هل التجويد معجز؟

عمرو الديب

New member
إنضم
07/05/2012
المشاركات
428
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الإمام الجعبري بيتا في منظومته"حدود الإتقان" قد يؤخذ منه أنه يقول بأن التجويد فيه معجزتين, وهو:
وَالْعُمْـرُ طَيـْفٌ وَالْعُلُـومُ كَثِيرَةٌ فَـخُـذِ الأَهَـمَّ وَلِلأَهَـمِّ فَعَـانِ
ثم قال:
وَأَهَمُّهَـا الْقُـرْآنُ ثُـمَّ أَهَمُّـهُ تَجْوِيـدُهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَان
وقد اجتهدت في شرح هذا البيت بما يقطع بأن الإمام الجعبري لا يقول بأن التجويد معجز.
فقلت: قول الجعبري:"إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَانِ":تعليل لبيان أهمية التجويدوالضمير في قوله: فِيـهِ: إما أنه يعود على القرآن, أو يعود على التجويد.
فإن كان عوده على القرآن؛ فيكون المقصود بالمعجزتين في القرآن هما: معجزة اللفظ والمعنى, وهو متجل في مؤلفات الجعبري: قال في كمز المعاني: ((وحيث كان معجزاً بلفظه ومعناه فيما اخترناه)).
وقال في جميلة أرباب المراصد: (( إنَّ القرآن معجز بفصاحة ألفاظه, وبلاغة معانيه؛ لأن ذلك هو المختص بالعرب الذين طولبوا بمعارضته)).
وقال في روضة الطرائف:
والمذهبُ الحقُ إعجازُ القرَان أتَى بلفظه وبمعناه الذي كَمُلا
وإن كان عود الضمير على التجويد؛ فيكون ذلك من قبيل المجاز العقلي, وهو: إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ملابس له غير ما هو له بقرينة مانعة من الإسناد الحقيقي.
فأسند المعجزتين إلى التجويد بدلاً من القرآن؛ للعلاقة التي بين التجويد وألفاظ القرآن؛ لأن التجويد سبب في الحفاظ على ألفاظ القرآن, وهو ملازم لها, فلا يمكن أن ينطق بالتجويد بدون اللفظ, وبتحقيق التجويد والإتيان به على أحسن صورة يكون قد أتى بالمعجزتين على أكمل وجه, لأن اللفظ يتضمن معجزتين؛ معجزة اللفظ ابتداءً وهي فصاحته, ومعجزة ما يتضمن من معنى بلاغي, والتجويد يعتني بهذا اللفظ الذي يتضمن المعجزتين, فكأن الناظم قال: ((ثم أهمه تجويد لفظه إذ أن لفظه يتضمن معجزتين)),
ويؤيد هذا قول الجعبري في منظومته الأخرى "عقود الجمان":
لَا سِيَّمَـا عِلمُ الْكِتَـابِ وَسِيَّمَـا أَلْفَاظُـهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِزَتَـانِ
ففي هذا البيت صرَّح بأن المقصود بالمعجزتين معجزة فصاحة اللفظ ومعجزة ما
تضمنه من معنى بلاغي, فعرفنا أن إسناده المعجزتين هنا إلى التجويد من باب المجاز
العقلي.
فإن قيل: فلعلَّ الجعبري يرى أن التجويد في حقيقته معجز بأحكامه المعروفة, قلت:
هذا الكلام مردود من عدة أوجه:
1- أني بينت قبل ذلك أن الذي سطره في كتبه المتعددة أن الإعجاز خاص بالقرآن في لفظه ومعناه, ولم يتعرض لذكر الإعجاز في التجويد أثناء تكلمه على أوجه الإعجاز في القرآن, والمتأمل في كتب الإمام الجعبري, يعلم أنه ينقل الرأي الواحد في أكثر
من كتاب.
2- أن الحاجة ماسة لذكر أوجه الإعجاز في التجويد في هذا الموضع, إن كان يعتقد أنه معجز, خاصةً أنه لم يذكره أحد من العلماء قبله.
3- أن الإمام الجعبري لو كان يرى الإعجاز في التجويد, لنقله العلماء عنه, ومن المعلوم أن أقواله في التجويد اهتم بها العلماء أشد الاهتمام؛ فلو قال به لنقلوه عنه.
والله أعلم بالصواب.
 
وقد بحثت عن من يقول إن التجويد معجز فلم أجد إلا قول أ.د/عبدالغفور بن محمود بن مصطفى آل جعفر؛ فقد صرح بذلك في كتابه المسمى: "المدخل إلى فن الأداء القرآني" فقال: "فالتجويد معجز, فليس من صنع أحد إلا الله, فهو توقيف".
 
جميل...
بارك الله فيكم يا شيخ عمرو، وإِيهٍ إِيهٍ من علومكم.
 
فإن قيل: فلعلَّ الجعبري يرى أن التجويد في حقيقته معجز بأحكامه المعروفة, قلت:
هذا الكلام مردود من عدة أوجه:
1- أني بينت قبل ذلك أن الذي سطره في كتبه المتعددة أن الإعجاز خاص بالقرآن في لفظه ومعناه, ولم يتعرض لذكر الإعجاز في التجويد أثناء تكلمه على أوجه الإعجاز في القرآن, والمتأمل في كتب الإمام الجعبري, يعلم أنه ينقل الرأي الواحد في أكثر
من كتاب.
2- أن الحاجة ماسة لذكر أوجه الإعجاز في التجويد في هذا الموضع, إن كان يعتقد أنه معجز, خاصةً أنه لم يذكره أحد من العلماء قبله.
3- أن الإمام الجعبري لو كان يرى الإعجاز في التجويد, لنقله العلماء عنه, ومن المعلوم أن أقواله في التجويد اهتم بها العلماء أشد الاهتمام؛ فلو قال به لنقلوه عنه.
والله أعلم بالصواب.
أحسب أنك وفقت في هذه الكلمات
نفع الله بك
 
بارك الله فيك يا شيخ عمرو من وجهة نظري بارك الله فيكم أن التجويد هو الجزء الأساسي أو القالب الذي يحفظ اللفظ ويؤديه بطريقته الصحيحة، فالتجويد هو مفتاح عملية أداء اللفظ على الوجه المطلوب، ولعل أبرز ما يوضح ذلك أن الوقع القرآني على نفوس السامعين يجلي هذا الترابط بين اللفظ وكيفية أدائه فهي عملية مترابط ومتلازمة، فكلها أوجه حفظ للقرآن فكما أن كتابة القرآن بالخط الذي عهد عند الصحابة صيانة له ..فكذلك التجويد صيانة للفظه ببقائه على الوجه الذي أراد الله أن يؤدى به ويتلى، ولعل ما يوضح ذالك:
- أن العرب لما كانوا يسمعون القرآن من المعلم الأول نبينا محمدصلى الله عليه وسلم بلفظه وأدائه المطلوب كانوا يشعرون بذاك الوَقع الذي يوقعه سماع القرآن في نفوسهم والذي عرفوا من خلاله أن هذا الكلام لا يمكن أن يصدر إلا من عند الخالق ولا يمكن أن يأتي به مخلوق فهذا أحد فصحاء العرب الوليد بن المغيرة حين استمع للقرآن بأداء لفظه على الوجه الأكمل وهو - قال: "والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه يعلو ولا يعلى عليه...".
أعود فأقول إن التجويد هو الحاضن للفظ في أداء القرآن بالطريقة الذي أنزله الله بها والتي أراد سبحانه وتعالى أن يؤدى بها، فهما أران متلازمان لاينفك بعضهما عن الآخر.
وحفكم الله ومزيداً من العطاء في الحقل القرآني.
 
بارك الله فيكم أخي محمد, ولعل تعبير العلماء عن علاقة التجويد بالقرآن يلخص ما ذكرت, فهم فيعبرون بقولهم: "التجويد هو: حلية التلاوة وزينة الأداء والقراءة".
 
عودة
أعلى