هل خالفت مصاحف التجويد الحديثة الرسم العثماني؟

إنضم
10/08/2010
المشاركات
295
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
هل خالفت مصاحف التجويد الحديثة الرسم العثماني؟
إنّ جلّ الانتقادات التي وجّهت لمصاحف التجويد الحديثة ركّزت على سلبيات شتّى ونقائص عدّة (بنظر أصحابها على الأقلّ) لعل أهمها :
1. كثرة الألوان وزخم الأحكام المعروضة ...
2. المساس بهيبة المصحف ...
3. إنّ هذا العمل قد عقّد القراءة والتلاوة من حيث أراد أصحابه التيسير والتسهيل ...
4. إنّ علم التجويد وأحكامه إنّما تؤخذ بالتلقي والمشافهة ومن أفواه الشيوخ المجيدين لا من المصحف مهما تطوّر رسمه و أتقِن ضبطه....
5. ..........إلخ........
ولعل أهمّ ما يمكن لأصحاب هذه المبادرة الحديثة أن يدافعوا به عن مصحفهم وعملهم أنّه لم يتعرض لرسم الإمام المجمع عليه بتعديل أو بتغيير وأنّ ما أحدثوه لا يتعدى ولا يتجاوز ضبط المصحف الذي يجوز التجديد والزيادة فيه......
والحق والله أعلم أنّ مصاحف التجويد قد تعرّضت لرسم الإمام فعدّلته وغيّرته على خلاف ما يدعي أصحابه ولبيان ذلك ينبغي الوقوف على حقيقة رسم المصحف والفصل بينه وبين ضبطه لا من جهة التاريخ والحكم والمسائل...ولكن من جهة ذواتهما وشكلهما في المصحف الشريف (إذا صحّ هذا التعبير) فهما يختلفان من ثلاث حيثيات هي:
1. ذات المرسوم ؛ فهو في رسم الإمام الحرف خاصة وما ينزل منزلته ( الحركات الطويلة) بينما هو في الضبط خاص بعوارض الحروف (الحركات ,السكون , الإشمام الشدّة , المدّ ...) بذوات الحروف المحذوفة...
2. حجم خطّ المرسوم ؛ فهو في الضبط أدقّ منه في الرسم
3. لون المرسوم ؛ فهو في الرسم أسود لا غير بينما هو في الضبط بألوان مغايرة (الأحمر , الأصفر , الأخضر)
والقصد من هذا التقديم تقرير كون رسم الإمام المجمع عليه والذي لا يجوز مخالفته ولا تعديله ولا تغييره إنّما يتميّز بذات المرسوم وحجمه ولونه والمصاحف الحديثة المعروفة بمصاحف التجويد خالفت رسم الإمام من حيث اللون فقد غيّرت لونه المجمع عليه (الأسود) وجعلته ألوانا كثيرة مختلفة ومتغايرة
هذا ما أعتقده وقد أكون مخطئا أرجو من الأساتذة التصحيح والتصويب وجزاكم الله خير الجزاء...
فتحي بودفلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الفاضل
دعني ألقي بما عندي لعله يفيد، كما أنتظر معك رأي أهل العلم والاختصاص.

بالنسبة للتلوين، فإن المصاحف العثمانية عندما كتبت باللون الأسود فهذا لأنه الأشهر والمتوفر في الكتابة دون غيره من الألوان، فليس جزء من صحة الرسم أن يكتب باللون الأسود دون غيره.
أما حجم الحروف، فإن المصاحف القديمة التي أثبتت الحروف المحذوفة للدلالة على نطقها، إنما كتبتها بلون مغاير للون المتن أو الرسم العثماني دلالة على أنها ليست من الأصل، وقد كتبت تلك الحروف بنفس حجم الحرف الأصلي تقريبا، فلم يتغير حجم الألف أو الواو أو الياء الزائدة خطًّا عن نظيراتها الثابتة رسما.
وقد ورد أن مما أجازه بعض أهل العلم - وأحسبه الداني - الحمرة والصفرة في الكتابة، ولعل هذا الجواز إنما لوجود اعتبارات منهجية
هي التي تبين سبب التلوين، فيمكن أن يكون التلوين لبيان الثابت من المحذوف، أو لبيان نقط الإعجام، أو لبيان نقط التشكيل، أو غير ذلك.
ولا يخفى عليك أن نقط الإعجام صار ومن فترة بعيدة يلون بنفس لون المداد، مع كونه ليس أصلا في الرسم، وبسبب صعوبة إمكانية التلوين في كثير من الأحيان صارت الحروف الثابتة نطقا لا رسما تكتب - ضمن الضبط - بحروف أصغر حجما من الحرف الأصلي؛ لأن تلك هي أفضل طريقة متاحة لبيان الثابت من المحذوف.
ما أقوله ليس دفاعا عن التلوين، وإنما بيان أن الأسباب التي ذكرتها لا تستقيم - في رأيي - سببا في جعل المصاحف الملونة - كمصحف التجويد - مخالفة في الرسم العثماني.

بارك الله فيك، ونفع بك
 
الأخ الكريم بدر عرابي
شكرا على الالتفاتة
أوافقك الرأي أنّ حجم الخطّ ولونه لم يكن من أصل الرسم في العهد الأوّل قبل بداية ظاهرة الضبط
وقد استعملوا اللون الأسود لأنّه الأشهر أو المتوفر المتيسر أو لأنّه أبرز وأظهر ... وربّما لو توفر لهم غيره لكتبوا به
لكن ببداية ضبط المصحف تغير الأمر وأصبح رسم المصحف مختصا بالسواد لا يتعداه وبقي الأمر على ذلك قرابة أربعة عشر قرنا لم يخالف ـ حسب علمي ـ إلاّ بعض من استعمل الخطّ المذهب للتزيين ولا يخفى على ذي لبّ ما في هذه المسألة من أقوال لا تتعلق ببحثنا ... أما الضبط فأجازوا فيه السواد (نقط الإعجام) والحمرة (الزوائد , الشكل , المدّ ...) الصفرة (الهمزة المحققة) الخضرة (همزة الوصل) ...وهذا هو الذي عناه الداني رحمة الله عليه في مداخلتك :
وقد ورد أن مما أجازه بعض أهل العلم - وأحسبه الداني - الحمرة والصفرة في الكتابة،
ولا علاقة لهذه الألوان برسم الإمام وهذا معروف مشهور وقد أشرت إليه في مداخلتك :
ولعل هذا الجواز إنما لوجود اعتبارات منهجية هي التي تبين سبب التلوين، فيمكن أن يكون التلوين لبيان الثابت من المحذوف، أو لبيان نقط الإعجام، أو لبيان نقط التشكيل، أو غير ذلك.
وجميع هذه الاعتبارات التي ذكرتها هي من الضبط وليست من الرسم في شيء
وكون نقط الإعجام لوّنت بالأسود لا ينتقض ما قلته ولا يخالفه أيّها الأخ الكريم لأنّ الإعجام من الضبط ويجوز في الضبط السواد ... والمشكلة المطروحة ها هنا أخي الكريم متعلقة بالرسم الذي أزعم أنّه لا يجوز فيه إلاّ السواد أو على الأقل مصاحف التجويد هي التي أحدثت التلوين فيه لأوّل مرة ولم يكن معروفا قبلها والله أعلم بالحقّ والصواب
وكذلك حجم المصحف لم يكن في العهد الأوّل من أصل الرسم , ولا استبعد أن يكون حجم الخطّ مختلف من مصحف لآخر في مصاحف الإمام الخمسة أو السبعة وكذلك الأمر بالنسبة للمصاحف الأولى قبل بداية الضبط ...ولكن ببداية ظاهرة الضبط بادر أهل العلم إلى تمييّزه عن الرسم باعتبار حجم الخطّ لا لشيء إلاّ ليبقى رسم الإمام معلوما معروفا لا يختلط بغيره ... وبقي الأمر على ذلك إلى يومنا هذا لم يخالفه ولم يخرج عنه إلاّ من أخطأ أوشذّ والله أعلم ...
 
السلام عليكم ورحمة الله

أخي الكريم
بالنسبة لقولك: لكن ببداية ضبط المصحف تغير الأمر وأصبح رسم المصحف مختصا بالسواد لا يتعداه
فهذا لا أعرف له دليلا أو أصلا يمكن الرجوع إليه، اللهم أن يكون ذلك تحت ما ذكرتُ سابقا من أن استخدام اللون الأسود مرده هو الشهرة والتوافر، ولعلك تجد الكثير من المصاحف المطبوعة التي كتبت بحبر لونه أخضر داكن أو أحمر داكن أو حتى بألوان أخرى، فالعبرة ليست في لون الحبر، وإنما البيان والوضوح.

أخي الفاضل: أظن أن تلوين الحرف بلون مغاير تبعا لمنهج محدد أو لغرض مباح فلا شيء فيه، إلا أن ما نراه الآن من تلوين للمصاحف تبعا لأحكام التجويد أو لتلوين لفظ الجلالة أو غير ذلك، إنما دخلت فيه الكراهة لأسباب غير التي ترى، فالأمر - أي التلوين - ليس الاعتراض عليه لمخالفة الرسم العثماني، إنما لأسباب أخرى لها وجاهتها.
أحيلك في ذلك لموضوع قيم كتبه أحد مشايخنا الأعزاء في هذا الملتقى المبارك:
تلوين كلمات القرآن بين المنهج العلمي والحكم الشرعي
تلوين كلمات القرءان بين المنهج العلمي والحكم الشرعي (2)

بالتوفيق
 
التعديل الأخير:
أوافق أخي فتحي الرأي فقد أصبح السواد علما على الحروف المرسومة حتى إن الخراز عبّر في منظومته عن الثوابت بالألف الكحلاء أي السوداء ويقول عن الملحقة ضبطاً الألف الحمراء ، نعم الضبط بالسواد لا يمس بقدسية الرسم لكن تلوين المرسوم بغير السواد فيه ما فيه ، وهو - عندي - غير جائز ، وقد كره الداني الضبط بالسواد في كتابه المحكم لكن لما تعسرت الطباعة بالألوان اكتفي بتصغير الحروف الملحة وهو كافٍ في الدلالة على المقصود وهو أنها منطوقة لكنها محذوفة رسماً ملحقة ضبطاً . لكن الرسم بغير السواد لا يجوز بحال إلا عند من لم يع حقيقة الرسم ولم يفرق بينه وبين الضبط ؛ وهي طامة العصر لا أقول عند المثقفين ومعلمي القرآن فحسب بل عند المختصين من لجان بعض المصاحف وعندي على ذلك أمثلة كثيرة بينتها في التفريق بين الرسم والضبط ، من رسالتي للماجستير التي قدمتها بعنوان : ( اصطلاحات الضبط في المصاحف المعاصرة وعلاقتها بالظواهر الصوتية ) ونوقشت بالجامعة الأسمرية يوم 19/7/2009 ، كما قمت بنقد مصحف التجويد ومنهجيته من عدة نواحٍ في فصل منها . والله الموفق لما فيه الخير .
 
سؤال: هل كتابة القرآن بلون غير الأسود يغير من الرسم العثماني ؟؟
سؤال: هل تعد كتابة القرآن كله - رسمه وضبطه - بلون غير الأسود لا تجوز شرعا ؟؟؟

إنما جاءت الأسئلة مباشرة؛ لأن هذا ما كان يعنيه الأخ فتحي في تعليقه أن التلوين أثر على سلامة الرسم العثماني

والقصد من هذا التقديم تقرير كون رسم الإمام المجمع عليه والذي لا يجوز مخالفته ولا تعديله ولا تغييره إنّما يتميّز بذات المرسوم وحجمه ولونه والمصاحف الحديثة المعروفة بمصاحف التجويد خالفت رسم الإمام من حيث اللون فقد غيّرت لونه المجمع عليه (الأسود) وجعلته ألوانا كثيرة مختلفة ومتغايرة
فتحي بودفلة
 
إذا تقرر أن التلوين بالسواد ليس مقصوداً لمن رسموا المصحف الإمام = فلا اعتبار بجريان الناس عليه ولا يقال إن السواد داخل في مسمى الرسم العثماني أصلاً وإلا أدخلنا فيه نوع الورق ومواضع انتهاء الآي في الصفحة وعدد ورقات المصحف ..

وعلى التنزل بأنه كان التلوين مقصوداً = فالتلوين لا يتناوله لفظ الرسم في العربية أصلاً بل يكون قصد التلوين لمصلحة ما = مسألة منفصلة عن باب الرسم برمته ولا يتناوله لفظ الرسم في العربية التي كان يتكلم بها الصحابة..

وينظر في هذه المصلحة بميزان العلم ولن تخرج حينها عن كونها مصلحة وقتية لظروف زمانية لا جهة للتشريع فيها أصلاً..

ويلزم من أدخل التلوين في الرسم وألزم به إلزام الرسم = أن يلزم بنوع الخط الذي كتب به المصحف فلا يُعدل عنه لخط من الخطوط بعده ،وهذا إن قيل = فهو أشبه من مسألة التلوين هذه..

وأرى -والله أعلم- أن في تقرير أخينا الكريم صاحب الموضوع تكلف ظاهر ،وإن كان قصده حسناً..
 
... نعم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لم يقصدوا ذات اللون والحجم في رسم خطّ المصحف وهذا ما قلته وذكرته في ردّي على الفاضل بدر عرابي
أوافقك الرأي أنّ حجم الخطّ ولونه لم يكن من أصل الرسم في العهد الأوّل قبل بداية ظاهرة الضبط
ولكن علماء الضبط قصدوا المباينة بين الرسم والضبط بهذين الاعتبارين : حجم الخط ولونه
وبقي الأمر على ذلك من أيام أبي الأسود الؤلي (69هـ) يحيى بن يعمر (90هـ) نصر بن عاصم (90هـ) الخليل بن أحمد (170هـ) ... إلى أن ظهر مصحف التجويد فخالف ما جرى عليه العمل طوال هذه القرون ...
أرجو من الإخوة المتصفحين أن يرجعوا إلى ضبط الخراز للإمام أبي عبد الله محمد بن محمد الخراز (718هـ) فقد عقد آخر أبواب نظمه لبيان لون مازيد على رسم الإمام وانظروا شرحه للتنسي (899هـ)
 
عودة
أعلى