نماذج نسائية باهرة حفظن القرآن.. منهن أميات ومعاقات

إنضم
18/04/2007
المشاركات
280
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
الرياض
نساء حفظن القرآن الكريم وقمن بتحفيظه.. قد يبدو الأمر عاديا ليس فيه كثير تميز، لكن ما إن نعلم أن هؤلاء النسوة والفتيات حفظن القرآن وحفظنه، ومنهن الأمية التي لا تتقن القراءة والكتابة، والمعاقة التي تحدت إعاقتها وحفظت الأحزاب الستين كلها، ومنهن من حفظت القرآن وحفظت عشرات النساء الأخريات، حتى يتوق المرء لمعرفة كيف فعلن كل هذا...

تفاصيل جميلة ومشوقة توجد في كتاب "مغربيات حافظات للقرآن" لمؤلفته ومعدته الصحفية المغربية : د. حبيبة أوغانيم، تحكي فيه ـ من خلال عشرين حلقة ـ عن حافظات للقرآن الكريم من مختلف المدن المغربية وعن تجاربهن ومسيرتهن في الحفظ.. إنهن "أمثلة حية ونماذج مشرقة لنساء مغربيات ركبن قطار التحدي رغم كل الصعوبات وتمكن من نيل صفة الحافظات لكتاب الله".
(إعاقتها حافز)
"فاطمة ايت دواء" إحدى تلك الحافظات المتألقات، فرغم الإعاقة التي تعرضت لها وحالت دون متابعتها لدراستها، إلا أن الله تعالى وفقها لحفظ كتابه كاملا. وتحكي هذه المرأة التي تبلغ من العمر 40 عاما قصتها مع الإعاقة الجسدية وحفظ القرآن بالقول إنها لم تلتحق بالمدرسة كباقي الأطفال الصغار إلا في سن متأخرة بسبب "مرض ألم بها في صباها كان نتيجة لخطأ طبي في وصف الدواء المناسب لحالتها المرضية، حيث كانت تعاني من ارتفاع درجة الحرارة"، الأمر الذي أفضى إلى شلل في رجليها جعلها لا تتحرك إلا بعكازين يرافقنها أينما حلت وارتحلت، ثم انقطعت بعد سنوات عن الدراسة بشكل نهائي بعد أن استبد بها المرض وفتك بجسدها العليل.
لكن عزيمتها وإصرارها الكبيرين جعلاها لا تفكر في الإحباط أو التذمر مما أصابها، بل إن إعاقتها تلك كانت حافزا لها على حفظ القرآن الكريم والتواصل مع الخالق العظيم من خلال حفظها للمصحف كاملا.. والكتاب يعرض لهذه الرحلة بأسلوب سردي وحكائي جميل.
(أمِّيـة حافظة ومحفظة)
ويستمر كتاب "مغربيات حافظات للقرآن" في ذكر قصص الحافظات المتميزات، مثل السيدة الزهراء أم خليل من مدينة الصويرة المغربية، وهي امرأة أمية انخرطت في محاربة الأمية، وعزمت في سنة 1981 على حفظ القرآن كاملا، وتقول لمؤلفة الكتاب: "في البداية كنت أحفظ آية في كل يوم فأتممت بحمد الله سورة البقرة في ظرف ستة أشهر، وبعدها حفظت سورة آل عمران. وقلت مع نفسي: لماذا لا تحفظ معي أخواتي المؤمنات، ومن ثم كانت أول مدرسة بدأت فيها تحفيظ القرآن هي بيتي، بمساعدة زوجي جزاه الله خيرا".
وتضيف هذه الحافظة: "وصل عدد الراغبات في الحفظ إلى 160 امرأة، كنا نحفظ ثمن حزب في اليوم لمدة أربعة أيام من الأسبوع، ونخصص الثلاثة أيام الباقية لمراجعة ما تم حفظه، كما نراجع عن طريق الصلاة ما تم حفظه".
واستغرقت في حفظ كتاب الله أربع سنوات، وكانت تعمد إلى تشجيع صديقاتها اللائي يحفظنه أيضا من خلال إقامة حفلات لكل من استطاعت حفظ عدد من الأحزاب، ابتداء من عشرة أحزاب فما فوق. وفي سنة 1995 تمكنت 17 امرأة من حفظ القرآن كاملا، والباقيات لهن حظوظ لا بأس بها من آيات الذكر الحكيم، رغم أن أغلب الحافظات كن أميات وتغلبن على أمية القراءة وأمية الحفظ.
تقول حبيبة أوغانيم مؤلفة الكتاب: "في سنة 2001 فاق مجموع الحافظات على يد أم خليل المئة، فأقامت لهن حفلا بالمناسبة حضرته 800 امرأة، ألقيت فيه كلمات تذكر بمكانة القرآن في حياة الإنسان وفضل حفظه، بالإضافة إلى دوره في صيانة المرأة من الانحراف عن جادة الصواب".
(فقدت البصر لا البصيرة..)
وهذه شابة أخرى اسمها "السعدية فقيري" من مدينة الدار البيضاء، فتاة فقدت البصر ولم تفقد البصيرة، ذاع صيتها بما حققته من تفوق في حفظ القرآن الكريم وقواعد تجويده.
يحكي كتاب "حافظات مغربيات" قصتها بكونها كانت "تتمتع بالبصر إلى أن بلغت أربع سنوات من العمر، رغم أنها لا تتذكر من هذه الفترة شيئا، ولم تحتفظ ذاكرتها إلا ما كان بعد فقدان حبيبتيها بسبب إصابتها بارتفاع درجة الحرارة، وتذكر أمها أن الأطباء حينها عجزوا أمام إصابتها، ولم تتم معرفة السبب إلا في مرحلة متأخرة من عمرها لتتحول السعدية من فئة المبصرين إلى فئة المكفوفين".
وإبرازا لقدرة المرأة على حفظ القرآن رغم المعيقات والحواجز، أوضحت المؤلفة أن هذه الشابة الطموحة اعتمدت على الأشرطة الصوتية في حفظ بسورة البقرة، وبفعل تشجيع أستاذتها تغلبت على الصعوبة النظرية لقواعد التجويد، وأصبحت من المتفوقات.
وتضيف المؤلفة أنه خلال أربع سنوات أتمت السعدية بحمد الله سنة حفظ القرآن مع قواعد التجويد باستعمال الأشرطة السمعية، وتعترف السعدية بالجميل لآلة التسجيل قائلة: 'كانت آلة التسجيل مؤنستي ورفيقة دربي مع آيات الذكر الحكيم، ولم تتضجر مني يوما هذه الآلة المسكينة مما أقدم عليه من تكرار سماع الآيات".
(القرآن شافاها)
وتمكنت ليلى ماجد من تحفيظ القرآن لزوجها ولابنها بعد أن أتقنت حفظه، مما مكن من إشاعة جو من روح الاطمئنان داخل أسرتها الصغيرة، فذكر الله تطمئن به القلوب، وما أجمل أن يكون أفراد الأسرة كلهم من حفظة كتاب الله تعالى.
وتتحدث ليلى ماجد من مدينة سلا (قرب الرباط) في كتاب "حافظات مغربيات" عن تجربتها مع القرآن حفظا وتحفيظا، معتبرة أن القرآن الكريم كان شفاء لها صحيا ومعنويا داخل أسرتها الصغيرة وخارجها"، فقد أصيبت ليلى سنة 1996 بمرض الكبد، وأجريت لها عمليتان جراحيتان، وتنتظر الثالثة، غير أن تشبثها بالقرآن وتأثرها البليغ بالآية القرآنية الكريمة(وننزل من القرآن ما هو شفاء للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) سورة الإسراء، جعلاها أكثر عزما على حفظ القرآن وتحفيظه، فكل ما كانت تحفظه تحاول جاهدة أن توصله للنساء في أنشطة التحفيظ ببعض المساجد بمدينتها.
والمثير أن بعد الختمة الرابعة، ذهبت ليلى لزيارة الطبيب فأخبرها بأنها لم تعد بحاجة لإجراء عملية جراحية حول الكبد، فكان العلاج كلام الله تعالى والعناية به وحفظه وتحفيظه.. وفي الكتاب أيضا سرد لكيفية تحفيظ ليلى لزوجها القرآن الكريم، وطريقتها في إسماع ولدها حين كان جنينا في بطنها آيات من القرآن الكريم.
وتتعدد قصص الحافظات في هذا الكتاب الذي يستعرض مسيرتهن وكيف بلغن مرتبة "حافظات" وتحديهن للعراقيل والتحديات الذاتية والموضوعية من أمية وإعاقات بدنية وجسدية، ومن تأخر في السن، مثل قصة فاطمة الزهراء البلغيتي من مدينة كلميم التي حفظت القرآن الكريم وهي في الستين من عمرها، بل أكثر من هذا فقد صارت محفظة أيضا وتخرج على يدها الكثير من الحافظات، و"رغم كبر سنها ما تزال في أوج العطاء، مستمدة قوتها من قوة القرآن الكريم".
والكتاب حافل بهذه القصص الواقعية المتميزة، التي تبرز أنه ليس هناك ما يمنع المرأة المسلمة من حفظ القرآن كاملا مهما كانت الحواجز والمشاكل والعراقيل.
 
وقد شهد بذلك الدكتور محمد موسي الشريف حفظه الله
كما تمني زوال بعض السلبيات فقال :الأمور الجيدة التي رأيتها في المغرب :

1- عاطفة أهلها الجارفة نحو الإسلام وعلمائه وأهله ، وهذا أمر معروف فيهم معلوم عنهم ، وهو مما يحمد لهم ، إذ بقاء هذه العاطفة فيهم دليل على خير كبير كامن فيهم ، بعد أن تضاءلت هذه العاطفة عند بعض الشعوب الإسلامية وجفت عند بعضها الآخر.

2- وجود صحوة مباركة جليلة تسود بلدان المغرب على درجات مختلفة ، وهذا من فضل الله على تلك البلاد ، ودلالة واضحة على أن كل محاولات الاستخراب العالمي في إضعاف الإسلام في هذا البلد وتغريب أهله لم تجد إلا قليلاً، وهاهي هذه البلاد تعود إلى أحضان الإسلام من جديد وبقوة.

3- حب المغاربة للقرآن والحرص عليه من جوانب عديدة ، من جانب العوام والخواص ، وهذا الحرص أمر نسبي يختلف من بلد إسلامي لآخر لكني أرى أن المملكة العربية السعودية ومصر واليمن والمغرب في مقدمة الدول التي تولي القرآن عناية جيدة نسيباً ، وعندهم عادة حميدة ، وقفت عليها في بلادهم وفي أماكن اغترابهم وهي أنهم يبدأون مجالسهم غالباً بتلاوة القرآن ويختمونها بتلاوة القرآن ، وهذا مما لم أره عند غيرهم ، هذا وهم حريصون في مساجدهم على قراءة حزب من القرآن بعد الفجر وحزب آخر بعد المغرب فيختمون بهذه القراءة القرآن كل شهر ، وهذه عادتهم منذ قرون.

وهناك أمور في المغرب أتمنى أن تزول سريعاً :

لأنها لا تليق بهذا البلد الإسلامي ذي التاريخ الجليل ، والفتوحات الواسعة التي انطلقت من أرضه الطاهرة ، فمن ذلك :

1- الخمور المنتشرة في كل مكان تقريباً ، وهي أذى للناظرين ومحادة لرب العالمين ، نعم إن هذا ليس أمراً خاصاً بالمغرب فهي بلية ابتليت بها أكثر بلدان العالم الإسلامي ، لكن يعز علينا أن يكون هذا البلاء منتشراً في مغربنا المحبوب الذي بذل النفس والنفيس للتخلص من الاستخراب الفرنسي وقلعه إلى غير رجعة.

2- المناظر المؤذية من حيث تبرج عدد من النساء وعدم وجود ضابط لسلوكهن من هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو شرطة للآداب على وجه جيد مؤثر ، وهذا أمر شائع في عدد من بلدان الإسلام لكن لا نريد لمغربنا المحبوب أن يكون أيضاً فيه هذا الأمر الخادش للأنظار المتعب للقلوب المضل للناشئة.

3- إن المغرب خاصة والمغرب العربي الكبير عامة : أحداثه وأعلامه تكاد تكون مجهولة لأهل المشرق ، وهذا أمر قديم في المغرب العربي الكبير من ليبيا إلى شنقيط ، وأهل المغرب يعرفون شيئاً كثيراً عن المشرق أعلامه وأحداثه ، أما أهل المشرق فلا يعرفون إلا النزر اليسير ، وهذا أمر باق إلى اليوم ، وقد اشتكى منه قديماً أعلام المغرب وعلماؤه ، وذكر هذا ابن خلدون في مقدمته ، وهذا والله أعلم مردّه إلى أن أهل المغرب يزورون المشرق للحج والتجارة والزيارة ، أما أهل المشرق فلم يكن هناك شيء لا بد منه يدعوهم لزيارة المغرب ، خاصة أنه بعيد كل البعد ، وزيارته كانت محفوفة بالمخاطر ، أما اليوم وقد سهلت وسائل المواصلات والتنقل فينبغي أن يعالج هذا الأمر بوجوه متعددة من المعالجة حتى يحصل التآخي والتعارف بين المسلمين ومن ثم التكافل والتناصر، وهذا ينبغي أن يقوم بعبئه المغرب وتساعده الحكومات والهيئات والمجامع الشرقية.

4- ضعف اللغة العربية عند كثير من أهل المغرب ، وسيادة الفرنسية في شوارعها ومحلاتها على وجه غير مقبول ، إذ يمر المار بتلك المحلات من دكاكين وفنادق ومحال تجارية فلا يدري ما الذي أعدت له وذلك لأن أكثرها عليه لافتات بالفرنسية وليس للعربية فيها نصيب فمن يجهل الفرنسية مثلي لا يدري ماذا يباع في ذلك المحل ، ولا الغرض الذي أنشئ من أجله ، وهذا إن كان سائغاَ فيما مضى زمان الاستخراب الفرنسي فلا ينبغي أن يسود ويسوغ اليوم في زمن البحث عن العز العربي والإسلامي.
 
بارك الله فيكم أختي الكريمة على هذه الفوائد .
كيف يمكن الحصول على هذا الكتاب (مغربيات حافظات للقرآن) للدكتورة حبيبة أوغانيم؟
جزاكم الله خيراً .
وكم في المغرب العربي من النفائس والدرر والإبداعات والتميز في العلوم والفنون. وقد زرته مؤخراً وسعدت به كثيراً ، فسقى الله تلك المعاهد والديار وأهلها صوب الغمام ،فما أحلى تلك الربى والذكريات . ورحم الله الصمة القشيري عندما قال :
[align=center]وأذكر أيام الحمى ثم أنثني =على كبدي من خشية أن تصدعا[/align]
 
عودة
أعلى