هل توجيه القراءات توقيفي أم اجتهادي؟

إنضم
02/07/2004
المشاركات
65
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم
اشكر جميع الأعضاء في هذا الملتقى المبارك
قد طرحت سؤالا سابقا عن أهم المؤلفات فوجدت التفاعل السريع والإجابات الشافية الكافية جعل الله ذلك في موازين حسناتكم
السؤال الذي يتبادر إلى ذهني الآن :
هل للتوجيه مستند شرعي ، وهل وصلنا بتوقيف عن الرسول عليه السلام والصحابة ؟؟؟
ام هو مجرد آراء لأهل اللغة ؟؟؟؟
واذا كان باجتهاد ، فهل للمتأخرين ممن اطلعوا على كتب اللغة حرية التوجيه للقراءة والترجيح بين توجيه وآخر ؟؟؟
ثم سؤال أخير ( عفوا للاطالة ) ما أفضل كتب التوجيه مع بيان سبب أفضليتها وميزتها عن غيرها ؟؟؟؟
وفق الله الجميع لخدمة هذا الدين .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
يمكنك معرفة الجواب عن سؤالك بمعرفة المراد بـ (توجيه القراءات)

يمكنك معرفة الجواب عن سؤالك بمعرفة المراد بـ (توجيه القراءات)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيمكن معرفة الإجابة على سؤالك هذا من خلال النظر في المراد بتوجيه القراءات، ومجالها.
ولم أقف على توجيه لعلم القراءات فيما بين يدي من المصادر، لكن يمكن القول في تعريفه بأنه:
علم يبحث في قراءات القرآن من حيث الفرق بين معانيها ومرجحات اختيار كل قراءة وتخريجها في لغة العرب.
وقد يفهم البعض أن المراد بحجة القراءات (أو توجيهها) : الحجة التي يستند إليها القارئ في قراءته.
والصواب أن (حجة القراءات) أو (توجيه القراءات) ليس هو المستند في القراءة، لأن القراءة سنة متبعة، الأصل فيها التواتر والنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما المقصود بحجة القراءات أو توجيه القراءات، بيان الوجه الذي تخرّج عليه القراءة، وبيان أن هذه القراءات كلها لا تخلو من فوائد متعددة، وأنها لا تخرج عن لغة العرب، وبناء على ذلك فإن بعض علماء العربية يختار قراءة دون أخرى، لارتياحه إلى المعنى الذي تفيده هذه القراءة، لكن لا يجوز إنشاء قراءة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مهما كانت وجاهتها في المعنى، ومهما كانت قوية في اللغة العربية، كما أنه لا يجوز رد قراءة من القراءات الثابتة حتى ولو كان توجيهها في لغة العرب ضعيفا.
ويمكن أن أجمل ما يشتمل عليه هذا العلم فيما يلي:
1 – بيان معنى كل قراءة من القراءات، وتوضيح إن كانت هذه القراءات بمعنى واحد أو بمعان مختلفة، كقراءتي: (على الغيب بضنين) و(بظنين).
2 - بيان وجه كل قراءة في لغة العرب، سواء كان ذلك في الأصول أو في الفرش.
ويتضح ذلك كثيرا في الاختلاف الناتج عن التصريف، كقراءة (يَطْهُرْن) و(يطَّهَّرن)، وكذا الإعراب، كقراءتي: (ليس البرَّ أن تولوا) و(ليس البرُّ) بالرفع.. وغير ذلك كثيرا.
3 - بيان المرجحات والشواهد التي تؤيد اختيار كل قراءة من هذه القراءات.
وهذه الشواهد والمرجحات، تكون من عدة جهات، منها:
أ – لغة العرب، فقد تكون إحدى القراءاتين أكثر شهرة في لغة العرب من القراءة الأخرى.
ب – المعنى، حيث يختلف المعنى – غالبا – باختلاف القراءات، فيذهب كل عالم إلى اختيار قراءة دون الأخرى.
ج – شواهد القراءة، إذ يكون لإحدى القراءات، أو لبعضها أو لها جميعا ما يؤيدها من الألفاظ الأخرى التي لا خلاف في قراءتها.
د – السياق، وهو من المرجحات الهامة، إذ ينظر كثير من العلماء إلى بداية الآية ونهايتها، أو إلى ما قبلها وما بعدها من الآيات، فيكون ذلك سببا في الاختيار.
واللفظ توقيفي ولا شك، ولكن قد يأتي في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يرجح معنى عند البعض دون الآخر.
وعليه فليس توجيه القراءات آراء مجردة لأهل اللغة، ولكنها آراء مستنبطة من اللغة مأخوذة بضوابط التفسير، فتوجيه القراءات نوع من تفسير القرآن، ومستنده مستند التفسير، والحديث في توجيه القراءات هو نوع من الحديث عن التفسير – على خلاف في تعريف التفسير اصطلاحا –.
أما : هل للمتأخرين من اطلعوا على كتب اللغة حرية التوجيه للقراءة والترجيح بين توجيه وآخر؟
فالجواب: أن لهم ذلك بشروط وضوابط، إذ التوجيه نوع من أنواع التفسير، ومن المعلوم أن كتب اللغة وحدها لا تكفي في فهم القرآن الكريم، وكذلك لا تكفي في توجيه القراءات، ولكن إذا راعى العالم الضوابط في تفسير القرآن، وراعى سياق الآيات ومنهج القرآن الكريم، فذلك جائز.

وهناك مسائل كثيرة لا بد من دراستها والوقوف عليها، من هذه المسائل: ما يتعلق باختيار القراءات، وصحة هذا المنهج، وهل يصح قول العالم: والاختيار كذا ... أم يكتفى ببيان الأوجه دون اختيار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
أثابك الله اخي الكريم
ولا زلت بحاجة الى توضيح النقطة الاولى
وهل ورد شيئ من التوجيه ( بالمعاني التي ذكرتم )عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو عن صحابته ؟؟؟ لو مثلتم بمثال احسن الله اليكم
وان لم يكن كذلك
فهل يعتبر قول من استند الى اللغة ومعها قواعد التفسير المعتبرة - مقبولا في كل الأحوال ؟؟؟؟
وفقكم الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان النقطة الأولى، وهي: بيان معنى كل قراءة، وتوضيح إن كانت هذه القراءات بمعنى واحد أو بمعان مختلفة ...
مثلا قراءتا: (كمثل جنة بربوة) (برَبوة) بفتح الراء، و(برُبوة) بالضم، هما لغتان مشهورتان، بمعنى واحد، ومثل ذلك: قوله: (يحسبهم الجاهل)، و(يحسبن) بفتح السين، وكسرها، وقراءة: (الرعُب) بضم العين، وإسكانها، و(بالبَخَل) بفتحتين، و(بِالبُخل) بضم الباء وإسكان الخاء، فهذه كلها لغتان بمعنى واحد.
وقد يختلف المعنى، وهنا يكون في علم توجيه القراءات بيان لمعنى كل قراءة أولا، وثانيا: يكون فيه بيان مرجحات كل قراءة، وهذه المرجحات قد تكون من حيث المعنى، أو من حيث الإعراب، أو السياق أو ذلك كله، ولولا خشية الإطالة لذكرت أمثلة كثيرة، ولكن أكتفي بالأمثلة الآتية:
– قوله: (فأزلهما الشيطان عنها) قرأ حمزة (فأزالهما) بألف مخففة، وقرأ الباقون (فأزلّهما) بغير ألف مشددا.
فأما قراءة التخفيف فهي من الإزالة والتنحية، وأما قراءة التشديد فهي بمعنى الإيقاع في الزلل.
وحجة من قرأ (فأزالهما) بالتخفيف من الزوال والتنحية:
أ - أنه اتبع في ذلك مطابقة معنى ما قبله على الضد في قوله: (اسكن أنت وزوجك الجنة) فالسكن ثبات في الجنة، وضده الزوال، فسعى إبليس إلى إزالتهما.
ب – أنه مطابق لما بعده في المعنى؛ لأن قوله: (فأخرجهما مما كانا فيه) معناه الزوال، فلفظ الخروج يدل على الزوال.
أما من قرأ (فأزلهما) بدون ألف، مشددة:
أ – قوله عز وجل: (إنما استزلهم الشيطان) أي: أكسبهم الزلة.
ب – أنه ليس للشيطان قدرة على إزالة أحد من مكان إلى مكان وإنما قدرته على إدخاله في الزلل، بدليل قوله عز وجل: (فوسوس لهما الشيطان).
ج – احتمال أن تكون (فأزلهما) من: زلّ عن المكان، إذا تنحى عنه، فتكون القراءتان بمعنى واحد.

مثال آخر:
قوله تعالى: (ولا يُقبل منها شفاعة) قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تُقبل) بالتاء، وقرأ الباقون: (يُقبل) بالياء.
فقراءة التاء (تقبل) بتأنيث الفعل، وقراءة الياء: (يقبل) بالتذكير.
وحجة من قرأ (تُقبل) بالتأنيث: أن لفظ الشفاعة مؤنث، وهذا ظاهر.
وحجة من قرأ (يُقبل) بالتذكير أمور عدة، منها:
أ – أنه فُصِل بين الفعل والفاعل فَحَسُن تذكير الفعل.
ب – أن تأنيث الشفاعة غير حقيقي.
ج – أن الشفاعة والشفيع بمعنى واحد، فحمل اللفظ على التذكير (الشفيع).

مثال ثالث:
قوله تعالى: (ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) قرأ نافع: (تَسْأَلْ) بفتح التاء والجزم، وقرأ الباقون: (تُسألُ) بضم التاء والرفع.
فأما قراءة (ولا تَسألْ) فمعناها النهي عن السؤال عن ذلك، وفي النهي عن ذلك تعظيم ما هم فيه من العذاب، أي: لا تسأل عنهم فقد بلغوا غاية العذاب التي ليس بعدها غاية.
وأما قراءة: (ولا تُسأَل) فهي إخبار بأن النبي – صلى الله عليه وسلم - لا يُسأل عن أصحاب الجحيم، ويجوز أن تكون في موضع حال، أي: أرسلناك بشيرا، ونذيرا، وغير مسؤول عن أصحاب الجحيم.
أو تكون الجملة مستأنفة..
قال مكيّ: ويقوي الرفع أن قبله خبرا، وبعده خبرا، فيجب أن يكون هذا ليطابق ما قبله وما بعده.

مثال أخير:
قوله: (قل فيهما إثم كبير) قرأ حمزة والكسائي: (كثير) بالثاء، وقرأ الباقون: (كبير) بالباء.
فمن قرأ (كثير) بالثاء، فحجته:
أ – أنه جعله من الكثرة حملا على المعنى؛ لأن الخمر تحدث مع شربها آثاما كثيرة، من لغط وسب وأيمان وعداوة وخيانة وتفريط في الفرائض وارتكاب للمحرمات، وهذه آثام كثيرة، فوجب أن توصف بالكثرة.
ب - أن الله ذكر المنافع بالجمع، فوجب أن تكون الآثام جمعا، وإنما يدل على ذلك الكثرة.
ج – أن وصف الإثم بالكثرة أبلغ من وصفه بالكِبَر، لأن الكثرة تستوعب العِظَم ومعنى الكثرة، أما العِظَم فقد لا يستوعب الكثرة، فكل كثير كبير، وليس كل كبير كثيرا.
وأما من قرأ (كبير) بالباء، فحجته:
أ – أن شرب الخمر من الكبائر، فوجب أن يوصف إثمه بالكبر.
ب – قوله تعالى: (وإثمهما أكبر من نفعهما) وهذا يدل على قراءة (كبير).

أما هل ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته شيء في ذلك، فلم أقف على نص صريح في أن معنى هذه القراءة كذا، ومعنى هذه كذا، ولا أظن ذلك موجودا، وإنما قد يُستشهد لمعنى من المعاني لإحدى القراءتين بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو فعله، أو بحكم شرعي مجمع عليه، أو نحو ذلك.
ويبقى لكل قراءة من القراءات ما يشهد لها عند من اختار القراءة بها.

وهل يعتبر قول من استند إلى اللغة ومعها قواعد التفاسير المعتبرة مقبولا في كل الأحوال ...
الجواب: أن هذا هو الأصل، ولكن قد يرد ما يرجح قولا آخر سواه، فالترجيح والقبول يحتاج إلى النظر من جميع الجوانب، فربما كان القول صحيحا في العربية لكن ليس مقصودا في الآية؛ لأن الكلمة الواحدة في اللغة العربية قد يرد لها أكثر من معنى وقد يكون المقصود في موضع الآية معنى دون غيره، كما أن معرفة سبب النزول، ومعرفة عادات العرب .... وغير ذلك سبب مهم في فهم آيات القرآن الكريم.
 
عودة
أعلى