خلوصي
New member
- إنضم
- 20/09/2008
- المشاركات
- 377
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- عالم النور و الإيمان المكي
- الموقع الالكتروني
- www.nuronline.com
الكلمة التي كشفتْ عن لغز الكون وطلسمه وحلّت سراً عظيماً من اسرار القرآن الحكيم
الكلمة الثلاثون
حرف من كتاب (أنا) الكبير
نقطة من بحر (الذرة) العظيم
هذه الكلمة عبارة عن مقصدين:
المقصد الاول:
يبحث في ماهية (أنا) ونتائجها.
المقصد الثاني:
يبحث في حركة (الذرة) ووظائفها.
المقصد الاول
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملْنَهاوأشفَقنَ منها وَحَمَلها الانسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً [
الكلمة الثلاثون
حرف من كتاب (أنا) الكبير
نقطة من بحر (الذرة) العظيم
هذه الكلمة عبارة عن مقصدين:
المقصد الاول:
يبحث في ماهية (أنا) ونتائجها.
المقصد الثاني:
يبحث في حركة (الذرة) ووظائفها.
المقصد الاول
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملْنَهاوأشفَقنَ منها وَحَمَلها الانسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً [
من الخزينة العظمى لهذه الآية الجليلة، سنشير إلى جوهرة واحدة من جواهرها، وهي: أن الأمانة التي أبَت السمواتُ والارضُ والجبالُ ان يحملنها، لها معانٍ عدة، ولها وجوه كثيرة. فمعنىً من تلك المعاني، ووجهٌ من تلك الوجوه، هو :
( أنا ).
نعم ! إن ( أنا ) بذرةٌ، نشأت منها شجرة
طوبى نورانية عظيمة، وشجرة زقوم رهيبة،
تمدان أغصانَهما وتنشران فروعَهما في أرجاء عالم الانسان من لدن آدم عليه السلام الى الوقت الحاضر.
وقبل أن نخوض في هذه الحقيقة الواسعة نبين بين يديها (مقدمة) تيسّر فهمها. وهي:
المقدمة
ان ( أنا ) مفتاح؛ يفتح الكنوز المخفية للأسماء الإلهية الحسنى، كما يفتح مغاليق الكون. فهو بحد ذاته طلسمٌ عجيب، ومعمىً غريب.
ولكن بمعرفة ماهية (أنا) ينحَلّ ذلك الطلسم العجيب وينكشف ذلك المعمى الغريب (أنا) وينفتح بدوره لغز الكون، وكنوز عالم الوجوب.
وقد ذكرنا ما يخص هذه المسألة في رسالة ( شمة من نسيم هداية القرآن ) كالآتي:
((اعلم! أن مفتاح العالم بيد الانسان، وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب ظاهراً إلاّ أنها منغلقة حقيقةً فالحق سبحانه وتعالى أودع من جهة الأمانة في الانسان مفتاحاً يفتح كل أبواب العالم، وطلسماً يفتح به الكنوز المخفية لخلاّق الكون، والمفتاح هو ما فيك من (أنا). إلاّ أن (أنا) ايضاً معمىً مغلق وطلسم منغلق. فاذا فتحتَ (أنا) بمعرفة ماهيته الموهومة وسر خلقته انفتح لك طلسم الكائنات كالآتي )) :
إن الله جلّ جلاله وضع بيد الانسان أمانةً هي: (أنا) الذي ينطوي على إشارات ونماذج يستدل بها على حقائق اوصاف ربوبيته الجليلة وشؤونها المقدسة. اي يكون (أنا) وحدة قياسية تُعرَف بها اوصاف الربوبية وشؤون الالوهية.
ومن المعلوم أنه لا يلزم أن يكون للوحدة القياسية وجود حقيقي، بل يمكن أن تركَّب وحدة قياسية بالفرض والخيال، كالخطوط الافتراضية في علم الهندسة. أي لا يلزم لـ(أنا) أن يكون له وجود حقيقي بالعلم والتحقيق.
سؤال: لِمَ ارتبطت معرفة صفات الله جلّ جلاله واسمائه الحسنى (بأنانية) (1) الانسان؟
الجواب: إن الشئ المطلق والمحيط، لا يكون له حدود ولانهاية؛ فلا يُعطى له شكل ولا يُحكَم عليه بحكم، وذلك لعدم وجود وجه تعيّنٍ وصورةٍ له؛ لذا لاتُفهم حقيقة ماهيته.
فمثلاً: الضياء الدائم الذي لا يتخلله ظلام ، لا يُشعَر به ولا يُعرَف وجودُه إلاّ إذا حُدّد بظلمة حقيقية أو موهومة.
وهكذا، فإن صفاتِ الله سبحانه وتعالى كالعلم والقدرة وأسماءَه الحسنى كالحكيم والرحيم لأنها مطلقة لا حدود لها ومحيطة بكل شئ، لا شريك لها ولاندّ، لايمكن الإحاطة بها أو تقييدها بشئ، فلا تُعرف ماهيتها، ولا يُشعر بها؛ لذا لابد من وضع حدٍّ فرضي وخيالي لتلك الصفات والأسماء المطلقة، ليكون وسيلة لفهمها حيث لا حدود ولا نهاية حقيقية لها وهذا ما تفعله (الأنانية) أي ما يقوم به (أنا)؛ إذ يتصور في نفسه ربوبيةً موهومة، ومالكيةً مفترضة وقدرة وعلماً، فيحدّ حدوداً معينة، ويضع بها حداً موهوماً لصفاتٍ محيطة وأسماء مطلقة فيقول مثلاً: من هنا الى هناك لي، ومن بعده يعود الى تلك الصفات. أي: يضع نوعاً من تقسيم الأمور، ويستعد بهذا الى فهم ماهية تلك الصفات غير المحدودة شيئاً فشيئاً، وذلك بما لديه من موازين صغيرة ومقاييس بسيطة.
فمثلاً: يفهم بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة مُلكه، ربوبيةَ خالقه المطلقة سبحانه وتعالى في دائرة الممكنات.
ويدرك بمالكيته الظاهرية، مالكيةَ خالقه الحقيقية، فيقول: كما أنني مالك لهذا البيت فالخالق سبحانه كذلك مالك لهذا الكون.
ويعلم بعلمه الجزئي، علمَ الله المطلق.
ويعرف بمهارته المكتسبة الجزئية، بدائعَ الصانع الجليل، فيقول مثلاً: كما أنني شيدتُ هذه الدار ونظّمتها، كذلك لابد من منشئ لدار الدنيا ومنظّم لها.
وهكذا.. فقد اندرجت في (أنا) آلاف الاحوال والصفات والمشاعر المنطوية على آلاف الاسرار المغلقة التي تستطيع أن تدل وتبيّن ـ الى حدٍ ما ـ الصفات الإلهية وشؤونها الحكيمة كلها.
أي أن (أنا) لايحمل في ذاته معنىً، بل يدل على معنىً في غيره ؛ كالمرآة العاكسة، والوحدة القياسية، وآلة الانكشاف، والمعنى الحرفي فهو شعرةٌ حساسة من حبل وجود الانسان الجسيم وهو خيط رفيع من نسيج ثوب ماهية البشر..
وهو حرف (ألفٍ) في كتاب شخصية بنى آدم، بحيث ان ذلك الحرف له وجهان:
وجه متوجه إلى الخير والوجود؛ فهو في هذا الوجه يتلقى الفيض ويقبله فحسب، أي يقبل الإفاضة عليه فقط؛ إذ هو عاجز عن ايجاد شئ في هذا الوجه، أي: ليس فاعلاً فيه، لأن يده قصيرة لا تملك قدرة الايجاد.
والوجه الآخر متوجه الى الشر، ويُفضي إلى العدم؛ فهو في هذا الوجه فاعل، وصاحب فعل.
ثم إن ماهية (أنا) حرفية، أي يدل على معنىً في غيره، فربوبيته خيالية، ووجوده ضعيف وهزيل الى حدٍ لايطيق أن يحمل بذاته اي شئ كان، ولا يطيق أن يُحمَل عليه شئ، بل هو ميزان ليس إلاّ؛ يبين صفات الله تعالى التي هي مطلقة ومحيطة بكل شئ، بمثل ما يبيّن ميزانُ الحرارة وميزان الهواء والموازين الاخرى مقاديرَ الاشياء ودرجاتها.
( أنا ).
نعم ! إن ( أنا ) بذرةٌ، نشأت منها شجرة
طوبى نورانية عظيمة، وشجرة زقوم رهيبة،
تمدان أغصانَهما وتنشران فروعَهما في أرجاء عالم الانسان من لدن آدم عليه السلام الى الوقت الحاضر.
وقبل أن نخوض في هذه الحقيقة الواسعة نبين بين يديها (مقدمة) تيسّر فهمها. وهي:
المقدمة
ان ( أنا ) مفتاح؛ يفتح الكنوز المخفية للأسماء الإلهية الحسنى، كما يفتح مغاليق الكون. فهو بحد ذاته طلسمٌ عجيب، ومعمىً غريب.
ولكن بمعرفة ماهية (أنا) ينحَلّ ذلك الطلسم العجيب وينكشف ذلك المعمى الغريب (أنا) وينفتح بدوره لغز الكون، وكنوز عالم الوجوب.
وقد ذكرنا ما يخص هذه المسألة في رسالة ( شمة من نسيم هداية القرآن ) كالآتي:
((اعلم! أن مفتاح العالم بيد الانسان، وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب ظاهراً إلاّ أنها منغلقة حقيقةً فالحق سبحانه وتعالى أودع من جهة الأمانة في الانسان مفتاحاً يفتح كل أبواب العالم، وطلسماً يفتح به الكنوز المخفية لخلاّق الكون، والمفتاح هو ما فيك من (أنا). إلاّ أن (أنا) ايضاً معمىً مغلق وطلسم منغلق. فاذا فتحتَ (أنا) بمعرفة ماهيته الموهومة وسر خلقته انفتح لك طلسم الكائنات كالآتي )) :
إن الله جلّ جلاله وضع بيد الانسان أمانةً هي: (أنا) الذي ينطوي على إشارات ونماذج يستدل بها على حقائق اوصاف ربوبيته الجليلة وشؤونها المقدسة. اي يكون (أنا) وحدة قياسية تُعرَف بها اوصاف الربوبية وشؤون الالوهية.
ومن المعلوم أنه لا يلزم أن يكون للوحدة القياسية وجود حقيقي، بل يمكن أن تركَّب وحدة قياسية بالفرض والخيال، كالخطوط الافتراضية في علم الهندسة. أي لا يلزم لـ(أنا) أن يكون له وجود حقيقي بالعلم والتحقيق.
سؤال: لِمَ ارتبطت معرفة صفات الله جلّ جلاله واسمائه الحسنى (بأنانية) (1) الانسان؟
الجواب: إن الشئ المطلق والمحيط، لا يكون له حدود ولانهاية؛ فلا يُعطى له شكل ولا يُحكَم عليه بحكم، وذلك لعدم وجود وجه تعيّنٍ وصورةٍ له؛ لذا لاتُفهم حقيقة ماهيته.
فمثلاً: الضياء الدائم الذي لا يتخلله ظلام ، لا يُشعَر به ولا يُعرَف وجودُه إلاّ إذا حُدّد بظلمة حقيقية أو موهومة.
وهكذا، فإن صفاتِ الله سبحانه وتعالى كالعلم والقدرة وأسماءَه الحسنى كالحكيم والرحيم لأنها مطلقة لا حدود لها ومحيطة بكل شئ، لا شريك لها ولاندّ، لايمكن الإحاطة بها أو تقييدها بشئ، فلا تُعرف ماهيتها، ولا يُشعر بها؛ لذا لابد من وضع حدٍّ فرضي وخيالي لتلك الصفات والأسماء المطلقة، ليكون وسيلة لفهمها حيث لا حدود ولا نهاية حقيقية لها وهذا ما تفعله (الأنانية) أي ما يقوم به (أنا)؛ إذ يتصور في نفسه ربوبيةً موهومة، ومالكيةً مفترضة وقدرة وعلماً، فيحدّ حدوداً معينة، ويضع بها حداً موهوماً لصفاتٍ محيطة وأسماء مطلقة فيقول مثلاً: من هنا الى هناك لي، ومن بعده يعود الى تلك الصفات. أي: يضع نوعاً من تقسيم الأمور، ويستعد بهذا الى فهم ماهية تلك الصفات غير المحدودة شيئاً فشيئاً، وذلك بما لديه من موازين صغيرة ومقاييس بسيطة.
فمثلاً: يفهم بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة مُلكه، ربوبيةَ خالقه المطلقة سبحانه وتعالى في دائرة الممكنات.
ويدرك بمالكيته الظاهرية، مالكيةَ خالقه الحقيقية، فيقول: كما أنني مالك لهذا البيت فالخالق سبحانه كذلك مالك لهذا الكون.
ويعلم بعلمه الجزئي، علمَ الله المطلق.
ويعرف بمهارته المكتسبة الجزئية، بدائعَ الصانع الجليل، فيقول مثلاً: كما أنني شيدتُ هذه الدار ونظّمتها، كذلك لابد من منشئ لدار الدنيا ومنظّم لها.
وهكذا.. فقد اندرجت في (أنا) آلاف الاحوال والصفات والمشاعر المنطوية على آلاف الاسرار المغلقة التي تستطيع أن تدل وتبيّن ـ الى حدٍ ما ـ الصفات الإلهية وشؤونها الحكيمة كلها.
أي أن (أنا) لايحمل في ذاته معنىً، بل يدل على معنىً في غيره ؛ كالمرآة العاكسة، والوحدة القياسية، وآلة الانكشاف، والمعنى الحرفي فهو شعرةٌ حساسة من حبل وجود الانسان الجسيم وهو خيط رفيع من نسيج ثوب ماهية البشر..
وهو حرف (ألفٍ) في كتاب شخصية بنى آدم، بحيث ان ذلك الحرف له وجهان:
وجه متوجه إلى الخير والوجود؛ فهو في هذا الوجه يتلقى الفيض ويقبله فحسب، أي يقبل الإفاضة عليه فقط؛ إذ هو عاجز عن ايجاد شئ في هذا الوجه، أي: ليس فاعلاً فيه، لأن يده قصيرة لا تملك قدرة الايجاد.
والوجه الآخر متوجه الى الشر، ويُفضي إلى العدم؛ فهو في هذا الوجه فاعل، وصاحب فعل.
ثم إن ماهية (أنا) حرفية، أي يدل على معنىً في غيره، فربوبيته خيالية، ووجوده ضعيف وهزيل الى حدٍ لايطيق أن يحمل بذاته اي شئ كان، ولا يطيق أن يُحمَل عليه شئ، بل هو ميزان ليس إلاّ؛ يبين صفات الله تعالى التي هي مطلقة ومحيطة بكل شئ، بمثل ما يبيّن ميزانُ الحرارة وميزان الهواء والموازين الاخرى مقاديرَ الاشياء ودرجاتها.
فالذي
يعرف
ماهية (أنا) على هذا الوجه،
ويذعن له،
ثم
يعمل وفق ذلك، وبمقتضاه،
يدخل ضمن بشارة قوله تعالى ] قد أفلح مَن زكّيها[
ويكون قد أدى الأمانة حقها فيدرك بمنظار (أنا) حقيقة الكائنات والوظائف التي تؤديها.
وعندما ترد المعلومات من الآفاق الخارجية الى النفس تجد في (أنا) ما يصدّقها، فتستقر تلك المعلومات علوماً نورانية وحكمة صائبة في النفس، ولا تنقلب الى ظلمات العبثية.
وحينما يؤدي (انا) وظيفته على هذه الصورة، يترك ربوبيته الموهومة ومالكيتَه المفترضة ـ التي هي وحدة قياس ليس إلاّ ـ ويفوّض المُلكَ لله وحده قائلاً: له الملك، وله الحمد، وله الحكم واليه ترجعون،
فيلبس لباس عبوديته الحقّة، ويرتقي الى مقام أحسن تقويم.
ولكن إذا نسي (أنا) حكمة خلقه، ونظر إلى نفسه بالمعنى الاسمي،تاركاً وظيفته الفطرية،معتقداً بنفسه أنه المالك، فقد خان الأمانة، ودخل ضمن النذير الإلهي:
يعرف
ماهية (أنا) على هذا الوجه،
ويذعن له،
ثم
يعمل وفق ذلك، وبمقتضاه،
يدخل ضمن بشارة قوله تعالى ] قد أفلح مَن زكّيها[
ويكون قد أدى الأمانة حقها فيدرك بمنظار (أنا) حقيقة الكائنات والوظائف التي تؤديها.
وعندما ترد المعلومات من الآفاق الخارجية الى النفس تجد في (أنا) ما يصدّقها، فتستقر تلك المعلومات علوماً نورانية وحكمة صائبة في النفس، ولا تنقلب الى ظلمات العبثية.
وحينما يؤدي (انا) وظيفته على هذه الصورة، يترك ربوبيته الموهومة ومالكيتَه المفترضة ـ التي هي وحدة قياس ليس إلاّ ـ ويفوّض المُلكَ لله وحده قائلاً: له الملك، وله الحمد، وله الحكم واليه ترجعون،
فيلبس لباس عبوديته الحقّة، ويرتقي الى مقام أحسن تقويم.
ولكن إذا نسي (أنا) حكمة خلقه، ونظر إلى نفسه بالمعنى الاسمي،تاركاً وظيفته الفطرية،معتقداً بنفسه أنه المالك، فقد خان الأمانة، ودخل ضمن النذير الإلهي:
]وقد خَابَ مَن دسّيها[
وهكذا فإن إشفاق السموات والارض والجبال من حمل الأمانة، ورهبتهن من شرك موهوم مفترض، إنما هو من هذا الوجه من ( الأنانية)
التي تُولِّد جميع انواع الشرك والشرور والضلالات.
اجل! إن(أنا) مع انه ألفٌ رقيق، خيطٌ دقيق، خطٌ مفترض،
إلاّ أنه إن لم تُعرف ماهيته ينمو في الخفاء
ـ كنمو البذرة تحت التراب ـ
ويكبر شيئاً فشيئاً، حتى ينتشر في جميع انحاء وجود الإنسان،
فيبتلعه ابتلاع الثعبان الضخم، فيكون ذلك الانسان بكامله وبجميع لطائفه ومشاعره عبارة عن ( أنا ).
ثم تمده (أنانية) النوع نافخة فيه روح العصبية النوعية والقومية، فيستغلظ بالاستناد على هذه (الأنانية) حتى يصيرَ كالشيطان الرجيم يتحدى أوامرالله ويعارضها.
ثم يبدأ بقياس كل الناس، بل كل الاشياء على نفسه ووفق هواه، فيقسم مُلك الله سبحانه على تلك الأشياء، وعلى الاسباب فيتردى في شرك عظيم ، يتبيّن فيه معنى الآية الكريمة ] إن الشرك لظلم عظيم[ (لقمان:13).
إذ كما ان الذي يسرق اربعين ديناراً من أموال الدولة لابد أن يرضي اصدقاءه الحاضرين معه بأخذ كل منهم درهماً منه كي تُسوَّغ له السرقة، كذلك الذي يقول: إنني مالك لنفسي، لابد من أن يقول ويعتقد: إن كل شئ مالك لنفسه!
وهكذا، فـ(أنا) في وضعه هذا، المتلبس بالخيانة للأمانة، إنّما هو في جهل مطبق بل هو أجهل الجهلاء، يتخبط في درك جهالة مركبة حتى لو علِمَ آلاف العلوم والفنون، ذلك لأن ما تتلقفه حواسُه وافكارُه من انوار المعرفة المبثوثة في رحاب الكون لايجد في نفسه مادةً تصدّقه وتنوّره وتديمه،
لذا تنطفئ كل تلك المعارف، وتغدو ظلاماً دامساً؛ اذ ينصبغ كل ما يرِد اليه بصبغة نفسه المظلمة القاتمة، حتى لو وردت حكمةٌ محضة باهرة فإنها تلبس في نفسه لبوس العبث المطلق؛ لأن لون (أنا) في هذه الحالة هو الشرك وتعطيل الخالق من صفاته الجليلة وإنكار وجوده تعالى. بل لو امتلأ الكون كله بآيات ساطعات ومصابيح هدىً فإن النقطة المظلمة الموجودة في (أنا) تكسف جميع تلك الانوار القادمة، وتحجبها عن الظهور.
ولقد فصّلنا القول في (الكلمة الحادية عشرة) عن الماهية الانسانية و (الأنانية) التي فيها من حيث المعنى الحرفي. وأثبتنا هناك إثباتاً قاطعاً كيف أنها ميزان حساس للكون، ومقياس صائب دقيق، وفهرس شامل محيط، وخريطة كاملة، ومرآة جامعة، وتقويم جامع. فمن شاء فليراجع تلك الرسالة.
إلى هنا نختم المقدمة، مكتفين بما في تلك الرسالة من تفصيل.
فيا أخي القارئ، اذا استوعبت هذه المقدمة، فهيا لندخل معاً إلى الحقيقة نفسها.
إن في تاريخ البشرية ـ منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام الى الوقت الحاضرـ تيارين عظيمين وسلسلتين للأفكار، يجريان عبر الازمنة والعصور، كأنهما شجرتان ضخمتان أرسلتا أغصانَهما وفروعَهما في كل صوب، وفي كل طبقة من طبقات الانسانية.
إحداهما: سلسلة النبوة والدين
والأخرى: سلسلة الفلسفة والحكمة
فمتى كانت هاتان السلسلتان متحدتين وممتزجتين، أي في أي وقت أو عصر إستجارت الفلسفة بالدين وانقادت اليه وأصبحت في طاعته، انتعشت الانسانية بالسعادة وعاشت حياة اجتماعية هنيئة.
ومتى ما انفرجت الشقة بينهما وافترقتا، احتشد النور والخير كله حول سلسلة النبوة والدين، وتجمعت الشرور والضلالات كلها حول سلسلة الفلسفة.
والآن لنجد منشأ كلٍ من تلكما السلسلتين وأساسهما:
فإن سلسلة الفلسفة التي عصت الدين، اتخذت صورة شجرة زقوم خبيثة تنشر ظلمات الشرك وتنثر الضلالة حولها. حتى إنها
سلّمت الى يد عقول البشر،في غصن القوة العقلية، ثمرات الدهريين والماديين والطبيعيين ..
وألقت على رأس البشرية، في غصن القوة الغضبية ، ثمرات النماريد والفراعنة والشدادين (1)..
وربّت، في غصن القوة الشهوية البهيمية، ثمرات الآلهة والأصنام ومدّعي الالوهية.
وبجانب هذه الشجرة الخبيثة، شجرة زقوم، نشأت شجرةُ طوبى العبودية لله، تلك هي سلسلة النبوة، فأثمرت ثمرات يانعة طيبة في بستان الكرة الأرضية، ومدّتها إلى البشرية،
فتدلّت قطوفاً دانية من غصن القوة العقلية: أنبياءٌ ومرسلون وصديقون وأولياء صالحون..
كما أثمرت في غصن القوة الدافعة: حكاماً عادلين وملوكاً طاهرين طهر الملائكة..
وأثمرت في غصن القوة الجاذبة: كرماء وأسخياء ذوي مروءة وشهامة في حسن سيرة وجمال صورة ذات عفة وبراءة..
.............
" دققوا بالله عليكم معي .. خلوصي !"
التي تُولِّد جميع انواع الشرك والشرور والضلالات.
اجل! إن(أنا) مع انه ألفٌ رقيق، خيطٌ دقيق، خطٌ مفترض،
إلاّ أنه إن لم تُعرف ماهيته ينمو في الخفاء
ـ كنمو البذرة تحت التراب ـ
ويكبر شيئاً فشيئاً، حتى ينتشر في جميع انحاء وجود الإنسان،
فيبتلعه ابتلاع الثعبان الضخم، فيكون ذلك الانسان بكامله وبجميع لطائفه ومشاعره عبارة عن ( أنا ).
ثم تمده (أنانية) النوع نافخة فيه روح العصبية النوعية والقومية، فيستغلظ بالاستناد على هذه (الأنانية) حتى يصيرَ كالشيطان الرجيم يتحدى أوامرالله ويعارضها.
ثم يبدأ بقياس كل الناس، بل كل الاشياء على نفسه ووفق هواه، فيقسم مُلك الله سبحانه على تلك الأشياء، وعلى الاسباب فيتردى في شرك عظيم ، يتبيّن فيه معنى الآية الكريمة ] إن الشرك لظلم عظيم[ (لقمان:13).
إذ كما ان الذي يسرق اربعين ديناراً من أموال الدولة لابد أن يرضي اصدقاءه الحاضرين معه بأخذ كل منهم درهماً منه كي تُسوَّغ له السرقة، كذلك الذي يقول: إنني مالك لنفسي، لابد من أن يقول ويعتقد: إن كل شئ مالك لنفسه!
وهكذا، فـ(أنا) في وضعه هذا، المتلبس بالخيانة للأمانة، إنّما هو في جهل مطبق بل هو أجهل الجهلاء، يتخبط في درك جهالة مركبة حتى لو علِمَ آلاف العلوم والفنون، ذلك لأن ما تتلقفه حواسُه وافكارُه من انوار المعرفة المبثوثة في رحاب الكون لايجد في نفسه مادةً تصدّقه وتنوّره وتديمه،
لذا تنطفئ كل تلك المعارف، وتغدو ظلاماً دامساً؛ اذ ينصبغ كل ما يرِد اليه بصبغة نفسه المظلمة القاتمة، حتى لو وردت حكمةٌ محضة باهرة فإنها تلبس في نفسه لبوس العبث المطلق؛ لأن لون (أنا) في هذه الحالة هو الشرك وتعطيل الخالق من صفاته الجليلة وإنكار وجوده تعالى. بل لو امتلأ الكون كله بآيات ساطعات ومصابيح هدىً فإن النقطة المظلمة الموجودة في (أنا) تكسف جميع تلك الانوار القادمة، وتحجبها عن الظهور.
ولقد فصّلنا القول في (الكلمة الحادية عشرة) عن الماهية الانسانية و (الأنانية) التي فيها من حيث المعنى الحرفي. وأثبتنا هناك إثباتاً قاطعاً كيف أنها ميزان حساس للكون، ومقياس صائب دقيق، وفهرس شامل محيط، وخريطة كاملة، ومرآة جامعة، وتقويم جامع. فمن شاء فليراجع تلك الرسالة.
إلى هنا نختم المقدمة، مكتفين بما في تلك الرسالة من تفصيل.
فيا أخي القارئ، اذا استوعبت هذه المقدمة، فهيا لندخل معاً إلى الحقيقة نفسها.
إن في تاريخ البشرية ـ منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام الى الوقت الحاضرـ تيارين عظيمين وسلسلتين للأفكار، يجريان عبر الازمنة والعصور، كأنهما شجرتان ضخمتان أرسلتا أغصانَهما وفروعَهما في كل صوب، وفي كل طبقة من طبقات الانسانية.
إحداهما: سلسلة النبوة والدين
والأخرى: سلسلة الفلسفة والحكمة
فمتى كانت هاتان السلسلتان متحدتين وممتزجتين، أي في أي وقت أو عصر إستجارت الفلسفة بالدين وانقادت اليه وأصبحت في طاعته، انتعشت الانسانية بالسعادة وعاشت حياة اجتماعية هنيئة.
ومتى ما انفرجت الشقة بينهما وافترقتا، احتشد النور والخير كله حول سلسلة النبوة والدين، وتجمعت الشرور والضلالات كلها حول سلسلة الفلسفة.
والآن لنجد منشأ كلٍ من تلكما السلسلتين وأساسهما:
فإن سلسلة الفلسفة التي عصت الدين، اتخذت صورة شجرة زقوم خبيثة تنشر ظلمات الشرك وتنثر الضلالة حولها. حتى إنها
سلّمت الى يد عقول البشر،في غصن القوة العقلية، ثمرات الدهريين والماديين والطبيعيين ..
وألقت على رأس البشرية، في غصن القوة الغضبية ، ثمرات النماريد والفراعنة والشدادين (1)..
وربّت، في غصن القوة الشهوية البهيمية، ثمرات الآلهة والأصنام ومدّعي الالوهية.
وبجانب هذه الشجرة الخبيثة، شجرة زقوم، نشأت شجرةُ طوبى العبودية لله، تلك هي سلسلة النبوة، فأثمرت ثمرات يانعة طيبة في بستان الكرة الأرضية، ومدّتها إلى البشرية،
فتدلّت قطوفاً دانية من غصن القوة العقلية: أنبياءٌ ومرسلون وصديقون وأولياء صالحون..
كما أثمرت في غصن القوة الدافعة: حكاماً عادلين وملوكاً طاهرين طهر الملائكة..
وأثمرت في غصن القوة الجاذبة: كرماء وأسخياء ذوي مروءة وشهامة في حسن سيرة وجمال صورة ذات عفة وبراءة..
.............
" دققوا بالله عليكم معي .. خلوصي !"