قرأت فى تفسير الطبري كلاما حول جواز تعلم السحر و صناعة الخمور بنيه التعلم فقط و ليس للعمل بها فهل هذا الحكم صحيح لانه اشكل عندى و قوله تعالى (( و ما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنه فلا تكفر )) ففهمت منها ان مجرد تعلم السحر يعتبر كفرا لان التحذير كان من التعلم على حسب ما فهمت من قراءة التفاسير .
و سؤال آخر هل هنالك اختلاف بين العلماء فى قتل الساحر الذى يسحر بإمور فيها استعانه بالجن و مخاطبة للكواكب و إذا كان هنالك إجماع منعقد هل لى ان احصل عليه .
و سؤال آخير : هنالك بعض الطرق السحرية التى يستعملها المتصوفة فى كتاب التمائم و الرقى تسمى الاوفاق و هى عبارة عن ارقام معينة تكتب بصورة ثلاثية او رباعية او خماسية و تتم اثناء الكتابة التمتمه ببعض الطلاسم و العبارات و يحدد وقت معين فى كتابتها حتى يقوى استخدام الروحانيات كما يدعون هل اجد عندكم فتوى علماء عن استخدام هذه الطريقة .
الكلام المذكور في تفسير الطبري ليس له وإنما نقله عن جماعة من المفسرين ، وهذا نصه : (( قالوا ليس في العلم بالسحر إثم كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب وإنما الإثم في عمله وتسويته قالوا وكذلك لا إثم في العلم بالسحر وإنما الإثم في العمل به وأن يضر به من لا يحل ضره به قالوا فليس في إنزال الله إياه على الملكين ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس إثم إذا كان تعليمهما من علماه ذلك بإذن الله لهما بتعليمه بعد أن يخبراه بأنهما فتنة وينهاه عن السحر والعمل به والكفر وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به قالوا ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك لم يكن من تعلمه حرجا كما لم يكونا حرجين لعلمهما به إذ كان علمهما بذلك عن تنزيل الله إليهما )) تفسير الطبري (1\453 ) ..
وفي نظري أن تعلم السحر ليس كالعلم بصنعة الخمر لأن تعلم السحر كما نقل لي عمن قرأ في كتب تعليم السحر لايكفي فيه مجرد قراءة مباديء الصنعة ، بل يبدتديء بقراءة المبادي ثم يصل إلى حد لا بد فيه من الذبح لغير الله ، فهذا قد يفسر قول الفقهاء والمفسرين أن من تعلمه كفر والله تعالى أعلم .
وأما قولك : ((و سؤال آخر هل هنالك اختلاف بين العلماء فى قتل الساحر الذى يسحر بإمور فيها استعانه بالجن و مخاطبة للكواكب و إذا كان هنالك إجماع منعقد هل لى ان احصل عليه . )) فجوابه أن البغوي-رحمه الله -يقول : (( الله تعالى امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت ، فمن شقي يتعلم السحر منهما فيكفر به ، ومن سعد يتركه فيبقى على الإيمان )) ، وفي السنة النبوية أن النبي r قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) ، قالوا : يارسول الله وما هن ّ ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر .. الحديث ) ( )، وقد وقع الخلاف في تفصيل هذا التحريم ، هل يخرج من الملة أم لا ؟ يقول ابن هبيرة : (( أما السحر فإنه باطل ، ومعلمه عاصٍ لله عز وجل ، ولا يحل تعلمه ولا تعليمه )) ( )، ويسوق الخلاف في الكفر بالسحر ، فيقول : (( واختلفوا : فيمن يتعلم السحر ويستعمله ، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يكفر بذلك ، إلا أن من أصحاب أبي حنيفة من فصّل فقال : إن تعلمه ليتقيه ، أو ليتجنبه ؛ فلا يكفر بذلك ، وإن تعلمه معتقداً لجوازه ، أو معتقداً أنه ينفعه ، فإنه يكفر ، ولم ير الإطلاق ، وإن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء ، فهو كافر ، وقال الشافعي : إذا تعلم السحر قلنا له صف سحرك ، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقده أهل بابل ، من التقرب إلى الكواكب السبعة ، وأنها تفعل ما يلتمس منها ، فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر ، فإن اعتقد إباحته فهو كافر )) ( ).
وخلاصة ما أورده ابن هبيرة من الأقوال السابقة أن الأئمة الأربعة أجمعوا على أن من تعلم السحر أو علمه فإنه يكفر باستحلاله ، ويكفر بفعل السحر إذا كان مشتملاً على ما يوجب الخروج من الملة كاعتقاده أن الشياطين تفعل له ما يشاء ، أو أن السحر ينفعه ، ويبقى الخلاف في من تعلم أو علم السحر ولم يصف ما يوجب الكفر ، وهذا الخلاف لم يشر ابن هبيرة إلى ترجيح له فيه ، إلا أنه في معرض تعليقه على كتاب عمر رضي الله عنه : (( اقتلوا كل ساحر وساحرة )) مال إلى أن الساحر يجوز قتله إذا استحل السحر ، فلم يجزم بتكفيره بمجرد فعله ، بل لابد معه من مصاحبة ما يوجب الخروج من الملة ،كالتقرب إلى الشياطين أو ادعاء علم الغيب ، وقد أشار الشيخ سليمان بن عبدالله إلى أنه عند التحقيق في المسألة نجد أنه لاخلاف بين القائلين بتكفير الساحر مطلقاً ، والقائلين بعدم تكفيره إلا بمصاحبته لما يوجب الكفر ، لأن هؤلاء يظنون أنه يوجد أنواعٌ من السحر يمكن أن تتأتى بغير شرك ، وهذا لا يوجد عند التحقيق ، ولهذا سماه الله كفراً فقال تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) ، وأيد هذا القول الشيخ حافظ الحكمي فقال : (( وهذا من أصرح الأدلة على كفر الساحر ، ونفي الإيمان عنه بالكلية ؛ فإنه لا يقال للمؤمن المتقي لو أنه آمن واتقى ، إنما قال تعالى ذلك لمن كفر وفجر ، وعمل بالسحر واتبعه ، وخاصم به رسوله r ، ورمى به نبيه ، ونبذ الكتاب وراء ظهره ، وهذا ظاهر لا غبار عليه والله أعلم ، وقد صرح بذلك أئمة السلف من الصحابة والتابعين وإنما اختلفوا في القدر الذي يصير به كافراً ))
انظر : الإفصاح الفقهي للوزير ابن هبيرة (2\226) .