نهاية العالم كما وردت في القرآن...ميشيل كوبيرس نقد ديفيد كوك ترجمة عبد الرحمن أبو المجد

إنضم
21/03/2013
المشاركات
562
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
....
تابعت منهجية ميشيل كوبيرس عن كثب، وحاورته، وعكفت على كتبه ومنهجه، حتى قدمتُ ورقة محكمة -حول منهجه وكتبه- نوقشت في مؤتمر دولي، ولا زلت أعكف على أوراقه نقدًا، وفي الوقت الذي تبين للمختصين في الدراسات القرآنية فضلًا عن غيرهم، عدم جدوى التحليل البلاغي والبلاغة السامية في استيعاب بعض آي القرآن فضلًا عن جله، النقد الشديد الذي وجهه رولاند منيه (صاحب النظرية) لطريقة كويبرس في سورة المائدة أثبت إخفاق المنهج، في هذا المقال يثبت ديفيد كوك إخفاق المنهج والتطبيق، في نقده لكتاب كوبيرس الأخير.
نهاية العالم كما وردت في القرآن: قراءة في الثلاثة والثلاثين سورة الأخيرة من القرآن، ميشيل كويبرس (ديسمبر 2018)، أصل الكتاب صدر في يناير ٢٠١٤ باللغة الفرنسيّة، جمّع في الإصدار الأخير بعض التعديلات والإضافات لمقالات سبق نشرها حول السور الأخيرة من القرآن الكريم.
سفر الرؤيا
على الرغم من أن البلاغة السامية تضيق عن استيعاب بعض آيات القرآن فضلًا عن كله، إلا أن كوبيرس يواصل بإصرار في حصر القرآن في البلاغة السامية، استهل بسورة المائدة وادعى بأنه توصل لاستكشاف بنية سورة المائدة في كتابه 2007 ، بتطبيق التحليل الخطابي البلاغة السامية، وفي كتابه الأخير يحاول رؤية الثلاثة والثلاثين سورة الأخيرة في القرآن بأنها سفر الرؤيا، وغالبية المسيحيين لا يدرسون سفر الرؤيا لأنه سفر غامض، لا يشجع على قراءته فضلًا عن دراسته، يحاول كوبيرس في دعوة مكشوفة أن يصرف القراء عما فضل القرآن به، فقد ورد في حديث واثلةَ بنِ الأَسقَعِ "رضِي اللهُ عنه"، قال: قال رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ": أُعطِيتُ مَكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطيتُ مَكانَ الزَّبورِ المِئِينَ، وأُعطيتُ مَكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفضِّلتُ بالمفَصَّلِ.
يأتي كوبيرس ويحاول عابثًا أن يختزل كل المفصل وبعض المثاني في سفر الرؤيا، ونهاية العالم كما وردت في القرآن، في هذه المقالة النقدية يتناول الأكاديمي ديفيد كوك كتاب كوبيرس بالنقد المنهجي لتتبين هشاشة منهجيته، ويستدل في السياق باعترافات كوبيرس، وإن ذكرها كوبيرس في سياق يغازل الخلفية الثقافية المسيحية، وفي الوقت الذي نشطت فيه دراسة أحداث النهاية في القرآن وراجت، يخرج كوبيرس ويحاول تثبيطها واختزال أحداث النهاية في القرآن باعتبارها سفر الرؤيا تنفيرًا، يمتاز سفر الرؤيا بالغموض المنفر، فلا يشجع أحد على قراءته فضلًا عن دراسته.
نص المقال: القرآن كنص قوي الصلة بأحداث الساعة ويوم القيامة، وكان هذا محور البحث العلمي في القرآن منذ بداية القرن الماضي، واستمر حتى السنوات الأخيرة، نظرًا لدراسة فريد دونر وغيره، أصبح التعريف بنهاية العالم كرؤية قرآنية موضع رواج ، ميشيل كوبيرس، "نهاية العالم كما وردت في القرآن: قراءة للثلاث والثلاثين سورة الأخيرة من القرآن"، وعلى الرغم من القبول الكبير لهذا العمل إلا أنه ينبغي على المرء أن يلاحظ أن عمل كوبيرس مختلف تمامًا عن الأبحاث والقراءات الأخرى حول هذا الموضوع، في حين يحرص معظم العلماء إلى وضع القرآن في سياق أحداث النهاية، ثم ربط النص بأحداث خارجية، لاستخراج تاريخية النص، فإن كوبيرس يسعى إلى قراءة النص بأكمله كما لو كان سياقًا تامًا.
وهذا نهج جريء، نهج هش لذا يعرض نفسه للنقد مباشرة، بسبب قراءته الكلية للنص، وبعبارة أخرى، وعلى الرغم من أن معظم العلماء حددوا موضوعات نهاية العالم ( علامات الساعة ويوم القيامة اسكاتولوجيًا) كما وصفها القرآن، يقرأ كوبيرس الثلاثة والثلاثين سورة كما لو رتبت ترتيبًا متسلسلًا لنهاية العالم كرؤية قرآنية، يهيئ قراءة لهذه السور كمقاربة باستخدام المنهجيات النصية والبلاغية المستخدمة في تحليل الدراسات التوراتية والسامية، يقوم كوبيرس بتجميع عدد من السور في القسم الأول، يبدأ بسورة التكويرـ
تُعتبر لهجة النص مروعة عمومًا، ويقوم بشرح تفاصيل الكلمات الخطابية التي تشكل الجزء الأول بالطريقة التي يبني بها محتواها وتتصاعد لذروتها تفاصيل المستقبل في الآخرة، فضلًا عن ذلك يقارن كوبيرس سورة التكوير
وقرب من التشابهات تلفيقًا بين القرآن وعهد موسى " شهادة موسى وهي عمل مزيف ظهر في القرن الأول الميلادي يزعم احتواء النبوءات السرية التي كشفها موسى ليشوع قبل نقل قيادة الإسرائيليين إليه" وشابه بين عدد من الآيات وعهد موسى كتشابهات خطابية، وجدتُ أن عمله في هذا السياق مقنع تمامًا ومشابه في تحليله لعمل أنجيليكا نويفرت، ثم قدم السورة التالية بنفس الطريقة التي قدم بها سورة التكوير، وبالرغم مما قدمه كوبيرس، شعرتُ بالفضول لمعرفة كيفية تعامل كوبيرس مع باقي السور.
أرى أن السور التي قام بعرضها غير مفهومة إجمالًا، على الرغم من أنها تتضمن مضامين رهيبة.
نبي في أزمة.
بدءًا من سورة الضحى قدم كوبيرس قسمًا بعنوان "نبي في أزمة" غطى 6 سور من سورة "الضحى إلى سورة البينة"، ركز هذا القسم على السور الأقصر نسبيًا وعادة لا تشكل أحداث النهاية، على سبيل المثال، في تحليله لسورة الضحى، والتي ثبت جماعًا بأنها نزلت مبكرًا، وتمتاز بأنها تناولت شيئًا من سيرة النبي الذاتية، لذا فمن المستحيل إدراجها في مصفوفة السور التي تتناول نهاية العالم ويوم القيامة، أو حتى تناولها كأزمة للنبي.
تحليل كوبيرس قطع السورة في لقطات مرئية، لكأنه تحليل مقنع، وعلى الرغم من أن كثير من العلماء سبقوا كوبيرس، في ملاحظاتهم أن هذه السور الستة تعتبر نوعًا من اللوحات الجدارية التي تناولت سيرة محمد ووعظه (220) ، بمعنى آخر، فإن تجميع هذه السور معًا لا يمليه قصر آياتهم النسبي، ولكن التوافق في المحتوى والمضامين.
يقول كوبيرس أردتُ تجميع نفس السور (على سبيل المثال: السور "29-32" المجموعة تبدأ من سورة "العنكبوت-السجدة" تم تجميعهم معًا، لأنها تبدأ بالأحرف "الم"، لذا جمع المحررون الأصليون هذه السور الستة معًا، وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة السابقة لها علاقة بالأنموذج، لأن تجميع هذه السور "93-98" من سورة "الضحى-البينة" له علاقة بالمحتوى، إن قُبل استنتاجه - ويجب أن يؤخذ على محمل الجد – لأنه ستكون له تداعيات لدراسة ترتيب القرآن.
نتتبع تقسيم كوبيرس للسور، المجموعة المزدوجة "99-104" من سورة "الزلزلة-الهمزة" والتي تم تحديدها على أنها مضامين آخروية اسكاتولوجية، وفي القسم التالي"105-112" من سورة " الفيل-الإخلاص"، والتي تم تحديد هذه المجموعة على أنها سيرة ذاتية، اتبع كوبيرس نفس الأنماط المذكورة عاليه، يتبع القسم الآخروي نموذج السور"81-92" من سورة " التكوير-الليل"، في حين أن قسم السيرة الذاتية يتشابه في التحليل مع منظومة السور"90-98" من سورة "البلد-البينة" وتم حذف المعوذتين (سورة الناس وسورة الفلق).
نهج كوبيرس أكثر المنهجيات عرضة للنقد، في رأيي لأنه نهج تعسفي، ويقر كوبيرس ذلك بنفسه و"يعترف بأن هذه (الطريقة) اختيار تعسفي تماما" (xvi) وإذا كان الأمر كذلك، فثمة قيود واضحة على الساحة، لماذا اختار التقسيم الذي قسمه؟
إجابة على هذا السؤال، يقول إنه أراد تطبيق منهجيات طورها في كتابين سابقين من كتبه حول التحليل الدقيق للقرآن، ولا سيما على الجزء الحقيقي من القرآن، وعلى الرغم من محاولات كوبيرس المتكررة لتباين تاريخ النزول، إلا أنه على خطر من رؤية ما يريد رؤيته في تحليله، نظرًا لأن جميع علماء الدراسات القرآنية يختلفون فيما بينهم حول ترتيب النزول للسور فضلًا عن الآيات، إن منهجية كوبيرس تفترض، يجب أن تقرأ كتقدم نوعي، وما ترتيبه إلا مجرد ترتيب ارتباطي.
تحليله
وحتى ولو تجاهل المرء قضايا تسلسل تاريخ النزول، المثير بالاهتمام، فإن مثل هذا التحليل يجعل القرآن مصمم كرؤية وحجة وخطاب وبدقة للإقناع والتعاطف مع صياغته لنهاية العالم ويوم القيامة، وإذا لم يقدم الاستدلال، فإن هؤلاء يشتركون جميعًا في تقديم الحجة.
إن التحليل الداخلي لكل سورة من شأنه أن يقف بذاته، وقد تكون الفكرة القائلة بتجميع السور" 93-98 من سورة" الضحى-البينة" وتجانسها بسبب المضمون مقنعة أيضًا، وتغطي المصادر المستشهد بها على تجانس المجموعة الواسعة إلى حد ما، وتشمل جميع التفسيرات الرئيسية وعدد من التفسيرات المعاصرة.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن حجته تتشابه تمامًا مع تفسير القرآن، إلا أن استدلالات المصادر غير مهمة تقريبًا، ومن ناحية الأسلوب، ليس أسلوب الكتاب سهل، فضلًا من أنه يحتم على المرء الرجوع وباستمرار إلى الجداول، والاستنتاجات ضئيلة، بالمعنى الدقيق للكلمة استنتاجات لا تتناسب مع الجهد.
أنا لست مقتنعًا بأن المحتوى الكامل للثلاث والثلاثين سورة، تصور أحداث النهاية كما ذكرت في القرآن، لأنها تتناول الدنيا، كما أنها لا تمثل نهاية العالم ويوم القيامة على حقيقتها، على الأقل ليس بالمعنى التقليدي للكلمة، لأن مثل هذه القراءة التامة لهذا الجزء من القرآن تجعل تعريف نهاية العالم بلا معنى: وإذا كان كل شيء يمكن فرضه على هذا الموضوع، فإن المصطلح نفسه مشكلة.
 
هذه حجج قوية تؤكد لكل متحمس للمنهج السانكروني بأنه على غير الصواب، وحتى لا يزايد أحد، إصرارًا على الساكروني، لقلة خبرة وضحالة تجربة وتسرع، ولا يهم أن يمرر ما لا تصلح ترجمته ولا تفيد، المهم جعل الأمر سبوبة للرزق والتكسب....
استدلالات تسفه رأي من تحمس للسانكروني وتجبره على التراجع قناعة -إن تحلى بالموضوعية والإنصاف-، وإن كان من ذوي المروءة فليرحل غير مأسوف عليه، حسبه أنه أحرج القسم وجرجره بعيدًا عن أهدافه، فضلًا عما أُهدر من أموال الوقف وفي ترجمات لا تصلح ...
كل هذا حرف وأربك رسالة قسم الترجمات وغايته، وليت في القسم من وقف له وناقشه، لهان الخطب وقلت النكبات والعثرات...
الوضع بحاجة ملحة للمراجعة والتقييم والتجديد بقيادات جديدة تواصل الرسالة والمسيرة، فليس الأمر إرثًا أو حكرًا على أفراد بأعينهم تمتاز بنعومة صوت وابتسامة عريضة وحسن إطراء وتبجيل....
لابد من التطوير والتجديد بقيادات جديدة، ولا يهم أن تحرص على نعومة الصوت والإطراء بقدر حرصها على النصح والمشورة والتعمق والله الموفق.
 
عودة
أعلى