من خلال قراءة في تفسير سورة البقرة وبخاصة الآيات الواردة في ذكر بن إسرائيل وتحديدا الآيات من 49 حتى 74 ظهرت لي بعض الإشكالات في بعض أقوال المفسرين ، وربما كان الإشكال عائدا إلى النظر في تسلل الأحداث في الايات المذكورة ، والسؤال:
هل الأحداث المذكورة في الآيات وقعت متسلسلة على وفق ورودها في السورة؟
أرجو من الإخوة الفضلاء أن لا يبخلوا علينا بما يفتح الله به عليهم.
[FONT="]مما جاء في الباب الذي ذكره أبو سعد[/FONT][FONT="] :
[/FONT][FONT="]قصة ذبح البقرة وحصول حادثة القتل في بني إسرائيل، فسياق القرآن يشير إلى [/FONT][FONT="]أن بني إسرائيل أُمِروا بذَبْح البقرة ثم سألوا واستفصلوا عن البقرة[/FONT][FONT="] وأوصافها ثم لما ذبحوها قال تعالى { وإذ قتلتم نفساً ... فقلنا اضربوه[/FONT][FONT="] ببعضها } فجمهور المفسرين يقول أن القتل حصل أولاً ثم أمرهم الله بذبح[/FONT][FONT="] البقرة، إلا أن أبا حيان الأندلسي اعترض على هذا في البحر المحيط واختار أن [/FONT][FONT="]حصول القصة التاريخية بحسب سياق القرآن وليس فيها تقديم وتأخير في النزول[/FONT][FONT="] أو في المعنى والسياق التاريخي، فيرى أن الأمر بذبح البقرة حصل قبل القتل،[/FONT][FONT="]ثم حصل القتل فالأمر بضرب القتيل ببعض البقرة[/FONT][FONT="] .
[/FONT][FONT="]
قال أبو حيان في البحر[/FONT][FONT="] :"{[/FONT][FONT="]وإذ قتلتم نفسا } معطوف على قوله تعالى : {وإذ [/FONT][FONT="]قال موسى لقومه} ويجوز أن يكون ترتيب وجودهما ونزولهما على حسب تلاوتهما ،[/FONT][FONT="]فيكون الله قد أَمَرهم بذَبْح البقرة، فذبحوها وهم لا يعلمون بما له تعالى [/FONT][FONT="]فيها من السرِّ ، ثم وقع بعد ذلك أَمْر القتيل، فأظهر لهم ما كان أخفاه [/FONT][FONT="]عنهم من الحكمة بقوله: {اضربوه ببعضها[/FONT][FONT="]}.[/FONT][FONT="]
ولا شيء يضطرنا إلى اعتقاد تقدم قتل القتيل، ثم سألوا عن تعيين قاتله، إذ [/FONT][FONT="]كانوا قد اختلفوا في ذلك ، فأَمَرهم اللهُ بذبح بقرة، فيكون الأمر [/FONT][FONT="]بالذَّبْح متقدِّماً في النزول والتلاوة، متأخراً في الوجود ، ويكون قتل [/FONT][FONT="]القتيل متأخراً في النزول والتلاوة، متقدِّماً في الوجود، ولا إلى اعتقاد [/FONT][FONT="]كون الأَمْر بالذَّبْح وما بعده مؤخراً في النزول ، متقدِّماً في التلاوة ، [/FONT][FONT="]والإخبار عن قتلهم مقدماً في النزول، مؤخراً في التلاوة ، دون تعرُّض[/FONT][FONT="] لزمان وجود القصتين[/FONT][FONT="] .[/FONT][FONT="]
وإنما حَمَل مَنْ حَمَل على خلافِ الظاهر اعتبارُ ما رووا من القصص الذي لا[/FONT][FONT="]تصح ، إذ لم يرد به كتاب ولا سنة ، ومتى أمكن حمل الشيء على ظاهره كان[/FONT][FONT="] أولى ، إذ العدول عن الظاهر إلى غير الظاهر ، إنما يكون لمرجح ، ولا مرجح ،[/FONT][FONT="] بل تظهر الحكمة البالغة في تكليفهم أولاً ذبح بقرة، هل يمتثلون ذلك أم[/FONT][FONT="]لا؟ وامتثال التكاليف التي لا يظهر فيها ببادىء الرأي حكمة أعظم من امتثال [/FONT][FONT="]ما تظهر فيه حكمة ، لأنها طواعية صرف ، وعبودية محضة ، واستسلام خالص ،[/FONT][FONT="]بخلاف ما تظهر له حكمة ، فإن في العقل داعية إلى امتثاله ، وحضاً على العمل[/FONT][FONT="] به... وقد بينا حمل الآيتين على أن الأمر بالذبح يكون متقدِّماً وأن القتل [/FONT][FONT="]تأخر ، كحالهما في التلاوة".[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]وفي الكلام السابق بعض النقاش ومن ذلك[/FONT][FONT="]:
- [/FONT][FONT="]مسألة التقديم والتأخير لدى أبي حيان فيها نقاش طويل فهو يميل إلى عدم[/FONT][FONT="] القول به في أكثر من موضع، ومن ذلك ما قاله في البحر: "والتقديم والتأخير ذكر أصحابنا أنه من[/FONT][FONT="] الضرائر،فينبغي أن يُنَزَّه القرآن عنه".
ولهذا فيظهر أن دافعه لما قال[/FONT][FONT="] مِنْ قول في قصة ذَبْح البقرة هو هذا السبب، وعليه فيكون نقاشه حول ما بَنى[/FONT][FONT="] عليه مسألته قبل نقاشه في قصة البقرة، فالنقاش بداية في المسألة الكُلِّية [/FONT][FONT="]خير من الولوج في الجزئيات التي قد يستمر الخلاف فيها[/FONT][FONT="].
كما أن معرفة منهج القائل وطريقته في الاستدلال تعين في معرفة منزعه لما يقول به ومن ثم التأمل والنقاش.
- [/FONT][FONT="]لو كان الأمر بذبح البقرة محض تعبد بدون[/FONT][FONT="] إظهار المقصد من ذلك لما تعجب[/FONT][FONT="] بنو إسرائيل وقالوا { أتتخذنا هزواً } لأن ذبح[/FONT][FONT="] البقرة كذبح الشاة أو البعير[/FONT][FONT="] وكصرف أي عبادة لله، فهي عبودية لله قد يظهر [/FONT][FONT="]مقصدها وقد يغيب فما هو[/FONT][FONT="] الدافع لاستنكار بني إسرائيل لو كان الحال كذلك؟[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]ويترك باقي الحديث لصاحب الموضوع [/FONT][FONT="]...[/FONT]
أشكر للأخ الفاضل محمد رشيد مداخلته
وأقول : غرضي من المشاركة هو الحصول على أكبر قدر من الفائدة ولهذا طرحت الموضوع على شكل سؤال ربما أفصح الجواب عليه عن كثير من الجوانب التي قد لا تخطر على بالنا.
كما أشكر الأخ الفاضل حاتم القرشي على مداخلته المفيدة حيث ذكر فوائد متعددة في الجزئية التي تحدث عنها ولربما فتحت أمام النقاش مسارات متفرعة أرجو أن ينفع الله بها.
ثم أضيف أسئلة إلى سؤالي السابق السؤال التالي:
هل قتل بنو إسرائيل أنفسهم كما أمرهم موسى ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ في الآية 54؟
وسؤال آخر:
هل طلبهم أن يروا الله كان قبل العفو عن عبادة العجل أو بعده ؟
وسؤال آخر:
هل كان بنوا إسرائيل مؤمنين بموسى حين خرج بهم من مصر ؟
