هل ان المسلمين بحاجة إلى تفاسير كبيرة ؟

البهيجي

Well-known member
إنضم
16 أكتوبر 2004
المشاركات
2,362
مستوى التفاعل
65
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين ورضي الله تعالى عن صحابته الكرام .
من الواضح في أحوال المسلمين قلة طلبة العلم بالنسبة الى أعداد المسلمين الكبيرة وكذلك قلة طلبة العلم الذين يرغبون بدراسة علوم القرآن ، ولكي
نتغلب على ذلك ، أرى أن على أهل العلم أن يبسطوا تعليم العلوم الشرعية وخاصة علوم القرآن وأخص بالذكر التفسير وادواته ، ومن ذلك أن تنهض
الجهود إلى إختصار وتهذيب كتب التفسير الكبيرة واستخراج الفوائد والنكت القيمة منها ، وترك تأليف كتب التفسير الكبيرة مثلا عشرة مجلدات أو أكثر
وذلك لقلة الاهتمام والرغبة لدى طلبة العلم ولقلة الوقت لدى اهل العلم وطلبتهم ...ارجو من حضراتكم الحوار الهادىء البناء حول الموضوع وفقنا الله تعالى واياكم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن المشاريع التي أراها مفيدة وكبيرة :
1- الفوائد الذهبية من تفسير الطبري .
2- الفوائد المستخلصة من تفسير القرطبي .
3- موجز الاستدراك على تفسير الرازي .
4- ملخص استدراك الآلوسي على المفسرين .
والله تعالى اعلم .
 
السلام عليكم ما ذكرتم من ضعف همم الغلمان والرغبة عن التعمق في فنون القرآن صحيح ولكن التفاسير المختصرة والوجيزة والبسيطة موجودة بكثرة للعوام والمبتدئين، وكذا التفاسير الوسيطة لطلبة العلم والمثقفين وأيضا المبسوطة المطولة لأهل العلم والنظر من علماء الأمة، وكذلك الأمر فيما يخص كتب علوم القرآن.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ العزيز إنما قصدت المؤلفات المتميزة
التي ذكرتها أعلاه ومثلها والله تعالى أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ونذكر ملاحظة مهمة وهي تتعلق بالإجابة عن سؤال ( لو أمكن أن تطلعوني على تفاسير موثقة ومحققة للقرآن الكريم قد حققها علماء ثقات وذلك حتى أعتمد عليها في تدريس الطلاب بعد اعتمادي على الله تعالى )
( فإن كتب التفسير مختلفة من حيث الاهتمام من مفسر لآخر، فهناك كتب تفسير بالمأثور مثل تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وهو يحوي زبدة تفسير الطبري، أو أحد مختصرات ابن كثير مثل (عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير)، للشيخ أحمد شاكر أو (تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير) للشيخ محمد نسيب الرفاعي، وكذلك من التفاسير المقررة لمنهج أهل السنة والجماعة، ويناسب المبتدئين في طلب العلم، كتاب (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) للشيخ السعدي. وكذلك تفسير أضواء البيان للعلامة الأمين الشنقيطي فهو تفسير رائع ويهتم بتحقيق المسائل المتعلقة بالعقيدة، وكذلك كثير من المسائل الفقهية المختلف فيها. وإن كان هو لم يتعرض لتفسير كل القرآن. وكذلك تفسير القرطبي فإنه من أحسن كتب التفاسير ولاسيما في مجال أحكام القرآن وبيان معاني ألفاظه وكلماته اللغوية، وقد نهج منهج أهل السنة والجماعة في كثير من مسائل العقيدة، ووافق بعض الأشاعرة في تأويل بعض آيات الصفات، فينبغي مقارنة ما يذكره في آيات الصفات بما يذكره المفسرون الذين تحروا التمسك بمنهج السلف كابن كثير أو غيره. وكذلك فتح القدير للشوكاني فهو جيد، وكذلك مختصره زبدة التفاسير للشيخ الأشقر )
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/111051/تفاسير-هامة-يحسن-دراستها-وتدريسه
والله تعالى أعلم .
 
السلام عليكم أخي الفاضل (البهيجي) وعيد مبارم سعيد، وبعد: عملا بنصيحتكم أخدت نفسا عميقا وبهدوء شديد أقول قرأت عنوان موضوعكم ثم قرأت مداخلاتكم، ووجدت أن لا علاقة تربطهما ببعض فإما تعدل العنوان ليناسب المداخلات أو تعدل المداخلات وذلك حتى يكون تفاعلنا منهجيا وبناء فأمهات التفاسير المطولة تقريبا كلها اختصرت وبعضها له أكثر من ملخص والكثير منها موجود على النت، ووتفاسير السلف والخلف المختصرة والوجيزة والبسيطة كثيرة أيضا وأغلبها موجود على النت؟ والحاجة إلى التفاسير الموسعة وأيضا الوجيزة قائمة فليس كل الناس سواء في الهمم ولكل نطلب، ولكن أرى أننا بحاجة إلى جمع ودراسة كل ما ألف في التفسير فنحصر الأقوال وننسبها لقائليها ومن أيدها ومن عارضها وما هي أدلتهم ثم الترجيح بينها إن لم يمكن الجمع مع التنبيه إلى الآراء الشاذة وبدع التفاسير وكذا ما بني على أحاديث مردودة لشدة ضعفها أو أو لا أصل لها أو وضعها فما بني باطل فهو باطل، ونعتمد على الترتيب التاريخي حتى نتجنب التكرار وهذا لا يمنع أن نشير في الهامش لأحسن تلخيص لفكرة مطولة أو العكس أفضل شرح لفكرة ملخصة فالأول يقينا التشويش والثاني يفيدنا الإفهام، هذا مع حذف الدخيل مع مراعات جمعه وتدوينه مستقلا في مؤلفات موضوعية حتى لا يضيع علم كثير في شتى الفنون من آدب وبلاغة ونحو وصرف ولغة وتاريخ وسيرة وفقه ... إلخ كل هذا مع مراعات حسن الترتيب والتبويب في التصنيف وبعد ذلك نستخرج من هذا التفسير الجامع المبسوط تفسيرا وسيط يجمع الأقوال دون نسبة ودون أدلة ودون هوامش ومن هذا الوسيط نستخلص تفسيرا بسيطا يذكر فقط القول الراجح دون نسبة أو استدلال أو هوامش ويطبع بهامش المصحف أما التفسير الجامع المبسوط فينبغي أن يكون جامعا بين الرواية والدراية وفق المنهج التحليلي المقارن ثم يكون هناك جمع ثاني يعنى بالتفسير الموضوعي كالصبر في القرآن والخير في القرآن الحب في القرآن ... إلخ وذلك أنني لحظت أن أغلب التفاسير لا حاجة لها فهي نقل عن نقل وجمع عن جمع بل في الموجود قبلها الكثير مثلها وأفضل منها وأقول قولي هذا عن استقراء شبه تام فقد تيسر لي مطالعة مائات التفاسير تقريبا خمسمائة تفسير وسأذكر بعضها في مداخلة مستقلة.
 
  • قائمة ببعض التفاسير المطبوعة والتي تصفحتها شخصيا
  • أحكام القرآن إلكيا الهراسي
  • أحكام القرآن لابن العربي المعافري المالكي (ت 543 هـ)، 4 ج.
  • أحكام القرآن لابن الفرس
  • أحكام القرآن للبيهقي
  • أحكام القرآن للجصاص
  • أحكام القرآن للقشيري
  • أحكام من القرآن الكريم محمد بن صالح العثيمين 2 م
  • إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم تفسير أبي السعود
  • الأساس في التفسير، لسعيد حوى (ت 1409 ه)، دار السلام – القاهرة، ط/6- 1424 هـ، 11 م.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذ الكريم امصنصف كريم إن الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع هو بقاء الحال على ما هو عليه
من كتابة تفاسير كبيرة تحتاج إلى تحقيق ونظر لكي تتخلص من الأخطاء السابقة الموجودة في التفاسير القديمة ، والمشكل في
ذلك الاختصاص فمن الغريب أن يكتب أحد المشايخ أو الاساتذة من إختصاص الفقه أو الحديث تفسيراً جديداً ولا يعرضه على
أهل الاختصاص بالتفسير لكي يقومه وينصح كاتبه بتوضيح بعض المسائل وإختصار أخرى وخاصة تلك المتعلقة بتخصص التفسير .
الاستاذ العزيز أما ما ذكرته من مختصرات لتفاسير طويلة فهي الأخرى بحاجة إلى نظر ودراسة لإن البعض منها يتكاسل عن البحث
المعمق لحل مشكلات تفسيرية تستحق المراجعة والتصويب والله تعالى أعلم .
 
إذن أقترح عليك جمع الاشكالات التفسيرية في موضوع مستقل وطرحها بالمنتدى وفق منهجية محددة مسبقا ليستدرك عليها غيرك وبعد حصرها وتهذيبها وترتيبها وترقيمها إن شاء الله يتم طرح موضوع جديد عنوانه حل الإشكالات التفسيرية فيدلوا كل بدلوه لعله يكون فاتحة خير.
وأما التصحيح لما وقع في أمهات التفاسير من أخطاء فيجب تصنيفها هل هي أخطاء النسخ والطبع أم أخطاء علمية: كالخطأ في التوثيق بنسبة الأقوال لغير قائليها أم في الحكم على الحديث تصحيحا وتضعيفا وقفا ورفعا ...إلخ أم عقدية (أقصد كوارث المتصوفة وبعض زلات العلماء الأجلاء مع مراعات الخلاف المذهبي بين من يسمون بالأشاعرة ومن يسمون أهل بالسنة والجماعة، ولا ننسى التفاسير التي تناقض العلم الحديث. وبالمثال يتضح المقال فقد ذكرت في تفسيري لآية ظهور الفساد من سورة الروم عند حصر أقوال العلماء في معنى الفساد بالآية ما لم يسبقني له أحد حسب علمي والله أعلم في التعليق على ما تناقلته أمهات التفسير ومن نقل عنها من السلف والخلف فقلت:
الوجه الثالث: الفساد: "الجدب وقحط المطر وقلة النبات والعشب([1]) وذهاب البركة"، قاله يحيى بن سلام وعطية،...


([1]) هذا في البر أما في البحر فقيل: "إذا لم يمطر عميت [الحيتان و] دواب البحر"، وينسب إلى زيد ابن رفيع رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره المسند ح: 17501، ص: 3092، (انظر موسوعة التفسير بالمأثور، وقارن بتفسير: السمعاني، والآلوسي، والشربيني، وابن كثير، وتفسير الدر المنثور للسيوطي). (قلت): ودواب البحر هي: كل ما لا يبيض، وليس له سنبق؛ كالحيتان (ومنها: العنبر)، وسمك القرش، والدلافين، والسلاحف البحرية؛ ومعنى ذلك أن بعض الكائنات البحرية تعتمد على هطول الأمطار للحصول على الماء العذب الذي تحتاجه للحفاظ على صحة عيونها. وإذا لم تمطر في البحر، قد لا تحصل هذه الكائنات على كمية كافية من الماء العذب، مما قد يؤدي إلى جفاف عيونها وإصابتها بالعمى. وهي معلومة غير موثقة علميا. وبشكل عام، لا تتعرض الكائنات البحرية لخطر الإصابة بالعمى بسبب عدم هطول الأمطار في البحر، لأن العمى ناتج عادة عن مشاكل في العين نفسها أو في الجهاز البصري، وليس بالضرورة عن طريق الأمطار، والله أعلم. هذا ويذكر هنا -أيضا- بعض المفسرين أن من الفساد الواقع في البحر قلة استخراج اللؤلؤ من أصداف المحار في قاع البحر لقلة المطر، قال السمرقندي في تفسيره عن: "عطية العوفي (ت 160 هـ) ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ﴾، قال: ظهور الفساد قحوط المطر. قيل له [فضيل بن مرزوق]: هذا فساد البرّ، فما فساد البحر؟ قال: إذا قلّ المطر، قل الغوص" اهـ، (وأخرجه الطبري مختصرا في تفسيره، وذكر مثله السيوطي في الدر المنثور، وابن الجوزي في تفسيره، وحكى نحوه كل من ابن حيان والثعلبي) -وعلى هذا المراد بالبحر: بحر الماء لا القرى، كذا علق على الخبر الواحدي في تفسيره البسيط-. (قلت): لعل عطية يشير إلى الأثر الذي رواه الطبري في تفسير سورة الرحمن مِنْ غير وجه: "عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرازي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إن السماء إذا أمطرت، فتحت ‌الأصداف أفواهها، فمنها اللؤلؤ»، وفي رواية: «إذا نزل القطر من السماء تفتحت الأصداف فكان لؤلؤا»، وفي أخرى بلفظ: «إن السماء إذا أمطرت تفتحت لها ‌الأصداف، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ»"، وجاء نحوه في تفسير ابن كثير لسورة الرحمن: "عن ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشُ عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ فَتَحَتِ ‌الْأَصْدَافُ فِي الْبَحْرِ أَفْوَاهَهَا فَمَا وَقَعَ فِيهَا، يَعْنِي مِنْ قَطْرٍ فَهُوَ اللُّؤْلُؤُ»". قال ابن كثير: "إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ"، وقارن بالتفسير الصغير للكواشي. (قلت): لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن، وعليه فإن معناه لا يصح وإن صح إسناده، إذ ثبت علميا أن اللؤلؤ يتشكل نتيجةً لدخول جسمٍ غريبٍ إلى جوف المحارة -بفعل ترسب حبوب الرمال مثلا بين قشرة صدفتها وغلافها اللّحمي الرخو- حيث تتجمع لتصبح مادة مهيجة، فتبدأ المحارة باستشعار وجود حبيبات الرمال، ولأجل أن تحمي المحارة نفسها من هذا الدّخيل الصّغير، تحيطه فورا بإفراز مادّةٍ كلسيّةٍ -دفاعية هي نفس المادة التي تشكل الصدفة- لتغطيه طبقة بعد طبقة، وعندما يتم تراكم الطبقات فإن اللؤلؤ يتكون بعد سنتين إلى خمس تقريبا.
 
عفوا بعض الأخطاء في الآيات والشكل ظهرت تلقائيا بعد الرفع وغير موجودة بالأصل سوى مراعات فهي خطأء (مضبعي) لم أنتبه له عند الرقن والصواب مراعاة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا الأستاذ الكريم
أما بعد للإجابة على سؤالي : ( هل أن المسلمين بحاجة إلى تفاسير مطولة ؟ )
لا يحتاج عامة المسلمين تفاسيراً طويلة بل يفضلون تفاسيراً مختصرة تعرض لهم زبدة الأقوال وأصحها ، وهذا الأمر يقودني
إلى النظر بالضوابط التي يجب أن تتوفر في المختصرات وهو موضوع سأتطرق له لاحقاً بعون الله تعالى .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب التالي يدرس موضوع الاختصار في علم التفسير
(

الاختصارُ في التَّفسير​

book

علي بن سعيد بن محمد العمري

عنوان الكتاب: الاختصارُ في التَّفسير
اسم المؤلِّف: علي بن سعيد بن محمد العمري
الناشر: كرسي القرآن الكريم وعلومه - جامعة الملك سعود - الرياض
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1436هـ
عدد الصفحات: 333
التعريف بموضوع الكتاب:
لقد نَهَج علماءُ المسلمين في التأليف مناهِجَ مختلفةً، سواءٌ في الصِّياغة أو في البِناء والمؤلَّف، ومن مناهجِهم التي ساروا عليها في مؤلَّفاتِهِم: الاختصارُ، وتناولوا بالاختصارِ جميعَ الفنون والمجالات.
ومن بين هذه المجالات تفسيرُ القرآن الكريم؛ فهو مِن أكثر المجالاتِ التي حدَث فيها الاختصارُ؛ فالمخْتَصَراتُ في التفسير قد احتلَّتْ مكانةً عاليَةً ومنزلةً سامِيَةً بين تلك المؤلَّفَات.
ولَمَّا كان الاختصارُ هو تقليلَ الكلام وحَذْف فُضولِه، والاقتصار على عُيونِه؛ فإنَّ تفسير القرآن في عصر السَّلَف كان مبنيًّا على الاختصارِ والاقتصار على بيان الآيات المُشْكلَة التي يَكْثُر السؤالُ عنها، ثم لم يَزَلْ يتَّسِع الكلامُ في تفسير آيات القرآن حتى شَمِلَ جميعَ آيات القرآن.
ومع طُولِ الزَّمان زادتِ التَّفاسيرُ المطَوَّلَةُ والمخْتَصَرَة، وقام بعض المفَسِّرينَ باختصار بعض التَّفاسير المطَوَّلَة لأغراض متعدِّدَة، وقد كَثُرت هذه المخْتَصَراتُ في التَّفسير حتى أصبح طالبُ العِلْم في حاجةٍ لدِراسة علمِيَّة لهذه المختَصَرات تُبَيِّنُ المنهجَ العِلميَّ المتَّبَع في الاختصار، وضوابطَه وقوانينَه.
وكتاب هذا الأسبوع هو إضافَةٌ لمناهج التأليف في التَّفسير؛ من حيثُ ذِكْرُ المختَصَرات، وأسباب الاختصار، وأغراضُه، وشروطه، وفوائدُه وعيوبُه، وأثرُه في التَّفسير، إلى غير ذلك ممَّا يتعَلَّقُ بهذا المبحث.
وقد قسَّم الباحِثُ كتابَه إلى قِسمينِ: قِسْم نظري لدِراسة الاختصارِ في التَّفسير عمومًا، من حيثُ مَفهومُه، وأسبابُه، وأنواعُه، وشروطُه، وفوائِدُه وعيوبُه، وأثَرُه.
والقِسْم الثَّاني: خَصَّصَهُ لدِراسةِ كتابَينِ مِن أشْهَرِ مختصراتِ التفسير وأقدَمِها؛ وهما: تفسير ابن أبي زَمَنِينَ الألبيري الذي هو مختصرٌ لـتفسيرِ يحيى بن سلَّام البصري، والذي يُعَدُّ تفسيرُه من أَقْدَمِ كُتُب التفسير التي فَسَّرَتِ القُرآنَ كاملًا. والكتاب الثاني: هو تفسير البَغَوِيِّ الذي هو مُخْتَصَرٌ لكتاب لتفسيرِ (الكَشف والبيان) لأحمد الثَّعلبي.
وجاءتْ الدِّراسَةُ النَّظريَّة في تمهيد، وأربعة فصول؛ ذكَر في التمهيدِ طُرُقَ التَّصنيف ومقاصِدَه.
ثم شَرَعَ في الفصل الأوَّل: يُبَيِّنُ مفهومَ الاختصار، والفَرْق بينه وبين التَّهذيب والتَّلْخيص، والانتقاء والاستصفاء، وذَكَرَ صُوَرَ الاختصار وأشكالَه، وذكَر أقوالَ العلماء فيه بين مُؤَيِّدٍ ورافضٍ له، ومَن له شروطٌ وضوابطُ، ثم ذَكَرَ المؤلِّفُ رأيه، وخَلُصَ إلى أنَّ الاختصار مسموحٌ به إذا توافرتْ فيه الشُّروطُ والضَّوابِطُ اللازِمَة لذلك.

وفي الفصل الثاني: تناوَلَ أسبابَ الاختصارِ وأنواعَه وأصنافَ المُختصِرينَ، وقسَّمَ الأسباب إلى أسبابٍ عامَّةٍ ذاتِ طابَعٍ شُمُوليٍّ؛ مِثل: مَيْل أكثر النُّفوس إلى الإيجاز والاختصار، واختلاف العُصُور، وذَكَرَ من الأسباب الخاصة: طُولَ الكتاب، أو أنَّ الكتابَ يَشتمل على العقائد الفاسِدَة، أو على الإسرائيليَّات والأخبار الواهِيَة؛ ممَّا يكون دافعًا للاختصار.

ثم ذكَر أنواعَ الاختصار، وأصناف المخْتَصِرينَ، وذكر تحتَ أصنافِ المخْتَصِرينَ المؤلِّفَ نَفْسَه، أي: صاحِبَ الكتاب الأصلي، وضرَب أمثلة لذلك؛ كاختصار المهدويِّ كتابَهُ في التفسيرِ "التفصيل الجامع لعلوم التنزيل"، وسَمَّى المختَصَر "التَّحْصيل من التَّفْصيل"، ومن أصناف المختَصِرينَ تلميذُ المؤلِّف أو أحد مُعاصِرِيه، ومن أمثلته تفسير "الدُّرُّ اللَّقِيط" لتاج الدين أحمد ابن عبد القادر الحنفي، اختصَره من كتاب "البَحْر المحيط" لشيخه أبي حيَّانَ الأندلسيِّ.

وتناوَلَ في الفصل الثالث شُروطَ الاختصارِ وضوابِطَه وفوائِدَه وعُيُوبَه وسلبيَّاتِه، وذكَر مِن ضِمن الشروط: الكفاءةَ في المختَصَر، وحَذْفَ الانحرافات الموجودة في الكِتاب الأصلِ، وعَدَم تغيير ترتيب الكتاب المختصر…، وغيرها من الشُّروط.

وذَكَرَ من فوائد الاختصارِ: الإبقاءَ على المُهِمِّ، وتسهيلَ الحِفظ وتيسيرَه، وتَقْريب الكلام للفَهْم، وغيرَها من الفوائِد المذكورة.

ثم ذَكَر عُيوبَ الاختصار، ومِن أبرزها: أنَّ الاختصار قد يؤدِّي إلى الغُموض والإلغاز. ومنها: أنَّ الاختصارَ قد يُصْبِحُ مجالًا للاجتراء على كتب السَّابقينَ، ومنها: أنَّ الاختصار قد يُؤدِّي إلى ضياع جُهْد مُصنِّف الأصل، وغيرها من العيوب التي ذكرَها المؤلِّف.

ثم تناول في الفصل الرابع آثارَ الاختصار، ووضَّحَ فيه آثارَ الاختصار التَّفسيريِّ، والحديثيِّ والإسناديِّ، والعَقَديِّ، والفِقْهيِّ، واللُّغَوي.

وجاءَ القسمُ الثاني في بابين:

الباب الأوَّل:
تناوَلَ تفسير يحيى بن سلام ومُخْتَصَره تفسير ابن أبي زَمَنِينَ، واشتمَل على أربعةِ فصول؛ تناوَلَ في الفصل الأول الإمامَيْنِ يحيى بن سلام وابن أبي زَمَنِينَ وتفسيرَيْهما؛ بدأ فيه بالتَّعْريف بالإمام يحيى بن سلام تَعريفًا مُوْجزًا، ومنهجه في التفسير، ثم عرَّف بالإمامِ ابن أبي زَمَنِينَ تعريفًا موجَزًا، ومنهجه في التفسير.

وفي الفصل الثاني: وازَنَ المؤلِّفُ بين الأصل والمختَصَر في جانبِ التَّفسير بالمأثور؛ في تفسيرِ القرآن بالقرآن، وفي تفسير القرآنِ بالسُّنة، وفي القِراءات، وفي أقوال الصَّحابة والتابعين، وفي الإسرائيليَّات، وفي الجانبِ العَقَديِّ.

وممَّا خَلُصَ إليه المؤلِّفُ في الموازَنَة بين الأصل والمخْتَصَر في الجانبِ العقديِّ: أنَّ ابنَ أبي زَمَنِينَ يَحذف المسائِلَ التي يستطْرِدُ يحيى بن سلَّام في ذِكْرها عند تفسيره للآيات، ويَكتفي بما له عَلاقةٌ مباشِرَة بالآية، كما أنَّه يحذف الأدِلَّة التي يستدِلُّ بها يحيى على ما يذكره من مسائلَ، أو يحذف أكثرها مكتفيًا بالقليل منها، وهو أيضًا يَكتفي بإيرادِ مَنْهَجِ أهل السُّنَّة والجماعة في الأسماء والصِّفات دون إطالةٍ.

وفي الفصل الثالث: وازَنَ المؤلِّفُ بين الأصل والمختَصَر في جانبِ التفسير بالرَّأي؛ في المباحِث اللُّغَوِيَّة، وفي المباحِث الفِقْهِيَّة.

أمَّا في الفصل الرابع: فقد تناوَلَ قواعِدَ الاختصارِ عند ابن أبي زَمَنِينَ، ووضَّح فيه قواعِدَ الاختصار في جانب التَّفسير بالمأثور؛ ومنها: حذْف الآيات المفسِّرة الوحيدَة التي يَذكُرها يحيى بن سلَّام نظيرةً للآية التي يُفَسِّرُها. ومنها: الاكتفاءُ بذِكر أقوال أئمَّة التَّفْسير دون ذِكْر أسمائهم.

كما ذكَر قواعِدَ الاختصار في جانب التفسير بالرَّأي، ومنها: إيرادُ القول الفقهيِّ الذي ذكَرَه يحيى بن سلَّام دون ذِكْر الأدِلَّة التي ذكرَها. ومنها: حَذْفُ المسائِل الفقهِيَّة الخارجة عن المعنى المباشِرِ المرادِ من الآية.

و الباب الثاني : كان الحديثُ فيه عن تفسيرِ الثَّعْلبي ومختَصَره تفسير البَغَوي، وتضمَّن أربعةَ فصول؛ الفصل الأول: كان عن الإمامَيْنِ الثَّعْلبي والبَغَوِيِّ وتفسيرَيْهِما؛ بدأ فيه بالتعريفِ بالإمامِ الثَّعلبي تعريفًا مُوجَزًا، ومنهجه في التفسير، ثم عرَّف بالإمام البَغَويِّ تعريفًا موجزًا، ومنهجه في التفسير.

وفي الفصل الثاني : تَحَدَّث عن الموازَنَةِ بين الأصل والمختَصَر في جانب التفسير بالمأثور؛ في تفسير القرآن بالقرآن، وفي تفسير القرآن بالسُّنة، وفي القراءات، وفي أقوال الصَّحابة والتابعين، وفي الإسرائيليَّات، وفي الجانب العَقَديِّ.

وممَّا خَلُصَ إليه المؤلِّفُ في الموازنة بين الأصل والمختصر في الجانب العقديِّ: أنَّ البَغويَّ يختصرُ المباحِثَ العَقَدِيَّة التي يَذكُرها الثعلبيُّ في تفسيره؛ إمَّا بِحَذْفِها أو بِذِكْر بعضها مع عِنايته بحُسْن ترتيبِ المسائِلِ وعَرْضِها، كما أنَّه يَخْتَصِرُ الرُّدودَ التي يذكرها الثعلبيُّ على المبتدِعَة والفِرَق الضَّالَّة.

أمَّا في جانب الأسماء والصِّفات فإنَّ البغويَّ يُرَجِّحُ مذهبَ أهل السُّنَّة والجماعة غالبًا، وقد يُؤَوِّلُ تبعًا للثعلبيِّ في بعضِ المواضع.

وفي الفصل الثالث: وازَنَ المؤَلِّفُ بين الأصل والمخْتَصَر في جانبِ التَّفْسير بالرأي في المباحث اللُّغَوِيَّة، وفي المباحِثِ الفِقْهِيَّة.

أمَّا في الفصل الرابع: فقد تناوَلَ قواعِدَ الاختصار عند البغويِّ، فوضَّح فيه قواعِدَ الاختصار في جانبِ التَّفسير بالمأثور؛ ومنها: الإبقاءُ على ما ذَكَره الثعلبيُّ من تفسير القرآن بالقرآن في الجُملةِ مع تقليل الآياتِ المفَسِّرَة عند تعدُّدها في موضع واحد. ومن هذه القواعد أيضًا: ذِكْر آيات مُفَسِّرة في المواضِع التي لم يَذكُر فيها الثعلبيُّ شيئًا من تِلك الآيات.

كما ذكَر قواعِدَ الاختصار في جانب التَّفسير بالرأي؛ ومنها: التَّقليل من المباحِث اللُّغويَّة التي ذكَرها الثعلبيُّ. ومن هذه القواعد أيضًا: الإبقاءُ على قَوْل الثعلبيِّ في بيانِ الفُرُوق بين الكلماتِ.

ثم خَتَمَ الكتابَ بخاتمَةٍ ذَكَرَ فيها أهَمَّ النتائجِ التي توصَّلَ إليها. )

https://dorar.net/article/1868/الاختصار-في-التفسير

والله تعالى أعلم .
 
عودة
أعلى