هل الكافر يسبح؟

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
53
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الكافر يسبح؟
سألني أحد أبنائي الصغار: هل الكافر يسبح الله تعالى؟ فأجبت بالإثبات مستدلا له بقول البارئ سبحانه:" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا"-الإسراء:44-.
ثم رأيت أن أطرح هذا الموضوع للنقاش في هذا الملتقى الكريم للاستفادة من الإخوة جزاهم الله خيرا.
والذي يمكن أن أدلو به هنا أن: الأصل حمل الكلام على ظاهره والعام على عمومه ما لم يأتي ما يخصصه والمطلق على إطلاقه ما لم يأتي ما يقيده وهكذا، والآية دلت على العموم مع التأكيد:" وإن من شيء....إلا...".

يقول العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى:" " ثم زاد ذلك تعميما وتأكيدا فقال : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } فشمل كل ما يسمى شيئا كائنا ما كان."-فتح القدير:3/330-.
والكافر شيء فيدخل في هذا العموم، إذن فهو يسبح الله تعالى، لكن تسبيحه ليس كتسبيح المؤمن الذي يسبح الله ظاهرا وباطنا قولا وفعلا طوعا لا كرها، فهو يسبح الله وينزهه بلسانه وعباداته التي لا يصرفها إلا له سبحانه، وبباطنه وعبودياته القلبية من خشية وتوكل ورهبة ورغبة ومحبة ورجاء وغير ذلك كلها لا يصرفها إلا لله جل في علاه.
أما الكافر فتسبيحه تسبيح قهر وخضوع، كما قال تعالى في موضع آخر:" وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)"-آل عمران-" أي: الخلق كلهم منقادون بتسخيره مستسلمون له طوعا واختيارا، وهم المؤمنون المسلمون المنقادون لعبادة ربهم، وكرها وهم سائر الخلق، حتى الكافرون مستسلمون لقضائه وقدره لا خروج لهم عنه، ولا امتناع لهم منه"-تفسير السعدي:137-.
وكما قال تعالى:" وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا"-الرعد:15-.
فالكافر يسبح الله ويخضع له كرها، كما أنه يسبح بلسان الحال، بخلقه والصورة التي خلقه الله عليها وما مده من الجوارح والأعضاء وغير ذلك يجعل الناظر إليه يسبح الله وينزهه عن النقائص فخالق هذا الإنسان وإن كان كافرا لا بد أن يكون هو الإله الحق الكامل في صفاته المنزه عن كل نقيصة، وهذا ما يدخل في تسبيح الدلالة، وعليه حمل بعض أهل العلم الآية.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:"أي: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ...وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد..."-تفسير ابن كثير:5/79-.
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
والمرجو ممن كان عنده علم بالمسألة أن يفيد.
 
إخي ناصر ..
بارك الله لك في ذريتك وجعلهم من الصالحين إن شاء الله تعالى
مشاركتي حول الموضوع ..
لا أعتقد أن الكافر يسبح بحمد ربه ، لأن التسبيح عبادة متعلقة بأوامر الله سبحانه وتعالى الدينية الشرعية ، والكافر بكفره خالف أوامر الله الدينية ، والحصر يليه إستدراك متبوع بإلتفات خطابي (أحمد البريدي 7) فلايظن أنهم من المسبحين ، فالكفارالمخاطبين في السياق لايفقهوا معنى للتسبيح أصلا .

والله أعلم
 
الأستاذ ناصر حفظك الله تعالى وولدك الذي شاركنا التفكير فيما استوقفه. ولو كنت ضيفه لحظة السؤال لاستغللت انشغالك بإحضار الشاي فأجبت بالنفي ذلك أن الآيات المستدل بها إنما هي حجة الله تعالى على الكافر نفسه ولو كان من المسبحين لاحتج عليه بأنه يسبح وهو لا يعلم. فالذي يفيده مجموع الآيات أن كل الجمادات تسبح الله تعالى حتى أعظمها خلقا كالسموات والأرض أما المكلفون فانقسموا قسمين قسم خضع لله تعالى وسبح وقسم أعرض وطغى وتجبر وهو برغم دخوره وخضوعه لقدر الله تعالى فلا يسمى مسبّحا لأنه مكلف.
ولا يصح إخراج تلك الآيات من سياقها وأخذها على إطلاقها كما يبدو أن الشوكاني رحمه الله فعل لأنه مقيدة بسياق الاحتجاج على الكافرين والاستدلال على صحة اختيار المؤمنين.
فمن ذهب ظنه إلى أن الكافر يُسَبِّح فقد خالف مقصد الآيات المدعوم بسياقها والله أعلم.
وتحياتنا وقبلاتنا لولدكم الجميل وكل عام وأنتم بخير
 
القرآن جاء خطابا للمكلفين هداية وبشارة ونذارة وفيه بيان لحال المؤمنين والكافرين قال تعالى : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ..) وقال تعالى : ( فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار .. ) .
أما قوله تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) فقد يكون في حق غير المكلفين من خلقه والملائكة .
لأن الخطاب جاء للمكلفين مبينا لهم حال كل المخلوقات غير المكلفة والملائكة .
والله أعلم .
 
جزى الله خيرا الإخوة الكرام، ومرحبا بالأخ عبد الرحمن ضيفا عند ابني الصغير الذي سرته كلماتك الجميلة في حقه...
الذي أريد أن أبينه هنا أنني لا أقول أن الكافر يسبح تسبيح المؤمن، فمعلوم أن التسبيح هو التنزيه،-وأصله في اللغة: البعد-، ولا ريب أن للتسبيح صور، فيكون بالقول: كقولنا : سبحان الله وهكذا فهذا تسبيح باللسان أو تسبيح قول، كما يكون بالفعل:فصرف المؤمن لعباداته لله دون غيره من الأنداد والطواغيت وما أكثر أشكالها لا كثرها الله، هذا في حد ذاته تنزيه له سبحانه وبعد له عما لا يليق بجلاله وعظمته...ولعله لهذه النكتة سميت الصلاة تسبيحا لأن المصلي ينزه الله تعالى ويقدسه،كما تأول بعض المفسرين قوله تعالى:"فَلَوْلا أَنَّه كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ"-الإسراء- بالمصلين.
والكافر بعيد كل البعد عن التسبيح بهذه المعاني الجليلة..لكن الآية خرجت -والله أعلم- مخرج العموم، إذ لا صارف لها عنه، يقول الإمام الشنقيطي رحمه الله:"والقاعدة المقررة عند العلماء: أن نصوص الكتاب والسنة لا يجوز صرفها عن ظاهرها المتبادر منها إلا بدليل يجب الرجوع إليه."-الأضواء-، ويقول الإمام الراغب رحمه الله تعالى:""والأشياء كلها تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير ، وبعضها بالاختيار"-المفردات-.
فالكافر شيء كما أسلفت إذن فهو يدخل في هذا العموم، والذي أطمئن له أن تسبيحه تسبيح دلالة، أي أنه يدل بخلقه -أي خلقته- على تعظيم الله وتقديسه...
وليس تمة دليل أن في الآية نعي عن الكفار، كما قد يفهم من قوله تعالى:" ولكن لا تفقهون تسبيحهم"، لأن نفي الفقه هنا عام لكل الناس، كما قال الحافظ:"أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغتكم."-تفسير ابن كثير-،فهل المسلم يفقه تسبيح الطير والنحل وتسبيح المياه وغيرها، لا ريب أن الجواب بالنفي، فنفي الفقه هنا ليس خاصا بالمشركين والكفار.
وأود أن أشير هنا إلى أن العلماء اختلفوا في التسبيح الوارد في الآية: فمنهم من حمله على حقيقته وقال بالعموم وأن الكل حتى الحيوانات والجمادات تسبح، حيث أن لها إدراكا لا نعلمه نحن ويعلمه خالقها سبحانه، ومنهم من حمل التسبيح على تسبيح "الدلالة" أي أن كل المخلوقات دلت على عظمة الله تعالى، و من منع هذا الفهم-كالزجاج والقرطبي والشنقيطي وغيرهم-، استدل بقوله تعالى:" ولكن لا تفقهون تسبيحهم" إذ لو كان المراد تسبيح الدلالة لما ختم الله الآية بهذا النفي، لأن كل العقلاء يستدلون بالمخلوقات على عظمة الله سبحانه كما في قوله تعالى:"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"-البقرة:164-.
 
كل شيء في الكافر يسبح لله قهرا كل خلاياه تسبح إلا التسبيح الإرادي الذي يثاب عليه ، فهو يأبى أن يسبح إراديا . ولذلك فالكافر يعيش حالة تشاكس مما يؤثر على حياته النفسية . كل ما فيه يسبح وهو لا يسبح . بخلاف المؤمن الذي كل ما فيه يسبح وهو يسبح . يقول تعالى : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:29] .

والله أعلم وأحكم
 
التوجيه الذي ذكرته أنت ياأخ ناصر والتوجيهات التي ذكرها الإخوة الكرام كلها صرف للمعنى عن ظاهر النص !
فأي وجه لتعليقك ؟
 
نعم أخي ناصر أضمّ صوتي لصوت الأخ محمد فالقول بأن الكافر يُسَبِّح قول غير مسبوق والمنطق الذي انتُهج في إثبات ذلك بناء على كونه شيئا من الأشياء هو إطلاق لنص ورد في سياق مخصص، لذلك أتمنى أن تقتنع أن المكلف المريد يسبح الله حين يؤمن ويطيع
 
جزاكم الله خيرا على هذا النقاش الماتع، وأقول للأخوين الكريمين محمد وعبد الرحمن:
عفوا ربما لم تتمعنا كلامي جيدا، فلو رجعتما إلى ما ذكرته آنفا فستعلمان أني لا أقول بأن الكافر يسبح تسبيح المقال ولا تسبيح الفعل خلافا للمؤمن، بل التسبيح الذي يمكن نسبته للكافر هو من تسبيح الدلالة، أي أنه بخلقته دليل على تنزيه الله وتقديسه.
فلا أقول أنه يسبح الله لا قولا ولا فعلا، إذ كيف يسبح الله وينزهه من ينسب له الولد كاليهود والنصارى عليهم لعائن الله، وكيف يسبح الله من يتخذ له أندادا وشركاء، بل كيف يسبح الله من لا يوقن بجنة ولا نار ويعتقد الفكرة الإلحادية:" إنما هي أرحام تدفع وأرض تبلع" وغيرها من أقوال الدهريين الكفرة...
فلا تفهمان خطأ، إني أعي ما أقول.
الآية قال كثير من العلماء بعمومها، وحملها على العموم هو الأصل، وبالتالي فالكافر يدخل في هذا العموم، ولما كان التسبيح لا بالقول ولا بالفعل لا يتحقق فيه لكفره، يبقى ما اصطلح عليه بعض العلماء "بتسبيح الدلالة" هو المتحقق فيه.
وعند التحقيق أرى أنه لا نزاع بيني وبينكما جزاكما الله عني خيرا، وجميع الإخوة الذين أطروا هذا الموضوع.
 
نعرف ما تقول أخي ناصر وهو من حيث كونه خلقا من خلق الله يشارك كل الأدلة الكونية الأخرى على وجود خالقه تعالى فهو من حيث كونه من مخلوقاته آية من آياته وإن كان يجحد كل الآيات لكن القصد في مخالفتك الرأي ليس من هذه الحيثية بل من حيث جواز القول إن الكافر يسبح اعتمادا على إطلاق قوله تعالى وإن من شيء إلا يسبح بحمده فهذه الآية كما تقدم ليست - في مقصود القرآن- على إطلاقها، فنحن نفهمك ولا نسيء فهمك بل نخالفك بعد فهمك فلا نذهب إلى جواز القول إن الكافر يُسَبِّح للأمور الآتية:
إن اجتهادك له وجه من حيث كونه مخلوقا من المخلوقات وهذا يستلزم تأويلك للتسبيح بأنه مجرد الدلالة على الخالق أو الخضوع لقدره، وهذا وإن كان ممكنا فإنه تأويل أي ظني في النهاية وهو بعيد عن مقتضى الورع وطريقة أهل العلم
٢. إن الاستدلال بمجرد كونه شيئا وهذه نقطة أخرى- لا يسلّم لقائله لأنه إطلاق لنص مقيد مستخرج من سياقه، وهذا النوع من الاستدلال كان يقع فيه بعض العلماء بسبب أن الجملة كانت لديهم أكبر الوحدات الدلالية ولم نعد اليوم نقع في هذا الأمر لأن السياق النصي كله هو الوحدة الدلالية التي يجب أن لا تُفهم الجمل خارجه.
٣. نشكر لك اجتهادك وإثراءك الملتقى بهذا الموضوع الماتع وسلامنا إلى رجل العلم الصغير بجانبكم.
ونشكركم على رحابة صدركم في حفظ حق المخالف لكم في الرأي.
 
جزى الله الإخوة الكرام.
أحب أن أنقل كلاما للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى عند تفسيره قوله تعالى: (سبح لله ما في السماوات والأرض)
قال الله تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الحديد:1] معنى (سبح) أي: تنزه الله عز وجل عن كل عيب ونقص وعن مماثلة المخلوقين, دليل تنزهه عن كل عيب ونقص: قول الله تبارك وتعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } [ق:38] (اللغوب) التعب والإعياء, وهذا يدل على كمال قوته عز وجل, وقال تعالى: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [الزخرف:80]، وقال تعالى: { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة:74] فنزه الله نفسه عن الغفلة, وقال تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } [فاطر:44] فنزه نفسه عن العجز.
المهم أن التسبيح يعني: تنزيه الله من كل نقص وعيب وعن مماثلة المخلوقين, دليل ذلك قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
أثبت الله لنفسه وجهاً في قوله تعالى: { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ } [الرحمن:27] فنسأل: هل وجه الله كوجه المخلوق؟ لا.
لقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
أثبت لنفسه أنه استوى على العرش, والإنسان يستوي على البعير بأن يركب ويستقر ويعلو عليه, فهل استواء الله على العرش كاستواء الإنسان على البعير؟ لا يمكن: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
إذاً: كل صفة يثبتها الله لنفسه وللمخلوق مثلها فإن ذلك موافقة في الاسم فقط, أما في الحقيقة فليس كمثله شيء, أثبت الله لنفسه علماً وأثبت للمخلوق علماً, قال الله تعالى: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } [الممتحنة:10] فأثبت لنا علماً, وأثبت لنفسه علماً: { عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ } [البقرة:187] فهل العلم الذي أثبته لنفسه كعلم المخلوق؟ لا.
والدليل: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
إذاً: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } (سبح) بمعنى نزه، والتنزيه عن شيئين: عن النقص, وعن مماثلة المخلوقين, لا يمكن أن يماثله شيء من المخلوقات لا في ذاته ولا في صفاته, ولهذا لا يمكننا أن ندرك الله عز وجل, نعلمه بآياته وصفاته وأفعاله لكننا لا ندرك حقيقته عز وجل, لأنك مهما قدرت من شيء فالله تعالى مخالف له غير مماثل.
قوله: { مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [الحديد:1] أي: كل ما في السماوات والأرض فإنه يسبح الله عز وجل وينزهه, يشمل الآدميين والجن والملائكة والحشرات والحيوانات وكل شيء, فكل ما في السماوات والأرض يسبح الله.
وهل يسبحه بلسان مقال؟ بأن يقول: سبحان الله! أم بلسان الحال بمعنى: أن تنظيم السماوات والأرض والمخلوقات على ما هي عليه يدل على كمال الله عز وجل وتنزهه عن كل نقص؟
الجواب
إنه يسبح الله بلسان الحال وبلسان المقال, إلا الكافر فإنه يسبح الله بلسان الحال لا بلسان المقال, لأن الكافر يصف الله بكل نقص، يقول: اتخذ الله ولداً, ويقول: إن معه إلهاً, وربما ينكر الخالق أصلاً! لكن حاله وخلقته وتصرفه تسبيح لله عز وجل.
إذاً: لو سألنا: هل تسبيح ما في السماوات والأرض بلسان الحال أم بلسان المقال؟ الجواب: بلسان حال ولسان مقال, إلا الكافر فإنه بلسان الحال لا بلسان المقال.
سؤال: هل الحشرات والحيوانات تسبح الله بلسان المقال؟ الجواب: نعم.
قال الله تعالى: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء:44] الذر يسبح الله بلسان المقال, الحشرات كلها تسبح الله بلسان المقال, الحصى يسبح الله, كما كان ذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, لكن الكافر لا يسبح الله بلسان المقال بل بالعكس.-اهـــــــــ.-نقلا من لقاء الباب المفتوح-.
 
عودة
أعلى