هذا هو أساس الدعاء ..

[إسماعيل جمال الدين دراز]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد
فقانون العبودية يحتم علينا أن نعمل ..
ونعمل ..
ونعمل .. لله عز وجل دون أن نسأل
وتذكروا ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون )
وهذا مثال ضل فيه بعض الناس ..
الدعاء ..
نحن ندعوا الله عز وجل
وندعوه ..
وندعوه ..
إلى أن قال قائلهم هؤلاء يدعون الله ولم يحقق لهم ما أرادوا
إذن نحن على الحق وهم على الباطل ..أي المسلمون
ما هكذا تورد يا سعد الإبل
ولا هكذا يحكم على الأمور
أنت تدعوا الله عز وجل لأنه أمرك بهذا
( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )
عن عبادتي أي عن دعائي ..
وروى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( من لا يسأل الله يغضب عليه ) .
هل أنت غني عن ربك عز وجل ..!
أم أنك لم تقرأ قول الله تبارك وتعالى ( ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )
فأنت تدعوا لأنه أمرك بالدعاء
وحين دعوت فقد عبدت الله عز وجل ..
روى الترمذي رحمه الله عن النعمان بن بشير رضي الله عنه بالإسناد الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( الدعاء هو العبادة )
أما حديث أنس رضي الله عنه ( الدعاء مخ العبادة ) فهو حديث ضعيف ضعفه الترمذي ثم أورد حديث النعمان تاليا له مباشرة ..
إذن الدعاء عبادة ..
ومن لم يسأل الله يغضب عليه ..
فينبغي أن تدعوا الله بالأمر ( وقال ربكم ادعوني )
ستقول أني أدعو ولا يستجاب لي .. كلا..
عليك أن تنتبه ..
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( يستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل ، يقول .. قد دعوت فلم يستجب لي )
هل رأيت الاستعجال ..!
فيترك الدعاء ..
لكن المهم في هذا الحديث .. أن إجابة الدعاء قد لا تكون فورية ..
لا تشترط على الله ..
أنت أساسا دعوته لأن الدعاء هو العبادة ..
هذا هو أساس الدعاء ..
لكن الله سيستجيب ..
نعم ..
استمع إلى حديثين آخرين لنكمل هذه المسألة ..
عند الترمذي أيضاً من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( ما على الأرض مسلم يدعوا الله دعوة إلا آتاه الله إياها ، أو صرف عنه من السوء مثلها ،
ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ) .
وحديث أبي هريرة السابق ( ما لم يعجل )
هل هم هذان الاحتمالان فقط ..؟
لا ..
هناك احتمال ثالث ..
في الحديث الذي رواه الترمذي أيضاً بالإسناد الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له ،
إما أن يعجل له في الدنيا ، وإما أن يدخر له في الآخرة ، ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم )
إذن أمامك ثلاثة احتمالات ..
~ يستجاب لك في الدنيا ..
~ وإما أن يصرف عنك من السوء بقدر ذلك الدعاء ..
~ أو يدخر لك الدعاء لأنه عبادة ويثيبك عليها في الآخرة ..
نفس الشئ الذي تبذله في أي عبادة أخرى
أولا : أي جهد تبذله لله تبارك وتعالى عليك أن تحمد الله عليه
أن هيئك ..
وقدر لك ..
وأعانك على بذل هذا الجهد ، ولو قطع عنك المعونة ما استطعت أن تفعل شيئا .
ثانيا : لا تستغلي شيئا على الله عز وجل ..
كما ورد في حديث .
قال تعالى ذكره ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )
إياك أن يصرفك أحد عن الله ..
وكن على يقين ..
وقال جل ثناؤه ( فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار )
لأن الإنسان كما قال الحسن البصري رحمه الله : " لا ينبغي للعاقل أن يترك الاستغفار ولا الحمد ،
لأنه بين نعمة ونقمة ..
فالنعمة تحتاج إلى الحمد ..
والنقمة تحتاج إلى الاستغفار "
لقوله تعالى ( وما أصلبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )
وقال سبحانه وتعالى ( فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون )
يعني يمكن أن لا ترى نتائج العمل في الدنيا ..
ولكنك ستراها في الآخرة ..
اللهم اجعل عملنا زادا إلى حسن المصير إليك ..
وعتادا إلى يمن القدوم عليك ..
إنك بكل جميل كفيل ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل .