نوادر فوائد تفسير الطبري (العقدية- حقيقة الإيمان)

إنضم
12/06/2004
المشاركات
456
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
حَقِيقَةُ الإِيمانِ

التَّصدِيقُ يَكونُ بِالاعتِقادِ وَالقَولِ وَالعَملِ

{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} [البقرة:3]

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} يُصَدِّقُونَ، كما يُروى عن ابن عباس، وابن مسعود.. ويُروى عن الرَّبِيعِ: يَخْشَوْنَ.. وقَالَ الزُّهْرِيُّ: الْإِيمَانُ الْعَمَلُ.. وَمَعْنَى الْإِيمَانِ عِنْدَ الْعَرَبِ: التَّصْدِيقُ، فَيُدْعَى المُصَدِّقُ بِالشَّيْءِ قَوْلًا مُؤْمِنًا بِهِ، وَيُدْعَى المُصَدِّقُ قَوْلَهُ بِفِعْلِهِ، مُؤْمِنًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}
[يُوسُف: 17]، يَعْنِي: وَمَا أَنْتَ بِمُصَدِّقٍ لَنَا فِي قَوْلِنَا.. وَقَدْ تَدْخُلُ الْخَشْيَةُ للهِ فِي مَعْنَى الْإِيمَانِ، الَّذِي هُوَ تَصْدِيقُ الْقَوْلِ بِالْعَمَلِ.. وَالْإِيمَانُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ الْإِقْرَارَ بِاللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَتَصْدِيقَ الْإِقْرَارِ بِالْفِعْلِ.. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَىى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، وَأَشْبَهُ بِصِفَةِ الْقَوْمِ: أَنْ يَكُونُوا مَوْصُوفِينَ بِالتَّصْدِيقِ بِالْغَيْبِ قَوْلًا وَاعْتِقَادًا وَعَمَلًا؛ إِذْ كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَحْصُرْهُمْ مِنْ مَعْنَى الْإِيمَانِ عَلَى مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، بَلْ أَجْمَلَ وَصْفَهُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِ أَخْرَجَهُ مِنْ صِفَتْهِمْ بِخَبَرٍ وَلَا عَقْلٍ.
 
بُطُولُ مَا زَعَمَتْهُ الْجَهْمِيَّةُ: مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَوْلِ، دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي غَيْرَهُ

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}[البقرة:8]
وَنَفْيُهُ عَنْهُمْ جَلَّ ذِكْرُهُ اسْمَ الْإِيمَانِ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ: آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ تَكْذِيبٌ لَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا عَنِ اعْتِقَادِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ، وَإِعْلَامٌ مِنْهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي يُبْدُونَهُ لَهُ بِأَفْوَاهِهِمْ خِلَافُ مَا فِي ضَمَائِرِ قُلُوبِهِمْ، وَضِدُّ مَا فِي عَزَائِمِ نُفُوسِهِمْ.. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى بُطُولِ مَا زَعَمَتْهُ الْجَهْمِيَّةُ: مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَوْلِ، دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي غَيْرَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ، أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، ثُمَّ نَفَى عَنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، إِذْ كَانَ اعْتِقَادُهُمْ غَيْرَ مُصَدِّقٍ قِيلَهُمْ ذَلِكَ.
 
تَكْذِيبُ اللهِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَنْ كَفَرَ

تَكْذِيبُ اللهِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَنْ كَفَرَ

تَكْذِيبُ اللهِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَنْ كَفَرَ بِهِ عِنَادًا

{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:9]
هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلِيلِ عَلَى تَكْذِيبِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الزَّاعِمِينَ: أَنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا مَنْ كَفَرَ بِهِ عِنَادًا، بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَبَعْدَ تَقَرُّرِ صِحَّةِ مَا عَانَدَ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِهِ، وَالْإِقْرَارِ بِكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ مِنَ النِّفَاقِ، وَخِدَاعِهِمْ إِيَّاهُ وَالمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ مُبْطِلُونَ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ مُقِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ بِخِدَاعِهِمْ- الَّذِي يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ بِهِ يُخَادِعُونَ رَبَّهُمْ وَأَهْلَ الْإِيمَانِ بِهِ مَخْدُوعُونَ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا بِتَكْذِيبِهِمْ بِمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ مِنْ نُبُوَّةِ نَبِيِّهِ، وَاعْتِقَادِ الْكُفْرِ بِهِ، وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ مُصِرُّونَ.
 
إلى المشرف بارك الله فيكم..
أرجو ضم مشاركات هذا الموضوع إلى هذا الموضوع في هذا الرابط..
https://vb.tafsir.net/tafsir51354/#.WLAVPlUrLDc
فقد أخطأت في تدشين موضع واحد في عناونين بنفس الاسم..
وجزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى