سوف يقوم المؤول بتعديلها كما فعل نصر حامد مثلا مع التأويلية حيث رأى أن التأويلية الجدلية (عند جادامر) فضلا عن التأويلية الكلاسيكية لا تصلح لذلك قام بتعديلها وحرّفها إلى هرمنيوطيقا مادية جدلية.
لم يحرف نصر أبو زيد تأويلية جادامر، لكنه ككل العلمانيين، يصنعون توليفة من هذه العمليات التأويلية المادية التي لاتخرج عن إطار المعاش الأرضي، البشري كله، انظر في هذا مثلا مافعله وأخبرنا عنه سيد القمني في مقدمته لكتابه(الاسطورة والتراث) وللجابري مثله في أنه لايلتزم بالمنهجيات التي ذكرها بصورة حرفية ولكنه يأخذ ويدع، يرقع ويقطع.
نصر أبو زيد كما عرض في مقدمة كتابه(اشكاليات القراءة) أخذ من أدواته مايخدم موضوعه، ووضع قاعدتها كلها، أي ما أخذه، على قاعدة المادية الجدلية، مع أنها لاتختلف كثيرا عن مادية وجدلية العمليات التأويلية الأخرى، المنبثقة من عُتم المادية الغربية، هو لم يحرف ولكن نتف!، ولم يغير ولكن أضاف، أضاف أقوال أخرى على قول جادامر في مواضيع القراءة والمقروء، المعاش الجماعي والفرد المبدع.
ستتم عملية تأويل السبب في النطاق المادي بعيدا الفكر والتوجيه والتربية والإيمان والوجدان أي بعيدا عن الإنسان كإنسان. مثله في ذلك مثل الذي وَظّف علوم مشكل ومتشابه وغريب القرآن وأضاف إليها {فاسأل به خبيرا}{والعالمون} ليبرر الغنوصية والمهدية والإمامية الباطنية ..
جادامر ياسيدي لايعير اهتماما للايمان، فهو يدور في حلقة: هل النص من أبداع جماعي أو إفراز جماعي أو فعل فردي أو هل يمكن أن يدخل في موضوع النص موضوع الإبداع الفردي!؟
هنا نصر أبو زيد، كما بين هو نفسه في إشكاليات(الكتاب) أدخل الجماعي والفردي معا، كاتب النص أو كتاب النص!
جعل للمبدع مكانا في النص كما جعل للمعاش أو لنصوص من قبله مكانا في النص!
وقد بينت هذا في مقالي الذي سيعرض في مجلة البيان إن شاء الله.
فهنا لم يحرف نصر هذا شيء وإنما خدم الحوار الهرمنيوطيقي حول النص البشري هل هو من كتابة الأموات أم من كتابة مبدع النص أو كاتبه؟
ثم راح-كما بينت في كتابي اقطاب العلمانية ج1(الفصل الخاص بنصر أبو زيد، والذي نقل عنه الأستاذ سليمان الخراشي) يعكس خلاصة نتائجه هذه في تطبيقات حول القرآن أو النص كما يسميه، فجعل للمعرفي الجماعي الثقافي الأسطوري نصيبا في النص!
كما جعل للفرد المبدع(النبي بزعمه) نصيبا في تشكيل النص، اانعكاس نفسيته داخل النص، كما في تطبيقاته حول نص، (
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، وقد ذكرت ذلك في كتابي المشار إليه وإن بلغة سهلة للناس) فقال بأن الرسول كان يشعر بالضباع كما جعله هو نفسه يكتب إشعارا لنفسه بأن هناك من هو معه(:
[SUP](([/SUP] كان يعاني دون شك إحساساً طاغياً بالإهمال والضياع"(مفهوم النص ص67) الذي يبدأ بـ
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ الفعل
[SUP](([/SUP] خَلَقَ [SUP]))[/SUP] ليعوض عن إحساسه بالإهمال الذي لقيه من المجتمع وليختلق له رباً !
يقول :
[SUP](([/SUP] ولا شك أن إحساس محمد الذي تتوجه إليه هذه الرسالة - بأن ربه هو الذي خلق , يتصاعد بذاته وبقيمته وأهميته , ويداوي إحساس اليتم والفقر في أعماقه , ولأن محمداً لا يعزل نفسه عن الواقع وعن إنسان مجتمعه فإن النص يكرر الفعل [SUP](([/SUP] خَلَقَ [SUP]))[/SUP] كاشفاً لمحمد عن تساؤلاته عن الإنسان" [SUP](([/SUP] إن المتحدث إلى محمد بالوحي ليس غريباً عنه"(مفهوم النص ص69)،
أي ان نصر أبو زيد لم يفعل أكثر من وضع القرآن في تأويلية المادية الغربية(من ماركس حتى مابعد جادامر)
أما الذي حرفه فليس تأويلية جادامر ولكن نصوص القرآن التي أعطاها معان هررمنيوطيقية تدور في الدوال التأويلي(المختلف حوله) عن من صنع النص، أألجماعة أو المعاش، أو الفرد المبدع)