هل تليق صلاة التراويح أن تكون الصلاة المقصودة في حديث: من قام رمضان إيمانا واحتسابا؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
هل تليق صلاة التروايح التي نراها في مساجدنا خلال رمضان أن تكون صلاة القيام التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"*
الجواب عندي هي منه لكنها ليست هي
يمكننا القول أن صلاة التراويح التي نراها في مساجدنا في رمضان هي من قيام الليل، لكنها ليست هي قيام الليل المذكور في الحديث.
إن صلاة التراويح من السنن العظيمة الجميلة التي سَنَّها لنا رسول الله وأصحابه.
والحال الآن في أكثر مساجد المسلمين أنهم يصلون التراويح ثماني ركعات والوتر، في وقت بالكاد عشرون دقيقة، أو في أقل من نصف ساعة.
وفي بعض المساجد يصلون إحدى وعشرين ركعة، وهذه أيضا بالكاد في ساعة أو أقل.
إن الإمام يقرأ نصف صفحة أو أقل في كل ركعة، أهذه هي صلاة القيام المقصودة في الحديث: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا..."؟!
في رأيي الشخصي، لا ، ليست هي، هي شيء منها قليل، لكنها ليست هي، ومَن يقتصر عليها فقط فقد فاته خير عظيم، بتركه قيام الليل على الوجه الأكمل.
إن أقل الأكمل في قيام الليل في رمضان أن تختم القرآن في صلاة القيام خلال الشهر.
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يطيلون في التراويح إطالة شديدة.
وليس العبرة بعدد الركعات، وإنما العبرة بالكيفية، العبرة بهيئة الصلاة، القيام والقراءة، والخشوع.
ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فمن لا يطيق القيام، فليصل قاعدا، ومن لا يحفظ فليقرأ من المصحف، أو فليقرأ من تطبيق قرآني على هاتفه الجوال.
إنه رمضان يأتي ويمضي سريعا كأنه طيف فلا تَدَعُوه يمضي عنكم من غير أن تتلَبَّسوا به تَلَبُّسا، وتُمْسِكوا بكل ساعاته ودقائقه وثوانيه، فتملئوا نهاره بالطاعات وتلاوة القرآن والقُرُبات، وتمئلوا لَيْلَه بالقيام والتهجد.
إنه موسم التخلص من أحمال سَنَة كاملة يضعها رمضان عن أكتافنا.
إنه موسم الاغتسال من أوزار سنة كاملة يطهرنا فيها رمضان من أوزارنا.
إنه موسم التربية للقلوب القاسية والتهذيب للنفوس اللاهية.
إنه موسم الروحانيات والرحمات والتعلق بالله الرحمن الرحيم والعودة إليه والأوبة.
إنه موسم زجر النفوس، وهزيمة الشيطان، والتغلب على الشهوات.

إن فاتك رمضان ولم يُغْفَر لك فلا تَلومَنَّ إلا نفسك، فقد رَغِمَت أنفُك وذَلَّت وهانَت، قال صلى الله عليه وسلم: " ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ، ثم انسلخ قبل أن يُغْفَرَ له"

إنه رمضان، نعم إنه رمضان، فإياكم والغفلة عنه.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
جزاك الله خيرا

نجد أن حال السلف مع القرآن في رمضان حال المستنفر نفسه لارتقاء المعالي،
وكانوا حريصين على استثمار أوقاتهم، واغتنام ساعات الليل والنهار،
وكان أحدهم أشح على وقته من صاحب المال على ماله.
كان الزهريُّ إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وكان الإمام أحمد يُغلِق الكتب ويقول: هذا شهر القرآن.
وكان الإمام مالك بن أنس لا يفتي ولا يدرِّس في رمضان، ويقول: هذا شهر القرآن..
عن إبراهيم النخعي قال: "كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ".
عن سعيد بن جبير أنه كان يختم القرآن في كل ليلتيْن.
وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها.
وقد يتبادر إلى ذهن أحدنا إشكال فيقول قد جاء النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذم من يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، فكيف هؤلاء العلماء يخالفون ذلك؟
يقول ابن رجب - رحمه الله -: "وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم". يعني من السلف الذين كانوا يقرؤون القرآن في أقل من ثلاث ليال وذلك في رمضان وخاصة في العشر الأواخر.
 
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ محمد / السر يكمن في قوله صلى الله عليه وسلم " من قام "
قام : فعل ثلاثي أصلهُ ( قَوْم) .
قال ابن فارس عند مادة قوم : القاف والواو والميم أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على جماعة من الناس ، والآخر على انتصابٍ أو عزم ٍ.
فالأول : القوم : الرجال دون النساء ، لا واحد له من لفظه .قال تعالى " لا يسخر قومٌ من قوم " ثم قال سبحانه " ولا نساءٌ من نساء " .
وربما دخل فيه النساء على سبيل التبع لأن قوم كل نبي ( رجالٌ ونساء ) والجمع أقوام .

وأما الآخر فقولهم : قام قياماً ، والقومة : المرة الواحدة من القيام بمعنى انتصب .

والمتدبر يجد أن : القيام يأتي بمعنى العزم على الشيء / الأمر :
قال تعالى " وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " بمعنى لما عَزَمَ .
وقوله تعالى " قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض " أي عزموا على أمرهم فقالوا ربنا رب السموات والارض .

والقيام يأتي بمعنى المحافظة والمواظبة والملازمة :
قال تعالى " إلا ما دمت عليه قائماً " : أي ملازماً محافظاً مواظباً .

ويجيء القيام بمعنى الثبات والوقوف للماشي بمعنى السكون وعدم الحركة :
قال تعالى : " وإذا أظلم عليهم قاموا " أي وقفوا وثبتوا في أماكنهم غير متقدمين ولا متأخرين ، ومنه قولهم " قامت الدابة " إذا وقفت عن السير وثبتت في مكانها ، ومنه قولهم " أقام بالمكان " أي استقر وثبت وقال تعالى " إنها سائت مستقراً ومقاما " أي مكان للإقامة والاستقرار ، وعن حكيم بن حزامٍ قال " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخِرَّ إلا قائما ً " أي أن لا أموت إلا ثابتاً على الإسلام متمسكاً به .
وكل من ثبت على شيءٍ وتمسكَ به فهو قائمٌ عليه ، ومنه قوله تعالى " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ ... " أي ثابتة على دينها متمسكة به مواظبة عليه .

وقيل للخليفة القائمُ بالأمر / والقائم مقام : على اعتبار المواظبة والمحافظة والتمسك والثبات والقيام بشؤون الناس ، يقال فلان قائمٌ بكذا : إذا كان حافظاً متمسكاً به .

وقال تعالى " الرجال قوامون على النساء " ، يقال : هو قِوام أهل بيته و قيام بمعنى الذي يقيم شأنهم .

وتأتي بمعنى الاعتدال والاستواء :
يقال أقمتُ الشيء و قَوَمْتُهُ .

الخلاصة :
كل هذه المعاني تجدها في القيام والإقامة .
فنقول إقامة الصلاة : بالمحافظة عليها والتمسك بها والمواظبة لها والانتصاب والعزم على فعلها والثبات عليها ومن هنا نستطيع أن نقول أن لفظة الإقامة أو القيام أو قام أو أقيموا : تعني أداء كل ما يجب .
أي أداء الصلاة بحقوقها وشروطها وأفعالها وركوعها ، وسجودها ، وخشوعها ، والتذلل بين يدي الله عز وجل ثم المحافظة عليها في جماعة ، وفي بيوت الله ، والثبات عليها والتمسك بها واستقبال القبلة ، والطهارة ، والتوقف عند آيات الله فيها . فإن كلمة " أقيموا " تشمل كل ما سبق من المعاني وهذا من بلاغة القرآن الكريم وبلاغة النبي صلى الله عليه وسلم إذ يجمعون المعاني الجليلة بلفظٍ موجز .

كذلك الأمر بالنسبة لقيام رمضان ، لأن الكلمة تشمل كل المعاني السابقة .
فيكون معنى قام : أي عزم على أداء الشهر ، فلينظر المسلم إلى قلبه وهو مقبل على رمضان ، هل عزم على الصيام والقيام والتلاوة بجد واجتهاد ، وهل أفرد لرمضان همة خاصة وإرادة جازمة.
أم يدخل رمضان كبقية الشهور بإرادة واهية هي أقرب للأماني من العمل.
ومن علامة العزيمة والهمة أنك تجد المؤمن مهمومًا قبل رمضان كيف يقلِّلُ من ساعات الصوارف والأشغال حتى يفرغ للعبادة فيه ، بعكس ضعيف العزيمة أو من لا عزيمة له فإنه ربما يفكر في كثرة الانشغال في رمضان بجلسات وسهرات ومسلسلات ومجادلات .
هل أمسك عن المعاصي والسب والشتم وقول الزور والكذب ؟

فأداء كل ما وجب في الصيام مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم داخل تحت لفظة " من قام رمضان " .
وصلاة الليل هي شيء منها قليل، لكنها ليست هي، ومَن يقتصر عليها فقط فقد فاته خير عظيم ، لأن معنى لفظة " قام " أوسع من أن يختزل في صلاة الليل .

عذرا على الإطالة فاللفظة تحمل معاني كثيرة .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخانا صالح أصلحكم الله وإيانا
يا أخانا لقد ذهبت باللفظ مذاهب شتى تبعد عن اختصاصه في الحديث
وكل لفظ يمكنك أن تذهب به كل المذاهب بحسب مقتضاه والمقام الذي سيق فيه، وإلا فلا معنى أن يكون لكل مقام مقال.
يا أخانا ما هكذا ينظر إلى اللفظ، إنما ينظر إليه في سياقه وبما يؤدي من معان في مقامه
وإلا فأخبرني عن صلاة القيام: ما المقصود بها؟
فإن قلت صلاة الليل، فما الفعل من [القيام]؟
أليس [قام]؟
بلى
فهل تجري المعاني التي ذكرتها في سياق المعنى على تعبير [صلاة القيام]؟ إن الفعل قام في الحديث اختص بالصلاة، لم يشمل عموم المعاني كما زعمت، لأن في ذلك تكلفا غير مقبول.
 
السلام عليكم ورحمة الله

الأخ محمد / أنت تقول :( يا أخانا ما هكذا ينظر إلى اللفظ، إنما ينظر إليه في سياقه وبما يؤدي من معان في مقامه)

كل المعاني التي ذكرتها لك في مقام ذلك السياق ، فلفظة " قام " تشمل كل تلك المعاني ويمكن توظيفها في رمضان بشكل جلي .

ثم تقول : ( فهل تجري المعاني التي ذكرتها في سياق المعنى على تعبير [صلاة القيام]؟

نعم تجري في تعبير " صلاة القيام " ، وما المانع من جريانها ؟!

ثم تقول ( إن الفعل قام في الحديث اختص بالصلاة ، لم يشمل عموم المعاني كما زعمت )

لماذا خصصت " قام رمضان " بصلاة التراويح مع أن اللفظ أوسع من أن يختزل في هذا ؟؟!

الفعل" قام" لم يختص بالصلاة فقط ، بل ورد في الصيام أيضاً والحديث الذي بين أيدينا حجة عليك لورود لفظة " قام رمضان " وقيام رمضان يكون كما ذكرت لك سابقاً من حضور العزيمة والاستعداد له و أداء رمضان بجميع " واجباته " إن صح التعبير من صلاة وخشوع ونية وتلاوة قرآن ومجاهدة النفس وترك قول الزور وقول الكذب وغيره ، فهذا كله من قيام رمضان .

لا شك أن قيام الصلاة تختلف عن قيام رمضان في أمور لذلك الضابط في لفظة " قيام " أداء كل ما وجب على الوجه الذي يرضاه الله تعالى عنا في تلك العبادة سواء كانت صلاة أو صيام أو غيره .

ثم إن الحديث يفسر بعضه بعضا فمرة ورد بلفظ " من صام رمضان إيماناً واحتسابا ..... " .
ومرة ورد بلفظ " من قام رمضان إيماناً واحتساباً " .
فلفظة " قام" لها معنى زائد عن معنى الصيام وهو المعاني السابقة التي بينت لك فيها ، فاحتجاجك علينا بأن الفعل لم يشمل عموم المعاني ، احتجاجٌ باطل لا وجه له ، لأن قيام كل شيء بحسبه وليس هذا مناقض لمعاني لفظة " قام " .

والسلام عليكم ورحمة الله
 
جزاك خيرا الأخ صالح، جميل ما اجتهدت فيه و جعله في ميزان حسناتك... (أول مرة، أنتبه لذلك)
 
بارك الله فيك أخت بهجة
أسأل الله أن يعلمنا وينفعنا بهذا العلم وان يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .
 
عودة
أعلى