نماذج من الباحثين في المؤتمرات الغربية

إنضم
11/04/2006
المشاركات
157
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
كلما حضرت مؤتمراً من هذه المؤتمرات التي تعقد في الشرق أو الغرب وتتناول الإسلام والمسلمين وأسمع كلاماً وأحياناً أرى تصرفات لا تعجبني أتساءل لماذا أصر على المشاركة؟ وكيف أتجاوب مع هذه النماذج من الباحثين والباحثات. ولن أجيب قبل أن أقدم بين أيديكم توضيحاً لذلك.
ثلاث أديبات تركيات
بحث قدمته باحثة تركية اسمها بينار كايالب بعنوان: "الأدب النسوي ما بعد الستينيات في تركيا"، وهي أمريكية الجنسية وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ومتخصصة في التاريخ وقد اختارت ثلاث أديبات تركيات من خلفيات مختلفة شهدن كما تقول الباحث ولادة تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال (ولم تذكر كلمة عن إلغاء الخلافة)؛ إحداهن من الطبقة الراقية أو الأرستقراطية حيث كان أبوها سكرتير السلطان عبد الحميد الثاني، والثاني من الطبقة الفقيرة وثالثة من الطبقة المتوسطة. وكان تركيز الباحثة على موقف الأديبات التركيات من تحرير المرأة وتعليمها وغير ذلك. وكان منطلقها أن المرأة تحتاج إلى تحرر على الطريقة الغربية ويدخل في ذلك دراسة اللغات الأوروبية والعيش وفقاً للمعايير الغربية. وكانت إحدى هؤلاء الكاتبات الأديبة خالدة أديب.
وقد أفصحت هذه الباحثة عن مكنون نفسها في اتهامها لحزب العدالة والتنمية باعتقال المعارضين وأن الإعلام يسكت عن ذلك، ولم تقدم على هذا أي دليل وكان واضحاً من نبرة صوتها عداوتها لهذا التيار. كما أكدت في تعليق آخر أن ما سمي الإصلاحات اللغوية على الرغم من أنه فصل بين الأمة وتاريخها وثقافتها ولكن الشعب التركي كان في حينها يعاني من الأمية.
باحث يهودي ملحد أو قريب من الإلحاد
باحث من كلية رامبو بولاية نيو جرسي القريبة من نيويورك اسمه إيرا سبار Ira Spar متخصص في العقائد يكاد ينتقد الأديان كلها حتى اليهودية، وهو أمر معروف أن يكون النقد والهدم لجميع الأديان. ويعرف عقائد الشعب البابلي وغيرها من الأديان والمعتقدات. ويتحدث عن المعتقدات على ما فيها من إلحاد وكفر بكل سهولة لدرجة يصل فيها إلى استحسان تلك العقائد. وقد ذكر أموراً لا أستطيع أن أعيدها تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
ولمّا كان موضوع البحث نظرة تاريخية إلى الصراع بين تكوين القانون الإيجابي والقانوني العقدي. ويقصد بالأول هو ما صنعه البشر من قوانين والقانون العقدي هو الشرائع السماوية. وحاول الباحث أن يثبت أن هذا الصراع يعود إلى آلاف السنين حيث وقع الصراع عندما وضع حامورابي قوانينه المعروفة. ومن الأمثلة على هذا الصراع قصة الشاب الباكستاني الذي تزوج في باكستان وانتقل للعمل في الولايات المتحدة في مجال صناعة المعلومات وكوّن ثروة تقدر بعدة ملايين ثم قرر أن يطلق زوجته فقال لها :طالق طالق طالق، وهنا لجأت الزوجة إلى المحاكم الأمريكية فهل يمكن للمحاكم الأمريكية أن تناقش عقداً تم في بلد آخر، وأصرت المحاكم الأمريكية أن يقدم الزوج جزءاً من ثروته للزوجة تعويضاً لها. ولم يذكر أن بعض الدول الأوروبية قبلت أن يتحاكم اليهودي إلى شريعتهم في مسائل الأحوال الشخصية ولكن يصعب عليهم أن يقبلوا تحاكم المسلمين إلى شريعتهم وقد أثار الإعلام البريطاني ضجة كبرى عندما أعلنت بريطانيا أنها ستعطي المسلمين الحق في التحاكم إلى شريعتهم في مجال الأحوال الشخصية فقامت الدنيا ولم تقعد. وكم تمنيت أن تقوم حملة إسلامية لتوضح لهؤلاء الناس عظمة الإسلام في هذه التشريعات وفي غيرها. فالذين يرون أن الطلاق إنما هو قول الرجل: طالق، طالق، طالق ليس صحيحاً فللطلاق مراحل يسبقها علاج الرجل لنشوز المرأة ثم الحكم من أهله ومن أهلها ثم الطلاق مرتان أي مرة فمرة وفي كل مرة ينتظران ثلاثة أشهر لعلهما يتراجعا عن قرار الانفصال حتى كتبت كاتبة إنجليزية ذات مرة إن الطلاق في الإسلام أرحم من الطلاق عند الغربيين.
وأشار الباحث إلى وثيقة الماقنا كارتا البريطانية التي حدّت من سلطات الملك ومنعته من الاعتداء على الرعية بالاعتقال أو مصادرة الأموال أو جبيها بدون وجه حق، وذكر تفصيلات طريفة في الموضوع سأسعى إن شاء الله للحصول على تفاصيلها، ولكني تذكرت ما كتبه الشيخ محمود شاكر (أبو فهر) رحمه الله عن أن المماليك في مصر عاثوا فساداً نهبوا الأموال وظلموا الرعية فما كان من العامة إلاّ أن توجهوا إلى العلماء- وهذه مكانة العلماء الحقيقية- طالبين منهم إنقاذهم من الظلم، فما كان من العلماء إلاّ أن أمروا الناس بما يشبه العصيان المدني وتوجهوا إلى قصر كبير المماليك واحتجوا على ما يقوم به هو وغيره من المماليك من ظلم الناس وسلب أموالهم وانتهى الاجتماع إلى توقيع المماليك على حجة أو صك أن يعيدوا المظالم إلى أهلها ويتعهدوا بعدم ظلم الرعية. ويقول محمود شاكر إن علماء المسلمين سبقوا الإنجليز في هذا الصك أو الحُجّة.
بسام الطيبي ونوال الشعراوي وأضرابهما في المؤتمر
لفت انتباهي في المؤتمر ذكر بسام الطيبي الأستاذ العربي في عدد من الجامعات الغربية وإيراد اقتباس طويل من كلامه حول السياسة والإسلام. كما ذكرت نوال الشعراوي وأشار عميد مدرسة الدراسات الأمريكية والدولية بكلية رامابو Ramapo في نيوجرسي الدكتور حسن مجيد (أصله من أصفهان) إلى أنهم دعوا نوال الشعراوي لتحاضر عندهم. وهنا تذكرت أنني سبق أن كتبت عن آراء بسام الطيبي التي تحاول بعض
صحفنا الترويج لها ومن ذلك الاقتباس الآتي:
"وكان من الأسئلة التي أجاب عنها الطيبي (الشرق الأوسط 26شوال 1419هـ) أن اللجوء للإسلام إنما يحدث بسبب الأزمات واستشهد بما حدث في اندونيسيا حيث قال: "ففي وقت الأزمات يلجأ الناس إلى التشبث بمعتقداتهم الموروثة ويحاولون استخدامها كعلاج لأزماتهم، وطالما لم نقدم لهم بديلاً علمانياً حداثوياً مفهوماً ومقبولاً لدى الجماهير فسيظلون ميّالين إلى الاندفاع نحو الأصوليين عند كل هزة اقتصادية أو أزمة سياسية.... وأتساءل الآن وبعد ثنتي عشرة سنة تقريباً من تلك المقابلة ماذا يسمى بحث الغرب عن حلول لأزمتهم الاقتصادية الخانقة في القرآن الكريم حتى كان البابا في الفاتيكان طالبهم بالرجوع إلى القرآن للإفادة من تشريعاته المالية؟
ولمّا سئل الطيبي عن الإسلام والديمقراطية خلط بين الصحيح والخطأ فمما قاله: "تقليص الإسلام إلى مجرد عقيدة سياسية ما هو إلاّ تجاوز لروح رسالته." فالإسلام اقتصاد وسياسة واجتماع وثقافة وكل جوانب الحياة. ويضيف الطيبي في الإجابة نفسها: "ولا ترد أي إشارة في القرآن إلى الدولة أو النظام السياسي ولكن هناك دون شك ذكر لأخلاق سياسية محددة في الإسلام" إذا كان الطيبي لم ير في القرآن الكريم إشارة إلى الدولة فما ذا يسمي موقف يوسف عليه السلام في مسألة اقتصادية أو الأزمة الاقتصادية التي واجهها الرئيس المصري والاحتياطات التي اتخذها وقيامه بمسؤولية المالية. ماذا يسمي ذكر القرآن الكريم لفرعون سبعين مرة أكثرها كان في سياق سياسي بحت مع أن الطيبي يدرك الارتباط بين العقيدة والإمامة. ألم يؤسس الرسول صلى الله عليه وسلم دولة ضمت جميع مرافق الدولة السياسية والاقتصادية والقضائية والثقافية والإعلامية وغيرها؟ أليس نموذج الدولة في الخلافة الراشدة كافياً لمعرفة أن الدولة أمر أساسي؟ فهل يبحث الغربيون عن نماذج تختلف عن الطيبي؟"
الأمة هي الأصل
كان لنا في المؤتمر جلسة نقاش شاملة لأوراق المؤتمر وتقديم أفكار لمؤتمرات قادمة، فقلت لقد اطلعت على كتيب صغير للدكتور أحمد الريسوني من المغرب بعنوان (الأمة هي الأصل) ورسم على غلاف الكتاب مثلثين أو هرمين أحدهما سليم والآخر مقلوب، وقال إن الأمة كانت تقوم بمعظم شؤونها مما يمثل ثلثي الهرم السليم ولم يكن للدولة عمل سوى الأمن والجيش والعلاقات الخارجية والمالية. وكانت الأمة تقوم بشؤونها في التعليم والثقافة والصحة والتجارة وسوى ذلك وذلك من خلال قيام الأثرياء بالإنفاق على العلم والأعمال الخيرية ومن خلال مؤسسة الوقف التي سيطرت عليها الحكومات إلى أبعد درجة فأفرغتها من حقيقتها. ثم قُلِبَ الهرم فأصبحت الدولة تسيطر على ثلثي الهرم فتتدخل في التعليم وفي الصناعة والتجارة والمجتمع فكيف يستطيع العلماء في العصر الحاضر أن يعيدوا للأمة مكانتها في تدبير شؤونها. وهذا هو عين ما قصده الدكتور عبد الوهاب المسيري في عبارته (تغول الدول القومية)، فرد الدكتور حسن مجيد بأن الموضوع حقيق بالدراسة وسأسعى ليكون هو موضوع المؤتمر القادم إن شاء الله.

 
كلام طيب ورائع ، لكنك يافضيله الشيخ ذكرتنى بسؤال طرحه أحد أساتذه قسم الدعوه في كليه أصول الدين وهو : لماذا لايكون عندنا نحن المسلمين كوادر علميه تعمل علي دراسه الغرب كما يعمل الغرب علي دراسه الشرق فيصير الدارس للغرب يحمل إسم (مستغرب) كما يحمل الدارس للشرق إسم (مستشرق)؟.
هل هذا ممكن يافضيله الشيخ؟ وكيف ذلك ؟
 
يا أخي الكريم مصطفى صلاح الدين ممكن جداً لو أن صاحب القرار استوعب الفكرة أو كان لديه مستشارون يستوعبون الفكرة، لقد بُحَّ صوتي وأنا أنادي بضرورة إنشاء دراسات الغرب وظهرت في عدة قنوات وكتبت في مجلات وصحف وتحدثت في الإذاعة وملأت الإنترنت صراخاً بضرورة أن ندرسهم كما يدرسوننا ولكن لا حياة لمن تنادي. بارك الله فيك ودعواتك
 
عودة
أعلى