هل دعا الأنبياء الأوائل أقوامهم إلى الإيمان بالآخرة ؟!

إنضم
08/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
الإقامة
السودان
بسم الله الرحمن الرحيم،
أثناء البحث عن موضوع "صيغ الإيمان والكفر بالآخرة فى القرآن الكريم" لاحظت أن الآيات التى تتحدث عن جدل أو تساؤل الكافرين عن الحياة بعد الموت كانت كلها –إلا واحدة- عن حوار الكفار مع خاتم الأنبياء الرسول محمد (ص) والرد عليهم بالحجة من قبل رد العالمين للرسول بعبارة (قل)،

ومن ضمن تلك الحوارات عن تكذيبهم وإستنكارهم للآخرة :

وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) - الإسراء

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) يس

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) - هود

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) - النحل

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)-سبأ

إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)-الواقعة

بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيب، أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ- ق

وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۚ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ -10- السجدة

الرسل السابقون :
القرآن الكريم لم يورد أى تفاصيل جدل للأقوام السابقة مع رسلهم عن الحياة الآخرة، عدا النبى هود عليه السلام فى سورة "المؤمنون" وبصورة مختصرة فى سورة "الحاقة" :

وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)

ولكن نعلم من خلال آيات قليلة أن الرسل السابقين تحدثوا لأقوامهم عن الآخرة:
نبدأ بنوح عليه السلام متحدثا الى قومه قائلا :

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا-17-18- نوح
ثم هود وصالح عليهما السلام ، فقد جاءت الآية مختصرة توضح موقف قومهما :

كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ-4- الحاقة
ولم تكن لثمود آيات تتحدث عن تفصيل دعوة نبيهم صالح عليه السلام لهم للإيمان بالآخرة وكفرهم بها وإستبعاد لحياتهم بعد الموت.
لوط عليه السلام : لم ترد آية عن تحذيره لقومه من الآخرة.
شعيب عليه السلام :
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ-36- العنكبوت
وإبراهيم عليه السلام مع قومه :

وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين
ويوسف عليه السلام مع السجينين :

إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ

وموسى عليه السلام مع فرعون:

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ، وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ - غافر
ومن الآية التالية معلم أن موسى عليه السلام قد كلّم الناس عن الحياة الآخرة وها هم السحرة يجيبون :

إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى، وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى -75 - طه

وإمرأة فرعون :

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ-11- التحريم

ومؤمن آل فرعون :
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ -39-غافر

والرجل المؤمن يدعو أهل القرية فى سورة يس :
وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ -22-يس

فلماذا لم يذكر القرآن إعتراض الأقوام الماضية على البعث وإستنكارهم بالتفصيل مع قصة كل رسول لهم ؟

أولا :

لأن أقوامهم لم تؤمن بالله تعالى بالأساس وهو المقدمة المنطقية للإيمان بالحياة الآخرة، فالله تعالى خالق كل شئ بمقدوره إعادة الخلق مرة ثانية، فلو آمنوا بالله تعالى لآمنوا بالبعث دون جدل، فلا جدوى إذا لذكر إعتراضهم وجدلهم على إمكانية حدوث الآخرة، وهو من دقة القرآن الكريم ،
ولذا ذكر القرآن الكريم إعتراضهم على الإيمان بالله الواحد الخالق (أن أعبدوا الله) ورد فعلهم وجدالهم :
أنترك آلهتنا ؟ أنذر ما كان يعبد آباءنا؟
إن إعتراك إلا آلهتنا بسوء،
قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون
وإتهام بعض الرسل بالجنون قد يكون رد فعل لحديث الرسل عن الإحياء بعد الموت،

وظل الجدل بين الرسل وأقوامهم واقفا فى بيّنات الآيات الكونية ومخلوقات الله تعالى وطلبهم البرهان بأن ينزّلوا الملائكة، وللرسل كبشر أنتم بشرا عاديين غير متميزين؟ أو قولهم إءتونا بآية "معجزة" تثبت أنكم مرسلين .

ثانيا :

أن القرآن الكريم كان به سردا للاحداث التى تحصل للنبى (ص) ، بداية من الشك فى دعوته من قبل قومه، هجرته، نصره، كفر آل الكتاب به ، ومعظم الآيات تورد صيغ "يسألونك –يستفتونك - قل- بشّر- أنذر..الخ" ولذا جاء ذكر تساؤل الكافرين بالتفصيل عن تكذيبهم الحياة الآخرة.
كما أن القرآن الكتاب الخاتم المحفوظ ، به التذكير كثيرا باليوم الآخر لينتفع بالوعظ كل الناس وكل من يقرأه الى يوم القيامة ، فالله تعالى هو من يوصى الرسول أن يرد لهم فى ذلك الجدل ب (قل) ويعينه بالحجة والبرهان :

أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ
وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ

كما يوضح أن سبب خلق البشر ليبلوهم أيهم أحسن عملا والجزاء فى الآخرة :
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ

كما أن الرسول (ص) إعتمد فى دعواه على القرآن بصورة كبيرة، ومنذ السورة الأولى فى النزول "سورة العلق" ذكر الله تعالى لمحمد (ص) الآخرة "إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى".

وبالقرآن ذكر كثير للآخرة وما سيحدث فى ذلك اليوم الذى سيقوم فيه الناس، وذكر كثير لنعيم الجنات وذكر كثير وتفصيلى لعذاب الآخرة وتكررت الاية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار).
وبالتأكيد كل من يسمع مثل تلك الآيات من قومه كانوا يتجادلون بشأنها.

وآيات أخرى عن كلام أهل الكتاب –المعاصرين للنبى- وهم من المؤمنين بلا شك بالحياة الآخرة :
وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ - البقرة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - البقرة


وآخيرا :
وهناك آيات عن الإنسان بصورة عامة أى " الكافرين" بالحياة الآخرة :


يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ، أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً، قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ-12- النازعات

وحال الكافرين عموما عند البعث :
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ، قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)

وفى السورة التى تسمى بإسم "القيامة " خاطب القرآن الإنسان بصورة عامة وأكد له أمرين إستطاعة الله تعالى الإحياء بعد الموت، وسبب ذلك الإحياء :

لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ، بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ..

أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى -40- القيامة


صدق الله العظيم
 
عودة
أعلى