هل انت ممن يقولون (شاطر)؟

إنضم
01/11/2010
المشاركات
156
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
37
الإقامة
القاهره - مصر
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , ثم أما بعدُ :

فإنه من الألفاظ المنتشرة والكلمات الشائعة قولهم ( شاطر ) يعنون به الحاذق الماهر , وهذا ما لا تعرفه اللغة , ولا وجه له فيها ألبتة , بل إن المذكور في كتب اللغة – قديمها وحديثها – هو معنى مغاير تماما لما اصطلح عليه العامة .

ولما كان معنى هذه الكلمة المعروف في كتب اللغة هو ( الفاجر الخبيث ) لاحظت أنه من الضروري التنبيه على ذلك , ولستُ إلا ناقلا عن أهل الشأن وأربابه , فإليكم بعض ذلك :

قال الخليل بن احمد الفراهيدي في كتاب ( العين 6/234) : ورجل شاطر وقد شطر شطورا وشطارة وشطارا : وهو الذي أعيى أهله ومؤدبه خبثا .

وذكر أبو بكر الأنباري في كتابه ( الزاهر في معاني كلمات الناس 1/115) أن في معنى كلمة ( شاطر ) قولين عند أهل اللغة : أحدهما (المتباعد من الخير) والآخر ( الذي شطر نحو الشر وأراده) .
وقال الزمخشري في (أساس البلاغة 1/476) : وفلان شاطر : خليع , وشطر على أهله : راغمهم .

وقال القلقشندى في (صبح الأعشى 1/248) :
فالشطار جمع شاطر, وهو في أصل اللغة: اسم لمن أعيى أهله خبثا , يقال منه : شَطَرَ وشطُر بالفتح والضم شطارة بالفتح فيهما , ثم استعمل في الشجاع الذي أعيى الناس شجاعة , وغلب دورانه على لسان العامة , فامتهن وابتذل .

وقال الفيروز آبادي في (القاموس المحيط – مادة شطر) : الشاطر من أعيى أهله خبثا , وشطر عنهم : نزح عنهم مراغما .

وجاء في المعجم الوسيط : (الشاطر) : الخبيث الفاجر , وعند الصوفية : السابق المسرع إلى الله , والفهِم المتصرف .

وجاء في العامي الفصيح – أحد إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة – الشاطر في العامية : الماهر في عمله , وفي الفصحى : الخبيث الفاجر .

وقال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله – في (معجم المناهي اللفظية ) : الشاطر هو بمعنى قاطع الطريق , وبمعنى الخبيث الفاجر , وإطلاق المدرسين له على المتفوق في الدرس خطأ , فليتنبه .
نعم , (الشاطر) في اصطلاح الصوفية : هو السابق المسرع إلى الله , فانظر كيف سرى هذا الاصطلاح الصوفي إلى تلقينه للطلاب . اهـ

وما ذُكِرَ – آنفا – من كلام أهل اللغة هو المعروف المستعمل في كلام الفقهاء والمحدثين وغيرهم , ومن ذلك :
قول ابن معين في ( الحًسين بن الفرج الخياط البغدادي ) : كذاب صاحب سكر شاطر .(الجرح والتعديل لأبي حاتم 3/62)

وذكر الذهبي في (السير8/437) عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل – ابن عياض – شاطرا يقطع الطريق .

فتبين بهذا كله قبح هذه الكلمة وسوء معناها , فليعدل عنها الآباء والمدرسون وغيرهم – ممن يستعملها – إلى ما لا قبح فيه كـ (ماهر) و(حاذق) و(ذكي) و(جيد) و(طيب) ونحو ذلك , والله أعلم , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
منقول.
 
شكراً أخ مصطفى لكن التغيُّر الدلالي من سُنن اللغات، وها هو ذا التغير الدلالي لهذه الكلمة قد حصل منذ مئات السنين بدليل قول القلقشندي وبدليل الاستعمال الصوفي له. ومعروف مصطلح "الشطار والعيارين" في العصر العباسي. ولا شك أن الدهاء والذكاء سلاح ذو حدين. فنحن قد نطلق على الذكي جدا وصف : ابليس وابالسة او شيطان احيانا، وهذا تستخدمه جميع اللغات في تضخيم احد المعاني الدلالية لمفردة ما وتجاهل المعاني الأخرى حتى تتغير دالالة الكلمة كلها.
وثمة كلمة أخرى تغيرت دلالتها بالعكس أي من الجميل إلى القبيح وهي كلمة "مستهتر" فهي تعني المولع بالشيء وكان النديم يستخدمها "كان مستهترا بجمع الكتب" أي مولعا. ثم بقي أحد معانيها فقط وهي المستهتر بالنساء لتتحول دلالتها إلى غير المنضبط.

ومن وجهة نظري أن هذا غير ممكن، أي النهي اللغوي على طريقة النهي عن البدع! لأن استخدام المفردة ودلالتها هو عقد ضمني بين مستخمي اللغة، وكم نسبة من تقع عيناه على هذا التنبيه من مستعملي اللغة؟ أم كم نسبة من يقتنع به ؟وكم نسبة من يطيع فلا يستعملها إلا كما كانت قبل أن تتغير دلالتها.؟
الخطر على اللغة من شيئين ليس منهما هذا الأمر
أولهما إخضاعُ أساليب العربية للأساليب الإنكليزية واستخدام حتى الكلمات القواعدية والأدوات بما تشترك فيه فقط مع نظيراتها في الانكليزية، والخطر الثاني هو كسل مجامع اللغة وضعف الاتصال بينها وبين وسائل الإعلام (كالجزيرة مثلاً) وبين الوزارات ومناهج التعليم، وثم خطر ثالث وهو قلة الترجمة فيضطر الناس الى استخدام كلمات كما هي في لغاتها الأعجمية دون تحويرها الى قوالب العربية (تعريبها).
وليس الخطر على اللغة بكلمة تتغير دلالتها فهذا من طبيعة اللغة البشرية.

ودمتم بودّ​
 
من الأسباب التى جعلتني أحب هذا الملتقي كثيرا هو تعليقات الاخوه الأفاضل علي ماهو كل ما هو مخالف سواء كانت هذه المخالفه دينيه او علميه .
شكر الله لك فضيله الشيخ الدكتور عبدالرحمن الصالح علي تعليقك المُثمر ونفع الله بك.
 
عودة
أعلى