هل تحتمل هذه الآية ... هذا المعنى ؟

عماد الدين

New member
إنضم
21/01/2004
المشاركات
106
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الموقع الالكتروني
www.al-islam.com
يقول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة :

(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ...)

كتب التفاسير أوردت معنى (تولى) أي ذهب أو أدبر عنك أو فارقك .. (على الأقل كتب التفاسير التي لدي) .. ولكن تبادر لذهني معنى آخر بعدما رأيت من أحداث (في العراق مثلا) أن هناك أناسا تنطبق عليهم الآية التي تسبق الآية التي ذكرت (ويشهد الله على ما في قلبه) .. ولكنه إذا أعطي الولاية (تولى) وحكم أخذ يفتك بالآخرين قتلا وتعذيبا وهدما حتى لبيوت الله عز وجل.

السؤال : هل يكون هذا المعنى صحيحا ؟
 
أخي الكريم:
المعنى الذي خطر ببالك لا حرج فيه فقد قال السلف به....
قال أبو السعود:
وإذا تولى أي من مجلسك وقيل إذا صار والياسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل .
قال النسفي:
أو إذا كان واليا فعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد فى الأرض باهلاك الحرث والنسل وقيل يظهر الظلم حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر فيهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد.

ولخص الشوكاني:
{ وإذا تولى } أي أدبر وذهب عنك يا محمد وقيل : إنه بمعنى ضل وغضب وقيل : إنه بمعنى الولاية : أي إذا كان واليا فعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد في الأرض والسعي المذكور يحتمل أن يكون المراد به العمل في الفساد وإن لم يكن فيه سعي بالقدمين كالتدبير على المسلمين بما يضرهم وأعمال الحيل عليهم وكل عمل يعمله الإنسان بجوارحه أو حواسه يقال له سعي وهذا هو الظاهر من هذه الآية.

بل إن تفسير تولى بمعنى الولاية قديم جدا فقد ذكره الضحاك ومجاهد كما نقرأ في تفسير البغوي:
قال الضحاك : { وإذا تولى } أي ملك الأمر وصار واليا { سعى في الأرض } قال مجاهد : في قوله عز وجل { وإذا تولى سعى في الأرض } قال إذا ولي فعمل بالعدوان والظلم أمسك الله المطر وأهلك الحرث والنسل { والله لا يحب الفساد } أي لا يرضى بالفساد قال سعيد بن المسيب : قطع الدرهم من الفساد في الأرض.
 
السلام عليكم

قد يكون سبب نزول الآية مرجحا لمعنى الإدبار والذهاب

قال الواحدي في " أسباب نزول القرآن"(قال السدي نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأظهر له الإسلام وأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإسلام، والله يعلم إني لصادق، وذلك قوله ويشهد الله على في قلبه ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله تعالى فيه (وَإِذا تَوَلَّى سَعى في الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَسلَ).

فسبب النزول هذا من مرجحات المعنى الذي يفيد بأنّ تولّى هي أدبر وذهب
 
أيهما أولى عموم اللفظ أم خصوص السبب ؟

أيهما أولى عموم اللفظ أم خصوص السبب ؟

علماء الأصول اتفقوا على : أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، اتساعا للمعنى وشمولا للحوادث المتعاقبة على مدى الزمن حتى لا يجمد المعنى عند حد واحد فيصطدم بما يطرأ على أحوال الناس ، وبالله التوفيق . [/color]
 
و قالوا أيضا إن أسباب النزول قد تفيد في تفسير الآيات ، و لا تفيد تخصيصها بما نزلت فيه ،
و لما كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ،
لأن العموم مناسب لخلود الشريعة و صلاحها لكل زمان ،
كان معنى " تولى " - في قوله تعالى : { (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل } - : الولاية للأمر و الإفساد فيه أرجح .
و العلم عند الله
 
السلام عليكم

أعرف تماما أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب--ولم أقل بغير هذا---فكلا التفسيرين آخذان بالقاعدة

فإذا قلنا تولّى بمعنى أدبر وذهب فنحن لا نتحدث عن الحادثة المعينة ولا عن الشخص المعيّن الذي تناولته أحداث القصة

وكذلك إذا قلنا تولّى بمعنى تولّى السلطة فنحن لا نتكلم عن الحادثة ولا عن الشخص المعين


أمّا بالنسبة لتفسير هذه الآيات بالذات فإنّه من الأرجح أنّ المعنى ليس تولي السلطة

لسببين

# السياق لا يحتمل المعنى--قال تعالى( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)

فلا يستقيم أن يكون المعنى --"من النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا فإذا تولّى السلطة أفسد"

إنما يستقيم القول بأن يعجبك قوله الذي يقوله أمامك ثم إذا ذهب وأدبر تصرف تصرفات مفسدة تعاكس ما قال أمامك من أقوال

تناسب واضح بين أن يكون قوله أمامك فيه خير وبين أن تكون تصرفاته عندما يتركك فيها فساد

ولا تناسب بين أن يقول أمامك أقوالا فيها خير ثم إذا تولى السلطة أفسد--

-ونسبة من يتولّون السلطة قليلة جدا ليفرد لها السياق هذا المعنى---ربما يكون معنى مقصودا بعد استفراغ كافة المعاني--أي هو من ضمن المعاني لا أرجحها


# ثمّ وأرجو أن تسعفني اللغة فلم أر استخداما لتولّى بمعنى تولّى السلطة بدون تعدية إلى مفعول به وهو الأمر أو السلطة
 
[align=justify]أشكر الإخوة جميعا على جهودهم ومشاركاتهم..

ولي سؤال للأخ (جمال) عن قوله : (فلا يستقيم أن يكون المعنى --"من النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا فإذا تولّى السلطة أفسد")

السؤال : لماذ ترى ذلك ؟ فقد يحدث كثيرا أن أناسا يقولون قولا يعجب الناس ويمنوهم بفعل الخير (كما في الحملات الانتخابية مثلا) وعندما يمسكون السلطة والحكم يهلكون الحرث والنسل .. ؟
[/align]
 
تعقيب

تعقيب

السلام عليكم
حيث أن الخلاف حول المعنى اللغوي لكلمة ( تولى ) . فنرجع إلى القاموس ، أي إلى لسان العرب ، جاء في لسان العرب :
والتولي يكون بمعنى الإعراض ويكون بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، أي إن تعرضوا عن الإسلام. وقوله تعالى: ومن يتولاهم منكم فإنه منهم} ، معناه من يتبعهم وينصرهم. وتوليت الأمر توليا إذا وليته، قال الله تعالى: { والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} ، أي ولي وزر الإفك وإشاعته.
وعليه نرى أن لفظة ( تولى ) حمّالة لأوجه من المعاني ، وهي : الإتباع ، والإعراض ، والوزر . وغيرها .وهذا ما أثبته قدماءالمفسرين .
جاء في زاد المسير في علم التفسير . لأبن الجوزي :
قوله تعالى: { وإِذا تولى }. فيه أربعة أقوال. أحدها: أنه بمعنى: غضب، روي عن ابن عباس، وابن جريج. والثاني: أنه الانصراف عن القول الذي قاله، قاله الحسن. والثالث: أنه من الولاية، فتقديره: إذا صار والياً، قاله مجاهد والضحاك. والرابع: أنه الانصراف بالبدن، قاله مقاتل وابن قتيبة.
. انتهى .
فكيف نستطيع حمل معنى دون آخر ، وهذا ليس جوابا للأخ السائل ، لآن سؤاله كان حول إحتمال تضمن كلمة ( تولى ) لمعنى الولاية ، وهو إن جردنا الآية عن سياقها ، فمقبول ، ولكنه ضعيف ، وإن قال به القدماء ، والكثير ممن تبعهم .
والسبب كما قلت آنفا هو أن كلمة ( تولى ) من المشترك .
وعليه فقد وردت بالعديد من الآيات القرآنية . وأورد بعضها للمثال لا الحصر :
قال تعالى :
{ فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } ( آل عمران -82 ) .
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }(النساء -115 ) .
{فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي ..... }( الأعراف - 79 ) .
{ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } ( يوسف - 84 ) .
{ فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ } ( القصص - 24 ) .
{ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } ( النجم - 29 ) .
والذي يكاد يطرد في القرآن لمعنى كلمى ( تولى ) هو الإعراض ، أو التولي من الموالاة .
وإن كان هذا ليس شرطا في إلزامها معنى دون غيره . ولا تحميلها معنى الإعراض في الآية موضع الخلاف .
إلا أن ما أوردته كان لتبيين أنه من الخطأ ، حين البحث في هذه الآية الركون إلى المعنى اللغوي وحسب ، لأن في ذلك تحيير لمُتـَلـَـقِي التفسير ، حيث لا يستطيع حمل رأي دون آخر ، هذا فضلا عن المفسرين . وهذا ما حصل .
فكان لا بد من اللجوء إما إلى أسباب النزول ، وقد كفيتمونا إياها ، أو القول بالعموم وقد ذكرتموه ، وبالنسبة للعموم ،فهو وجه مقبول وذلك لأن القرآن لكل زمان ومكان ، فينطبق على كل من تولى واعرض عن الحق .
وهنا كما ترى لا نستطيع حتى الآن أن نميل مع أحد الآراء .
أما وعن تحميل ( تولى ) معنى الولاية فهو هنا ما أُضعِّفهُ ، وإن كان من عموم لفظها ، أن الحاكم المتولي لزمام الأمور قد يتولى عن الحق ، وقد لا يتولى عن الحق ،ولكنه يبقى متوليا أمور المسلمين .
وهنا لم يبق إلا سبيل واحد نفهم به مراد الله عز وجل من هذه الآية ، وهو السياق ، السياق القرآني .

قال تعالى :
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) } البقرة .

إذن ، السياق القرآني يبين لنا بوضوح التمايز بين فريقين من الناس ، فريق منافق يخاصم الله ، ويقطع الطريق ، ويفسد ، ويهلك .... الخ .
وفريق مؤمن يبيع نفسه لله ابتغاء مرضاته .
وهنا يظهر المعنى المقصود ، بكل وضوح ويسر .
بإنه الإعراض عن الرسول بالبدن والقلب . أي على الحقيقة ، والمجاز .
أما عن الولاية ، واحتمال كونها تدخل تحت هذه الآية ، وإن كان المفسرين القدماء قد قالوا بهذا ، فهو مما يُعد من آرائهم ، وليس هو مما تنزل الوحي به على محمد صلى الله عليه وسلم . وهو كما أسلفت وجه ضعيف .
ونحن إذ ننظر في آرائهم ، نقوم بمحاكمتها تبعاً لللغة والسياق وأسباب النزول ، ثم نتخير الوجه الأقرب ، وهذا ليس قدحا فيهم ، بل هم مأجورون ، وإنما ترجيح تفسير على تفسير وذاك من معين علمهم ، وسابق فضلهم ، ليس إلا .
وما لنا نحن سوى أن نقتبس من هذا القِمَطـْـرِ الثمين ، درر العلم المكنون .
 
* الفعل " تولى " يحتمل المعنيين ، كما قال كثير من المفسرين ، قال الإمام البيضاوي (ت 685 هـ) في تفسيره " أنوار التنزيل وأسرار التأويل " :

- قوله تعالى :
{ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ }

قال :
( { وَإِذَا تَوَلَّىٰ }: أدبر وانصرف عنك. وقيل: إذا غلب وصار والياً. { سَعَىٰ فِى ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ } كما فعله الأخنس بثقيف إذ بيتهم وأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم، أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإِتلاف، أو بالظلم حتى يمنع الله بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل. { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ } لا يرتضيه فاحذروا غضبه عليه ) . انتهى النقل .

- و ما دام الاحتمالان واردين ، فيؤخذ بأحدهما في الحال و المحل المناسبين لمعناه .
 
خاطرة ولا اقول في القران برأي اقول والله اعلم كما هو واضح من اطراد هذا اللفظ(تولى) في القران انه اذا تعدى لمفعول يكون بمعنى الولاية مثل تولى كبره واذا لم يتعدى لمفعول يكون بمعنى أدبر وذهب عنك وذهابه بعيدا عن جماعة المؤمنين لابد ان يفسد ويهلك الحرث والنسل سواء كان حاكما ام محكوما فهو في حالاته مفسد ولايتوقف الفساد على كونه واليا وهذا اعم واشمل واقرب الى الواقع فكثيرون هم المفسدون اذا تركوا وشأنهم وربما يكون في الاية اشارة الى التخويف من ترك هؤلاء وتعقبهم في اي موقع وحالة يكونون عليها والله اعلم
 
عودة
أعلى