هل تجوز كتابة المصحف بغير الرسم العثماني ؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أخوكم
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
بسم الله الرحمن الرحيم
رسم المصحف وقع باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم ، ولم تكن الصفة التي ترسم عليها الكلمة مما تلقاه الناس عن الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم ، إنما سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكتبها الكتبة على الصفة التي سمعوها ، لم يخرجوا بكتابتهم عما سمعوا ، وكان ما رسموا عليه حروف الكلمة بما أوتوا من المعرفة بأصول الكتابة ، لا بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهم ذلك.
وغلط من ظن أن رسم الكلمة كان بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم ينقل ذلك في شيء من الأخبار الثابتة أو شبه الثابتة.
ومما يدل على رجوع ذلك إلى اجتهادهم ، قول عثمان بن عفان رضي الله عنه للرهط القرشيين الثلاثة الذين كانوا يكتبون المصحف مع زيد بن ثابت (عبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام): إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن (وفي رواية : في عربية من عربية القرآن) فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا).
وهذا هو الوجه في نسبة رسم المصحف إلى عثمان ، لأنه وقع بأمره وإشرافه ، ثم أجمع المسلمون عليه فصاروا لا ينسخون مصحفاً إلا على رسمه. ومن الطرائف أنني سألت الطلاب يوماً عن سبب تسمية الرسم بالعثماني فأجابني أحدهم بأنه نسبة للدولة العثمانية!
ومذهب الجمهور من السلف والخلف وجوب المحافظة على ذلك الرسم في كتابة أو طباعة المصحف ، ولا يحل تغييره بتغير طرق الإملاء والهجاء ، وذلك صيانة للقرآن من تصرفات النساخ والطابعين.
ومن الآثار المشهورة في ذلك قول أشهب بن عبدالعزيز : سئل مالك بن أنس ، فقيل له : أرأيت من استكتب مصحفاً اليوم ، أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم ؟
فقال : لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكتبة الأولى .
وقد علق على ذلك الإمام أبو عمر الداني رحمه الله بقوله : ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة.
وهذا المنع من علماء الأمة مالك وغيره خشية أن تؤدي الرخصة في ذلك إلى الجرأة على القرآن ، وهذا مأخذ صحيح.
وسأضرب لذلك مثالاً:
أذكر في جامعة الإمام أنه كانت تكتب كلمة (شؤون الطلاب) هكذا (شئؤن الطلاب) ثم ورد تعميم من مدير الجامعة آنذاك الدكتور عبدالله التركي وفقه الله بأن الكتابة الصحيحة هي (شؤون الطلاب). فتم تغييرها على الرأي الجديد. فهذه مسألة واحدة من مسائل الهمزة المختلف في كتابتها تتغير. كل له رأي يذهب إليه ، فلو كان القرآن يكتب على الإملاء الحديث لرأيت تغييرات كل سنة. فهل تعاد طباعة المصحف كل ما جد رأي في رسم الهمزة أو غيرها من الحروف ؟ لا شك أن في هذا فتحاً لباب العبث بكتابة المصحف. ولذلك فهذا الرأي هو الأولى بالاتباع إن شاء الله.
وهناك من لا يرى بأساً في كتابة المصحف على ما جرت به قواعد الإملاء الحديثة اليوم ، يحسبون ذلك أيسر لتلاوة القرآن ، وهذا منهم رأي يؤجرون عليه ، ولم يوافقهم عليه من يعتد به فيما أعلم ، فإنا نرى في عامة المسلمين من لا يحسن القراءة ، بل لا يعرفها ، إلا في المصحف ، ونرى ما ضبط عليه المصحف محققاً للمقصود على أحسن وجوهه ، فحيث انتفت المصلحة الراجحة في ذلك ، واحتملت المفسدة ، بل ترجحت ، فإن القول بالمنع أظهر وأبين.
كذلك في تميز المصحف في خطه ورسمه عن سائر الكتب خصوصية لكتاب الله ، ولو كتب على نمط سائر الكتب لذهب عنه ذلك الاختصاص ، وهذه مصلحة أخرى تنضم إلى سابقتها لا يصلح تفويتها.
وما تقدم أخي الكريم من وجوب المحافظة على الرسم فهو عند كتابة المصحف ، أما اقتباس الكتَّاب والمؤلفين الآية والآيات فليس هناك ما يوجب الوقوف عند رسم المصحف في ذلك النص المقتبس ، إذ ليس له خصائصه ، ولم يزل علماء الأمة منذ القديم كما وجد في المخطوطات القديمة وإلى اليوم لا يلتزمون الثبات في ذلك على الرسم.
 
الله يشكر لك فضلك أخي الكريم عبدالرحمن الشهري ، وما قصرت الله يعطيك العافية

فكلامك بالجملة صحيح إن شاء الله خاصة ما يتعلق بفتح الباب للتغيير كل بعد فترة حسب الاجتهادات التي تستحدث .

وقد كان أحد اسباب سؤالي وجود بعض الكلمات التي رسمت بالخط العثماني والتي فيها احتمال الخطأ كبيرا ، مثل كلمة " إذن "

فإنها مكتوبة في الرسم العثماني إذاً

والإشكال يتبين فيما لو توقف القارئ عندها فهل ينطقها ألفا أم نونا ؟

مثل قوله سبحانه :

وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ

ومهما أشكلت فالحمدلله على وجود محكم يرجع إليه وهو " القراءة المسموعة "

وتقبل مني خير تحية وأكرر : جزاك الله مني كل خير
 
عودة
أعلى