هل قال أحد من أهل السنة ب"الصرفة" فى باب الإعجاز ؟؟؟

شهاب الدين

New member
إنضم
12/02/2009
المشاركات
102
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم و بعد
فلقد كلفت فى الجامعة ببحث حول وجه من وجوه الإعجاز عند أهل البدع و هو القول بالصرفة و لا إخال أحدا من رواد هذا المنتدي المبارك يجهل ما يلزم من هذا القول من سلب الإعجاز عن ذات القرآن و جعله فى شيء خارج عن القرآن ... و أثناء جمع المادة الأولية للبحث و قفت على قول لأاحد الباحثين مفاده أن شيخ الإسلام ابن تيمية و الإمام ابن القيم يقولان بقول الصرفة !! ... عندها بحثت فى مظان هذا القول من كتب الإمامين فلم أهتدى لمكانه , خاصة و أن الباحث لم يحل موطن النقل !! ... ثم أخبرت من أحد الباحثين عندنا فى الجزائر أن شيخ الإسلام من أشد من حارب فكرة الصرفة !!! و هو الآخر لم يحلنى إلى مكان قول شيخ الإسلام !!! ... فهل من محرر لنا قول الإمامين فى هذه المسألة ؟؟؟ و هل قال أحد من أهل السنة بمقولة الصرفة ؟؟؟ ...
و السلام
 
كتبت في هذا الموضوع بحثاً وسوف ينشر في العدد الرابع من (مجلة الدراسات القرآنية) إن شاء الله التي تصدرها الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه . وقد توسعتُ في بيان هذه المسألة .
وبالنسبة لسؤالك فخلاصته أنه لم يقل أحدٌ من أهل السنة بمعناها الخاص بالصرفة .
وأما توثيق أقوال ابن تيمية فيمكنك الرجوع إليها في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) 5/429 .
وهناك بحثان جيدان في موضوع الصرفة يمكنك الاستفادة منهما في البحث مع الإشارة لهما ، وهما في المرفقات .
الأول : إعجاز القرآن الكريم بالصّرفة : دراسة ناقدة ، إعداد الأستاذ الدكتور محمود توفيق محمد سعد ، الأستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد في جامعة الأزهر الشريف . وقد نشره في كتاب عام 1424هـ تقريباً .

الثاني : الصرفة : دلالتها لدى القائلين بها ، وردود المعارضين لها ، إعداد د. سامي عطا حسن ، جامعة آل البيت . وهو منشور في مجلة الدراسات الإسلامية بجامعة الكويت .

أرجو أن تنتفع بهما إن شاء الله .
 
بارك الله فيك شيخنا على هذا التوجيه ...
عندى مجموعة من الأسئلة لو تتكرم شيخنا بالإجابة عنها :
- ما المقصود ب : " الصرفة بمعناها الخاص " ؟
- يقول الشيخ سامى عطا : " ومنهم من تضاربت أقواله بين القول بالصرفة ، أو نفيها، مثل : ابن تيمية ، وابن القيم " هل هذا يعنى أن الإيمامين لم يكن لهما قول فصل فى المسألة ؟
- ذكر أحد الباحثين أن ابن حزم قال بالصرفة و بناه على اصله و هو " عدم التعليل " , ما هو وجه الربط بين المسئلتين ( الصرفة و عدم تعليل النصوص) ؟
طلب : لو تتفضل شيخنا بتنزيل أعداد مجلة الدراسات القرآنية على هذا الموقع المبارك
و جزاكم الله خيرا

محبكم شهاب الدين - مرحلة لسانس علوم إسلامية تخصص ثفسير و دراسات قرآنية - جامعة ابو بكر بلقايد - تلمسان - الجزائر -
 
اقرأ هذه البحوث أولاً وتأملها حتى تكتب بحثك .
وأنا لم أقل : الصرفة بمعناها الخاص ، وإنما قلت : السنَّة بمعناها الخاص .
ابن تيمية وابن القيم كلامهما واضح في رد القول بالصَّرفة ولو رجعت للبحثين المرفقين لتبين لك الأمر إن شاء الله .
 
بارك الله فيك شيخنا الفاضل و أعتذر على سوء قرائتى لما كتبت
هل يمكننى الإستفادة من كتاب " المدخل إلى الإعجاز " لمحمود شاكر ؟
و شكر الله صبرك علي ...
 
هل يمكننى الإستفادة من كتاب " المدخل إلى الإعجاز " لمحمود شاكر ؟
و شكر الله صبرك علي ...
بالتأكيد ، هذا الكتاب على صغر حجمه قيم وفيه فوائد لا تجدها إلا فيه من نظرات وتأملات محمود محمد شاكر رحمه الله وغفر له .
 
قول الشيخ سامي عطا : ( ومنهم من تضاربت أقواله بين القول بالصرفة ، أو نفيها، مثل : ابن تيمية ، وابن القيم " هل هذا يعنى أن الإيمامين لم يكن لهما قول فصل فى المسألة ؟)
هل أثبت بالنقل من كتب هذين العالمين ترددهما هذا ؟
فإن كان موجودًا عنده ، فياليتك تنقله .
 
شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم لم يتعرضا للصرفة في كتبهما ولم يشيرا إليها من قريب ولا بعيد وإن كان قد تعرضا لصاحبها المعتزلي إبراهيم بن سيار النظام كثيرا وقد بحثت في كل كتبهما ولم أجد أثرا لذلك ولأجل ذلك كان قول الدكتور عبد الرحمن الشهري" لم يقل أحدٌ من أهل السنة بمعناها الخاص بالصرفة "قولا صحيحا ، وأظن – والله أعلم - أن الذين قالوا أن ابن تيمية وابن القيم قد تعرضا لصرفة النظام قد خلطوا بين "الصرفة" و"الطفرة" والأمران مختلفان ، والطفرة عند النظام أشهر من الصرفة، وهذه الطفرة ذكرها ابن تيمية في الصفدية والفرقان والنبوات ودرء تعارض العقل والنقل ومنهاج السنة والفتاوى كما ذكرها ابن القيم في الصواعق المرسلة وقد وصفها ابن تيمية بأنها من العجائب وأنها لا حقيقة لها وأنها محل سخرية الناس ونحو ذلك ، وأنشدوا فيها :
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام
أما قول د. سامي عطا حسن في بحثه القيم "الصرفة دلالتها لدى القائلين بها وردود المعارضين لها" عند كلامه عن علماء أهل السنة "ومنهم من تضاربت أقواله بين القول بالصرفة ، أو نفيها، مثل : ابن تيمية ، وابن القيم " فلا أرى له وجها غير أنه قصد ذلك الجانب المضئ في النظرية- رغم بطلانها - وهو جانب الأخبار بالغيب الذي برر به الخياط القول بالصرفة عند دفاعه عن المعتزلة في كتابه "الانتصار" ، وهذا الجانب لم يقل به ابن تيمية ولا ابن القيم فحسب بل قال به كل علماء الإسلام من الطوائف وابن تيمية وابن القيم قد ذكراه كثيرا في كتبهما ولكن لم يشيرا إلى النظام فيه
ولم أعلم أن أحدا من أهل السنة داخل مدرسة ابن تيمية قد قال بالصرفة على النحو الذي قال به النظام ، لكن ابن كثير قبل الصّرفة بتحفّظ شديد وعدّها –مع كونها غير مقبولة لديه-وجها يصلح للدفاع به عن القرآن وإعجازه وربما كان ناقلا لهذا القول فحسب ؛ يقول" وقد قرّر بعض المتكلّمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصّرفة ؛ فقال إن كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته فقد حصل المدعى؛ وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك - مع شدة عداوتهم له -كان ذلك دليلا على أنه من عند الله ؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدراتهم على ذلك . وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية - لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا - إلا أنها تصلح على سبيل المجادلة والمنافحة عن الحق )
وهذا موقف غريب إلى حد ما ، لكن قول الغالبية من العلماء هو إنكار جانب الصرف هذا ؛ يقول الإمام الفرطبي: ( هذا فاسد ؛ لأن إجماع الأمة أن القرآن هو المعجز، فلو قلنا إن المنع والصّرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا ، وذلك خلاف الإجماع ، وإذا كان كذلك علم أن نفس القرآن هو المعجز ؛ لأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة ؛ إذ لم يوجد قط كلام على هذا الوجه)
والحق أن النّظّام لما أنكر الإعجاز البلاغي للقرآن ؛ وبرر عدم الإتيان بمثله فصاحة وبلاغة ونظماً - بالصّرفة ، فإنه ما كان له أن ينكر الإعجاز على إطلاقه و بجميع أشكاله جملة واحدة ؛ وذلك لأن القرآن قد ذكر أن الإنس والجن لن يأتوا يمثله؛ وذلك في قوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )ً
وبوجود هذا النص وأمثاله في القرآن لا يمكن لمسلم أن ينكر إعجاز القرآن ، ولما كان الأمر على هذا الوجه فقد ذهب النّظّام إلى أن القرآن معجز ؛ ولكن إعجازه ليس في النظم و البلاغة والأسلوب؛ وإنما في الإخبار بالغيب يقول الخياط – بعد أن ذكر أن القرآن معجز عند النّظّام في الإخبار بالغيب -: ( …. فالقرآن عند إبراهيم ( النّظّام ) حجة على نبوة محمّد صلى الله عليه وسلم من هذه الوجوه وما شابهها و إياها عنى الله بقوله : ( لئن اجتمعت الأنس والجن …..)
ولما كان الأمر كذلك فإن الغيب الذي أخبر به القرآن وكان به معجزاً مفهوم له معناه ودلالته التي تحدده عند النّظّام ؛ يقول الخياط المعتزلي: ( اعلم – علمك الله الخير – أن القرآن حجة للنبي صلى الله عليه وسلم على نبوته عند إبراهيم ( النّظّام )من غير وجه فأحدها ما فيه من الإخبار عن الغيوب ؛ مثل:
قوله: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض)
ومثل قوله:( قل للمخلفين من الأعراب ستدّعون إلى قوما أولي بأس شديد )
ومثل قوله : ( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون )
وقوله :  أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين 
ثم قال ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم فما تمناه منهم أحد 
ومثل إخباره بما في نفوس قوم وبما سيقولونه و هذا وما أشبهه في القرآن كثير )
ويمكن تصنيف هذه الآيات على النحو الآتي :
1/مستقبليات :
أ-التمكين والاستخلاف للمؤمنين
ب-قتال الأعراب المتخلفين لبنى حنيفة في اليمامة والفرس والروم.
ج-غلبة الروم
2/ نفسانيات:
أ-امتناع أهل الكتاب عن المباهلة
ب-عدم تمني اليهود للموت
ج-الإخبار عما في نفوس قوم ( ولم يمثل النّظّام بآية )
د-ما سيقوله قوم ( ولم يمثل أيضاً )
وقد عدّ كثير من العلماء هذا الوجه الذي يتضمن الأخبار وجها صحيحا للإعجاز ؛ وليس ذلك فحسب بل قسموه إلى أنواع منها ما هو ماض وما هو مستقبل
أنواع الصرفة عن القائلين بها
للصرفة في ذاتها - داخل كتب الإعجاز القرآني- مفهومان أساسيان هما :
أ- رفع استطاعة العرب عن معارضة القرآن وأخذ علوم كانت لديهم لا يستطيعون المعارضة بغيرها ، و هذه الحالة مثل أن يتحدى نبي قومه بأمر كان متاحاً لديهم ومقدوراً عليه عندهم - كوضع اليد على الرأس مثلاً- ، ثم يدعي أن هذه آيته المعجزة الدالة على نبوته ، حيث لا يستطيعها أحد سواه ، ويحاول قومه فعل هذا الأمر المعتاد فلا يستطيعون .
ب- صرف الهمم عن المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة ؛ إذ يصرفهم الله عنها صرفاً ويشغلهم عنها بأمور أخرى ، ومع أن المعارضة ممكنة وهي في مقدورهم ؛ لكنهم لا يفعلونها ولا ينتبهون إليها ، وفي بعض آراء القائلين بالصّرفة أنهم يجربون المعارضة ويتقاصرون عن بلوغ درجة القرآن في البلاغة ؛ فينصرفون عن المعارضة لعلمهم آتها غير ممكنة ، وهذا الأخير قول بعض من جمع بين الصّرفة والإعجاز البلاغي .
وقد تبع النّظّام في القول بالصّرفة نفر من العلماء خدموا الإعجاز البلاغي للقرآن ؛ واهتموا به اهتماما كبيراُ ؛ ومن هؤلاء على سبيل المثال : الجاحظ والرمانى والشريف المرتضى وابن سنان الخفاجي
والحق أن القول بالصّرفة عند جميع هؤلاء لم يكن على شاكلة واحدة ، ولم يكن وقع الحافر على الحافر كما كان عند النّظّام ، بل إنهم قالوا بالصّرفة وجمعوا بينها وبين الإعجاز البلاغي ، وقد يبدو هذا الموقف غريباً متناقضاً ، إذ أن الصّرفة عند النّظّام نفسه ما كانت إلا تبريراً لإنكاره الإعجاز البلاغي ؛ حيث أن القرآن عنده ليس بمعجز في البلاغة والفصاحة ؛ ولما لم يأت أحد بمثله في البلاغة والفصاحة فقد اضطر النّظّام اضطراراً إلى القول بأن الله صرف الناس عن ذلك ،و لأجل ذلك فلا حاجةً لمن أقر بالإعجاز البلاغي للقول بالصّرفة أصلاً .
ولكن لما كانت الصّرفة عند المعتزلة من أفكار شيخهم القديم ؛ ولما كانت أفكارهم تخضع باستمرار للتصحيح والتصويب ؛ وذلك لغلبة الجانب العقلي ؛ ولما كانت أصولهم الكلية نفسها في أول أمرها غير نضيجة على أيام واصل بن عطاء - كما يقول الشهرستاني - ثم أكسبوها نضجاً ، فإن الصّرفة - وهي من الجزئيات وليست من الأصول عندهم - قد أكسبت وجوهاً مقبولة وأزيلت على مرّ الأيام – عنها الوجوه الشنيعة وأفرغت من محتواها إفراغاً؛ ولذلك كان مبرر الإمام الجاحظ للقول بالصّرفة - هو منع الشغب ؛ بينما كان مبرراً شيخه النّظّام غير ذلك ؛ يقول الجاحظ - بعد أن ذكر عجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن -: ( إن الله صرفهم عن المعارضة للقرآن بعد أن تحداهم الرسول بنظمه ؛ ولذلك لم تجد أحداً طمع فيه ؛ ولو طمع لتكلّفه ؛ ولو تكلّف بعضهم ذلك فجاء بأمر فيه أدنى شبهة ؛لعظمت القصة على الأعراب؛ وأشباه الأعراب ؛ والنساء ؛ وأشباه النساء ؛ ولألقى ذلك للمسلمين عملا ؛ ولطالبوا المحاكمة والتراضي ؛ ولكثر القيل والقال).
ولما كان الأمر كما ذكرنا ؛ فإن الجاحظ قد قبل الصّرفة بوجه ؛ ورفض إنكار شيخه للجانب البلاغي ، ولذلك كان عجز البشر عن معارضة القرآن عنده ضربين : عجز طبيعي مرده علو طبقة القرآن فى البلاغة ، وعجز عارض مردّه الصّرفة ومنع الشغب ؛ يقول : (وفرق بين نظم القرآن وتأليفه ونظم سائر الكلام وتأليفه ، وليس يعرف فروق النظر واختلاف البحث إلا من عرف … العجز العارض الذي يجوز ارتفاعه من العجز الذي هو صفة في الذات ، فإذا عرف صنوف التأليف عرف مباينة نظم القرآن لسائر الكلام ، ثم لم يكتف بذلك ؛ حتى يعرف عجزه وعجز أمثاله ، وأن حكم البشر حكم واحد في العجز الطبيعي وإن تفاوتوا في العجز العارض )
ولما كان الأمر على الوجه الذي ذكرنا فإنه يتبين أن الصّرفة ليست على هيئة واحدة عند القائلين بها ، وعلى اختلاف أنواع الوجوه فإنه يمكن تقسيم الصّرفة عندهم على النحو الآتي :
1- صرفه ينكر أصحابها الإعجاز البلاغي للقرآن ، ويميلون إلى أن الإعجاز في الإخبار بالغيب ، ومن أنصارها النّظّام وابن صبيح المردار وجعفر بن مبشر الثقفي وجعفر بن حرب الهمداني وهشام الفوطي وعباد بن سليمان .
2- صرفة يجمع أصحابها بين الإعجاز البلاغي والعجز العارض( الصرفة) ومن أنصارها: الجاحظ والرماني والشريف المرتضي وابن سنان الخفاجي.
ويبدو أن أصحاب الصّرفة الأخيرة لم يكونوا راضين بإنكار النّظّام للإعجاز الأسلوبي ؛ ولذلك قسمنا الصّرفة وأنصارها على الوجه الذي ذكرناه ، وليس أدل على وجود هذين النوعيين من رد الجاحظ على الجانب الضعيف من صرفة النّظّام ؛ يقول – في كتابه الذي يحتجّ فيه لنظم القرآن-:( .. فلم أدع فيه مسألة لأصحاب النّظّام ولمن نجم بعد النّظّام ؛ ممن يزعم أن القرآن حق وليس تأليف بحجة ؛وأنه تنزيل وليس ببرهان ودلالة )
ولا شك أن رد الجاحظ على نظرية النّظّام على الوجه الذي ذكرناه ، مع قوله بالصّرفة أيضاً ؛ يؤكد أن الصّرفة عنده غير تلك التي عند النّظّام ؛ وإن اشتركا في كون البشر مصروفين عن معارضة القرآن ، وإذا أردنا دليلاً بينا على هذه القضية التي تخبط فيها الباحثون أيما تخبط – فليس أدل من قول القاضي عبد الجبار الذي يؤكد – صراحة - وجود خلاف جوهري بين القائلين بالصّرفة ؛ يقول: ( واعلم أن الخلاف في هذا الباب أنا نقول : إن دواعيهم انصرفت عن المعارضة لعلمهم بأنها غير ممكنة …. وهم يقولون إن دواعيهم انصرفت مع التأتي ؛ فلأجل انصراف دواعيهم لم يأتوا بالمعارضة مع كونها ممكنة ، وهذا موضع الخلاف ،وعلى المذهبين جميعاً أن دواعيهم قد انصرفت عن المعارضة )
ويقول الإمام القرطبي المفسر(واختلف من قال بهذه الصّرفة على قولين : أحدهما أنهم صرفوا عن القدرة عليه ولو تعرضوا له لعجزوا عنه الثاني أنهم صرفوا عن التعرض له مع كونه في مقدورهم ولو تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه)
ولما كان الأمر على الوجه الذي ذكرناه - فإنه لا وجاهة لرأي الدكتور منير سلطان والدكتور الحاجرى اللذين أسبغا معنى صرفة الجاحظ على صرفة أستاذه النّظّام ، فخرجا بنتيجة مفادها أن صرفة النّظّام كصرفة الجاحظ ولكن الأشاعرة قد نقلوا إلينا صرفة النّظّام مشوهة تشويهاً شديداً ؛ وحرفوها للنيل منه.
وإذا لم يكن لرأي الدكتور سلطان والحاجري – في بحثيهما القيمين- من وجاهة ؛فكذلك رأي الأستاذ مصطفي صادق الرافعي والدكتور هاشم محمّد هاشم اللذين ذهبا إلى أن الجاحظ قد وقع في الاضطراب والتناقض ؛ يقول الرافعى: (رأي الجاحظ كرأي أهل العربية وهو: أن القرآن في الدرجة العليا من البلاغة التي لم يعهد مثلها، غير أن الرجل كثير الاضطراب … ولذلك لم يسلم هو أيضاً من القول بالصّرفة ؛ وإن كان أخفاها وأومأ إليها عن عرض ؛ فقد سرد في موضع من كتاب ( الحيوان )طائفة من أنواع العجز؛ وردها في العلة إلى أن الله صرف أوهام العرب وصرف نفوسهم عن معارضة القرآن، بعد أن تحداهم الرسول بنظمه ، وقد يكون استرسل بهذه العبارة في نفسه من أثر أستاذه ، وهو شئ ينزل على حكم الملابسة ويعتري أكثر الناس إلا من تنبّه له أو نبّه عليه ، أو قد يكون ناقلاً ولا ندري )
والحق أن الجاحظ لم يضطرب أو يخف قوله بالصّرفة ؛ بدليل أنه ذكرها في غير ما موضع صراحة ، ويبدو أن خوفه من هجوم الآخرين على المعتزلة هو الذي دفعه إلى القول بالصّرفة ؛مفرغاً إياها من معناها القبيح ؛ ملبساً إياها معنى مقبولاً نوعاً ما.
 
ابن كثير قبل الصّرفة بتحفّظ شديد وعدّها –مع كونها غير مقبولة لديه-وجها يصلح للدفاع به عن القرآن وإعجازه وربما كان ناقلا لهذا القول فحسب ؛ يقول" وقد قرّر بعض المتكلّمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصّرفة ؛ فقال إن كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته فقد حصل المدعى؛ وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك - مع شدة عداوتهم له -كان ذلك دليلا على أنه من عند الله ؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدراتهم على ذلك

ذكر هذه الحجة لا يقصد بها قبول القول بالصرفة، بل المراد بها بيان إعجاز القرآن مطلقا، وما نقله ابن كثير ناسبا إياه لبعض المتكلمين نجده عن الفخر الرازي في المعالم الدينية حيث قال:
إِنَّ مُحَمَّدًا صلى تَحَدَّى العَالَمِينَ بِالقُرْآنِ، فَهَذَا القُرْآنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلَغَ إِلَى حَدِّ الإِعْجَازِ أَوْ مَا كَانَ كَذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ بَالِغاً إِلَى حَدِّ الإِعْجَازِ فَقَدْ حَصَلَ المَقْصُودُ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَا كَانَ بَالِغاً إِلَى حَدِّ الإِعْجَازِ. فَحِينَئِذٍ: كَانَتْ مُعَارَضَتُهُ مُمْكِنَةً. وَمَعَ القُدْرَةِ عَلَى المُعَارَضَةِ وَحُصُولِ مَا يُوجِبُ الرَّغْبَةَ في الإِتْيَانِ بِالمُعَارَضَةِ يَكُونُ تَرْكُ المُعَارَضَةِ مِنْ خَوَارِقِ العَادَاتِ، فَيَكُونُ مُعْجِزًا. فَثَبَتَ ظُهُورُ المُعْجِزَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى كِلَى التَّقْدِيرَيْنِ. (معالم أصول الدين)
 
شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم لم يتعرضا للصرفة في كتبهما ولم يشيرا إليها من قريب ولا بعيد

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) 5/429 : (ومن أضعف الأقوالِ - أي في إعجاز القرآن - قول من يقول من أهل الكلام : إنه معجز بصرف الدواعي مع تمام الموجب لها ، أو بسلب القدرة التامة ، أو بسلبهم القدرة المعتادة في مثله سلباً عاماً ، مثل قوله تعالى لزكريا : ( ... آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويا) وهو أن الله صرف قلوب الأمم عن معارضته مع قيام المقتضي التام فإن هذا يقال على سبيل التقدير والتنزيل ، وهو أنه إذا قدر أن هذا الكلام يقدر الناس على الإتيان بمثله ، فامتناعهم جميعهم عن هذه المعارضة مع قيام الدواعي العظيمة إلى المعارضة من أبلغ الآيات الخارقة للعادات ... الخ ) .
وهذا يدل على أن ابن تيمية يرد القول بالصرفة ويعتبره من اضعف ما قيل في بيان وجه الإعجاز ، غير أنه يقبله في كلامه السابق على سبيل التنزل مع المخالف . ولعل عبارة (التنزيل) التي لونتها بالأحمر هي في المخطوطة (التنزل) ولم تقرأ بشكل جيد ، أو أن معناهما متقارب .
ولذلك قال ابن تيمية في آخر كلامه ص 431 : ( فهذا غاية التنزل ، وإلا فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته ، لا يقدرون على ذلك ، ولا يقدر محمد صلى الله عليه وسلم نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن ، بل يظهر الفرق بين القرآن وسائر كلامه لكل من له أدنى تدبر ... الخ)

فهذا يا دكتور جمال حديث متصل قيم لابن تيمية عن الصرفة في كتابه الجواب الصحيح .
 
وبالمناسبة فإنَّ من أفضل من تعرض للحديث عن الصرفة ممن اطلعتُ على كلامه من المعاصرين مؤخراً ما كتبه الدكتور جمال الدين عبدالعزيز شريف وفقه الله في كتابه القيم (نظريات الإعجاز القرآني) وهو رسالته للدكتوراه . وقد نشره معهد إسلامية المعرفة بجامعة الجزيرة بالسودان .
جزاه الله خيراً.
 
أشكر الدكتور عبدالرحمن الشهري على هذه المعلومة القيمة من كتاب ابن تيمية "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" والحق أنني بحثت في كتب ابن تيمية وابن القيم ونسيت هذا الكتاب المهم ؛ وبهذا يثبت أن شيخ الإسلام يرفض الصرفة ويقول بإعجاز الإخبار بالغيوب بشكل منفصل بعيد عنها كما أشكر الأخ نزار حمادي على عزو القول الذي ذكره ابن كثير إلى مصدره "الرازي" لكن الفول الذي نقله ابن كثير هو " وقد قرّر بعض المتكلّمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصّرفة ؛ فقال إن كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته فقد حصل المدعى؛ وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك - مع شدة عداوتهم له -كان ذلك دليلا على أنه من عند الله ؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدراتهم على ذلك " أهـ
لكن أليس هذا هو تعليق ابن كثير على مانقله "وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية - لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا - إلا أنها تصلح على سبيل المجادلة والمنافحة عن الحق "
وهل وردت هذه العبارة أو ما هو في معناه في كلام الرازي
 
وهل وردت هذه العبارة أو ما هو في معناه في كلام الرازي

الفخر الرازي مصدر لكثير من الأئمة ومنهم ابن كثير وحتى أشياخه.
وابن كثير يحاكي كلام الفخر الرازي الذي قال في مقام إثبات نبوة ورسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن قرر إعجاز القرآن بفصاحته وعلو شأنه: وَهَبْ أَنَّ بَعْضَهُمْ نَازَعَ فِي كَوْنِهِ بَالِغاً فِي الكَمَالِ إِلَى حَدِّ الإِعْجَازِ. اهـ. ثم ساق القول بالصرفة على سبيل التنزل لبيان أن القرآن معجز من كل الوجوه.
 
أخي نزار حمادي
ذكرت في مداخلتي عند نقل قول ابن كثير احتمالين
1- ولم أعلم أن أحدا من أهل السنة داخل مدرسة ابن تيمية قد قال بالصرفة على النحو الذي قال به النظام ،لكن ابن كثير قبل الصّرفة بتحفّظ شديد وعدّها –مع كونها غير مقبولة لديه-وجها يصلح للدفاع به عن القرآن وإعجازه ، وهذا يدل السياق الذي أورده ابن كثير عليه
2- وربما كان ناقلا لهذا القول فحسب
وتعليقك الأخير قد رجح الاحتمال الثاني
جزاك الله خيرا
 
السلام عليكم و بعد
وقفت على كلام للشيخ أبو زهرة - رحمه الله - بواسطة كتاب " مباحث في الإعجاز " للدكتور مسلم يذكر فيه الأساس الذي بني عليه ابن حزم - رحمه الله - مقولته حول الصرفة و نص الكلامه هو : " ... و إنما يفسر قوله بالصرفة تمشيا مع مبدئه في عدم جواز تعليل كلام الله و شرعه , فقد ألزم نفسه بالأخذ بظاهر النصوص من غير تعليل , فالإتجاه إلى تعليل الإعجاز الوارد في قوله تعالى ( فإن لم تفعلوا و لن تفعلوا ) و غيرها من الآيات بأن السبب فيه بلاغته التى علت عن طاقة العرب , يعد هذا تعليلا , و هو من باب الرأي الذي ينفيه " انتهى
هل من تعليق ؟
 
بعد المراجعة تبين لي أن ابن كثير في تفسيره لم يعلق على كلام الرازي بل الكلام كله منقول من الرازي يقول ابن كثير "وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصوفية، فقال: إن كان هذا القرآن معجزًا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته، فقد حصل المدعى وهو المطلوب، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك مع شدة عداوتهم له، كان ذلك دليلا على أنه من عند الله؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك، وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته، كما قررنا، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة والمنافحة عن الحق وبهذه الطريقة أجاب فخر الدين في تفسيره عن سؤاله في السور القصار" وتعليق ابن كثير يبدأ من قوله " وبهذه الطريقة أجاب فخر الدين............"
وبهذا يكون كلام الأخ نزار حمادي صحيحا ولم يعد الأمر احتمالات
ويبدو أن الرازي قد جمع بين الصرفة على النحو الذي يقول به النظام وبين الإعجاز البلاغي والأمران متناقضان ويبدو أن جدل المتكلمين هو الذي أفضى به إلى ذلك وإن لم يكن مقتنعا بالصرفة في ذاتها كما تبين سابقا ؛ يقول الرازي في تفسيره مفاتح الغيب في بيان إعجاز القرآن "وللناس فيه قولان منهم من قال : القرآن معجز في نفسه ، ومنهم من قال إنه ليس في نفسه معجزاً إلا أنه تعالى لما صرف دواعيهم عن الإثبات بمعارضته مع أن تلك الدواعي كانت قوية كانت هذه الصرفة معجزة والمختار عندنا في هذا الباب أن نقول القرآن في نفسه إما أن يكون معجزاً أو لا يكون فإن كان معجزاً فقد حصل المطلوب ، وإن لم يكن معجزاً بل كانوا قادرين على الإتيان بمعارضته وكانت الدواعي متوفرة على الإتيان بهذه المعارضة وما كان لهم عنها صارف ومانع. وعلى هذا التقدير كان الإتيان بمعارضته واجباً لازماً فعدم الإتيان بهذه المعارضة مع التقديرات المذكورة يكون نقضاً للعادة فيكون معجزاً فهذا هو الطريق الذي نختاره في هذا الباب"
 
تبين لي أن شيخ الإسلام ابن تيمية تعرض لنظرية الصرفة في كتابين من كتبه هما الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح و العقيدة الأصفهانية .
أولا كلامه في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح:
في هذا الكتاب ناقش ابن تيمية وجوه الإعجاز القرآني ، وبيّن أن الله تعالى قد تحداهم بالمعارضة ولو كانوا قادرين عليها لفعلوها فإنه مع وجود هذا الداعي التام المؤكد - إذا كانت القدرة حاصلة - وجب وجود المقدور ، وهذا القدر يوجب علما بينا لكل أحد بعجز جميع أهل الأرض عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن بحيلة وبغير حيلة ، وكون القرآن أنه معجزة ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط أو نظمه وأسلوبه فقط ولا من جهة إخباره بالغيب فقط ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط ولا من جهة سلب قدرتهم على معارضته فقط بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة :
- من جهة اللفظ
- ومن جهة النظم
- ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى
- ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك
- ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل
- ومن جهة ما أخبر به عن المعاد
- ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية والأقيسة العقلية التي هي الأمثال المضروبة
وكل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن هو حجة على إعجازه ولا تناقض في ذلك ؛ بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له
ومن أضعف الأقوال قول من يقول من أهل الكلام إنه معجز بصرف الدواعي مع تمام الموجب لها أو بسلب القدرة التامة أو بسلبهم القدرة المعتادة في مثله سلبا عاما مثل قوله تعالى لزكريا " آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا " وهو أن الله صرف قلوب الأمم عن معارضته مع قيام المقتضي التام فإن هذا يقال على سبيل التقدير والتنزيل وهو أنه إذا قدر أن هذا الكلام يقدر الناس على الإتيان بمثله فامتناعهم جميعهم عن هذه المعارضة مع قيام الدواعي العظيمة إلى المعارضة من أبلغ الآيات الخارقة للعادات بمنزلة من يقول إني آخذ أموال جميع أهل هذا البلد العظيم وأضربهم جميعهم وأجوعهم وهم قادرون على أن يشكوا إلى الله أو إلى ولي الأمر وليس فيهم مع ذلك من يشتكي فهذا من أبلغ العجائب الخارقة للعادة
ولو قدر أن واحدا صنف كتابا يقدر أمثاله على تصنيف مثله أو قال شعرا يقدر أمثاله أن يقولوا مثله وتحداهم كلهم فقال عارضوني وإن لم تعارضوني فأنتم كفار مأواكم النار ودماؤكم لي حلال امتنع في العادة أن لا يعارضه أحد فإذا لم يعارضوه كان هذا من أبلغ العجائب الخارقة للعادة
والذي جاء بالقرآن قال للخلق كلهم أنا رسول الله إليكم جميعا ومن آمن بي دخل الجنة ومن لم يؤمن بي دخل النار وقد أبيح لي قتل رجالهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم ووجب عليهم كلهم طاعتي ومن لم يطعني كان من أشقى الخلق ومن آياتي هذا القرآن فإنه لا يقدر أحد على أن يأتي بمثله وأنا أخبركم أن أحدا لا يأتي بمثله
فيقال لا يخلو إما أن يكون الناس قادرين على المعارضة أو عاجزين فإن كانوا قادرين ولم يعارضوه بل صرف الله دواعي قلوبهم ومنعها أن تريد معارضته مع هذا التحدي العظيم أو سلبهم القدرة التي كانت فيهم قبل تحديه فإن سلب القدرة المعتادة أن يقول رجل معجزتي أنكم كلكم لا يقدر أحد منكم على الكلام ولا على الأكل والشرب فإن المنع من المعتاد كإحداث غير المعتاد فهذا من أبلغ الخوارق
وإن كانوا عاجزين ثبت أنه خارق للعادة فثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر فهذا غاية التنزل وإلا فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما قد أخبر الله به في قوله
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" . وأيضا فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة لكنهم يحسون من أنفسهم العجز عن المعارضة ولو كانوا قادرين لعارضوه . وقد انتدب غير واحد لمعارضته لكن جاء بكلام فضح به نفسه وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله مثل قرآن مسيلمة الكذاب كقوله يا ضفدع بنت ضفدعين نقي كم تنقين لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين رأسك في الماء وذنبك في الطين
وكذلك أيضا يعرفون أنه لم يختلف حال قدرتهم قبل سماعه وبعد سماعه فلا يجدون أنفسهم عاجزين عما كانوا قادرين عليه كما وجد زكريا عجزه عن الكلام بعد قدرته عليه
وأيضا فلا نزاع بين العقلاء المؤمنين بمحمد والمكذبين له إنه كان قصده أن يصدقه الناس ولا يكذبوه وكان مع ذلك من أعقل الناس وأخبرهم وأعرفهم بما جاء به ينال مقصوده سواء قيل إنه صادق أو كاذب فإن من دعى الناس إلى مثل هذا الأمر العظيم ولم يزل حتى استجابوا له طوعا وكرها وظهرت دعوته وانتشرت ملته هذا الانتشار هو من عظماء الرجال على أي حال كان فإقدامه مع هذا القصد في أول الأمر وهو بمكة وأتباعه قليل على أن يقول خبرا يقطع به أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله لا في ذلك العصر ولا في سائر الأعصار المتأخرة لا يكون إلا مع جزمه بذلك وتيقنه له وإلا فمع الشك والظن لا يقول ذلك من يخاف أن يظهر كذبه فيفتضح فيرجع الناس عن تصديقه . وإذا كان جازما بذلك متيقنا له لم يكن ذلك إلا عن إعلام الله له بذلك وليس في العلوم المعتادة أن يعلم الإنسان أن جميع الخلق لا يقدرون أن يأتوا بمثل كلامه إلا إذا علم العالم أنه خارج عن قدرة البشر والعلم بهذا يستلزم كونه معجزا فإنا نعلم ذلك وإن لم يكن علمنا بذلك خارقا للعادة ولكن يلزم من العلم ثبوت المعلوم وإلا كان العلم جهلا فثبت أنه على كل تقدير يستلزم كونه خارقا للعادة
واما التفصيل فيقال نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة ولم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز ولا الخطابة ولا الرسائل ولا نظمه نظم شيء من كلام الناس عربهم وعجمهم ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ليس له نظير في كلام جميع الخلق وبسط هذا وتفصيله طويل يعرفه من له نظر وتدبر
ونفس ما اخبر به القرآن في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته أمر عجيب خارق للعادة لم يوجد مثل ذلك في كلام بشر لا نبي ولا غير نبي . وكذلك ما أخبر به عن الملائكة والعرش والكرسي والجن وخلق آدم وغير ذلك ونفس ما أمر به القرآن من الدين والشرائع كذلك ونفس ما أخبر به من الأمثال وبينه من الدلائل هو أيضا كذلك
ومن تدبر ما صنفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية والخلقية والسياسية وجد بينه وبين ما جاء في الكتب الإلهية التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم مما بين لفظه ونظمه وبين سائر ألفاظ العرب ونظمهم فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه وجميع عقلاء الأمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه . أهـ
وكلام ابن تيمية ليس فيه ما يدل على أنه يوافق القول بالصرفة ؛ وذلك للآتي :
- كان ذلك الكلام مجرد استطراد في شرح الصرفة ومن الواضح جدا أنه كان يتحدث عن وجوه الإعجاز القرآني بصورة عامة فحسب.
- تبدو تلك الطريقة الكلامية واضحة في العرض " فإن قيل كذا قلنا كذا وإن كان كذا كان كذا " وقوله " ثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات"
- هذا الأمر كان على سبيل المجادلة والمحاجة مع الخصم
- قوله " فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته"
- قوله " نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة"
- يكفي أنه وصفها بأنها "أضعف الأقوال" في الإعجاز
ب- كلام ابن تيمية في العقيدة الأصفهانية
تناول ابن تيمية نظرية الصرفة في هذا الكتاب عرضا عند كلامه عن قرآن مسيلمة الكذاب كقوله : يا ضفدع بنت ضفدعين
كم تنقنقين
لا الماء تكدرين
ولا الشارب تمنعين
رأسك في الماء وذنبك في الطين
وقوله:
الفيل وما أدراك ما الفيل
له زلوم طويل
إن ذلك من خلق ربنا الجليل
ثم تكلم عن قدوم وفد بني حنيفة على أبي بكر وسؤالهم أن يقرأوا له شيئا من قرأن مسيلمة فاستعفوه فأبى أن يعفيهم حتى قرأوا شيئا من هذا "قال لهم الصديق ويوحكم أين يذهب بعقولكم إن هذا كلام لم يخرج من إل أي من رب فاستفهم استفهام المنكر عليهم لفرط التباين وعدم الالتباس وظهور الافتراء على هذا الكلام وإن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بمثل هذا الهذيان" "وأما الطرق فكثيرة جدا متنوعة من وجوه وليس كما يظنه بعض الناس وإن معجزته من جهة صرف الدواعي عن معارضته وقول بعضهم إنه من جهة فصاحته وقول بعضهم من جهة إخباره بالغيوب إلى أمثال ذلك فإن كلا من الناظرين قد يرى وجها من وجوه الإعجاز وإن لم ير غير ذلك الوجه واستيعاب الوجوه ليس هو مما يتسع له شرح هذه العقيدة
كلام ابن القيم عن الصرفة
تناول ابن القيم نظرية الصرفة في كتابه بدائع الفوائد أثناء كلامه عن تقصير المتكلمين في بيان الإعجاز القرآني وقد نقل بعض الوجوه التي ذكرها أستاذه ابن تيمية وذكر كما ذكر ابن تيمية أن الصرفة أضعف الوجوه ، ثم حدد بعض الوجوه الأخرى للإعجاز وقال "فتأمل هذا الموضع من إعجاز القرآن تعرف فيه قصور كثير من المتكلمين وتقصيرهم في بيان إعجازه وأنهم لن يوفوه عشر معشار حقه حتى قصر بعضهم الإعجاز على صرف الدواعي عن معارضته مع القدرة عليها وبعضهم قصر الإعجاز على مجرد فصاحته وبلاغته وبعضهم على مخالفة أسلوب نظمة لأساليب نظم الكلام وبعضهم على ما اشتمل عليه من الإخبار بالغيوب إلى غير ذلك من الأقوال القاصرة التي لا تشفي ولا تجدي وإعجازه فوق ذلك ووراء ذلك كله "
 
تناول ابن حزم نظرية الصرفة في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل والحق أن آراء ابن حزم في الإعجاز القرآني عموما تحتاج إلى بحث متعمق لغرابتها بعض الشيء ، وهذا عرض سريع لبعض ذلك :
- قال ابن حزم بالصرفة والحيلولة دون المعارضة يقول "ولكن الإعجاز في ذلك إنما هو أن الله عز و جل حال بين العباد وبين أن يأتوا بمثله ورفع عنهم القوة في ذلك جملة وهذا مثل لو قال قائل إني أمشي اليوم في هذه الطريق ثم لا يمكن أحد بعدي أن يمشي فيها وهو ليس بأقوى من سائر الناس وأما لو كان العجز عن المشي لصعوبة الطريق وقوة هذا الماشي لما كانت آية ولا معجزة "
- لم ينكر ابن حزم الإعجاز البلاغي كإنكار النظام – وهو صاحب النظرية - الذي جعل البلاغة القرآنية في مقدور البشر لولا الصرف ، أما ابن حزم فلم يقل بذلك بل جعل البلاغة القرآنية ليس من نوع بلاغة الناس ؛ إذ أن آيات الأنبياء خارجة عن المعهود.
- كره ابن حزم القول بأن " إعجاز القرآن إنما كان لأنه في أعلى درج البلاغة" ووصفه بأنه خطأ شديد يقول "ولو كان ذلك - وقد أبى الله عز و جل أن يكون - لما كان حينئذ معجزة لأن هذه صفة كل باسق في طبقته والشيء الذي هو كذلك وإن كان قد سبق في وقت ما - فلا يؤمن أن يأتي في غد ما يقاربه بل ما يفوقه " ويقول أيضا "وقد بينا في غير هذا المكان أن القرآن ليس من نوع بلاغة الناس لأن فيه الأقسام التي في أوائل السور والحروف المقطعة التي لا يعرف أحد معناها وليس هذا من نوع بلاغة الناس المعهودة وقد روينا عن أنيس أخي أبي ذر الغفاري رضي الله عنهما أنه سمع القرآن فقال "لقد وضعت هذا الكلام على ألسنة البلغاء وألسنة الشعراء فلم أجده يوافق ذلك" أو كلاما هذا معناه فصح بهذا ما قلناه من أن القرآن خارج عن نوع بلاغة المخلوقين وأنه على رتبة قد منع الله تعالى جميع الخلق عن أن يأتوا بمثله " ويقول أيضا " فلو كان إعجاز القرآن لأنه في أعلى درج البلاغة لكان بمنزلة كلام الحسن وسهل بن هارون والجاحظ وشعر امرئ القيس ومعاذ الله من هذا لأن كل ما يسبق في طبقته لم يؤمن أن يأتي من يماثله ضرورة فلا بد لهم من هذه الخطة أو من المصير إلى قولنا أن الله تعالى منع من معارضته فقط "
- البلاغة والنظم القرآني عند ابن حزم أمر معجز ، وهذه البلاغة قد بلغ الله بها ما أراد ، ولكن النظم عنده غير قابل للتعليل فلا يقال لماذا قال الله كذا ولم يقل كذا؟ وهذا سؤال جوهري عند كل من يدرس البلاغة القرآنية لتوضيح الفروق ، لكن ابن حزم يقول "لا يسأل الله تعالى عما يفعل ولا يقال له لم عجزت بهذا النظم دون غيره ولم أرسلت هذا الرسول دون غيره ولم قلبت عصا موسى حية دون أن تقلبها أسدا وهذا كله حمق ممن جاء به لم يوجبه قط عقل وحسب الآية أن تكون خارجة عن المعهود فقط"
- جمع ابن حزم في الإعجاز بين النظم والإخبار الغيب يقول " ما المعجز منه أنظمه أم ما في نصه من الإنذار بالغيوب فقال بعض أهل الكلام أن نظمه ليس معجزا وإنما إعجازه ما فيه من الأخبار بالغيوب وقال سائر أهل الإسلام بل كلا الأمرين معجز وإنما إعجازه ما فيه من الأخبار بالغيوب وقال سائر أهل الإسلام بل كلا الأمرين معجز نظمه وما فيه من الأخبار بالغيوب وهذا هو الحق الذي ما خالفه فهو ضلال وبرهان ذلك قول الله تعالى فأتوا بسورة من مثله فنص تعالى على أنهم لا يأتون بمثل سورة من سوره وأكثر سوره ليس فيها إخبار بغيب فكان من جعل المعجز الإخبار الذي فيه بالغيوب مخالفا لما نص الله تعالى على أنه معجز من القرآن فسقطت هذه الأقاويل الفاسدة "
- دعا ابن حزم إلى عدم تعيين آية مخصوصة بأنها معجزة ؛ يقول "أما ذكرهم "ولكم في القصاص حياة" وما كان نحوها من الآيات فلا حجة لهم فيها ويقال لهم إن كان كما تقولون - ومعاذ الله من ذلك - فإنما المعجز منه على قولكم هذه الآيات خاصة وأما سائره فلا ، وهذا كفر لا يقوله مسلم فإن قالوا جميع القرآن مثل هذا الآيات في الإعجاز قيل لهم فلم خصصتم بالذكر هذه الآيات دون غيرها إذا؟ وهل هذا منكم إلا إيهام لأهل الجهل أن من القرآن معجزا وغير معجز ثم نقول لهم قول الله تعالى "وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا" أمعجزا هو على شروطكم في كونه في أعلى درج البلاغة أم ليس معجزا؟
فإن قالوا ليس معجزا كفروا وإن قالوا أنه معجز صدقوا
وسئلوا هل على شروطكم في أعلى درج البلاغة؟
فإن قالوا نعم كابروا وكفوا مؤنتهم لأنها أسماء رجال فقط ليس على شروطهم في البلاغة" أهـ
- كلام الناس المحكي في القرآن عندما قالوه كان غير معجز ولكنه عندما حكاه الله صيره معجزا يقول ابن حزم "وأن الله تعالى منع الخلق من مثله وكساه الإعجاز وسلبه جميع كلام الخلق وبرهان ذلك أن الله حكى عن قوم من أهل النار انهم يقولون إذا سئلوا عن سبب دخولهم النار "لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى آتانا اليقين" وحكى تعالى عن كافر قال "إن هذا إلا سحر يؤثران هذا إلا قول البشر" وحكى عن آخرين أنهم قالوا "لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه" فكان هذا كله إذ قاله غير الله عز و جل غير معجز بلا خلاف إذ لم يقل أحد من أهل الإسلام أن كلام غير الله تعالى معجز لكن لما قاله الله تعالى وجعله كلاما له أصاره معجزا ومنع من مماثلته "
- ذهب ابن حزم إلى أن الإعجاز ليس مقداراً مخصوصاً ؛ يقول ابن حزم " وذهب سائر أهل الإسلام إلى أن القرآن كله قليله وكثيره معجز وهذا هو الحق الذي لا يجوز خلافه ولا حجة لهم في قوله تعالى "فأتوا بسورة من مثله" لأنه تعالى لم يقل أن ما دون السورة ليس معجزا بل قد قال تعالى على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولا يختلف اثنان في أن كل شيء من القرآن قرآن فكل شيء من القرآن معجز ثم تعارضهم في تحديدهم المعجز بسورة فصاعدا فنقول أخبرونا ماذا تعنون بقولكم أن المعجز مقدار سورة أسورة كاملة لا أقل أم مقدار الكوثر في الآيات أم مقدارها في الكلمات أم مقدارها في الحروف ولا سبيل إلى وجه خامس فإن قالوا المعجز سورة تامة لا أقل لزمهم أن سورة البقرة حاشا آية واحدة أو كلمة واحدة من آخرها أو من أولها ليست معجزة وهكذا كل سورة وهذا كفر مجرد لا خفاء به إذ جعلوا كل سورة في القرآن سوى كلمة من أولها أو من وسطها أو من آخرها لمقدور على مثلها وإن قالوا بل مقدارها من الآيات لزمهم أن آية الدين ليست معجزة لأنها ليست ثلاث آيات ولزمهم مع ذلك أن "والفجر وليال عشر والشفع والوتر " معجز كآية الكرسي وآيتان إليها لأنها ثلاث آيات وهذا غير قولهم ومكابرة أيضا أن تكون هذه الكلمات معجزة حاشا كلمة غير معجزة ولزمهم أيضا أن "والضحى "و"الفجر" و"العصر" هذه الكلمات الثلاث فقط معجزات لأنهن ثلاث آيات فإن قالوا هن متفرقات غير متصلات لزمهم إسقاط الإعجاز عن ألف آية متفرقة وإمكان المجيء بمثلها ومن جعل هذا ممكنا فقد كابر العيان وخرج عن الإسلام وأبطل الإعجاز عن القرآن وفي هذا كفاية لمن نصح نفسه"
ويقول أيضا "وإن قالوا بل في عدد الكلمات أو قالوا عدد الحروف لزمهم شيئان مسقطان لقولهم أحدهما إبطال احتجاجهم بقوله تعالى "بسورة من مثله" لأنهم جعلوا معجزا ما ليس سورة ولم يقل تعالى بمقدار فلاح تمويههم والثاني أن سورة الكوثر عشر كلمات اثنان وأربعون حرفا وقد قال الله تعالى "وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان" اثنتا عشرة كلمة اثنان وسبعون حرفا وإن اقتصرنا على الأسماء فقط كانت عشرة كلمات اثنين وستين حرفا فهذا أكثر كلمات وحروفا من سورة الكوثر فينبغي أن يكون هذا معجزا عندكم ويكون "ولكم في القصاص حياة" غير معجز فإن قالوا أن هذا غير معجز تركوا قولهم في إعجاز مقدار أقل سورة في عدد الكلمات وعدد الحروف وإن قالوا بل هو معجز تركوا قولهم في أنه في أعلى درج البلاغة ويلزمهم أيضا أننا إن أسقطنا من هذه الأسماء اسمين ومن سورة الكوثر كلمات أن لا يكون شيء من ذلك معجزا فظهر سقوط كلامهم وتخليطه وفساده وأيضا فإذا كانت الآية منه أو الآيتان غير معجزة وكانت مقدورا على مثلها وإذا كان ذلك فكله مقدور على مثله وهذا كفر فإن قالوا إذا اجتمعت ثلاث آيات صارت غير مقدور عليها قيل لهم هذا غير قولكم إن إعجازه إنما هو من طريق البلاغة لأن طريق البلاغة في الآية كهو في الثلاث ولا فرق والحق من هذا هو ما قاله الله تعالى " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله وإن كل كلمة قائمة المعنى يعلم إذا تليت أنها من القرآن فإنها معجزة لا يقدر أحد على المجيء بمثلها أبدا لأن الله تعالى حال بين الناس وبين ذلك "
وكلام ابن حزم يحتاج إلى مناقشة
 
انا اظن ان الباحث الاول السائل يكفيه في الجواب عن سؤاله الاول ان يطالع على عجل كتاب فكرة اعجاز القران من البعثة النبوية حتى العصر الحاضر للاستاذ نعيم الحمصي
 
" فكرة اعجاز القران من البعثة النبوية حتى العصر الحاضر للاستاذ نعيم الحمصي " كيف يمكننى الحصول عليه ؟ و هل من متفضل ينزله لنا ؟ و سأكون له من الشاكرين ......
 
السلام عليكم
أجدد طلبي : هل من منزل لنا كتاب " فكرة اعجاز القران من البعثة النبوية حتى العصر الحاضر للاستاذ نعيم الحمصي "
و بارك الله فيكم
 
السلام عليكم
أجدد طلبي : هل من منزل لنا كتاب " فكرة اعجاز القران من البعثة النبوية حتى العصر الحاضر للاستاذ نعيم الحمصي "
و بارك الله فيكم

الكتاب أخي الحبيب قديم فقد طبع للمرة الأولى عام 1374هـ ، وللمرة الثانية عام 1400هـ ولم يطبع بعدها . فلا تكاد تجده في المكتبات .
الأمر الآخر أنه لا فائدة فيه في هذه المسألة ، وهو مجرد سرد تأريخي لقضية الإعجاز لا يغوص ويتوقف عند المسائل ويدقق فيها ، وهو عبارة عن مقالات سبق له نشرها في مجلة المجمع اللغوي بدمشق فيمكنك الحصول على هذه المقالات من خلال المجلة نفسها في الأعداد التي سبقت عام 1374هـ وبعدها حتى 1399هـ . وأظن أعداد هذه المجلة متوفرة على هيئة PDF إن شاء الله .

وقد ذكرته يوماً في مشاركة سابقة بعنوان :
[align=center]عرض كتاب (فكرة إعجاز القرآن منذ البعثة النبوية حتى عصرنا الحاضر مع نقد وتعليق) [/align]
 
أحسن الله إليك شيخ عبد الرحمن و أثابك على هذا الإحسان
 
السلام عليكم
لقد اقتربت من نهاية بحثي حول الصرفة و بقي لي أن أعرف شيا أخيرا
و هو : من قال بالصرفة من المعاصرين ؟
جزاكم الله خيرا
 
أنا في بداية السلم للبحث عن موضوع الصرفة فإذا بهذه الإفادات القيمة لتكون عوناً لي بعد توفيق الله عزّ وجل في هذا البحث، فتح الله على الجميع،،وجعل ماقدمتموه في ميزان حسناتكم..
 
كيف الوصول إلى كتاب الدكتور جمال نظريات الإعجاز القرآني
 
عودة
أعلى