عمرو الديب
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الإمام الجعبري بيتا في منظومته"حدود الإتقان" قد يؤخذ منه أنه يقول بأن التجويد فيه معجزتين, وهو:
وَالْعُمْـرُ طَيـْفٌ وَالْعُلُـومُ كَثِيرَةٌ فَـخُـذِ الأَهَـمَّ وَلِلأَهَـمِّ فَعَـانِ
ثم قال:
وَأَهَمُّهَـا الْقُـرْآنُ ثُـمَّ أَهَمُّـهُ تَجْوِيـدُهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَان
وقد اجتهدت في شرح هذا البيت بما يقطع بأن الإمام الجعبري لا يقول بأن التجويد معجز.
فقلت: قول الجعبري:"إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَانِ":تعليل لبيان أهمية التجويدوالضمير في قوله: فِيـهِ: إما أنه يعود على القرآن, أو يعود على التجويد.
فإن كان عوده على القرآن؛ فيكون المقصود بالمعجزتين في القرآن هما: معجزة اللفظ والمعنى, وهو متجل في مؤلفات الجعبري: قال في كمز المعاني: ((وحيث كان معجزاً بلفظه ومعناه فيما اخترناه)).
وقال في جميلة أرباب المراصد: (( إنَّ القرآن معجز بفصاحة ألفاظه, وبلاغة معانيه؛ لأن ذلك هو المختص بالعرب الذين طولبوا بمعارضته)).
وقال في روضة الطرائف:
والمذهبُ الحقُ إعجازُ القرَان أتَى بلفظه وبمعناه الذي كَمُلا
وإن كان عود الضمير على التجويد؛ فيكون ذلك من قبيل المجاز العقلي, وهو: إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ملابس له غير ما هو له بقرينة مانعة من الإسناد الحقيقي.
فأسند المعجزتين إلى التجويد بدلاً من القرآن؛ للعلاقة التي بين التجويد وألفاظ القرآن؛ لأن التجويد سبب في الحفاظ على ألفاظ القرآن, وهو ملازم لها, فلا يمكن أن ينطق بالتجويد بدون اللفظ, وبتحقيق التجويد والإتيان به على أحسن صورة يكون قد أتى بالمعجزتين على أكمل وجه, لأن اللفظ يتضمن معجزتين؛ معجزة اللفظ ابتداءً وهي فصاحته, ومعجزة ما يتضمن من معنى بلاغي, والتجويد يعتني بهذا اللفظ الذي يتضمن المعجزتين, فكأن الناظم قال: ((ثم أهمه تجويد لفظه إذ أن لفظه يتضمن معجزتين)),
ويؤيد هذا قول الجعبري في منظومته الأخرى "عقود الجمان":
لَا سِيَّمَـا عِلمُ الْكِتَـابِ وَسِيَّمَـا أَلْفَاظُـهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِزَتَـانِ
ففي هذا البيت صرَّح بأن المقصود بالمعجزتين معجزة فصاحة اللفظ ومعجزة ما
تضمنه من معنى بلاغي, فعرفنا أن إسناده المعجزتين هنا إلى التجويد من باب المجاز
العقلي.
فإن قيل: فلعلَّ الجعبري يرى أن التجويد في حقيقته معجز بأحكامه المعروفة, قلت:
هذا الكلام مردود من عدة أوجه:
1- أني بينت قبل ذلك أن الذي سطره في كتبه المتعددة أن الإعجاز خاص بالقرآن في لفظه ومعناه, ولم يتعرض لذكر الإعجاز في التجويد أثناء تكلمه على أوجه الإعجاز في القرآن, والمتأمل في كتب الإمام الجعبري, يعلم أنه ينقل الرأي الواحد في أكثر
من كتاب.
2- أن الحاجة ماسة لذكر أوجه الإعجاز في التجويد في هذا الموضع, إن كان يعتقد أنه معجز, خاصةً أنه لم يذكره أحد من العلماء قبله.
3- أن الإمام الجعبري لو كان يرى الإعجاز في التجويد, لنقله العلماء عنه, ومن المعلوم أن أقواله في التجويد اهتم بها العلماء أشد الاهتمام؛ فلو قال به لنقلوه عنه.
والله أعلم بالصواب.
ذكر الإمام الجعبري بيتا في منظومته"حدود الإتقان" قد يؤخذ منه أنه يقول بأن التجويد فيه معجزتين, وهو:
وَالْعُمْـرُ طَيـْفٌ وَالْعُلُـومُ كَثِيرَةٌ فَـخُـذِ الأَهَـمَّ وَلِلأَهَـمِّ فَعَـانِ
ثم قال:
وَأَهَمُّهَـا الْقُـرْآنُ ثُـمَّ أَهَمُّـهُ تَجْوِيـدُهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَان
وقد اجتهدت في شرح هذا البيت بما يقطع بأن الإمام الجعبري لا يقول بأن التجويد معجز.
فقلت: قول الجعبري:"إِذْ فِيـهِ مُعْجِـزَتَانِ":تعليل لبيان أهمية التجويدوالضمير في قوله: فِيـهِ: إما أنه يعود على القرآن, أو يعود على التجويد.
فإن كان عوده على القرآن؛ فيكون المقصود بالمعجزتين في القرآن هما: معجزة اللفظ والمعنى, وهو متجل في مؤلفات الجعبري: قال في كمز المعاني: ((وحيث كان معجزاً بلفظه ومعناه فيما اخترناه)).
وقال في جميلة أرباب المراصد: (( إنَّ القرآن معجز بفصاحة ألفاظه, وبلاغة معانيه؛ لأن ذلك هو المختص بالعرب الذين طولبوا بمعارضته)).
وقال في روضة الطرائف:
والمذهبُ الحقُ إعجازُ القرَان أتَى بلفظه وبمعناه الذي كَمُلا
وإن كان عود الضمير على التجويد؛ فيكون ذلك من قبيل المجاز العقلي, وهو: إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ملابس له غير ما هو له بقرينة مانعة من الإسناد الحقيقي.
فأسند المعجزتين إلى التجويد بدلاً من القرآن؛ للعلاقة التي بين التجويد وألفاظ القرآن؛ لأن التجويد سبب في الحفاظ على ألفاظ القرآن, وهو ملازم لها, فلا يمكن أن ينطق بالتجويد بدون اللفظ, وبتحقيق التجويد والإتيان به على أحسن صورة يكون قد أتى بالمعجزتين على أكمل وجه, لأن اللفظ يتضمن معجزتين؛ معجزة اللفظ ابتداءً وهي فصاحته, ومعجزة ما يتضمن من معنى بلاغي, والتجويد يعتني بهذا اللفظ الذي يتضمن المعجزتين, فكأن الناظم قال: ((ثم أهمه تجويد لفظه إذ أن لفظه يتضمن معجزتين)),
ويؤيد هذا قول الجعبري في منظومته الأخرى "عقود الجمان":
لَا سِيَّمَـا عِلمُ الْكِتَـابِ وَسِيَّمَـا أَلْفَاظُـهُ إِذْ فِيـهِ مُعْجِزَتَـانِ
ففي هذا البيت صرَّح بأن المقصود بالمعجزتين معجزة فصاحة اللفظ ومعجزة ما
تضمنه من معنى بلاغي, فعرفنا أن إسناده المعجزتين هنا إلى التجويد من باب المجاز
العقلي.
فإن قيل: فلعلَّ الجعبري يرى أن التجويد في حقيقته معجز بأحكامه المعروفة, قلت:
هذا الكلام مردود من عدة أوجه:
1- أني بينت قبل ذلك أن الذي سطره في كتبه المتعددة أن الإعجاز خاص بالقرآن في لفظه ومعناه, ولم يتعرض لذكر الإعجاز في التجويد أثناء تكلمه على أوجه الإعجاز في القرآن, والمتأمل في كتب الإمام الجعبري, يعلم أنه ينقل الرأي الواحد في أكثر
من كتاب.
2- أن الحاجة ماسة لذكر أوجه الإعجاز في التجويد في هذا الموضع, إن كان يعتقد أنه معجز, خاصةً أنه لم يذكره أحد من العلماء قبله.
3- أن الإمام الجعبري لو كان يرى الإعجاز في التجويد, لنقله العلماء عنه, ومن المعلوم أن أقواله في التجويد اهتم بها العلماء أشد الاهتمام؛ فلو قال به لنقلوه عنه.
والله أعلم بالصواب.