إبتسام صالح عوقل
New member
هي مسألة حيرتني قليلاً و شغلت فكري , إذ كيف يفارق رجل صالح نبي الله بل و يطلب منه عدم مرافقته!
الحدث : لقاءموسى عليه السلام بالخضر ( و يقال أنه نبي ولكن هذا ليس مؤكدا) .
الموضوع : التقى رجلان نبي و رجل صالح عند مجمع البحرين و دار بينهما حوار وثقه الله تعالى في آيات سورة الكهف.
أراد نبي الله موسى عليه السلام اتباع الخضر لعله يتعلم منه ! أي باختصار أراد النبي أن يكون طالب علم ! وليس في طلب العلم أي نقيصة أو عيب , فالإنسان ما زال يتعلم حتى وهو يموت, فلو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي و لوجاء الله بمثله مدداً.
والخضر رحمه الله هو المعلم لعلم اختصه الله به ألا و هو علم الغيب.
السؤال: إن كان الخضر يعلم علم الغيب فلم لم يعرف من أمامه ؟ و لِمَ لم يتواضع لنبي الله موسى عليه السلام و يسأله مرافقته , فهذا هو المفترض حدوثه , إذ أن من علامات الساعة نزول عيسى عليه السلام و المهدي يصلي بالناس فيريد المهدي تقديمه فيأبي نبي الله عيسى عليه السلام إلا أن يكون المهدي إماماً.
فلم كان المفترض غير موجود في لقائهما؟
لم تسعفني نفسي كثيرا سوى بافتراضين :
الأول : هل أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم. ألا و إن من علامات الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة!
فالسلام هوالتحية التي يعرف بها أحدنا إن كان من أمامه مسلما ... و السلام هو المفضي للتعارف بين الناس.
فهل ألقى موسى عليه السلام التحية على الخضر ( الغريب ) , هذا الأمر لا جدال فيه فالأنبياءهم أشد الناس طاعة لله. وهل الخضر لم يرد السلام , وهذا أيضا لا جدال فيه , نعم ردالتحية ... ولكنه لم يكن متفرغا للسؤال و التعارف , و كان وراءه أمور كثيرة يريد انجازها , فركب السفينة و خرقها , ثم ذهب لمكان آخر و قتل غلاماً ثم مضى و دخل قرية و استطعما أهلها فأبوأ إضافتهما فأقام الجدار , كل هذا إنجازات مادية .. لذا نجد الله عز و جل اختصر حديث اللقاء بينهما كالتالي :
موسى عليه السلام: ( هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشداً؟)
الخضر : (إنك لن تستطيع معي صبراً) و ( كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا !)
نتوقف قليلاً هنا و نتأمل : لو كان الخضر يعرف أنه يتحدث لنبي لتحدث معه كما تحدث الصحابة مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم , ولو كان يعرف أن أمامه نبيّا لقال في نفسه أن هذا أصبر الناس , و لو علم أن أمامه نبيا لقال بل أنا أتبعك يا نبي الله , ولو علم أن أمامه نبيا لحدثته نفسه بأن النبي أعلم منه ولديه النبوة و الرسالة و الوحي والأخبار من الله , و مما ينفي ذلك من حديث الخضر قوله : ما لم تحط به خبراً.
وهنا أحببت أن اشير إلى مسألة السلام سابقاً و التلويح حاليا عند الكثيرين , في السابق كان الرجل يلقى الرجل فيسلم عليه و يسأل عن أحواله , و يدفعه الفضول - لو كان الرجل غريباً - إلى أن يسأله : من أي العرب أنت؟ فتنشأ الأخوة في الله و التحابب في الله, أما حاليا فالسلام على من نعرف أو من لا نعرف اسميه تلويحا , فالمعلم الغاضب يدخل الصف و يلقي السلام بالكلام , ويبدأ في الحرب فينشأ النفور ( فاين إفشاء السلام المؤدي للمحبة ههنا؟)
ماذا لو سأل الخضر موسى عليه السلام : من السائل لمرافقتي ؟ من أي بلاد الله أنت ؟ يبدو عليك التعب ارتح قليلا ثم نمضي , كيف عرفت بي ؟ من أخبرك بهذا ؟