د.عبدالرحمن الصالح
New member
الحمد لله الرحيم الرحمان، والصلاة والسلام على محمد العظيم الشان، وعلى الآل والصُّحبان وبعد
حسن جدا أن يضرب المرء من كل كنانة بسهم ، وأن تتعاون الذوات المعنوية المجردة منها والحسية المجسدة.
ولما كانت الحياة فردية تبدأ وتنتهي بالفرد، كانت الذات البشرية المفردة ذات الوعي الخاص المتفرد والإرادة الحرة في نطاق كينونتها هي الذات المجسدة الوحيدة، وسائر الذوات والشخصيات معنوية مجردة مستقراة من سمات مشتركة بين مجموعة ذوات قد تشكل أسرة أو قبيلة أو شعبا أو أمة، وهذه السمات التي تضفي على مجموعة صفة ذات(هوية) قد تكون لغوية ، أو عرقية ، أو فكرية (مجموعة أفكار تفسر الحياة والوجود وأساسها الدين ثم التاريخ ثم التفكير العلمي).
والسمات أيضا قد تكون دائمة أو وقتية، وقد تكون مؤثرة في الروح والوعي وقد تكون إنسانية بعيدة عن مجرى التنافس والهوية والروح كالسمات المشتركة بين الموسيقيين والشعراء بوصفهم كذلك
وههنا حوار جرى بيني وبين صاحب لي عن اقتباسنا لنظام التعليم الغربي شكلا دون أن نبالي به مضمونا
فنحن على ما يظهر من تنظيماتنا بعد تشكل دولنا الحديثة قد أعجبنا بنظامهم التعليمي فبنينا مدارسنا على أساسه، وأخذ مثقفونا وأبناؤنا ممن يكملون تعليمهم يفرحون ويتبادلون التهاني بحصولهم على هذه الشهادات الغربية كالدكتوراه والماجستير، رغم أنهم أو أننا في أعماقنا لا نعترف بطريقتهم في التفكير ولا بـ"ـعلميتهم"، ، فترانا نفرح بشتم أي دارس لثقافتنا ممن لا ينتمي إليها ونشكك في نيته.
الآن لو كتب أحد "دكاترتنا" كإبراهيم عوض أو غيره عن تجريح علماء الغرب الباحثين في حضارة من حضارات الشرق هي حضارتنا لوجدتنا نفرح ونسارع في اقتناء وقراءة أي تجريح بهم أو نقد لهم. ونحن نسارع فنصف المجرح لهم بالإنصاف، والناظر إليهم بهدوء بالمتفرنج و"الخائن" للهوية.
فنحن على ما يبدو نعيش ازدواجا في وعينا لا نعرف سببه، ولكن لا ينبغي أن نغض الطرف طويلا عن التفكير فيه.
لصاحب لي رأيٌ أحببت أن أضعه هنا للنقاش الهادئ شأن ما يتدارسه الناس في نديِّهم ويتجاذبون أطراف الحديث فيه.
إذ يرى هذا الرجل أن مصطلح (الشيخ الدكتور) مصطلح متهافت متناقض من حيث المبنى والمعنى وتاريخ الثقافة وعلم المصطلح.
وحين استخبرناه واستكهناه أجاب أن كلمة دكتور مصطلحا مشتقة لغةً من دوسير اللاتينية بمعنى العلم ، وإلى هنا فلا مانع أن تطلق على كل عالم. لكنها ليست مفردة لغوية بل مصطلح في نظام تعليم متدرج متسلسل هو التعليم الأكاديمي الغربي الذي وطده الإنكليز والإفرنسيون والألمان وغيرهم من شعوب أوربة.. وأن حامل الـ(PhD) يحمل شهادة دكتوراه في الفلسفة لأن PhمختصرPhilosophy وD- مختصرة منDoctorate ، وهذا لأن الفلسفة في النظام التعليمي الأكاديمي الغربي كانت إبان وضع الشهادات أم العلوم والمسيطرة عليها، ثم أخذت العلوم تستقل عنها ، لكن ليس استقلالا كاملا ولذلك تظل لها سيادة من نوع ما.
وتساءل : كيف يحمل PhDفي الفلسفة من يملك موقفا معاندا مضادا للفلسفة؟
فالذي يملك موقف مؤسسة التعليم الإسلامي القديم من الفلسفة، المؤسسة التي تبدأ بالكتاب وتنتهي بتخريج الشيخ ، هذا الرجل عليه أن يحمل شهادة تعليم شفاهي تقوم على الرواية والحفظ وتعطي شهادات بحسب بروتوكولها ونظامها من شيخ وحافظ ومفيد ومقرئ ومحدث وعالم وعلامة بحسب كلياتها التي صنفت في رجالاتها كتب الطبقات كالحفاظ والفقهاء والقراء....
وليس أن (يتطفل)- والكلام لصاحبنا- على مؤسسة اخرى مستقلة بتأسسها وطريقة تفكيرها الكتابية المادية الفلسفية فيأخذ منها شهادة الـ (PhD) ويصبح دكتورا في الفلسفة ، في شيء يعاديه ويرفضه ويبني حياته على ضدِّه.
ثم قال : قال أحد الفلاسفة: إن الذين يعادون الفلسفة ينتمون عند نهاية التحليل إلى أضيق المذاهب الفلسفية على الإطلاق.
يعني أن الفلسفة هي علم العقل وهي تصنف كل شيء وكل طريقة تفكير قام بها الإنسان، فالتعالي الذي يحاوله المنتمون إلى المؤسسة التقليدية على الفلسفة تنظر إليه الفلسفة بعين أخرى، أعلاها الرأفة .
وأضاف أنا لا أحتج على استقلال المؤسسة الثقافية الإسلامية التي تقوم على التعليم الشفاهي ، والتي قامت وانتهت بين 100 هـ -1300 هـ !!، ومرت بعصور ازدهار وانحدار ، لكني أرفض أن تقتبس من النظام التعليمي الأكاديمي الغربي بطريقة (مسخ ) فتأخذ منه مصطلحات وأسماء وتضمنها معاني من عندها. فهذا من الظلم والضلال والتضليل الذي نهى الله عنه.
فقلت له فماذا تريد؟
فقال (مبتسما) :إما شيخ أو دكتور.
فقلت له حسبك !فقد استخدم كبار علماء أوربا الذين تخصصوا في تاريخ المسلمين وحضارتهم ، كلمة دكتور لكبار علمائها، فقد كان نيكلسون وهو من مقدميهم يقول: قال الدكتور الشافعي..وقال الدكتور ابن خلكان.... وهؤلاء الذين عنيتهم هم خلفاء ألئك، أليس كذلك؟
فقال: استخدمها نيكلسون استخداما لغويا ولم يستخدمها استخداما اصطلاحيا
فقلت له إنك تدعو ضمنيا إلى إعادة صياغة كليات الشريعة والعلوم الدينية!؟
فقال نعم نعم يجب أن يعقدوا لجانا - وأنا أشك في قدرتهم- فيقوموا بعملية استقراء لطرق منح الإجازات وحقوق الرواية في المؤسسة التي تأسست على حفظ الرواية الشفاهية أي في التعليم القديم في العالم الإسلامي ، بدلا من أن يمزجوا هذا المزج فيخلطوا هذا الخلط. فينتجوا لنا الشيخ الدكتور الذي قد يكون في بعض الحالات لا شيخا ولا دكتورا؟!
فقلت له ماذا تعني فقال قد يكون هذا الشيخ لم يدرس في المساجد ولم يتقن أبجديات العلوم الدينية كما كانت تعرضها المؤسسة التعليمية القديمة بل درس في التعليم الأكاديمي(غير المضبوط في بلاد المسلمين جيدا) ثم دخل كلية الشريعة وتظاهر بسمت علماء الدين ليصبح شيخا ويقدم أطروحة أو رسالة تقوم على القص واللصق فيصبح دكتورا.
فقلت له ألسنا في عصر القص واللصق؟
فقال ليس عن هذا أتحدث ولكن عن طريقة التفكير والتعليم؟
كليات الشريعة يجب أن تتأسس من جديد فتسمي نفسها التعليم الإسلامي الأصيل أو القديم ، وليس لها أن تقتبس مظاهر التعليم الغربي لا في كتابة الأطاريح ولا في منحها ولا في مناقشتها
ولحديثي مع صاحبي بقية ، أحببت أن أعرضه لأهل الاختصاص من أهل الرؤى ، وعلى الله التكلان وبه المستعان
تنبيه وتنويه: القضية المطروحة تفكير في تطوير التعليم انطلاقا من الأصول ونقد الأسس، و قد تكون بضاعتنا فيها مزجاة ولكن أول العلم أن تعلم أنك لا تعلم. فإذا استطاع حوار ما أن يصنف الصواب والخطأ في رؤية الرجل ، أو يبين الضلال الذي قاربه أو قارفه، ،كان قد حقق مبتغاه ونال متمناه.
والله من وراء القصد
حسن جدا أن يضرب المرء من كل كنانة بسهم ، وأن تتعاون الذوات المعنوية المجردة منها والحسية المجسدة.
ولما كانت الحياة فردية تبدأ وتنتهي بالفرد، كانت الذات البشرية المفردة ذات الوعي الخاص المتفرد والإرادة الحرة في نطاق كينونتها هي الذات المجسدة الوحيدة، وسائر الذوات والشخصيات معنوية مجردة مستقراة من سمات مشتركة بين مجموعة ذوات قد تشكل أسرة أو قبيلة أو شعبا أو أمة، وهذه السمات التي تضفي على مجموعة صفة ذات(هوية) قد تكون لغوية ، أو عرقية ، أو فكرية (مجموعة أفكار تفسر الحياة والوجود وأساسها الدين ثم التاريخ ثم التفكير العلمي).
والسمات أيضا قد تكون دائمة أو وقتية، وقد تكون مؤثرة في الروح والوعي وقد تكون إنسانية بعيدة عن مجرى التنافس والهوية والروح كالسمات المشتركة بين الموسيقيين والشعراء بوصفهم كذلك
وههنا حوار جرى بيني وبين صاحب لي عن اقتباسنا لنظام التعليم الغربي شكلا دون أن نبالي به مضمونا
فنحن على ما يظهر من تنظيماتنا بعد تشكل دولنا الحديثة قد أعجبنا بنظامهم التعليمي فبنينا مدارسنا على أساسه، وأخذ مثقفونا وأبناؤنا ممن يكملون تعليمهم يفرحون ويتبادلون التهاني بحصولهم على هذه الشهادات الغربية كالدكتوراه والماجستير، رغم أنهم أو أننا في أعماقنا لا نعترف بطريقتهم في التفكير ولا بـ"ـعلميتهم"، ، فترانا نفرح بشتم أي دارس لثقافتنا ممن لا ينتمي إليها ونشكك في نيته.
الآن لو كتب أحد "دكاترتنا" كإبراهيم عوض أو غيره عن تجريح علماء الغرب الباحثين في حضارة من حضارات الشرق هي حضارتنا لوجدتنا نفرح ونسارع في اقتناء وقراءة أي تجريح بهم أو نقد لهم. ونحن نسارع فنصف المجرح لهم بالإنصاف، والناظر إليهم بهدوء بالمتفرنج و"الخائن" للهوية.
فنحن على ما يبدو نعيش ازدواجا في وعينا لا نعرف سببه، ولكن لا ينبغي أن نغض الطرف طويلا عن التفكير فيه.
لصاحب لي رأيٌ أحببت أن أضعه هنا للنقاش الهادئ شأن ما يتدارسه الناس في نديِّهم ويتجاذبون أطراف الحديث فيه.
إذ يرى هذا الرجل أن مصطلح (الشيخ الدكتور) مصطلح متهافت متناقض من حيث المبنى والمعنى وتاريخ الثقافة وعلم المصطلح.
وحين استخبرناه واستكهناه أجاب أن كلمة دكتور مصطلحا مشتقة لغةً من دوسير اللاتينية بمعنى العلم ، وإلى هنا فلا مانع أن تطلق على كل عالم. لكنها ليست مفردة لغوية بل مصطلح في نظام تعليم متدرج متسلسل هو التعليم الأكاديمي الغربي الذي وطده الإنكليز والإفرنسيون والألمان وغيرهم من شعوب أوربة.. وأن حامل الـ(PhD) يحمل شهادة دكتوراه في الفلسفة لأن PhمختصرPhilosophy وD- مختصرة منDoctorate ، وهذا لأن الفلسفة في النظام التعليمي الأكاديمي الغربي كانت إبان وضع الشهادات أم العلوم والمسيطرة عليها، ثم أخذت العلوم تستقل عنها ، لكن ليس استقلالا كاملا ولذلك تظل لها سيادة من نوع ما.
وتساءل : كيف يحمل PhDفي الفلسفة من يملك موقفا معاندا مضادا للفلسفة؟
فالذي يملك موقف مؤسسة التعليم الإسلامي القديم من الفلسفة، المؤسسة التي تبدأ بالكتاب وتنتهي بتخريج الشيخ ، هذا الرجل عليه أن يحمل شهادة تعليم شفاهي تقوم على الرواية والحفظ وتعطي شهادات بحسب بروتوكولها ونظامها من شيخ وحافظ ومفيد ومقرئ ومحدث وعالم وعلامة بحسب كلياتها التي صنفت في رجالاتها كتب الطبقات كالحفاظ والفقهاء والقراء....
وليس أن (يتطفل)- والكلام لصاحبنا- على مؤسسة اخرى مستقلة بتأسسها وطريقة تفكيرها الكتابية المادية الفلسفية فيأخذ منها شهادة الـ (PhD) ويصبح دكتورا في الفلسفة ، في شيء يعاديه ويرفضه ويبني حياته على ضدِّه.
ثم قال : قال أحد الفلاسفة: إن الذين يعادون الفلسفة ينتمون عند نهاية التحليل إلى أضيق المذاهب الفلسفية على الإطلاق.
يعني أن الفلسفة هي علم العقل وهي تصنف كل شيء وكل طريقة تفكير قام بها الإنسان، فالتعالي الذي يحاوله المنتمون إلى المؤسسة التقليدية على الفلسفة تنظر إليه الفلسفة بعين أخرى، أعلاها الرأفة .
وأضاف أنا لا أحتج على استقلال المؤسسة الثقافية الإسلامية التي تقوم على التعليم الشفاهي ، والتي قامت وانتهت بين 100 هـ -1300 هـ !!، ومرت بعصور ازدهار وانحدار ، لكني أرفض أن تقتبس من النظام التعليمي الأكاديمي الغربي بطريقة (مسخ ) فتأخذ منه مصطلحات وأسماء وتضمنها معاني من عندها. فهذا من الظلم والضلال والتضليل الذي نهى الله عنه.
فقلت له فماذا تريد؟
فقال (مبتسما) :إما شيخ أو دكتور.
فقلت له حسبك !فقد استخدم كبار علماء أوربا الذين تخصصوا في تاريخ المسلمين وحضارتهم ، كلمة دكتور لكبار علمائها، فقد كان نيكلسون وهو من مقدميهم يقول: قال الدكتور الشافعي..وقال الدكتور ابن خلكان.... وهؤلاء الذين عنيتهم هم خلفاء ألئك، أليس كذلك؟
فقال: استخدمها نيكلسون استخداما لغويا ولم يستخدمها استخداما اصطلاحيا
فقلت له إنك تدعو ضمنيا إلى إعادة صياغة كليات الشريعة والعلوم الدينية!؟
فقال نعم نعم يجب أن يعقدوا لجانا - وأنا أشك في قدرتهم- فيقوموا بعملية استقراء لطرق منح الإجازات وحقوق الرواية في المؤسسة التي تأسست على حفظ الرواية الشفاهية أي في التعليم القديم في العالم الإسلامي ، بدلا من أن يمزجوا هذا المزج فيخلطوا هذا الخلط. فينتجوا لنا الشيخ الدكتور الذي قد يكون في بعض الحالات لا شيخا ولا دكتورا؟!
فقلت له ماذا تعني فقال قد يكون هذا الشيخ لم يدرس في المساجد ولم يتقن أبجديات العلوم الدينية كما كانت تعرضها المؤسسة التعليمية القديمة بل درس في التعليم الأكاديمي(غير المضبوط في بلاد المسلمين جيدا) ثم دخل كلية الشريعة وتظاهر بسمت علماء الدين ليصبح شيخا ويقدم أطروحة أو رسالة تقوم على القص واللصق فيصبح دكتورا.
فقلت له ألسنا في عصر القص واللصق؟
فقال ليس عن هذا أتحدث ولكن عن طريقة التفكير والتعليم؟
كليات الشريعة يجب أن تتأسس من جديد فتسمي نفسها التعليم الإسلامي الأصيل أو القديم ، وليس لها أن تقتبس مظاهر التعليم الغربي لا في كتابة الأطاريح ولا في منحها ولا في مناقشتها
ولحديثي مع صاحبي بقية ، أحببت أن أعرضه لأهل الاختصاص من أهل الرؤى ، وعلى الله التكلان وبه المستعان
تنبيه وتنويه: القضية المطروحة تفكير في تطوير التعليم انطلاقا من الأصول ونقد الأسس، و قد تكون بضاعتنا فيها مزجاة ولكن أول العلم أن تعلم أنك لا تعلم. فإذا استطاع حوار ما أن يصنف الصواب والخطأ في رؤية الرجل ، أو يبين الضلال الذي قاربه أو قارفه، ،كان قد حقق مبتغاه ونال متمناه.
والله من وراء القصد