محمود عبدالله إبراهيم نجا
New member
لطالما سخر أعداء الإسلام من قول الله عن النمل (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)، وذلك لأن لفظة التحطم يُفهم منها أن النمل فيه شيء من الصلابة، بحيث إذا وطأته الأقدام فإن هذا الشيء الصُلب يتكسر بصوت تسمعه الآذان، وهذا الفهم بخلاف ما تدركه حواس البشر من أن النمل له أجساد رخوة يسهل فعصها، وبالتالي ظن أعداء الإسلام أنهم وجدوا اختلافاً بين القرآن ومعارف البشر، فيكون القرآن من عند غير الله.
فأقول وبالله التوفيق، مُحال أن يحدث اختلاف بين الفهم السليم للقرآن ومعارف البشر الصحيحة، وطالما وصف الله النمل بالتحطم، فالوصف واضح صحيح، ولكن معارف البشر حتى وقت قريب كانت خطأ، فليس كل ما في الكون قابل للإدراك والرصد بحواس البشر المُعتادة، وهنا يتجلى إعجاز القرآن في وصفه لأشياء خارج التصور البشري عند نزول القرآن، ثم قال عنها (ولتعلمن نبأه بعد حين)، فأثبت العلم حديثاً أن النمل له هياكل كيتينية مُدعمة ببعض العناصر المعدنية، فيكون له درجة صلابة أو قساوة تكاد تشبه الأصداف أو العظام الرقيقة، بل وأصبح العلم قادراً على قياس درجة صلابة هياكل النمل بمقاييس علمية معينة تمكننا من إدراك صلابة وتحطم ما لا يمكن سماع تحطمه بالآذان، وإليكم التفصيل.
■ هل هياكل النمل زجاجية كما يشيع بين بعض المسلمين؟
انتشر بين بعض المسلمين بالخطأ أن النمل له هياكل زجاجية، وأن هذا هو السبب العلمي خلف قول الله عن النمل (لا يحطمنكم سليمان وجنوده)، فتتكسر أجسادها عندما تطأها الأقدام، وللأسف بعض من تكلموا في إعجاز الآية بدون تحقيق علمي نقلوا هذا الخطأ في كتاباتهم ظناً منهم أنه صحيح، مع أنه من الفبركات المُنتشرة بدون سند علمي، فلا يوجد بحث علمي يقول بوجود مادة زجاجية في هياكل النمل، وكل ما هنالك أن بعض الأبحاث وجدت أن إضافة السيليكا (عنصر الزجاج) إلى المواد الكيتينية (شبيهة هياكل النمل)، سوف ينتج مادة أكثر صلابة، وهذا أمر يتم في المعامل وليس في الطبيعة (1). وأيضاً يوجد نوع نادر من النمل يقوم بصناعة السيليكا لاستخدامها في تقوية مساكنه ليتمكن من رفعها لأمتار فوق سطح الأرض (2)، وقد تم تسمية هذا النوع النمل الزحاجي (Glass ant) ولكن لم يقل احد أن الزجاج دخل في تركيب هياكله. وأخيراً يوجد نوع من النمل تتميز هياكله الخارجية بلمعة خاصة جدا وكأنها من الزجاج أو الحديد المصقول، وهو المعروف باسم (Pirate ant)، ولكن الأبحاث العلمية اكتشفت أن هذه اللمعة تحدث بسبب تراكب مجموعة خاصة من الصبغات الموجودة في هياكل هذا النمل، فتعطي هذه اللمعة التي تُخيف المُفترسات (3).
■ ما هو سبب صلابة هياكل النمل، وقابليتها للتحطم؟
مع التقدم العلمي في عصرنا الحديث اكتشف العلماء الدليل على امتلاك النمل هياكل كيتينية صُلبة، والبعض منها مثل النمل قاطع الأوراق يمتلك دروعاً معدنية تحتوي على نسبة كبيرة من كالسيت المغنسيوم، والذي يعطيه صلابة تكاد تشبه الأصداف والعظام الرقيقة.
1. تركيب الهياكل الكيتينية للنمل، وقياس مدى صلابتها
تدخل مادة الكيتين في تركيب الكثير من الأصداف، وهياكل الحشرات، وهي بوليمرات طويلة السلسلة تتركب من مشتقات السكريات الجلوكوزية، وهو شبيه بالسليلوز ولكن أكثر صلابة لأن الروابط بداخله تعتمد على الأسيتيل أمين، فتنشأ روابط هيدروجينية قوية بين بوليميرات الكيتين المجاورة، فتعطي المزيد من الصلابة. وهياكل الحشرات ومنها النمل لا تعتمد على الكيتين فقط، ولكن تكتسب المزيد من الصلابة والقساوة بإضافة البروتين والمعادن مثل الكالسيوم والماغنيسيوم والزنك وبنسب مختلفة، وتعرف عملية إضافة المعادن لهياكل الحشرات والنمل باسم التمعدن الحيوي (Biomineralization)، وهي عملية شديدة التعقيد (4-5).
ولقياس درجة قساوة المادة الكيتينية، هناك مقياس خاص للقساوة (Degree of hardness)، يمكن به التفريق بين القاسي الذي يتحطم والرخو أو اللين، فالقاسي اذا تم وضعه تحت ضغط فإنه تتولد به شقوق (cracks)، وخصوصاً مع زيادة قساوة الكيتين ببعض الاملاح المعدنية مثل الكالسيوم والماغنيسيوم، وهما عنصران اساسيان في عظام الكائنات الحية. وعند قياس درجة قساوة هياكل الكيتين عند بعض أنواع النمل، وجد العلماء أن درجة القساوة تبدأ من 0.73، وقد تصل للضعف 1.5 عند إضافة أملاح الكالسيوم، والماغنيسيوم (6). مع ملاحظة أن درجة قساوة 1.5 بحسب مقاييس الصلابة (Mohs scale)، تقترب من قساوة معدن الرصاص، والقصدير (7).
2. الدروع المعدنية للنمل قاطع الأوراق
في دراسة أمريكية حديثة أجراها باحثون من جامعة (University of Wisconsin-Madison)، ونشرت نتائجها في دورية (Nature Communications)، حلل العلماء الغطاء الحبيبي الأبيض الذي يكسو النمل قاطع الأوراق من نوع (Acromyrmex echinatior)، فوجدوا أن له دروع معدنية واقية تحميه من المخاطر الخارجية. وباستخدام عدد من التقنيات التصويرية كالمجهر الإلكتروني استطاع الفريق تصوير البلورات المعدنية التي تغطي الهيكل الخارجي للنمل، فوجدوا أن الغطاء الخارجي يتكون من طبقة رقيقة من بلورات كالسيت المغنسيوم مُعينية الشكل والتي يبلغ حجم الواحدة منها من 3 إلى 5 ميكرومترات، وهذه البلورات تكاد تشبه في تركيبها المادة العظمية. وهذه الأغطية وإن كانت تُعد أمراً طبيعياً عندما نراها كأصداف صلبة تغطي أجسام القشريات مثل الكركند (جراد البحر)، إلا أنه كان أمراً مثيراً للإستغراب عند إكتشافه في النمل. ولمعرفة الدور الذي تلعبه هذه الأغطية المعدنية بالنسبة للنمل، وضع العلماء النمل الممتلك لهذه الدروع وغير الممتلك لها في معارك تجريبيه مع جيوش أخرى من النمل من نوع (Atta cephalotes)، واكتشف العلماء أن النمل الذي يمتلك هذه الدروع كان أكثر حماية من غيره الذي لا يمتلكها. كما أن النمل الذي امتلك هذه الأغطية الصلبة كان أكثر وقاية من المُمرِضَات الفطرية (6).
■ خلاصة ما سبق
مما سبق يتبين لنا أن كلمة (يحطمنكم) في حق النمل كلمة معجزة، فلا أحد في زمن النبي كان يملك الأدوات اللازمة لقياس درجة صلابة المواد ليعرف هل تتحطم أو تُفعص، ولكن القرآن حدد ذلك بدقة شديدة. وإذا عرفنا أن النمل قاطع الأوراق له أصناف عديدة تصل إلى ٣٩ صنف ( species)، وتنتشر في أماكن عديدة من العالم، فبالتالي لا مانع عقلاً من أن يكون نبي الله سليمان قد مر ببعض مستعمرات هذا النوع، فسمع الخطاب الذي تم بين أفراد النمل، والذي أثبت فيه الله أن للنمل هياكل صُلبة قابلة للتحطم، والله تعالى أعلى وأعلم.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك، وما كان من خطأ أو سهوٍ، أو زلل، أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
■ المراجع
1. PeakForce QNM AFM study of chitin-silica hybrid films
2. Glass ant
3. The pirate ant: A new species from the Philippines with a bizarre pigmentation pattern
4. Insect Cuticular Chitin Contributes to Form and Function
5. Biomineralization
6. Biomineral armor in leaf-cutter ants
7. Mohs scale
فأقول وبالله التوفيق، مُحال أن يحدث اختلاف بين الفهم السليم للقرآن ومعارف البشر الصحيحة، وطالما وصف الله النمل بالتحطم، فالوصف واضح صحيح، ولكن معارف البشر حتى وقت قريب كانت خطأ، فليس كل ما في الكون قابل للإدراك والرصد بحواس البشر المُعتادة، وهنا يتجلى إعجاز القرآن في وصفه لأشياء خارج التصور البشري عند نزول القرآن، ثم قال عنها (ولتعلمن نبأه بعد حين)، فأثبت العلم حديثاً أن النمل له هياكل كيتينية مُدعمة ببعض العناصر المعدنية، فيكون له درجة صلابة أو قساوة تكاد تشبه الأصداف أو العظام الرقيقة، بل وأصبح العلم قادراً على قياس درجة صلابة هياكل النمل بمقاييس علمية معينة تمكننا من إدراك صلابة وتحطم ما لا يمكن سماع تحطمه بالآذان، وإليكم التفصيل.
■ هل هياكل النمل زجاجية كما يشيع بين بعض المسلمين؟
انتشر بين بعض المسلمين بالخطأ أن النمل له هياكل زجاجية، وأن هذا هو السبب العلمي خلف قول الله عن النمل (لا يحطمنكم سليمان وجنوده)، فتتكسر أجسادها عندما تطأها الأقدام، وللأسف بعض من تكلموا في إعجاز الآية بدون تحقيق علمي نقلوا هذا الخطأ في كتاباتهم ظناً منهم أنه صحيح، مع أنه من الفبركات المُنتشرة بدون سند علمي، فلا يوجد بحث علمي يقول بوجود مادة زجاجية في هياكل النمل، وكل ما هنالك أن بعض الأبحاث وجدت أن إضافة السيليكا (عنصر الزجاج) إلى المواد الكيتينية (شبيهة هياكل النمل)، سوف ينتج مادة أكثر صلابة، وهذا أمر يتم في المعامل وليس في الطبيعة (1). وأيضاً يوجد نوع نادر من النمل يقوم بصناعة السيليكا لاستخدامها في تقوية مساكنه ليتمكن من رفعها لأمتار فوق سطح الأرض (2)، وقد تم تسمية هذا النوع النمل الزحاجي (Glass ant) ولكن لم يقل احد أن الزجاج دخل في تركيب هياكله. وأخيراً يوجد نوع من النمل تتميز هياكله الخارجية بلمعة خاصة جدا وكأنها من الزجاج أو الحديد المصقول، وهو المعروف باسم (Pirate ant)، ولكن الأبحاث العلمية اكتشفت أن هذه اللمعة تحدث بسبب تراكب مجموعة خاصة من الصبغات الموجودة في هياكل هذا النمل، فتعطي هذه اللمعة التي تُخيف المُفترسات (3).
■ ما هو سبب صلابة هياكل النمل، وقابليتها للتحطم؟
مع التقدم العلمي في عصرنا الحديث اكتشف العلماء الدليل على امتلاك النمل هياكل كيتينية صُلبة، والبعض منها مثل النمل قاطع الأوراق يمتلك دروعاً معدنية تحتوي على نسبة كبيرة من كالسيت المغنسيوم، والذي يعطيه صلابة تكاد تشبه الأصداف والعظام الرقيقة.
1. تركيب الهياكل الكيتينية للنمل، وقياس مدى صلابتها
تدخل مادة الكيتين في تركيب الكثير من الأصداف، وهياكل الحشرات، وهي بوليمرات طويلة السلسلة تتركب من مشتقات السكريات الجلوكوزية، وهو شبيه بالسليلوز ولكن أكثر صلابة لأن الروابط بداخله تعتمد على الأسيتيل أمين، فتنشأ روابط هيدروجينية قوية بين بوليميرات الكيتين المجاورة، فتعطي المزيد من الصلابة. وهياكل الحشرات ومنها النمل لا تعتمد على الكيتين فقط، ولكن تكتسب المزيد من الصلابة والقساوة بإضافة البروتين والمعادن مثل الكالسيوم والماغنيسيوم والزنك وبنسب مختلفة، وتعرف عملية إضافة المعادن لهياكل الحشرات والنمل باسم التمعدن الحيوي (Biomineralization)، وهي عملية شديدة التعقيد (4-5).
ولقياس درجة قساوة المادة الكيتينية، هناك مقياس خاص للقساوة (Degree of hardness)، يمكن به التفريق بين القاسي الذي يتحطم والرخو أو اللين، فالقاسي اذا تم وضعه تحت ضغط فإنه تتولد به شقوق (cracks)، وخصوصاً مع زيادة قساوة الكيتين ببعض الاملاح المعدنية مثل الكالسيوم والماغنيسيوم، وهما عنصران اساسيان في عظام الكائنات الحية. وعند قياس درجة قساوة هياكل الكيتين عند بعض أنواع النمل، وجد العلماء أن درجة القساوة تبدأ من 0.73، وقد تصل للضعف 1.5 عند إضافة أملاح الكالسيوم، والماغنيسيوم (6). مع ملاحظة أن درجة قساوة 1.5 بحسب مقاييس الصلابة (Mohs scale)، تقترب من قساوة معدن الرصاص، والقصدير (7).
2. الدروع المعدنية للنمل قاطع الأوراق
في دراسة أمريكية حديثة أجراها باحثون من جامعة (University of Wisconsin-Madison)، ونشرت نتائجها في دورية (Nature Communications)، حلل العلماء الغطاء الحبيبي الأبيض الذي يكسو النمل قاطع الأوراق من نوع (Acromyrmex echinatior)، فوجدوا أن له دروع معدنية واقية تحميه من المخاطر الخارجية. وباستخدام عدد من التقنيات التصويرية كالمجهر الإلكتروني استطاع الفريق تصوير البلورات المعدنية التي تغطي الهيكل الخارجي للنمل، فوجدوا أن الغطاء الخارجي يتكون من طبقة رقيقة من بلورات كالسيت المغنسيوم مُعينية الشكل والتي يبلغ حجم الواحدة منها من 3 إلى 5 ميكرومترات، وهذه البلورات تكاد تشبه في تركيبها المادة العظمية. وهذه الأغطية وإن كانت تُعد أمراً طبيعياً عندما نراها كأصداف صلبة تغطي أجسام القشريات مثل الكركند (جراد البحر)، إلا أنه كان أمراً مثيراً للإستغراب عند إكتشافه في النمل. ولمعرفة الدور الذي تلعبه هذه الأغطية المعدنية بالنسبة للنمل، وضع العلماء النمل الممتلك لهذه الدروع وغير الممتلك لها في معارك تجريبيه مع جيوش أخرى من النمل من نوع (Atta cephalotes)، واكتشف العلماء أن النمل الذي يمتلك هذه الدروع كان أكثر حماية من غيره الذي لا يمتلكها. كما أن النمل الذي امتلك هذه الأغطية الصلبة كان أكثر وقاية من المُمرِضَات الفطرية (6).
■ خلاصة ما سبق
مما سبق يتبين لنا أن كلمة (يحطمنكم) في حق النمل كلمة معجزة، فلا أحد في زمن النبي كان يملك الأدوات اللازمة لقياس درجة صلابة المواد ليعرف هل تتحطم أو تُفعص، ولكن القرآن حدد ذلك بدقة شديدة. وإذا عرفنا أن النمل قاطع الأوراق له أصناف عديدة تصل إلى ٣٩ صنف ( species)، وتنتشر في أماكن عديدة من العالم، فبالتالي لا مانع عقلاً من أن يكون نبي الله سليمان قد مر ببعض مستعمرات هذا النوع، فسمع الخطاب الذي تم بين أفراد النمل، والذي أثبت فيه الله أن للنمل هياكل صُلبة قابلة للتحطم، والله تعالى أعلى وأعلم.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك، وما كان من خطأ أو سهوٍ، أو زلل، أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
■ المراجع
1. PeakForce QNM AFM study of chitin-silica hybrid films
2. Glass ant
3. The pirate ant: A new species from the Philippines with a bizarre pigmentation pattern
The pirate ant: A new species from the Philippines with a bizarre pigmentation pattern
Scientists discovered a new enigmatic species of ant coming from the Philippines. Cardiocondyla pirata or the pirate ant engages the imagination with a bizarre pigmentation pattern that has no equivalent worldwide. The female castes in the colonies of these species can be recognized by a...
phys.org
4. Insect Cuticular Chitin Contributes to Form and Function
Insect Cuticular Chitin Contributes to Form and Function - PMC
Chitin contributes to the rigidity of the insect cuticle and serves as an attachment matrix for other cuticular proteins. Deficiency of chitin results in abnormal embryos, cuticular structural defects and growth arrest. When chitin is not turned ...
pmc.ncbi.nlm.nih.gov
5. Biomineralization
Biomineralization - Wikipedia
en.m.wikipedia.org
6. Biomineral armor in leaf-cutter ants
Biomineral armor in leaf-cutter ants - Nature Communications
Biomineral armour is known in a number of diverse creatures but has not previously been observed in insects. Here, the authors report on the discovery and characterization of high-magnesium calcite armour which overlays the exoskeletons of leaf-cutter ants.
www.nature.com
7. Mohs scale
Mohs scale - Wikipedia
en.m.wikipedia.org