أبو المنذر المصري
New member
- إنضم
- 09/07/2004
- المشاركات
- 8
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة عن مجاز القرآن أصلها مأخوذ من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود حفظه الله ، لمذكرة الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه ، أسأل الله أن ينفع بها .
بداية لابد من ذكر نبذة مختصرة عن الحقيقة والمجاز ، حتى يتضح الأمر أكثر ، وممن تكلم عن هذه المسألة بإختصار غير مخل أ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في مذكرته المختصرة النافعة في علم الأصول (الأصول من علم الأصول) ، فقال رحمه الله (بتصرف) :
¨ أولا : الحقيقة ، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
· الحقيقة اللغوية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة ، فخرج بقولنا ، في اللغة ، الحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية ، ومن الأمثلة عليها : الصلاة ، فحقيقتها اللغوية ، هي الدعاء ، وقد وردت في قوله تعالى (وصل عليهم) ، فالمقصود بالصلاة هنا ، هو الدعاء لمن جاء بصدقة ماله .
· الحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع ، فخرج بقولنا ، في الشرع ، الحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية ، ومن الأمثلة عليها ، الصلاة ، فحقيقتها الشرعية : الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم ، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك .
· الحقيقة العرفية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف ، فخرج بقولنا ، في العرف ، الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية ، ومن الأمثلة عليها ، الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان ، فتحمل عليه في كلام أهل العرف .
وينبه الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله ، على فائدة هذا التقسيم ، وهو أن يحمل كل لفظ على معناه ، تبعا لإستعماله ، الذي يعرف من سياق الكلام ، فعلى سبيل المثال ، لفظ الصلاة في قوله تعالى : (وصل عليهم) ، لا يمكن حمله على الحقيقة الشرعية ، لأنه لا يعقل أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على من جاءه بالصدقة ، صلاة كالتي يصليها كل مسلم في المسجد ، أو في غيره ، بينما لفظ الصلاة ، في الأدلة الشرعية ، التي تدل على فرضية الصلاة وشروطها وأركانها ، ومواقيتها … الخ ، لا يمكن حمله على الحقيقة اللغوية ، وهي الدعاء .
¨ ثانيا : المجاز : هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، مثل أسد للرجل الشجاع .
فخرج بقولنا : "المستعمل" المهمل فلا يسمى حقيقة ولا مجازا .
وخرج بقولنا : "في غير ما وضع له" الحقيقة .
ثم تطرق الشيخ ، رحمه الله ، إلى مسألة "القرينة" وهي : الدليل الذي يمنع من إرادة الحقيقة ، ويدل على إرادة المجاز ، وإلى مسألة "العلاقة" : وهي الإرتباط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي لكي يصح إستعمال اللفظ في مجازه .
وطبقا للعلاقة ، ينقسم المجاز إلى :
· الإستعارة : كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع .
· المجاز المرسل : إن كان التجوز في الكلمات ، كقولك : رعينا المطر ، فكلمة المطر مجاز عن العشب فالتجوز بالكلمة .
ومن المجاز المرسل :
o التجوز بالزيادة ، كقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) ، فقال العلماء فيها : إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى .
o التجوز بالنقص : كقوله تعالى : (واسأل القرية) ، أي واسأل أهل القرية ، فحذفت "أهل" مجازا .
· المجاز العقلي : إن كان التجوز في الإسناد ، كقولك : أنبت المطر بالعشب ، فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها ، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز ، لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى ، فالتجوز في الإسناد .
وبعد الإنتهاء من هذه المقدمة ، أذكر الرأيين ، اللذين ذكرهما الشيخ محمد ، حفظه الله ، في هذه المسألة :
¨ أولا : وجود المجاز في القرآن ، وهو قول الجمهور وعلى رأسهم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، حيث قال في قوله تعالى : (أو لامستم النساء) ، هو الجماع ، يكني الله بما شاء ، وممن أشهر من وافقه في هذا التفسير ، البخاري رحمه الله ، وشيخ الإسلام رحمه الله ، حيث نقض الإستدلال بهذه الآية على نقض الوضوء بلمس المرأة ، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله ، الذين قالوا بنقض وضوء اللامس (وهو الرجل) ، والملموس (وهو المرأة) ، حيث قال بأن مقصود اللمس هنا "الجماع" على الصحيح لأن الملامسة تكون بين اثنين ، بينما اللمس لا يكون إلا من واحد (وهو اللامس) ، ومما يؤيد هذا الرأي ، ما سبق ذكره من أمثلة في تقسيم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للمجاز ، كقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) ، وقوله تعالى : (واسأل القرية) ، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، أن هذا القول هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القرآن وغيره .
¨ ثانيا : عدم وجود المجاز في القرآن ، ومن قال بهذا القول ، احترز به من تأويل الصفات ، الذي وقع فيه المؤولة من الأشاعرة والماتريدية ، حيث توسعوا في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ، حتى أدخلوا صفات الله عز وجل الفعلية ، وكثيرا من الصفات الذاتية ، وخاصة الخبرية ، في باب المجاز ، وهذا رأي شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله ، واستدلا بقوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن …) ، والحث على تدبر القرآن يناقض القول بأن هناك آيات لا معنى لها أو لا يفهم معناها ، أو يجب الكف عن بيان معناها أو التفويض فيها ، وبهذا القول قال أبو إسحاق الإسفرائيني رحمه الله ، ومن المتأخرين ، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ، في مذكرته في أصول الفقه ، وقد رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في مختصره في الأصول .
وجدير بالذكر أن ابن قدامة رحمه الله ، ذكر في "روضة الناظر" بأن آيات الصفات متشابهة ، وقد ناقشه الشيخ الشنقيطي رحمه الله ، على إطلاقه في عبارته ، وقال بأن التشابه ، هو التشابه في "كيفية صفات الله عز وجل" ، فهي مجهولة بالنسبة لنا ، وأما أن يقال بأنها متشابهة المعنى فلا ، لأن معناها اللغوي معروف بالنسبة لنا ، ولم نطالب بمعرفة كيفيتها ، وكذا لم نطالب بتأويلها ، وإنما أمرنا بإمرارها كما جاءت ، مع الإيمان بمعانيها ، من غير تعطيل ولاتأويل ولا تشبيه ولا تكييف .
والذي يرجح في نهاية هذه النبذة المختصرة ، أن في القرآن مجازا ، إلا في صفات الله عز وجل ، فيكون التفصيل الأمثل فيها ، هو تفصيل الشنقيطي رحمه الله ، في رده على ابن قدامة رحمه الله ، والله أعلم .
فهذه نبذة مختصرة عن مجاز القرآن أصلها مأخوذ من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود حفظه الله ، لمذكرة الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه ، أسأل الله أن ينفع بها .
بداية لابد من ذكر نبذة مختصرة عن الحقيقة والمجاز ، حتى يتضح الأمر أكثر ، وممن تكلم عن هذه المسألة بإختصار غير مخل أ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في مذكرته المختصرة النافعة في علم الأصول (الأصول من علم الأصول) ، فقال رحمه الله (بتصرف) :
¨ أولا : الحقيقة ، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
· الحقيقة اللغوية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة ، فخرج بقولنا ، في اللغة ، الحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية ، ومن الأمثلة عليها : الصلاة ، فحقيقتها اللغوية ، هي الدعاء ، وقد وردت في قوله تعالى (وصل عليهم) ، فالمقصود بالصلاة هنا ، هو الدعاء لمن جاء بصدقة ماله .
· الحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع ، فخرج بقولنا ، في الشرع ، الحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية ، ومن الأمثلة عليها ، الصلاة ، فحقيقتها الشرعية : الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم ، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك .
· الحقيقة العرفية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف ، فخرج بقولنا ، في العرف ، الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية ، ومن الأمثلة عليها ، الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان ، فتحمل عليه في كلام أهل العرف .
وينبه الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله ، على فائدة هذا التقسيم ، وهو أن يحمل كل لفظ على معناه ، تبعا لإستعماله ، الذي يعرف من سياق الكلام ، فعلى سبيل المثال ، لفظ الصلاة في قوله تعالى : (وصل عليهم) ، لا يمكن حمله على الحقيقة الشرعية ، لأنه لا يعقل أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على من جاءه بالصدقة ، صلاة كالتي يصليها كل مسلم في المسجد ، أو في غيره ، بينما لفظ الصلاة ، في الأدلة الشرعية ، التي تدل على فرضية الصلاة وشروطها وأركانها ، ومواقيتها … الخ ، لا يمكن حمله على الحقيقة اللغوية ، وهي الدعاء .
¨ ثانيا : المجاز : هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، مثل أسد للرجل الشجاع .
فخرج بقولنا : "المستعمل" المهمل فلا يسمى حقيقة ولا مجازا .
وخرج بقولنا : "في غير ما وضع له" الحقيقة .
ثم تطرق الشيخ ، رحمه الله ، إلى مسألة "القرينة" وهي : الدليل الذي يمنع من إرادة الحقيقة ، ويدل على إرادة المجاز ، وإلى مسألة "العلاقة" : وهي الإرتباط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي لكي يصح إستعمال اللفظ في مجازه .
وطبقا للعلاقة ، ينقسم المجاز إلى :
· الإستعارة : كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع .
· المجاز المرسل : إن كان التجوز في الكلمات ، كقولك : رعينا المطر ، فكلمة المطر مجاز عن العشب فالتجوز بالكلمة .
ومن المجاز المرسل :
o التجوز بالزيادة ، كقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) ، فقال العلماء فيها : إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى .
o التجوز بالنقص : كقوله تعالى : (واسأل القرية) ، أي واسأل أهل القرية ، فحذفت "أهل" مجازا .
· المجاز العقلي : إن كان التجوز في الإسناد ، كقولك : أنبت المطر بالعشب ، فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها ، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز ، لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى ، فالتجوز في الإسناد .
وبعد الإنتهاء من هذه المقدمة ، أذكر الرأيين ، اللذين ذكرهما الشيخ محمد ، حفظه الله ، في هذه المسألة :
¨ أولا : وجود المجاز في القرآن ، وهو قول الجمهور وعلى رأسهم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، حيث قال في قوله تعالى : (أو لامستم النساء) ، هو الجماع ، يكني الله بما شاء ، وممن أشهر من وافقه في هذا التفسير ، البخاري رحمه الله ، وشيخ الإسلام رحمه الله ، حيث نقض الإستدلال بهذه الآية على نقض الوضوء بلمس المرأة ، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله ، الذين قالوا بنقض وضوء اللامس (وهو الرجل) ، والملموس (وهو المرأة) ، حيث قال بأن مقصود اللمس هنا "الجماع" على الصحيح لأن الملامسة تكون بين اثنين ، بينما اللمس لا يكون إلا من واحد (وهو اللامس) ، ومما يؤيد هذا الرأي ، ما سبق ذكره من أمثلة في تقسيم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للمجاز ، كقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) ، وقوله تعالى : (واسأل القرية) ، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، أن هذا القول هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القرآن وغيره .
¨ ثانيا : عدم وجود المجاز في القرآن ، ومن قال بهذا القول ، احترز به من تأويل الصفات ، الذي وقع فيه المؤولة من الأشاعرة والماتريدية ، حيث توسعوا في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ، حتى أدخلوا صفات الله عز وجل الفعلية ، وكثيرا من الصفات الذاتية ، وخاصة الخبرية ، في باب المجاز ، وهذا رأي شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله ، واستدلا بقوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن …) ، والحث على تدبر القرآن يناقض القول بأن هناك آيات لا معنى لها أو لا يفهم معناها ، أو يجب الكف عن بيان معناها أو التفويض فيها ، وبهذا القول قال أبو إسحاق الإسفرائيني رحمه الله ، ومن المتأخرين ، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ، في مذكرته في أصول الفقه ، وقد رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في مختصره في الأصول .
وجدير بالذكر أن ابن قدامة رحمه الله ، ذكر في "روضة الناظر" بأن آيات الصفات متشابهة ، وقد ناقشه الشيخ الشنقيطي رحمه الله ، على إطلاقه في عبارته ، وقال بأن التشابه ، هو التشابه في "كيفية صفات الله عز وجل" ، فهي مجهولة بالنسبة لنا ، وأما أن يقال بأنها متشابهة المعنى فلا ، لأن معناها اللغوي معروف بالنسبة لنا ، ولم نطالب بمعرفة كيفيتها ، وكذا لم نطالب بتأويلها ، وإنما أمرنا بإمرارها كما جاءت ، مع الإيمان بمعانيها ، من غير تعطيل ولاتأويل ولا تشبيه ولا تكييف .
والذي يرجح في نهاية هذه النبذة المختصرة ، أن في القرآن مجازا ، إلا في صفات الله عز وجل ، فيكون التفصيل الأمثل فيها ، هو تفصيل الشنقيطي رحمه الله ، في رده على ابن قدامة رحمه الله ، والله أعلم .