محمود عبدالله إبراهيم نجا
Member
هل أشار القرآن لعُمر الكون في سورة فُصلت؟
لم يذكر القرآن نص صريح يفيد أن عُمر الكون هو ستة أيام أو غيرها، ولكن ذكر الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، منها يومان لخلق الأرض، ويومان للجبال والأقوات، كما في سورة فُصلت، ويومان لتسوية السماوات الدُخانية.
وارجو ان نلاحظ أن هناك فرق كبير بين مدة خلق الشيء وعمر الشيء بعد انتهاء خلقه، فخلق جنين الإنسان في تسعة اشهر غير عمره بعد الولادة، وعدم التنبه لهذه الملحوظة أوقع كثير من الباحثين في الخطأ عند مقارنة مدة خلق السماوات والأرض في ستة ايام بعمر الكون المرصود من قبل عِلم دراسة الكون . فقديماً عندما قال العلماء عُمر الكون منذ بدأ الى الآن حوالي ١٢ مليار سنة، سارع بعض المتدبرين لكتاب الله بإدعاء ذكر عُمر الكون في كتاب الله، فالعلم رصد عُمر الارض اربع مليارات سنة تقريبا، والقرآن قال عمر الكون ستة ايام، فيمكن حساب عُمر الكون والستة أيام، ولكن اختلفوا في حساباتهم على قولين:
١. فرقة اعتبرت خلق الارض في يومين (خلق الأرض في يومين).
اي ان الله خلق الارض في ثلث مدة خلق السماوات والارض (يومان)، فيفترض ان يكون عمر الكون = ٤ × ٣ = ١٢ مليار.
٢. وقال فريق آخر، بل نحسب خلق الارض ٤ أيام وذلك بعد اتمام خلق الجبال وتقدير أقواتها، وطالما عمر الارض ٤ مليارات سنة، فيكون كل يوم بمليار سنة، ويكون مقدار الستة ايام وعمر الكون هو ستة مليارات سنة.
لا شك ان هناك تسرع واضح في القول بأن القرآن ذكر عمر الكون من النتائج السابقة للأسباب التالية:
١. عدم الاتفاق على تعريف خلق الارض، هل بدون الجبال والأقوات، فيكون يومان، ام بهما فيكون أربعة ايام، وأين الغلاف الجوي؟ أليس من الأرض؟ الم يأخذ مدة كبيرة من العمر حتى يتكون؟ أليس يدخل في خلق السماوات والأرض وما بينهما؟ وسبق ان كتبت مقال بينت فيه أن (ما بينهما) هو الغلاف الجوي الذي يمتد بين السماوات والأرض، وانه داخل في الستة ايام، ويمكن مراجعته على الرابط التالي؛
فلماذا لا نحسب خلق الأرض بجبالها واقواتها وغلافها الجوي في ستة ايام من بعد فتق الرتق؟ حيث ظهرت السماوات والأرض معاً بعد حدث فتق الرتق، فلما قال الله (خلق السماوات والأرض في ستة ايام)، ألا نفهم من ذلك ان الله خلق السماوات في ستة ايام وبالمثل الأرض في ستة أيام؟
٢. ستة ايام خلق السماوات والارض انتهت بانتهاء خلق السماوات والارض، وذلك حين تمت تسوية السماوات فاغطش الله ليلها واخرج ضحاها، وبعض اصحاب التفاسير لا يعُد دحو الارض من ايام الخلق الستة لقول الله بعد اتمام خلق السماء (والأرض بعد ذلك دحاها)، اي بعد خلق السماوات. فإذا كان الدحو خارج الأيام الستة، فكيف نُدخل في الايام الستة كل الاحداث التي جرت إلى يومنا هذا.
٣. سأفترض جدلاً ان الستة ايام تمتد ليومنا (وهو خطأ)، فهل يمكن احتساب عمر الكون بدقة لمعرفة مقدار الأيام الستة؟
الجواب هو لا
لماذا؟
لأن حساب عمر الكون يعتمد على القدرات الرصدية لأبعد الاشياء عن موقع الراصد مع مراعاة سرعة توسع الكون، وعليه فكلما زادت دقة الرصد فسيزداد عمر الكون نتيجة لرصد أجسام أبعد، وأبضاً لتغير مُعدل توسع الكون، وهذا ما حدث بالفعل قريبا، فبعد ان كان عمر الكون حوالي ١٢ مليار سنة بحسب تيليسكوب هابل، فقد تم اعادة القياس بطرق اكثر دقة فاصبح يقترب من ١٤ مليار سنة (١٣.٨)، وبالطبع هذا الرقم مرشح للزيادة مع تطور العلم. وبعد إطلاق تلسكوب جيمس ويب للفضاء تبين للعلماء أن هناك نجوم وثقوب سوداء بأحجام ضخمة جدا على بعد حوالي ١٣ مليار سنة، وبها عناصر معدنية ثقيلة، مما جعل العلماء يشككون بقوة في العمر الحالي للكون، فمحال أن تتكون أجسام بهذه الضخامة عند بداية نشأة الكون، وكان أحد الحلول المقترحة هو تعديل عمر الكون ليصل إلى ٢٦ مليار سنة، ولهذا الموضوع مقال خاص بإذن الله، ومؤقتا يمكن مطالعة المقال الآتي عن عمر الكون الجدبد:
Oldest surviving light reveals the universe's true age
www.livescience.com
بعد ما سبق يتبين لنا أنه من الصعب إحتساب عُمر الكون (من بداية خلقه إلى الآن) من القرآن لغياب النص الدال على ذلك، وأن الأبحاث الحالية التي تزعم معرفة عمر الكون من القرآن لا علاقة لها بالإعجاز العلمي.
ولكن الذي يمكن حسابه كمقياس جودة لصدق القرآن عند دراسة آيات سورة فُصلت (قل ءإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين..........الآيات)، هو عقد مقارنة علمية بين مدة خلق الأرض من بداية ظهورها الى تصلب قشرتها، وذلك بدون الجبال والأقوات، ونقارن هذه المدة مع مدة خلق الجبال والأقوات من بدايتها إلى نهايتها، ثم نقارن المدتين مع مدة خلق الغلاف الجوي من بداية تكونه كبخار الى نهاية تكونه كطبقات منفصلة لكل منها وظيفة مُحددة، فاذا تساوات هذه المُدد من الناحية العلمية، فلا شك أن إخبار القرآن بتساوي هذه المُدد (يومان لكل مرحلة) هو صدق لا كذب فيه، ولا اختلاف بين المسطور والمنظور، والله تعالى أعلى وأعلم، اسأل الله أن يوفق أصحاب الاختصاص لحساب هذه المُدد علمياً والمقارنة بينها وبين ما ذكرته آيات سورة فُصلت، وأثق بنسبة ١٠٠ % أن النتيجة ستكون التطابق التام بين المسطور والمنظور.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
ا. م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى
لم يذكر القرآن نص صريح يفيد أن عُمر الكون هو ستة أيام أو غيرها، ولكن ذكر الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، منها يومان لخلق الأرض، ويومان للجبال والأقوات، كما في سورة فُصلت، ويومان لتسوية السماوات الدُخانية.
وارجو ان نلاحظ أن هناك فرق كبير بين مدة خلق الشيء وعمر الشيء بعد انتهاء خلقه، فخلق جنين الإنسان في تسعة اشهر غير عمره بعد الولادة، وعدم التنبه لهذه الملحوظة أوقع كثير من الباحثين في الخطأ عند مقارنة مدة خلق السماوات والأرض في ستة ايام بعمر الكون المرصود من قبل عِلم دراسة الكون . فقديماً عندما قال العلماء عُمر الكون منذ بدأ الى الآن حوالي ١٢ مليار سنة، سارع بعض المتدبرين لكتاب الله بإدعاء ذكر عُمر الكون في كتاب الله، فالعلم رصد عُمر الارض اربع مليارات سنة تقريبا، والقرآن قال عمر الكون ستة ايام، فيمكن حساب عُمر الكون والستة أيام، ولكن اختلفوا في حساباتهم على قولين:
١. فرقة اعتبرت خلق الارض في يومين (خلق الأرض في يومين).
اي ان الله خلق الارض في ثلث مدة خلق السماوات والارض (يومان)، فيفترض ان يكون عمر الكون = ٤ × ٣ = ١٢ مليار.
٢. وقال فريق آخر، بل نحسب خلق الارض ٤ أيام وذلك بعد اتمام خلق الجبال وتقدير أقواتها، وطالما عمر الارض ٤ مليارات سنة، فيكون كل يوم بمليار سنة، ويكون مقدار الستة ايام وعمر الكون هو ستة مليارات سنة.
لا شك ان هناك تسرع واضح في القول بأن القرآن ذكر عمر الكون من النتائج السابقة للأسباب التالية:
١. عدم الاتفاق على تعريف خلق الارض، هل بدون الجبال والأقوات، فيكون يومان، ام بهما فيكون أربعة ايام، وأين الغلاف الجوي؟ أليس من الأرض؟ الم يأخذ مدة كبيرة من العمر حتى يتكون؟ أليس يدخل في خلق السماوات والأرض وما بينهما؟ وسبق ان كتبت مقال بينت فيه أن (ما بينهما) هو الغلاف الجوي الذي يمتد بين السماوات والأرض، وانه داخل في الستة ايام، ويمكن مراجعته على الرابط التالي؛
فلماذا لا نحسب خلق الأرض بجبالها واقواتها وغلافها الجوي في ستة ايام من بعد فتق الرتق؟ حيث ظهرت السماوات والأرض معاً بعد حدث فتق الرتق، فلما قال الله (خلق السماوات والأرض في ستة ايام)، ألا نفهم من ذلك ان الله خلق السماوات في ستة ايام وبالمثل الأرض في ستة أيام؟
٢. ستة ايام خلق السماوات والارض انتهت بانتهاء خلق السماوات والارض، وذلك حين تمت تسوية السماوات فاغطش الله ليلها واخرج ضحاها، وبعض اصحاب التفاسير لا يعُد دحو الارض من ايام الخلق الستة لقول الله بعد اتمام خلق السماء (والأرض بعد ذلك دحاها)، اي بعد خلق السماوات. فإذا كان الدحو خارج الأيام الستة، فكيف نُدخل في الايام الستة كل الاحداث التي جرت إلى يومنا هذا.
٣. سأفترض جدلاً ان الستة ايام تمتد ليومنا (وهو خطأ)، فهل يمكن احتساب عمر الكون بدقة لمعرفة مقدار الأيام الستة؟
الجواب هو لا
لماذا؟
لأن حساب عمر الكون يعتمد على القدرات الرصدية لأبعد الاشياء عن موقع الراصد مع مراعاة سرعة توسع الكون، وعليه فكلما زادت دقة الرصد فسيزداد عمر الكون نتيجة لرصد أجسام أبعد، وأبضاً لتغير مُعدل توسع الكون، وهذا ما حدث بالفعل قريبا، فبعد ان كان عمر الكون حوالي ١٢ مليار سنة بحسب تيليسكوب هابل، فقد تم اعادة القياس بطرق اكثر دقة فاصبح يقترب من ١٤ مليار سنة (١٣.٨)، وبالطبع هذا الرقم مرشح للزيادة مع تطور العلم. وبعد إطلاق تلسكوب جيمس ويب للفضاء تبين للعلماء أن هناك نجوم وثقوب سوداء بأحجام ضخمة جدا على بعد حوالي ١٣ مليار سنة، وبها عناصر معدنية ثقيلة، مما جعل العلماء يشككون بقوة في العمر الحالي للكون، فمحال أن تتكون أجسام بهذه الضخامة عند بداية نشأة الكون، وكان أحد الحلول المقترحة هو تعديل عمر الكون ليصل إلى ٢٦ مليار سنة، ولهذا الموضوع مقال خاص بإذن الله، ومؤقتا يمكن مطالعة المقال الآتي عن عمر الكون الجدبد:
Oldest surviving light reveals the universe's true age

Oldest surviving light reveals the universe's true age
It is 13.77 billion years old, give or take 40 million years.
بعد ما سبق يتبين لنا أنه من الصعب إحتساب عُمر الكون (من بداية خلقه إلى الآن) من القرآن لغياب النص الدال على ذلك، وأن الأبحاث الحالية التي تزعم معرفة عمر الكون من القرآن لا علاقة لها بالإعجاز العلمي.
ولكن الذي يمكن حسابه كمقياس جودة لصدق القرآن عند دراسة آيات سورة فُصلت (قل ءإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين..........الآيات)، هو عقد مقارنة علمية بين مدة خلق الأرض من بداية ظهورها الى تصلب قشرتها، وذلك بدون الجبال والأقوات، ونقارن هذه المدة مع مدة خلق الجبال والأقوات من بدايتها إلى نهايتها، ثم نقارن المدتين مع مدة خلق الغلاف الجوي من بداية تكونه كبخار الى نهاية تكونه كطبقات منفصلة لكل منها وظيفة مُحددة، فاذا تساوات هذه المُدد من الناحية العلمية، فلا شك أن إخبار القرآن بتساوي هذه المُدد (يومان لكل مرحلة) هو صدق لا كذب فيه، ولا اختلاف بين المسطور والمنظور، والله تعالى أعلى وأعلم، اسأل الله أن يوفق أصحاب الاختصاص لحساب هذه المُدد علمياً والمقارنة بينها وبين ما ذكرته آيات سورة فُصلت، وأثق بنسبة ١٠٠ % أن النتيجة ستكون التطابق التام بين المسطور والمنظور.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
ا. م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى