هل رأيتم الشيخ إبراهيم السمنودي من قبل؟

دخلتُ هذا البيت المبارك العامر بكتاب الله، ووجدتُ فراش الشيخ، ومكانه الذي يجلس فيه، وابنه الأستاذ أسامة الفاتح الذي كان يقوم برعاية والده، ويخدمه بروح طيبة، ونفس منشرحة، وجدتُ كل شيء في بيت الشيخ إلا زينته وبهجته وحياته، فذهبت للمقبرة القريبة، فوجدتُ قبره مكتوباً عليه:
يا زائرين تذكروا... وسلوا لنا حسن الثواب
بالأمس كنا مثلكم...واليوم نحن في التراب
رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له الأجر والثواب، وأدخله الجنة بغير حساب، فقد كان إمام عصره، وفريده دهره في علم القراءات.
 
أسأل الله أن يرحم الشيخ رحمة واسعة وأن ينور له في قبره ويجعله روضة من رياض الجنة...اللهم آمين
 
من فضل ربي سبحانه وتعالى، أن عقدت العزم على زيارة هذا الشيخ الجليل قبل سبع سنوات، وفي صباح يوم الأربعاء، دققت بابه، ولم يكن أحد بالبيت غيره، ففتح لي، وكانت أول مرة تكتحل عيني برؤية هذا العَلَم، فسلمت عليه، وقبلت رأسه وانا لا أصدق نفسي، وأخبرته بأني طالب من معهد القراءات بالقاهرة، وتجاذبت معه أطراف الحديث في مواضيع شتى، ثم طلبت منه القراءة فسألني عن مشايخي وأكرمني بسماع بعض القرآن، وطلبت منه الإجازة فأجازني، ثم طلبت منه أن أقرأ متن ( التحفة السمنودية ) والذي ألفه أيام تدريسه في المعهد قبل أكثر من خمسين عاماً، فأكرمني بذلك أيضاً، ولا زلت أذكر نشيجه، وتأثره البالغ، عندما قرأت هذين البيتين من منظومته المباركة :
وللسمنودي إبراهيما :: ابن علي كن به رحيما
فهو أسير ذنبه وإنه :: مؤمل من ربه غفرانه
فأوقفني واستغفر ربه - سبحانه وتعالى - ، ثم أشار لي بيده أن أكمل، فواصلت القراءة، وهو يعلق على كثير من أبياتها، شارحاً بعض الأبيات، وضابطاً لبعضها حيث كنت أقرأ من النسخة التي حققها الدكتور/ حامد خير الله سعيد، وبها بعض الأخطاء اليسيرة في أصل النظم، ثم أذَّن الظهر، وكانت لا تزال له مقرأة بمسجد قريته - مع تقدمه في هذه السن، لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء - فأسندته إلى أن دخل غرفته، فارتدي زيَّه الأزهري الذي يعتز به كثيراً، ولا يخرج من بيته إلا متقلداً إياه، ثم مشيت معه إلى المسجد يتوكأ على عصاه بيده اليمني، وأسنده من الأخرى، وهو يستعيد ذكرياته مع القراءات والإقراء، ولا زلت أتذكر ما قاله حرفاً حرفاً، فاللقاء بأمثال هؤلاء العظماء لا تقدر الذاكرة على نسيان ولو شيء منه، وسألته عن أفضل طلابه الذين قرأوا عليه فقال لي : ( يا ابني انا درَّست في معهد شبرا ده تلاتين سنة، وقرأ عليه ناس كتير أوي، في واحد اسمه الواد عبد الرافع شغال في مصحف المدينة كويس أوي )، ولما قصصت ما قاله على الشيخ الفاضل / عبدالرافع رضوان، تبسم ضاحكاً، ودعى للشيخ كثيراً .
وبعد أن صلينا الظهر جلست بجانبه، فقال لي : ( قوم رَوَّحْ يبني عشان تلحق القطر )، ثم قال ( اقولك، اقرأ بهجة اللحاظ قبل ماتمشي، انت لسة مشوارك للقاهرة طويل )، فقرأتها وأجازني بها .
وكانت آخر زيارة لي قبل وفاته بشهر واحد، وقد عانى من المرض معاناة كبيرة، أسأل الله العظيم أن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يغفر له ويسكنه فسيح جناته إنه سميع قريب .
 
رحم الله شيخ مشايخنا العلامة الإمام/ إبراهيم بن شحاتة السمنودي .
أما إن عيني لم تكتحل برؤية شيخنا، ولكن حدثني عنه شيخي في التجويد، وقد لازمه (سبع سنين) متتاليات، وقد سمعت الأشرطة التي سجلها، وكان رجلا طيب النفس، جليل القدر، مهابا.
تشعر وأنت تسمع صوته، شفقة الأب الحنون، ونصح المعلم الرصين .
فرحمه الله وعفا عنه، وأسكنه فسيح جناته .
 
رحمه الله رحمة واسعة فقد شرفنى الله تعالى بمقابلته والقراءة عليه الفاتحة وما تيسر من بعض القرءان وكانت يسيرة وأجازنى بها ، وسألت فضيلته فى بعض مسائل التجويد فأجابنى وسجلت ذلك عندى وقد عرفنى عليه شيخى أمير الديب أسأل الله أن يحفظه وأن ينفع به الإسلام والمسلمين ، وأن يغفر لسيدنا العلامة السمنودى ويرحمه وجميع علمائنا وسائر المسلمين .
 
من عناية الله بهذا الشيخ العلامة الكبير المبارك الشيخ السمنودي أن متعه الله بذاكرته إلى آخر لحظة في حياته بخلاف من اشاع أنه فقد الذاكرة .... ومن نعم الله تعالى عليه أن شرح الله صدره في آخر عمره إلى التساهل في إجازة القرآن ـ مع أنه كان متشدداً جدا في أيام شبابه ـ ، بحيث كان يجيز كل من يقرأ عليه ولو سورة الفاتحة وكذلك كان يجيز بمنظوماته وهذا سر جعله ذكر ينتشر في العالم زيادة على ماكان منتشراً ولا شك أن هناك فرقا بين من ختم ختمة كاملة على الشيخ ثم أجيز وبين من قرأ القليل وأجيز وكلاهما لا يخلو من البركة
ولقد أكرمني الله بزيارته وتكحلت عيناي برؤيته رحمه الله والجثو على ركبتي بين يديه وقرأت بين يديه بالعشر الكبرى بعض القرآن وبعض منظوماته وأجاز رحمه الله
وللذين ينكرون صنيعه هذا فإن إمام الفن ابن الجزري رحمه الله صنعه وذكر ما لا يحصى من الشيوخ الذين أجازوا ببعض القرآن وكذلك هو فعله في عدد من شيوخه وكان يفتخر بذلك رحم الله الجميع ورضي عنهم
 
عودة
أعلى