ناصر عبد الغفور
Member
بسم1
هل الكفار يمرون على الصراط لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 71]
هل الكفار يمرون على الصراط لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 71]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] قال الله تعالى:" وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا"-مريم:71-، لأهل العلم في هذه الآية أقوال، من أشهرها قولان:[/FONT]
[FONT="]1- المرور على الصراط وهو الجسر الذي يضرب على متن جهنم، وقريب منه قول من قال أن ورودهم إنما هو قربهم من النار.[/FONT]
[FONT="]2- دخول النار، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما دون غيرهم .[/FONT]
[FONT="]ولكلا المعنيين شواهد في القرآن الكريم:[/FONT]
[FONT="]قال تعالى عن موسى عليه السلام:" وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ"-القصص-، قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى:" وأراد به القرب، يقال: وردت القافلة البلدة وإن لم تدخلها."- مفاتيح الغيب:21/207-.[/FONT]
[FONT="]وقال تعالى عن فرعون:" يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ"- هود-، وقال جل وعلا:" إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ"- الأنبياء : 98-، والورود في هاتين الآيتين بمعنى الدخول.[/FONT]
[FONT="]وعلى القول الأول أي المرور على الصراط المنصوب على متن جهنم، يكون ظاهر الآية:" وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا": أي: كل الناس يمرون على الصراط.[/FONT]
[FONT="]والسؤال الذي يرد هنا: هل الكفار يمرون فعلا على الصراط؟[/FONT]
[FONT="]والجواب بالنفي، فالكفار لا يمرون عليه، لدلالة الآثار والعقل عليه:[/FONT]
[FONT="]1- أما بالنسبة للآثار، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال:"... إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنتظرون، تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقرما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها، فيقولون: نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم..."- متفق عليه-[/FONT]
[FONT="]ووجه الاستدلال من هذا الحديث:[/FONT]
[FONT="]- قوله صلى الله عليه وسلم:" ثم يضرب الجسر على جهنم" فأتى صلى الله عليه وسلم بأداة العطف "ثم" وهي تفيد الترتيب مع التراخي، فالجسر ينصب ويضرب بعدما يلج الكفار من يهود ونصارى ومشركين وعباد الكواكب والأصنام النار، ولا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر ، كما قال صلى الله عليه وسلم:" حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر".[/FONT]
[FONT="]- قوله صلى الله عليه وسلم:" فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم.".[/FONT]
[FONT="]فذكر صلى الله عليه وسلم المؤمنين دون غيرهم، وأخبر أن منهم ناج مار إلى الجنة، ومكدوس في النار، وهؤلاء عصاة الموحدين الذين يقضى عليهم بدخول النار ليتطهروا ويختم لهم بالجنة بعد الشفاعات.[/FONT]
[FONT="]قال العلامة ابن العثيمين رحمه الله تعالى:" لا يعبر الصراط إلا المؤمنون على قدر أعمالهم لحديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه: « فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح.."- مجموع فتاوى ورسائل ابن العثيمين:5/69-.[/FONT]
[FONT="]2-أما بالنسبة للدليل العقلي: فالصراط إنما هو جسر يضرب على متن جهنم يؤدي إلى الجنة، والكفار لن يدخلوا الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، فما الفائدة من مرورهم على الصراط إذا كان دخولهم إلى الجنة مستحيلا؟[/FONT]
[FONT="]يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" وَأَمَّا الْوُرُودُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا } فَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ : { بِأَنَّهُ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ } وَالصِّرَاطُ هُوَ الْجِسْرُ ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ."- مجموع الفتاوى:4/279-.[/FONT]
[FONT="]ويقول رحمه الله تعالى في موضع آخر:"...فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجَنَّةَ إنَّمَا يَدْخُلُهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَ التَّهْذِيبِ وَالتَّنْقِيَةِ مِنْ بَقَايَا الذُّنُوبِ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ يَعْبُرُ بِهَا الصِّرَاطَ ؟-م الفتاوى:14/345-.[/FONT]
[FONT="]والكفار لا حسنة لهم تخولهم المرور على الصراط، كما قال تعالى:" وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"- الفرقان:23-، وقال تعالى:" أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ-الإسراء:16-،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة يعطى عليها في الدنيا و يثاب عليها في الآخرة و أما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا."-رواه مسلم-.[/FONT][FONT="][/FONT]