1- المجاز واقع في اللغة والقران ، وهو مذهب جمهور العلماء ، حكى الإجماع يحي بن حمزة العلوى في كتابه ( الطراز)
2- إنكار وقوع المجاز مطلقًا في اللغة والقران ، وهو مذهب أبى إسحاق الإسفرايينى ، وابن تيمية ، وابن القيم .
3- المجاز واقع في اللغة فقط ، وهو مذهب ابن القاصّ الشافعى وغيره من العلماء ومن المعاصرين الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطى
حجة القائلين بالمنع : -
1- كل مجاز كذب يجوز نفيه ، ولو قلنا أنه واقع في القران لقلنا أن في القران مايجوز نفيه
2- القول بالمجاز ذريعة إلى نفى الصفات وتأويلها
3- الإدعاء بأن الألفاظ تُقسم إلى حقيقة ومجاز لم تعرفه العرب من قبل
4- إطلاق المجاز في القران يؤدى إلى وصف الله بالمتجوز
حجة القائلين بالجواز ، والرد على المنكرين : -
1- القول بأن كل مجاز كذب يجوز نفيه ليس صحيحًا : وإنما يكون المجاز كذبًا لو أثبت المعنى على التحقيق لا على المجاز ، فلو أُطلق القمر_ مثلًا على إنسان جميل الطلعة والظهور يكون كَذبًا لو ادعى أنه القمر الذى في السماء حقًا .
2- المجاز ذريعً إلى نفى الصفات الإلهية ، وتاويلها ليس مسوغًا لنفى الصفات ، فهم أصحاب هوى وليس لهم حجة في ذلك ، ونرد عليهم قائلين : إنَّ الأصل في الكلام أن يحمل على ظاهره وحقيقته ، مالم تكن هناك قرينة تصرفه عن حقيقته ، والنصوص أثبتت لله عز وجل صفة اليد ، والإستواء ، والنزول ، وغيرها من الصفات
3- القول بأن العرب لم تعرف أن الألفاظ مقسمة إلى حقيقة ومجاز فهذا فيه نظر والشواهد من كلامهم خير دليل على ذلك ، وتكلم بالمجاز غير واحد من العلماء ، ومنهم أبو زيد القرشى ت 170 هـ .
4- اما القول بأن القول بالمجاز في القران يؤدى إلى القول على الله بالمتجوز ، وهذا الإطلاق لا يكون إلا بدليل ، ففى القران سجع وامثال هل نقول على الله _عز وجل _ ساجع !!
& قال الشيخ محمد مختار الشنقيطى : والصحيح أننا نقول أن المجاز موجود في القران في غير أسماء الله وصفاته
أمثلة على وجود المجاز في القران الكريم : -
1- ( إنا نخاف من ربنا يومًا عبوسًا قمطريرًا ) ، فهل يوم القيامة يعبس على الحقيقة
2- (وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ) ، هل القلوب بلغت الحناجر حقيقة !! ، لا إنما كناية
هذه المسألة من المسائل التي انبرت اقلام العلماء قدماء ومعاصرين لنقاشها، ولعل اقربها للصواب راي شيخنا الشنقيطي، مع ان بعض الصفات احيانا يلزمنا توجيهها، كقوله تعالى: (اينما تولوا فثم وجه الله) (يد الله فوق ايديهم) وامثال هذه الايات والله اعلم بالصواب
اعذرني أخي الكريم ، لن أستطيع قراءة مقالك ، وقد بدأته بلحن جلي في عنوانه ، وكررته مرة أخرى داخل المقال ، لا أعتقد أن شخصا لا يعرف المرفوع من المنصوب له الحق في أن يتكلم في المجاز والحقيقة لا في اللغة ولا في القرآن !
اعذرني أخي الكريم ، لن أستطيع قراءة مقالك ، وقد بدأته بلحن جلي في عنوانه ، وكررته مرة أخرى داخل المقال ، لا أعتقد أن شخصا لا يعرف المرفوع من المنصوب له الحق في أن يتكلم في المجاز والحقيقة لا في اللغة ولا في القرآن !
هل في اللغة والقرآن مجازٌ ؟! طبعا وخلافه بدعة علمية فالظاهر الذي يحتمل التأويل في ألفاظ العرب بإجماع اللغوين والأصوليين وإقرار ابن القيم في الصواعق ما كان له وضعان واستعمالان : الوضع الأول عند الإطلاق والثاني عند التقييد وهذا في التركيب لا قبل التركيب فاللغة لم تأت في غير تركيب وإنما القاموس والتصرف التعليمي البياني هو من جردها.. فمتى ثبت اختلاف الوضع مرة ثبت مطلقا وبناء المجاز على اختلاف الأوضاع والمعاني هو كالتأويل يكسر ثبوته قاعدة من نفى المجاز بنفي الوضع والاستعمال بيد أن المجاز يفارق التأويل في أمور منها : العلاقة فلا يحتاج التأويل لعلاقة منها أن المجاز اللغوي نقل بالاشتقاق الأكبر وتجوز في المادة خاصة في المرسل منه والتأويل الأصولي عبارة عن قيام القرينة وما كان في مادته فإنه من قبيل الاشتراك في اللفظ مع المباينة في المعنى وفي معنى التأويل العام يشمل المجاز ومنه أن التأويل لا يشترط فيه ما يشترط في المجاز من صحبة القرينة بل تتصل وتنفصل وغيرها من فروق لذلك كان الجمع بالمخصص للعموم تأويل لظاهره على الإفراد فهو يقع على كل الفقه بما فيه المجاز وهو معنى التأويل عند السلف على خلاف الأصوليين.. وتقسيم ابن القيم في الصواعق فيه مغالطة بحيث جعل القسمة ثنائية للفظ قبل التركيب وبعد التركيب ثم نفى أن يكون بعد التركيب له تأويلان: ظاهر ومحتمل في معنى ما رام وما يلزمه وهو غلط ظاهر والمهم القول بالمجاز هو المُجاز وعن سواه لا تنحاز ولا عبرة بخلاف من خالف فيه فهو شاذ خاصة أن الشافعي والخطيب بل وأبا عبيدة وغيره من اللغويين أثبتوه كما أفاده غير واحد منهم الجيزاني في كتابه النافع القيم "معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة" فلم يبق إلا الاصطلاح الاعتزالي وتسمية المجاز في مقابل الحقيقة وهو خلاف في اللفظ على التحقيق وكابر من قال غير ذلك كما قال ابن قدامة رحمه الله. والله أعلم. ولعلي أضع كلام ابن القيم رحم الله إن تيسر لي وأناقش بعض ما فيه.
هذا كلام ابن القيم رحمه الله من مختصر الصواعق ص 277، ولم أتمكن منه في أصله الصواعق..
قال رحمه الله: الوجه التاسع عشر :
أنكم فرقتم أيضا بينهما أن المجاز ما يتبادر غيره إلى الذهن ، فالمدلول إن تبادر إلى الذهن عند الإطلاق كان حقيقة ، وكان غير المتبادر مجازا ، فإن الأسد إذا أطلق تبادر منه الحيوان المفترس دون الرجل الشجاع ، فهذا الفرق مبني على دعوى باطلة وهو تجريد اللفظ عن القرائن بالكلية والنطق به وحده ، وحينئذ فيتبادر منه الحقيقة عند التجرد ، وهذا الفرض هو الذي أوقعكم في الوهم ، فإن اللفظ بدون القيد والتركيب بمنزلة الأصوات التي ينعق بها لا تفيد فائدة ، وإنما يفيد تركيبه مع غيره تركيبا إسناديا يصح السكوت عليه ، وحينئذ فإنه يتبادر منه عند كل تركيب بحسب ما قيد به ، فيتبادر منه في هذا التركيب ما لا يتبادر منه في هذا التركيب الأخير .
فإذا قلت : هذا الثوب خطته لك بيدي ، تبادر من هذا أن اليد آلة الخياطة لا غير ، وإذا قلت : لك عندي يد الله يجزيك بها ، تبادر من هذا النعمة والإحسان ، ولما كان أصله الإعطاء وهو باليد عبر عنه بها ، لأنها آلة ، وهي حقيقة في هذا التركيب ، وهذا التركيب ، فما الذي صيرها حقيقة في هذا ، مجازا في الآخر ؟ .
فإن قلت : لأنا إذا أطلقنا لفظة يد تبادر منها العضو المخصوص ، قيل : لفظة يد بمنزلة صوت ينعق به لا يفيد شيئا البتة حتى تقيده بما يدل على المراد منه ، ومع التقييد بما يدل على المراد لا يتبادر سواه ، فتكون الحقيقة حيث استعملت في معنى يتبادر إلى الفهم ، كذلك أسد لا تفيد شيئا ولا يعلم مراد المتكلم به حتى إذا قال زيد أسد ، أو رأيت أسدا يصلى ، أو فلان افترسه الأسد فأكله ، أو الأسد ملك الوحوش ونحو ذلك ، علم المراد به من كلام المتكلم ، وتبادر في كل موضع إلى ذهن السامع بحسب ذلك التقييد والتركيب ، فلا يتبادر من قولك : رأيت أسدا يصلي ، إلا رجلا شجاعا ، فلزم أن يكون حقيقة .
فإن قلتم : نعم ذلك هو المتبادر ، ولكن لا يتبادر إلا بقرينة ، بخلاف الحقيقة ، فإنها يتبادر معناها بغير قرينة ، بل لمجرد الإطلاق ، قيل لكم : عاد البحث جذعا ، وهو أن اللفظ بغير قرينة ولا تركيب لا يفيد شيئا ولا يستعمل في كلامنا في الألفاظ المقيدة المستعملة في التخاطب .
فإن قلتم : ومع ذلك فإنها عند التركيب تحتمل معنيين ، أحدهما أسبق إلى الذهن من الآخر ، وهذا الذي نعني بالحقيقة ، مثاله أن القائل إذا قال : رأيت اليوم أسدا ، تبادر إلى ذهن السامع الحيوان المخصوص ، دون الرجل الشجاع ، هذا غاية ما تقدرون عليه من الفرق وهو أقوى ما عندكم ، ونحن لا ننكره ، ولكن نقول : اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد ، مثاله لفظ العمل ، إنه عند الإطلاق إنما يفهم منه عمل الجوارح ، فإذا قيد بعمل القلب كانت دلالته عليه أيضا حقيقة ، اختلفت دلالته بالإطلاق والتقييد ، ولم يخرج بذلك عن كونه حقيقة ، وكذلك لفظ الإيمان عند الإطلاق يدخل فيه الأعمال ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أعلاها قول : لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " فإذا قرن بالأعمال كانت دلالته على التصديق بالقلب ، وكقوله : ( آمنوا وعملوا الصالحات ) فاختلفت دلالته بالإطلاق والتقيد وهو حقيقة في الموضعين .
وكذلك لفظ الفقير والمسكين يدخل فيه الآخر عند الإطلاق ، فإذا جمع بينهما لم يدخل مسمى أحدهما في مسمى الآخر ، وكذلك لفظ التقوى والقول السديد إذا أطلق لفظ التقوى تناول تقوى القلب والجوارح واللسان فإذا جمع بينهما تقيدت دلالته كقوله تعالى : ( اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ) وكذلك لفظ التقوى عند الإطلاق يدخل فيه الصبر ، فإذا قرن بالصبر لم يدخل فيه كقوله تعالى : ( بلى إن تصبروا وتتقوا ) وقوله : ( وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ) ونظائر ذلك أكثر من أن تذكر .
وأخص من هذا أن يكون اللفظ لا يستعمل إلا مقيدا كالرأس والجوارح واليد وغير ذلك ، فإن العرب لم تستعمل هذه الألفاظ مطلقة بل لا تنطق بها إلا مقيدة كرأس الإنسان ورأس الطائر ورأس الدابة ورأس الماء ورأس الأمر ورأس المال ورأس القوم ، فهاهنا المضاف والمضاف إليه جميعا حقيقة وهما موضوعان ، ومن توهم أن الأصل في الرأس للإنسان وأنه نقل منه إلى هذه الأمور فقد غلط أقبح غلط ، وقال ما لا علم له به بوجه من الوجوه ، ولو عارضه آخر بضد ما قاله كان قوله من جنس قوله ، لا فرق بينهما ، فالمفيد موضع النزاع والمطلق غير مستعمل ولا يفيد فتأمله .
وكذلك الجناحلجناح الطائر حقيقة ، وجناح السفر حقيقة فيه ، وجناح الذل حقيقة فيه ، فإن قيل : ليس للذل جناح ، قلنا : ليس له جناح ريش ، وله جناح معنوي يناسبه ، كما أن الأمر والمال والماء ليس له رأس الحيوان ولها رأس بحسبها ، وهذا حكم عام في جميع الألفاظ المضافة كاليد والعين وغيرهما .
فيد البعوضة حقيقة ويد الفيل حقيقة وليست مجازا في أحد الموضعين حقيقة في الآخر ، وليست اليد مشتركة بينهما اشتراكا لفظيا ، وكذلك إرادة البعوض وحياتها وقوتها حقيقة ، وإرادة الملك وقوته وحياته حقيقة ، ومعلوم أن القدر المشترك بين الأسد والرجل الشجاع وبين البليد والحمار أعظم من القدر المشترك الذي بين البعوضة والفيل وبين البعوضة والملك ، فإذا جعلتم اللفظ حقيقة هناك لاعتبار القدر المشترك فهلا جعلتموه حقيقة باعتبار القدر المشترك فيما هو أظهر وأبين ، وهذا يدل على تناقضكم وتفريقكم بين المتماثلين وسلبكم الحقيقة عما هو أولى بها .
يوضحه الوجه العشرون : وهو أنكم فرقتم بقولكم : إن المجاز يتوقف على القرينة ، والحقيقة لا تتوقف على القرينة ، ومرادكم أن إفادة الحقيقة لمعناها الإفرادي غير مشروط بالقرينة ، وإفادة المجاز لمعناه الإفرادي مشروط بالقرينة .
فيقال لكم : اللفظ عند تجرده عن جميع القرائن التي تدل على مراد المتكلم بمنزلة الأصوات التي ينعق بها ، فقولك : تراب ماء حجر رجل بمنزلة قولك : طق غاق ونحوها من الأصوات ، فلا يفيد اللفظ ويصير كلاما إلا إذا اقترن به ما يبين المراد ، ولا فرق بين ما يسمى حقيقة في ذلك وما يسمى مجازا ، وهذا لا نزاع فيه بين منكري المجاز ومثبتيه ، فإن أردتم بالمجاز احتياج اللفظ المفرد في إقامة المعنى إلى قرينة لزم أن تكون اللغات كلها مجازا ، وإن فرقتم بين بعض القرائن وبعض كان ذلك تحكما محضا لا معنى له .
وإن قلتم القرائن نوعان : لفظية وعقلية ، فما توقف فهم المراد منه على القرائن العقلية فهو المجاز ، وما توقف على اللفظية فهو الحقيقة .
قيل : هذا لا يصح ، فإن العقل المجرد لا مدخل له في إفادة اللفظ لمعناه سواء كان حقيقة أو مجازا وإنما يفهم معناه بالنقل والاستعمال ، وحينئذ فيفهم العقل المراد بواسطة أمرين : أحدهما : أن هذا اللفظ اطرد استعماله في عرف الخطاب في هذا المعنى ، الثاني : علمه بأن المخاطب له أراد إفهامه ذلك المعنى ، فإن تخلف واحد من الأمرين لم يحصل الفهم المراد المتكلم ، وأما القرينة المجردة بدون اللفظ فإنها لا تدل على حقيقة ولا مجاز ، وإن دلت على مراد الحي فتلك دلالة عقلية بمنزلة الإشارة والحركة والأمارات الظاهرة .
وإن أردتم أن المعنى الإفرادي تقيده الحقيقة بمجرد لفظها ولا يقيده المجاز إلا بقرينة تقترن بلفظه ، قيل لكم : المعنى الإفرادي نوعان مطلق ومقيد ، فالمطلق يفيده اللفظ المطلق ، والمقيد يفيده اللفظ المقيد ، وكلاهما حقيقة فيما دل عليه ، فمعنى الأسد المطلق يفيده لفظه المطلق ، والأسد المشبه وهو المقيد يفيده لفظه المقيد ، وليس المراد هنا بالمطلق الكلي الذهني ، بل المراد به المجرد عن القرينة ، وإن كان شخصا ، وهذا الأمر معقول مضبوط يطرد وينعكس .
فإن قيل : فلم تشاححونا فإنا اصطلحنا على تسمية المطلق بالاعتبار الذي ذكرتموه حقيقة وعلى تسمية المقيد مجازا .
قيل : لم نشاححكم في مجرد الاصطلاح والتعبير ، بل بينا أن هذا الاصطلاح غير منضبط ولا مطرد ولا منعكس ، بل هو متضمن للتفريق بين المتماثلين من كل وجه ، فإنكم لا تقولون إن كل ما تختلف دلالته بالإطلاق والتقييد فهو مجاز ، إذ عامة الألفاظ كذلك ، ولهذا لما تفطن بعضكم لذلك التزمه وقال : أكثر اللغة مجاز ، وكذلك الذين صنفوا في مجاز القرآن هم بين خطتين ، إحداهما التناقض البين ، إذ يحكمون على اللفظ بأنه مجاز ، وعلى نظيره بأنه حقيقة ، أو يجعلون الجميع مجازا ، فيكون القرآن كله إلا القليل منه مجازا لا حقيقة له ، وهذا من أبطل الباطل .
والمقصود أنه إن كان كل ما دل بالقرينة دلالته غير دلالته عند التجرد منها مجازا لزم أن تكون اللغة كلها مجازا فإن كل لفظ يدل عند الاقتران دلالة خاصة غير دلالته عند الإطلاق ، وإن فرقتم بين بعض القرائن اللفظية وبعض لم يمكنكم أن تذكروا أنواعا منها إلا عرف به بطلان قولكم ، إذ ليس في القرائن التي تعينوها ما يدل على أن هذا اللفظ مستعمل في موضعه ولا فيها ما يدل على أنه غير مستعمل في غير موضوعه ، فإن طردتم ذلك وقلتم : نقول : إن الجميع مجاز ، كان هذا معلوما كذبه وبطلانه بالضرورة واتفاق العقلاء ، إذ من المعلوم بالاضطراب أن أكثر الألفاظ المستعملة فيما وضعت له لم تخرج عن أصل وضعها ، وجمهور القائلين بالمجاز معترفون بأن كل مجاز لا بد له من حقيقة ، فالحقيقة عندهم أسبق وأعم وأكثر استعمالا ، وقد اعترفوا بأنها الأصل والمجاز على خلاف الأصل ، فلا يصار إليه إلا عند تعذر الحمل على الحقيقة ، ولو كانت اللغة أو أكثرها مجازا كان المجاز هو الأصل ، وكان الحمل عليهمتعينا ، ولا يحمل اللفظ على حقيقة ما وجد إلى المجاز سبيلا ، وفي هذا من إفساد اللغات والتفاهم ما لا يخفى .
انتهى النقل
وفيه أنه لا ينكر احتمال اللفظ لمعنيين أجلاهما هو الظاهر
وفيه الإقرار بقوته
ثم فيه الاعتماد على مغالطة التركيب والإطلاق
وإنما الإطلاق أحد أنواع التركيب ويقابل التركيب الإفراد
فاللفظ بعد التركيب وعند الإطلاق له كجاء الأسد
وقد أثبت ابن لقيم الظهور في اللفظ المفرد ونفاه في اللفظ المركب وهو محل المغالطة ويلزمه كونه بعد التركيب والقرائن أن لا يكون سوى نصٍ لا احتمال فيه
وهو خلاف المقرر بالاتفاق
فالمفرد كما مثل له لا يسمى كلاما أصلا فضلا عن أن يقبل حقيقة أو مجازا
والكلام على اللفظ عند المجازيين إنما هو بتقدير المركب في جملة مفيدة
ثم نقاشه انصب بعد المغالطة على تسميته حقيقة لأجل القرائن بعد التركيب عنده
لمن تأمل
فابن القيم رحمه الله وشيخه العظيم ومن تابعوه أو تابعهم محجوجون بالإجماع على اختلاف معاني الألفاظ في الاستعمال العربي مما جعل أحدَها أولى بالظهور عند الإطلاق من غيرها وهو معنى الوضع الأول
كما أن الأوليات اللغوية وهي أسماء الموجودات هي حقيقة فيها بالاتفاق كالشمس والقمر والليل والشجر وهي ألفاظ متباينة لمعاني ظاهرة كان الحمل الأولي بعد ذلك عليها
ومن تأمل ردود النفاة على مثبتتة المجاز كرد ابن القيم هذا وأصله وهو أوعبها وأوسعها الرد على الرازي أدرك و بيسر شديد عدة مواطن أخرى فيها التصريح بالخلاف اللفظي والتحكم وحتى الاستدلال الجدلي والمغالطة في التأسيس
والله أعلى وأعلم وأعز وأكرم
وهذا ما وعدت به
والحمد لله وحده
[FONT="] قال الشيخ محمد مختار الشنقيطى[/FONT][FONT="] : والصحيح أننا نقول أن [/FONT][FONT="]المجاز[/FONT][FONT="]موجود [/FONT][FONT="]في[/FONT][FONT="] القران [/FONT][FONT="]في[/FONT][FONT="] غير أسماء الله وصفاته
[/FONT][FONT="]سؤال/ أين ورد كلام الشيخ الشنقيطي هذا؟
[/FONT][FONT="]
فكلامه في تفسيره وفي كتابه (منع جواز المجاز) ينقض هذا، وهو ممن ينفي وقوع المجاز في اللغة وفي القرآن.
قال رحمه الله:
[/FONT]منع جواز المجاز ط عالم الفوائد (ص: 6)
والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق: أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقًا على كلا القولين.
أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة أصلًا -وهو الحق- فعدم المجاز في القرآن واضح، وأمَّا على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن.