بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) -الأنبياء .. صدق الله العظيم
فى مقدمة سورة الأنبياء نجد إنكار المشركين لدعوة محمد (ص) ، وأنه بشر وساحر وأن ما يقوله هو أضغاث احلام وشاعر ومؤلف للقرآن، فيقول لهم الله تعالى أن كل الأنبياء السابقين كانوا بشرا ((وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ).
أى أسألوا أهل الكتاب عن الأنبياء السابقين ليقولوا لكم أنهم كانوا بشرا يأكلون ويموتون ويغضبون ويمرضون ويبتلون ويصبرون ويتزوجون وينجبون الأبناء والأحفاد ومنهم من كان لا ينجب.
ثم الآية التى تليها : (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ.
أى أن هذا القرآن الكريم به ذكر الأقوام العرب السابقين (عاد وثمود وقوم شعيب)، الذين تمت إبادتهم بعد أن كذبوا أنبيائهم .
فقد ذكر في حديث أبي ذر الغفاري أنه سمع النبي محمديقول في ذكر الأنبياء والمرسلين: منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر .
وبدأ سرد الأنبياء عند (أهل الذكر) من الآية (48) بسورة الأنبياء بموسى وهارون من أنزلت عليه التوراة ثم (الفتى) ابراهيم ولوط وإسحق ويعقوب ونوح وداؤود وسليمان وأيوب واسماعيل وإدريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ثم مريم وإبنها ، عليهم السلام جميعا.
الملاحظ أنه لم يرد ذكر الأنبياء (هود وصالح وشعيب) عليهم السلام فى هذه السورة، لأنهم غير مذكورين فى التوراة ولن يتعرف عليهم (أهل الذكر) إذا ما سألهم المشركون عنهم،
وهذا من دقة القرآن الكريم،
هناك أنبياء أيضا لم يذكروا بالسورة ولكنهم مذكورين فى التوراة والقرآن الكريم، وهم يوسف وأليسع وإلياس، ومعلوم أن يوسف ابن يعقوب كما بالقرآن سورة بإسم يوسف، أما إلياس واليسع، مذكورين بسورة الأنعام وجاء أنهم جميعا من ذرية ابراهيم،
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
والقرآن الكريم لم يشر الى ذلك، لأنه سيكون مثار لخلاف جديد مع أهل الكتاب، فالقرآن فى سورة الأنبياء يسرد الأنبياء المشتركين مع التوراة وختم تلك الآيات :
إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ
والسؤال هنا :
هل تعمد اليهود إخفاء الأنبياء العرب من التوراة؟ والإبقاء على نوح وذرية ابراهيم ؟
فهل قصص هود وصالح وشعيب من الأجزاء التى تم إخفاءها كما الآية :
وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ .
وجاء القرآن ليبيّن للناس هذا المخفى :
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيرا ممّا تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين.
كل البحوث التى قمت بمراجعتها تقول أن هود وصالح وشعيب لم يتم ذكرهم بالتوراة، وأنه يدل على صدق رسولنا محمد (ص)، فكيف عرف الرسول الكريم حوادث تلك الأقوام ؟
ولكن لم يذكر باحث ما هو السبب فى عدم ذكرهم فى التوراة؟! هل نزلت التوراة دون ذكر لهم؟ أم أخفاها بنو إسرائيل لأسباب عنصرية؟ وتاريخ بنى إسرائيل مع الأنبياء لا يستبعد فيه هذا الفعل .
وحدث هذا مع الرسول محمد (ص) هو النبى العربى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة :
الذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
وقام اليهود بإخفاءه ؟!