هذا فراق بيني و بينك!

إنضم
10/12/2016
المشاركات
48
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الكويت

هي مسألة حيرتني قليلاً و شغلت فكري , إذ كيف يفارق رجل صالح نبي الله بل و يطلب منه عدم مرافقته!


الحدث : لقاءموسى عليه السلام بالخضر ( و يقال أنه نبي ولكن هذا ليس مؤكدا) .

الموضوع : التقى رجلان نبي و رجل صالح عند مجمع البحرين و دار بينهما حوار وثقه الله تعالى في آيات سورة الكهف.

أراد نبي الله موسى عليه السلام اتباع الخضر لعله يتعلم منه ! أي باختصار أراد النبي أن يكون طالب علم ! وليس في طلب العلم أي نقيصة أو عيب , فالإنسان ما زال يتعلم حتى وهو يموت, فلو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي و لوجاء الله بمثله مدداً.

والخضر رحمه الله هو المعلم لعلم اختصه الله به ألا و هو علم الغيب.

السؤال: إن كان الخضر يعلم علم الغيب فلم لم يعرف من أمامه ؟ و لِمَ لم يتواضع لنبي الله موسى عليه السلام و يسأله مرافقته , فهذا هو المفترض حدوثه , إذ أن من علامات الساعة نزول عيسى عليه السلام و المهدي يصلي بالناس فيريد المهدي تقديمه فيأبي نبي الله عيسى عليه السلام إلا أن يكون المهدي إماماً.

فلم كان المفترض غير موجود في لقائهما؟

لم تسعفني نفسي كثيرا سوى بافتراضين :

الأول : هل أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم. ألا و إن من علامات الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة!

فالسلام هوالتحية التي يعرف بها أحدنا إن كان من أمامه مسلما ... و السلام هو المفضي للتعارف بين الناس.

فهل ألقى موسى عليه السلام التحية على الخضر ( الغريب ) , هذا الأمر لا جدال فيه فالأنبياءهم أشد الناس طاعة لله. وهل الخضر لم يرد السلام , وهذا أيضا لا جدال فيه , نعم ردالتحية ... ولكنه لم يكن متفرغا للسؤال و التعارف , و كان وراءه أمور كثيرة يريد انجازها , فركب السفينة و خرقها , ثم ذهب لمكان آخر و قتل غلاماً ثم مضى و دخل قرية و استطعما أهلها فأبوأ إضافتهما فأقام الجدار , كل هذا إنجازات مادية .. لذا نجد الله عز و جل اختصر حديث اللقاء بينهما كالتالي :

موسى عليه السلام: ( هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشداً؟)
الخضر : (إنك لن تستطيع معي صبراً) و ( كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا !)
نتوقف قليلاً هنا و نتأمل : لو كان الخضر يعرف أنه يتحدث لنبي لتحدث معه كما تحدث الصحابة مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم , ولو كان يعرف أن أمامه نبيّا لقال في نفسه أن هذا أصبر الناس , و لو علم أن أمامه نبيا لقال بل أنا أتبعك يا نبي الله , ولو علم أن أمامه نبيا لحدثته نفسه بأن النبي أعلم منه ولديه النبوة و الرسالة و الوحي والأخبار من الله , و مما ينفي ذلك من حديث الخضر قوله : ما لم تحط به خبراً.

وهنا أحببت أن اشير إلى مسألة السلام سابقاً و التلويح حاليا عند الكثيرين , في السابق كان الرجل يلقى الرجل فيسلم عليه و يسأل عن أحواله , و يدفعه الفضول - لو كان الرجل غريباً - إلى أن يسأله : من أي العرب أنت؟ فتنشأ الأخوة في الله و التحابب في الله, أما حاليا فالسلام على من نعرف أو من لا نعرف اسميه تلويحا , فالمعلم الغاضب يدخل الصف و يلقي السلام بالكلام , ويبدأ في الحرب فينشأ النفور ( فاين إفشاء السلام المؤدي للمحبة ههنا؟)

ماذا لو سأل الخضر موسى عليه السلام : من السائل لمرافقتي ؟ من أي بلاد الله أنت ؟ يبدو عليك التعب ارتح قليلا ثم نمضي , كيف عرفت بي ؟ من أخبرك بهذا ؟



 
أختنا الفاضلة : غفر الله لنا ولك

والله ما أحب الخوض في قصة موسى والخضر عليهما السلام ، لأنها للأسف تفضي بالبعض إلى الزلل.
لكن دعاني إلى الرد عليكِ ما وجدت في مشاركتك من لَبْس في فهم القصة.

أولا : يا أختنا الكريمة إن من عادة القصص القرآني عدم ذكر التفاصيل التي لا حاجة لذكرها والتي يمكن أن يستغنى عنها وتركها لعقل القارئ والسامع الذي سيدركها من سياق الأحداث ، فكثير من أحداث القصة يتم قصها من السرد اعتمادا على ذلك.

ثانيا : لمست في مشاركتك - عذرا - شيئا من التناقض فقولك آخر المشاركة : " ماذا لو سأل الخضر موسى عليه السلام : من السائل لمرافقتي ؟ من أي بلاد الله أنت ؟ يبدو عليك التعب ارتح قليلا ثم نمضي , كيف عرفت بي ؟ من أخبرك بهذا ؟ " كأنه نقض ما تقدم من كلامك من أن موسى ألقى السلام وأجابه الخضر.

وقد قلتِ : " لو كان الخضر يعرف أنه يتحدث لنبي لتحدث معه كما تحدث الصحابة مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم , ولو كان يعرف أن أمامه نبيّا لقال في نفسه أن هذا أصبر الناس , و لو علم أن أمامه نبيا لقال بل أنا أتبعك يا نبي الله , ولو علم أن أمامه نبيا لحدثته نفسه بأن النبي أعلم منه ولديه النبوة و الرسالة و الوحي والأخبار من الله"
ثم تثبتين أن الخضر أعلم من موسى عليه السلام - وهو الصحيح - فتقولين "ومما ينفي ذلك من حديث الخضر قوله : ما لم تحط به خبراً"

أما أيهما أعلم : موسى عليه السلام أم الخضر عليه السلام؟
فلا شك إن الخضر أعلم ، ويؤكد ذلك سبب هذه القصة وسبب سعي موسى في الأرض وبحثه الطويل عن الخضر قال تعالى على لسان موسى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]
فقد سئل موسى : أهناك من هو أعلم منك في الأرض؟ فظن موسى بحسب مقام النبوة والرسالة والاصطفاء له من الله أنه الأعلم في الأرض ، فقال : لا ، فعاتبه ربه ، وقال له بل هناك من هو أعلم منك ، فسأل موسى الله أن يدله عليه ، فكانت القصة بأحداثها كما جاءت في القرآن.

أما هل كان يعلم الخضر أن موسى عليه السلام نبي مرسل؟
لا شك في ذلك ، فالذي أَعْلَمَ الخضرَ ببعض علوم الغيب لابد أنه أَعْلَمَهُ أن هذا الوافد عليه هو موسى وهو نبي مرسل من الله عز وجل وكذا أَعْلَمَهُ حاجته.
وقد يعترض البعض قائلا: كيف عرفتَ ذلك؟ ولماذا تجزم أن الخضر يعرف أن موسى نبي مرسل من الله؟
واقول لكِ لمن يعترض : لو لم يكن الخضر يعلم أن موسى عليه السلام نبي ما قَبِلَ صحبته، لأنه لا طاقة لأحد بصحبة الخضر ، فهذا موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستطع ولم يصبر على صحبته فكيف بغيره من الناس؟!

أما قولك وتعجبك : لماذا لم يصبر الخضر على موسى؟
فأولى منه أن تعجبي لعدم صبر موسى عليه السلام على ما يرى من الخضر ، وقد أخذ على نفسه أن يصبر وشرط عليه الخضر أن يصبر.

أما لماذا لم يصبر موسى عليه السلام على ما يرى من الخضر؟
ذلك لأن علم الغيب لا طاقة لبشر به ، وإن أوتي الخضر شيئا منه إلا أن الله اختص نفسه به فلا يعلم الغيب إلا هو : {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] ، والله عز وجل لن يُطْلِعَ أحدا من البشر على الغيب إلا بِقَدر ، ولبعض من اصطفى من خلقه من الأنبياء والمرسلين قال عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [آل عمران: 179].

وأخيرا
أرجو من أختنا أن تعفي نفسها وتعفينا من النقاش والجدال في قضية وقصة موسى والخضر عليهما السلام لأن فيها مسائل قد تنحو بالمتكلم نحو الزلل ، عافانا الله وإياكم وعصمنا من الزلل.

والسلام عليكم
 
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي في الله

بارك الله بك , و رحم الله من ظن بي خيراً , ورحم الله من أهدى إليّ عيوبي.
جزاك الله خيرا, فما دخل الرفق في شيء إلاَ زانه .
لا تخش أن أجادل بعد توجيهك لأختك في الله .
 
عودة
أعلى