هل معنى (في الكفر ) أي (إلى الكفر) في قوله تعالى :

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
[يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ]
 
نقلت لك قولين (للمفسرين ) ، ثم تعقيب شخصي

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود رحمه الله
يا أيها الرسول لاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ في الكفر } خُوطب عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة للتشريفِ والإشعارِ بما يوجب عدمَ الحزن ، والمسارعةُ في الشيء الوقوعُ فيه بسرعة ورَغبةً ، وإيثارُ كلمة ( في ) على كلمة ( إلى ) الواقعة في قوله تعالى : { وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ من رَبّكُمْ وَجَنَّةٍ } الخ [ آل عمران ، الآية : 133 ] للإيماء إلى أنهم مستقرون في الكفر لا يبرَحونه ، وإنما ينتقِلون بالمسارعة عن بعض فنونِه وأحكامِه إلى بعضٍ آخرَ منها كإظهارِ موالاةِ المشركين ، وإبرازِ آثارِ الكيدِ للإسلام ونحوِ ذلك ، كما في قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ يسارعون في الخيرات } [ المؤمنون ، 61 ] فإنهم مستمرون على الخير مسارعون في أنواعِه وأفرادِه

التحرير والتنوير من التفسير لابن عاشور رحمه الله
ومعنى المسارعة في الكفر إظهار آثاره عند أدنى مناسبة وفي كلّ فرصة ، فشبّه إظهاره المتكرّرُ بإسراع الماشي إلى الشيء ، كما يقال : أسرع إليه الشيب ، وقوله : إذا نهي السفيه جرى إليه . وعدّي بفي الدالّة على الظرفية للدلالة على أنّ الإسراع مجاز بمعنى التوغّل ، فيكون ( في ) قرينة المجاز ، كقولهم : أسْرع الفساد في الشيء ، وأسْرع الشيب في رأس فلان . فجعل الكفر بمنزلة الظّرف وجعل تخبّطهم فيه وشدّة ملابستهم إيّاه بمنزلة جولان الشّيء في الظرف جولاناً بنشاط وسرعة . ونظيره قوله { يسارعون في الإثم } [ المائدة : 62 ] ، وقوله : { نسارع لهم في الخيرات } المؤمنون : 56 ) ، { أولئك يسارعون في الخيرات } [ المؤمنون : 61 ] . فهي استعارة متكرّرة في القرآن وكلام العرب . وسيجيء ما هو أقوى منها وهو قوله : { يسارعون فيهم } [ المائدة : 52 ] .


أقول..

أولا :أميل إلي قول ابي السعود رحمه الله ، فالقول بالمجاز لا أطمئن إليه كثيرا.

ثانيا : الاسراع في الدنيا ، ظرفيه (في) الزمانيه ، تناسب تماما ، الدلالة الزمنيه في السرعه (طلب فوري ، حالا )، فلماذا القول بالتقدير الترادفي بمعنى (إلي )، قوله تعالى { وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } (سورة المائدة 62) وفي المؤمنين ، قوله تعالى ({ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } (سورة آل عمران 114)

ثالثا :الاسراع إلي الاخره ، وحرف الجر (إلي ) الذي يدل على إنتهاء الغايه الزمانيه
وقوله تعالى ({ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } (سورة آل عمران 133) ولم يقع في القران غير هذه الايه .

والله اعلم
 
وأسوق هنا أيضا كلاما للشيخ الشعراوي ، يقول رحمه الله :
يقول الحق لرسوله محمد صلّى الله عليه وسلم: { لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ }.

وهذه رُبوبية التعبير، فنحن نعلم أن السرعة تكون إلى الشيء، لا في الشيء كما قال الحق:
{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ }
[آل عمران: 133]
ولكن هنا نجده يقول: { يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ }. ولو قال الحق: " يسارعون إلى الكفر " لكان قد ثبت لهم إيمان وبعد ذلك يذهبون إلى الكُفر، لا. الحق يريد أن يوضح لنا: أنهم يسارعون في دائرة الكفر. ويعلمنا أنهم في البداية في الكفر، ويسارعون إلى كفر أشد. ونعرف أن " في " في القرآن نستطيع أن نضع من أجلها المجلدات. فقد قلنا من قبل قال الله تعالى: { سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ }.
ولم يقل سبحانه سيروا على الأرض.
والحق سبحانه: وتعالى يقول:
{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ }
[النساء: 5]
وهي ليست أموال المخاطبين، ولكنها في الأصل أموال السفهاء. ولكن سبحانه يبلغنا أن السُّفهاء غير مأمونين على المال، ولذلك يأتي الحق بالوصَيَّ والقيّن على المال ويأمره أن يعتبر المال ماله حتى يحافظ عليه. ويأمره بألا يخزن المال ليأكل منه السَّفيه؛ لأن المال إن أكل منه السَّفيه ودفع له الزكاة، قد ينضب وَينْفذ. لذلك قال الحق:
{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً }
[النساء: 5]
ومن بعد ذلك يقول الحق:
{ وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا }
[النساء: 5]
لم يقل ارزقوهم منها، ذلك أنه سبحانه شاء أن يعلمنا أن الرزق مطمور في رأس المال ويجب أن يتحرك رأس المال في الحياة حتى لا ينقص بالنفقة، وحتى لا تستهلكه الزكاة، وحتى يبلغ السَّفيه رُشده ويجد المال قد نما. هذه بعض من معطيات " في ". وهنا آية الصَّلب:
{ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ }
[طه: 71]
بعض المفسرين يقولون في هذه الآية: { لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } ونقول: إن الذين قالوا ذلك لم يُفسّروا هذه الآية وكان يجب أن يقولوا في تفسير ذلك:
لأصلبنكم على جذوع النخل تصليباً قوياً يدخل المصلوب في المصلوب فيه
ومثال ذلك لو جئنا بعدو ثقاب وربطناه على الأصبع بخيط رفيع وأوثقنا الربط، فعود الثقاب يغوص في الأصبع حتى يصير وكأنه داخل الأصبع. وعندما يقول الحق: { لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } فيجب ألا نفهم هذا القول إلا على أساس أنه تصليب على جذوع النخل تصليباً قوياً يُدْخِلُ المصلوب في المصلوب فيه. وتلك هي العِلّة في وجود " في " وعدم وجود " على "
والحق يقول هنا: { لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } فكأن المسارعة إما أن تكون بـ " إلى " وإما أن تكون بـ " في ". فإن كانت بـ " إلى " فهي انتقال إلى شيء لم يكن فيه ساعة بدْء السرعة، وإن كانت بـ " في " فهي انتقال إلى عمق الشيء الذي كان فيه قبل أن يبدأ المسارعة.
{ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } فالإيمان محلّه القلب، والإسلام محلّه الجوارح؛ ولذلك قال سبحانه:
{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا }
[الحجرات: 14]
إنهم يسارعون إلى الصف الأول في الصلاة وهذا إسلام، أما الإيمان فمحلّه القلب. إذن فالذين قالوا بأفواههم آمنا، لهم أن يعرفوا أن منطقة الإيمان ليست الأفواه ولكنها القلوب. وهم قالوها بأفواههم وما مرّت على قلوبهم. وماداموا قد قالوا بأفواههم آمنا وما مرّت على قلوبهم فهؤلاء هم المنافقون، ومعنى ذلك أنهم في كل يوم ستظهر منهم أشياء تُدخِلهم في الكفر؛ لأنهم من البداية قد أبطنوا الكفر، وبعد ذلك يسارعون في مجال الكفر.
 
جزاك الله خيرا أخي عمر أحمد
وأستخلص من النقولات المعروضة أن (في) هنا للظرفية وأن (إلى) من لوازمها الابتداء والانتهاء إلى غاية .
والله أعلم .
 
عودة
أعلى