" وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ...."
سؤال / هل امرأة فرعون هذه هي امرأة فرعون التي تبنت موسى حين التقطته من اليم ..؟؟؟
ننتظر المساهمات مع ذكر المراجع ..؟؟؟
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
الذي يظهر و العلم عند الله أن الأمر يتعلق بنفس المرأة، و هي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها، التي ذكرها القرآن في موضعين فيما أذكر، الأول في سورة القصص:"وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9)"
و في آواخر سورة التحريم:"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)".
و هي التي وردت عدة أحاديث في شأنها كقول النبي صلى الله عليه و سلم:" أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون"-1135 في صحيح الجامع -.
"خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و آسية امرأة فرعون"- 3328 في صحيح الجامع -.
"كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون و مريم بنت عمران و إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "-4578 في صحيح الجامع-
يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى:"{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها، وسؤالها لربها أجل المطالب، وهو دخول الجنة، ومجاورة الرب الكريم، وسؤالها أن ينجيها الله من فتنة فرعون وأعماله الخبيثة، ومن فتنة كل ظالم، فاستجاب الله لها، فعاشت في إيمان كامل، وثبات تام، ونجاة من الفتن"اهـــــ
و يقول رحمه الله تعالى في تفسيره لسورة القصص:"فلما التقطه آل فرعون، حنَّن اللّه عليه امرأة فرعون الفاضلة الجليلة المؤمنة " آسية " بنت مزاحم " وَقَالَتِ " هذا الولد { قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ } أي: أبقه لنا، لِتقرَّ به أعيننا، ونستر به في حياتنا.{ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } أي: لا يخلو، إما أن يكون بمنزلة الخدم، الذين يسعون في نفعنا وخدمتنا، أو نرقيه منزلة أعلى من ذلك، نجعله ولدا لنا، ونكرمه، ونجله.
فقدَّر اللّه تعالى، أنه نفع امرأة فرعون، التي قالت تلك المقالة، فإنه لما صار قرة عين لها، وأحبته حبا شديدا، فلم يزل لها بمنزلة الولد الشفيق حتى كبر ونبأه اللّه وأرسله، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به، رضي اللّه عنها وأرضاها." اهــ.
فالأمر ظاهر لا خفاء فيه فامرأة فرعون التي تربى موسى عليه السلام في حجرها هي نفسها التي بادرت إلى الإيمان و كانت هذه التربية سببا لنجاتها و هدايتها و إلهامها ذلك الدعاء العظيم حيث سألت مجاورة الله تعالى في جنته، و استحقت أن تكون من أفضل النساء رضي الله عنها و أرضاها.
و الله أعلم و أحكم.
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أي كلام تقصد؟
بحثت فلم أجد العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى يخالف في ذلك بل بالعكس.
و أكتف بنقل شيء من تفسيره لسورة طه، يقول رحمه الله تعالى:"{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} أي: تحريماً كونياً قدرياً، أي: منعناه منها ليتيسر بذلك رجوعه إلى أمه؛ لأنه لو قبل غيرها أعطوه لذلك الغير الذي قبله ليرضعه ويكفله فلم يرجع إلى أمه. وعن ابن عباس: "أنه لما قالت لهم {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}, أخذوها وشكّوا في أمرها وقالوا لها: ما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه؟ فقالت لهم: نصحهم له، وشفقتهم عليه رغبة في سرور الملك، ورجاء منفعته، فأرسلوها. فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم، ذهبوا معها إلى منزلهم فدخلوا به على أمه فأعطته ثديها فالتقمه ففرحوا بذلك فرحاً شديداً وذهب البشير إلى امرأة الملك فاستدعت أم موسى، وأحسنَتْ إليها، وأعطتها عطاء جزيلاً وهي لا تعرف أنها أمه في الحقيقة، ولكن لكونه قبل ثديها. ثم سألتها "آسية" أن تقيم عندها فترضعه فأبَتْ عليها وقالت: إن لي بعلاً وأولاداً، ولا أقدر على المقام عندك، ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلتُ فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك، وأجْرَتْ عليها النفقة والصَّلات والكساوى والإحسان الجزيل. فرجعت أم موسى بولدها قد أبدلها الله بعد خوفها أمناً في عزّ وجاه، ورزق دار".اهــ
و يقول رحمه الله تعالى في تفسيره لسورة التحريم:"قَوْلُهُ تَعَالَى : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .جَاءَ فِي هَذَا الْمَثَلِ بَيَانٌ مُقَابِلٌ لِلْبَيَانِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ لَهُ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَضُرُّهُ مُعَاشَرَةُ الْكَافِرِ ، كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ لَا تَنْفَعُهُ مُعَاشَرَةُ الْمُؤْمِنِ ، وَفِي هَذَا الْمَثَلِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي مُذَكِّرَةِ الْإِمْلَاءِ :
لَقَدِ اخْتَارَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فِي طَلَبِهَا حُسْنَ الْجِوَارِ قَبْلَ الدَّارِ . اهـ .
أَيْ : فِي قَوْلِهَا : ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ الْآيَةَ" اهــ
فأنت ترى أنه رحمه الله تعالى ذكر امرأة فرعون في تفسيره للسورتين دون أدنى إشارة إلى أن الأمر يتعلق بامرأتين لا واحدة.
فأرجو نقل ما رأيته من كلام الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى يخالف فيه ما ذكرت.
و الله أعلم و أحكم.