بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم هناك بحث مهم لكاملة الكواري على موقعها
http://www.alkuwarih.com/
وقد قدم له فضيلة الشيخ سفر الحوالي
ولعل الله أن ينفعك به
وأرى أن الخلاف لفظي بين أهل السنة والحديث (خاصة) القائلين بإمكان حوادث لا أول لها وامتناعه
والسبب فيه
أن الجميع متفق على أن الله هو الاول ليس قبله شيء سبحانه
كما اتفقوا
على أن كل فرد من أفراد الحوادث مسبوق بالعدم
لكن وقع النزاع بسبب اختلاف نظرهم إلى جنس الحوادث وأنواعها أو آحادها
فوقع كلام بعضهم على الأول فقال بالإمكان
ووقع كلام بعضهم على الثاني فقال بالامتناع
ولم يتمكن بعضهم من تصور الفرق بينهما فقال بالامتناع لوضوح أن الله خالق كل شيء وأن ما سواه مخلوق خلقه الله من العدم ولعسر تصور التفريق بين جنس الحوادث وأفرادها
أما الخلاف مع أهل الكلام القائلين بإنكار الصفات أو بعضها فالخلاف ليس في هذه المسألة وحدها بل هو بعض أفراد الخلاف في أصل المسألة والتي ينكرون فيها الصفات بناء على إنكار قيام الحوادث بالله تعالى.
والأمر بحمد الله واضح جدا فالله تعالى ، لم يزل خالقا عليما، قادرا على الخلق، وهو الأول فليس قبله شيء، فلا يتصور مؤمن بكمال الله أنه الله تعالى كان في وقت غير قادر على الخلق أو كان الخلق ممتنعا عليه، فهذا لا يمكن أن يقر به مؤمن لأن الله على كل شيء قدير، سبحانه، ولا معنى لاسمه الخالق وصفة الخالق بدون إمكان قدرته على خلق المخوقات وإحداثها
فجنس المخلوقات لم يزل ممكنا في الماضي، والقول بخلافه معناه أن الخلق في وقت كان ممتنعا على الله تعالى الله عن ذلك
أما كل واحد من المخلوقات فهو مسبوق بالعدم كالسموات والأرض وبني آدم والعرش والكرسي والماء والقلم وهكذا كل مخلوق فهو خلقه الله تعالى بعدم أن لم يكن، فليس فرد من أفراد المخلوقات أزليا
وأما ما ذكرت أخي من الآيات فواضح أن المراد بالمصدر المفعول
أي بدء المخلوقات وإعادتها
فكل مخلوق فالله هو الذي بدأ خلقه بعد أن لم يكن
وليس هناك فرد من أفراد المخلوقات إلا وقد خلقه الله وبدأ خلقه سبحانه
ولا يدل هذا على امتناع وجود مخلوقات في الماضي قبله
وما أحسن كلام الإمام الشنقيطي في رحلته إلى الحج
اما بالنظر إلى وجود حوادث لا أول لها يايجاد الله ، فذلك لا محال فيه ولا يلزمه محذور لأنها موجودة بقدرة وإرادة من لا أول له جل وعلا . وهو في كل لحظة من وجوده يحدث ما يشاء كيف يشاء فالحكم عليه بأن احداثه للحوادث له مبدأ يوهم أنه كان قبل ذلك المبدأ عاجزاً عن الايجاد سبحانه وتعالى عن ذلك . وإيضاح المقام انك لو فرضت تحليل زمن وجود الله في الماضي إلى الأزل إلى أفراد زمانية أقل من لحظات العين أن تفرض ان ابتداء ايجاد الحوادث مقترن بلحظة من تلك اللحظات فإنك ان قلت هو مقترن باللحظة الأولى قلنا ليس هناك أولى البتة ، وإن فرضت اقترانه بلحظة أخرى فإن الله موجود قبل تلك اللحظة بجميع صفات الكمال والجلال بما لا يتناهى من اللحظات وهو في كل لحظة يحدث ما شاء كيف شاء فالحكم عليه بأن لفعله مبدأ ، لم يكن فعل قبله شيئاً يتوهم أن له مانعاً من الفعل قبل ابتداء الفعل ، فالحاصل أن وجوده جل وعلا لا أول له وهو في كل لحظة من وجوده يفعل ما يشاء كيف يشاء فجميع ما سوى الله كله مخلوق حادث بعد عدم ، إلا أن الله لم يسبق عليه زمن هو فيه ممنوع الفعل سبحانه وتعالى عن ذلك . فظهر أن وجود حوادث لا أول لها إن كانت بإيجاد من لا أول له لا محال فيه وكل فرد منها كائناً ما كان فهو حادث مسبوق بعدم لكن محدثه لا أول له وهو في كل وقت يحدث ما شاء كيف شاء سبحانه وتعالى
والحديث ذكر ابن تيمية أن سؤال أهل اليمن لم يكن عن جميع المخلوقات أو جنسها وإنما كان السؤال عن هذا العالم المشهود حيث قال رحمه الله:
ولكن مراده إخباره عن خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش ، كما أخبر القرآن العظيم بذلك في غير موضع ، فقال تعالى : { وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء } وقد ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء ) ، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - ان تقدير خلق هذا العالم المخلوق في ستة أيام ، وكان حينئذ عرشه على الماء .
وعلى كل حال أخي فالمسألة طويلة وفيها مباحث كثيرة لكنني مع طول تتبعي لها تبين لي أن محل النزاع ما ذكرت سابقا
وقد كتب فيها الأستاذ الدكتور جعفر شيخ إدريس كلاما نفيسا في كتابه الفيزياء ووجود الخالق بدءا من ص 128 ، طبعة المنتدى الإسلامي
وفقك الله لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.