ناصر عبد الغفور
Member
نكتة العطف في قوله: "ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ".
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: " ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) "-سورة نوح-.
ومعلوم أن الجهر هو الإعلان.
جاء في المعجم الوسيط:
"( جهر ) الشيء جهرا علن وظهر وبالكلام ونحوه جهرا وجهارا أعلنه وفي التنزيل العزيز ) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى."
وقال في مادة: (علن):
"( أعلنه ) وبه أظهره وجهر به."اهـــــــــ.
وهذا ما ورد به القرآن الكريم في مواضع:
يقول الله جل في علاه: " يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" أي وما تجهرون، "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخفى" أي تعلنه وتظهره، "ولا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ".
فالإعلان هو الجهر وهذا ما فسر به المفسرون الآية:
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى في تفسيره:" والإعلان والجهر بمعنى واحد ، وهو كلام بحيث يسمع الجماعة".
وقال الحافظ ابن كثير:" ثم إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا " أي: جهرة بين الناس.
" ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ " أي: كلاما ظاهرا بصوت عال."
وقال صاحب السراج المنير:""ثم إني دعوتهم جهاراً" أي : معلناً بالدعاء ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : بأعلى صوتي."ثم إني أعلنت لهم" أي : كررت لهم الدعاء معلناً".
ونقل الإمام الطبري رحمه الله تعالى عن مجاهد قوله:"( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ) قال: الجهار الكلام المعلن به.".
فإذا كان الأمر كذلك فكيف قال نوح عليه السلام "ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ"، مع الاعتقاد الجازم أن كلام الله تعالى منزه عن الحشو واللغو فهو كلام الحكيم سبحانه فلا يمكن أن يخلو من حكم.
وبشيء من التأمل ظهر لي جواب أراه بإذن الله صائبا:
وهو أن العطف في الآية من باب عطف الشيء على نفسه للتأكيد.
فعطف القرآن الكريم إعلان الدعوة على الجهر بها تأكيدا، وذلك لبيان مدى الجهد الذي بدله نوح عليه السلام مع قومه ومدى نصحه ومبالغته وجده في نصحهم ، وكذا لبيان مدى عنادهم وغطرستهم وصدودهم عن اتباع الحق.
وقد حاولت الاستئناس بقاعدة تفسيرية تقوي جوابي من خلال قواعد التفسير للشيخ خالد السبت حفظه الله تعالى لكن لم أجد.
وكم سررت لما وجدت بغيتي في كتاب البرهان للإمام الزركشي حيث وجدت فيه قاعدة تقوي جوابي وتعضده، يقول الإمام الزركشي رحمه الله تعالى في القاعدة الرابعة من قواعد العطف:" الأصل في العطف التغاير وقد يعطف الشيء على نفسه في مقام التأكيد"-البرهان:4/113-.
ويقول في موضع آخر:"عطف أحد المترادفين على الآخر أو ما هو قريب منه في المعنى والقصد منه التأكيد"-البرهان:2/472-.
وقد بحثت في كتب التفسير فلم أجد من أشار إلى هذا الأمر –إلا ما غاب عني ولم أطلع عليه-.
فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
بسم الله الرحمن الرحيم
نكتة العطف في قوله تعالى:" ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ":
يقول الله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: " ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) "-سورة نوح-.
ومعلوم أن الجهر هو الإعلان.
جاء في المعجم الوسيط:
"( جهر ) الشيء جهرا علن وظهر وبالكلام ونحوه جهرا وجهارا أعلنه وفي التنزيل العزيز ) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى."
وقال في مادة: (علن):
"( أعلنه ) وبه أظهره وجهر به."اهـــــــــ.
وهذا ما ورد به القرآن الكريم في مواضع:
يقول الله جل في علاه: " يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" أي وما تجهرون، "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخفى" أي تعلنه وتظهره، "ولا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ".
فالإعلان هو الجهر وهذا ما فسر به المفسرون الآية:
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى في تفسيره:" والإعلان والجهر بمعنى واحد ، وهو كلام بحيث يسمع الجماعة".
وقال الحافظ ابن كثير:" ثم إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا " أي: جهرة بين الناس.
" ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ " أي: كلاما ظاهرا بصوت عال."
وقال صاحب السراج المنير:""ثم إني دعوتهم جهاراً" أي : معلناً بالدعاء ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : بأعلى صوتي."ثم إني أعلنت لهم" أي : كررت لهم الدعاء معلناً".
ونقل الإمام الطبري رحمه الله تعالى عن مجاهد قوله:"( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ) قال: الجهار الكلام المعلن به.".
فإذا كان الأمر كذلك فكيف قال نوح عليه السلام "ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ"، مع الاعتقاد الجازم أن كلام الله تعالى منزه عن الحشو واللغو فهو كلام الحكيم سبحانه فلا يمكن أن يخلو من حكم.
وبشيء من التأمل ظهر لي جواب أراه بإذن الله صائبا:
وهو أن العطف في الآية من باب عطف الشيء على نفسه للتأكيد.
فعطف القرآن الكريم إعلان الدعوة على الجهر بها تأكيدا، وذلك لبيان مدى الجهد الذي بدله نوح عليه السلام مع قومه ومدى نصحه ومبالغته وجده في نصحهم ، وكذا لبيان مدى عنادهم وغطرستهم وصدودهم عن اتباع الحق.
وقد حاولت الاستئناس بقاعدة تفسيرية تقوي جوابي من خلال قواعد التفسير للشيخ خالد السبت حفظه الله تعالى لكن لم أجد.
وكم سررت لما وجدت بغيتي في كتاب البرهان للإمام الزركشي حيث وجدت فيه قاعدة تقوي جوابي وتعضده، يقول الإمام الزركشي رحمه الله تعالى في القاعدة الرابعة من قواعد العطف:" الأصل في العطف التغاير وقد يعطف الشيء على نفسه في مقام التأكيد"-البرهان:4/113-.
ويقول في موضع آخر:"عطف أحد المترادفين على الآخر أو ما هو قريب منه في المعنى والقصد منه التأكيد"-البرهان:2/472-.
وقد بحثت في كتب التفسير فلم أجد من أشار إلى هذا الأمر –إلا ما غاب عني ولم أطلع عليه-.
فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.