتى إن منهم من يعذب في النار – والعياذ بالله- ثم يخرج منها برحمة أرحم الراحمين ثم بشفاعة الشافعين الذين يأذن الله لهم بالشفاعة فيهم.
و ما هو الضمان و الدليل القاطع من كتاب الله أن هذه الشفاعة ..شفاعة الرسول المزعومة (عندي أنا)خاصة للكافرين فقط من دون المنافقين الموحدين ..هذا كله فرضا لو كانت هناك الشفاعة..
الإيمان بالشفاعة واجب لأن الله عز وجل قد أخبر بها في كتابه الكريم
وبينها النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً
فلا يجوز لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشك فيها بعد إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها ، بل يجب التصديق بذلك والإيمان به كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وأن لا يكون في أنفسنا حرج من ذلك.
وإليك بعض الأدلة في إثبات الشفاعة آمل أن تقرأها بتأمل :
1: عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا ، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى فِى الآخِرَةِ). متفق عليه.
2: و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) رواه أبوداود والترمذي بإسناد صحيح.
3: في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
قَالَ: هَلْ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا؟
قُلْنَا: لاَ .
قَالَ: فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ فِى رُؤْيَتِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ: يُنَادِى مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ
فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟
قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ .
فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ؛ فَمَا تُرِيدُونَ؟
قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا.
فَيُقَالُ: اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى جَهَنَّمَ.
ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ؟
فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ؛ فَمَا تُرِيدُونَ؟
فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا.
فَيُقَالُ: اشْرَبُوا؛ فَيَتَسَاقَطُونَ.
حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ
فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟
فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا.
قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ؛ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ.
فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا.
فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ الأَنْبِيَاءُ؛
فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟
فَيَقُولُونَ: السَّاقُ.
فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا.
ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ.
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ؟
قَالَ: مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ.
الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ؛ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ
حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا،
فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِى مُنَاشَدَةً فِى الْحَقِّ ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِى إِخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا .
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِى النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا
ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ
فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا.
ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِى فَاقْرَءُوا: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا )
فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ
فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِى؛ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِى نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِى حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ ، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ إِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ ، فَيُجْعَلُ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ .
فَيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ.
و أخيرا و حتى أنزع اللبس عن الإخوة الكرام.عندما أقول وجدت في كلام الله.فليس معنى هذا أني ألغيت سنة رسولنا الكريم حاشا و لله..
فأنا و الله يشهد على ما أقول أني ملتزما بسنة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام..
الحمد لله على التزامك بالسنة، وقد ذكرت لك بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة
أليست هذه الآيات دالة على بطلان هذا الزعم..
َفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ [الزمر : 19]
الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار، وهم أهل النار الذين لا يخرجون منها
وأما المؤمنون الذين لا يشركون بالله شيئاً فليسوا من هؤلاء وإن عذبوا ببعض ذنوبهم كما سبق بيانه
وكما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: ( لا إله إلا الله ) أنجته يوما من دهره، أصابه قبل ذلك ما أصابه) رواه أبو نعيم والبزار والبيهقي ، وصححه الألباني.
أما من أحاطت به خطيئته وحقت عليه كلمة العذاب فهذا المراد به الكفار
كما قال ابن جرير رحمه الله: (يعني تعالى ذكره بقوله : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربك يا محمد بكفره به.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) بكفره).
نعوذ بالله من سخطه وعذابه.
ولعل في هذه الوقفات كفاية
وفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح