نظم في أسماء كتب القراءات والتعليق عليه

إنضم
20/09/2008
المشاركات
376
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الموقع الالكتروني
www.alukah.net
الحمد لله ذي العزَّة والعلاء، والعظمة والبهاء، والقُدرة والكبرياء[1].
وبعد؛
فهذا نظمٌ ضمَّنتُه عددًا من أسماءِ كُتُب القِراءات، واقتبستُ فيه جُملاً من قصيدةِ الإمام الشاطبيِّ - رحِمه الله - المسمَّاة: "حِرْز الأماني ووجْه التهاني"، والمشهورة بالشاطبيَّة.
ثم شرحتُ ذلك، معرِّفًا بِهذه الكتُب وأصحابِها بإيجاز، ناقلاً - في أكثر الأحْوال - تعريفَ الإمام ابن الجزري - رحمه الله - لهذه الكتُب في كتاب "النشْر"، وما ليس في كتاب "النشْر" فإنِّي أنقل اسمَ الكتاب وصاحبه ووفاته من الكتُب المطبوعة مباشرة،، وبالله التوفيق، وعليه اعتمادي.

النَّظْم

جَعَلْتُكِ فِي "حِرْزٍ" فَإِنَّكِ "دُرَّةٌ" * * * وَإِنَّكِ "كَنْزٌ" لابْنِ مَنْ كَانَ مُؤْمِنَا[2]

حَدِيثُكِ "إِقْنَاعٌ" وَقُرْبُكِ "غَايَةٌ" * * * وَنُصْحُكِ "إِرْشَادٌ" لِمَنْ قَد تَمَعَّنَا

وَبَيْتُكِ "عُنْوَانٌ" لِطُهْرٍ وَعِفَّةٍ * * * سَمَاءَ العُلا وَالعَدْلِ فِيهَا تَوَطَّنَا

هَنِيئًا لِمَنْ قَدْ صِرْتِ فِي البَيْتِ حِلَّهُ * * * يَقِينِيَ: لَمْ يَخْفُقْ[3] لأُخْرَى وَلا رَنَا

وِصَالُكِ "كَافِيهِ" وَ "هَادِيهِ" لِلتُّقَى * * * وَ "تَذْكِرَةٌ" أَنَّ النَّعِيمَ لَهُ هُنَا

وَ "تَبْصِرَةٌ" "لِلْمُسْتَنِيرِ" عُيُونُكُمْ * * * بِلَيْلٍ إِذَا "المِصْبَاحُ" أُطْفِئَ أَوْ وَنَى

"فَمُفْرَدَةٌ" فِي قَلْبِهِ لَيْسَ "جَامِعًا" * * * إِلَيْكِ "ثَلاثًا" أَوْ يَكُونُ لَهُ ثِنَى

لَئِنْ كَانَ قَبْلَ الطُّهْرِ وَالعِفَّةِ الَّتِي * * * مَنَنْتِ عَلَيْهِ ضَاعَ أَشْأَمَ أَيْمَنَا

فَقَدْ نُلْتِهِ[4] "رَوْضًا نَضِيرًا" وَ "رَوْضَةً" * * * مُطَيَّبَةَ الأَعْرَافِ دَانِيَةَ الجَنَى

وَأَنْسَيْتِهِ مَنْ كَانَ قَدْ صَالَ دَلُّهَا * * * سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ تَمَكَّنَا

وَمَنْ سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ذَاتَ زَرْنَبٍ * * * جَلَتْهُ وَمَنْ أَبْدَتْ لَهُ الثَّغْرَ ذَا السَّنَا

جَلَبْتِ لَهُ "التَّيْسِيرَ" فِي عَيْشِهِ فَلَمْ * * * يُثَقَّلْ بِأَعْبَاءٍ وَلا ظَهْرُهُ انْحَنَى

وَلَمْ تَنْشُرِي سِرًّا لَهُ عِنْدَ جَارَةٍ * * * فَقَدْ كَانَ تَرْكُ "النَّشْرِ" لِلسِّرِّ أَحْسَنَا

أُعِيذُ بَنِيكِ السَّبْعَةَ الزُّهْرَ أَنْ أَرَى * * * صَغِيرَهُمُ فِي رَهْبَةٍ أَنْ يُلَحَّنَا

أُعِيذُهُمُ مِنْ كُلِّ قَارٍ مُلَفِّقٍ * * * عَيِيٍّ بَعِيمٍ[5] مُفْحَمٍ يُكْثِرُ الخَنَا

وَعُذْرًا "لِتَحْبِيرِي" لِنَظْمٍ وَمِدْحَتِي * * * "عَقِيلَةَ أَتْرَابِ" النِّسَاءِ تَفَنُّنَا


[1] من خطبة كتاب "الكنْز في القراءات العشْر"، لابن عبدالمؤمن الواسطي.
[2] أي: أنتِ كنزٌ لابن رجُلٍ مؤمنٍ لو كنتِ له أمًّا، هذا الذي يُفْهَم من سياق هذا الشَّطر، وإنَّما تكلَّفت صَوْغَه هكذا لتكونَ فيه إشارةٌ لمؤلِّف كتاب "الكنز".
[3] خفقان القلبِ أو صاحبِه: اضطرابه وتحرُّكه.
[4] نُلْته وأنَلْته بِمعنى واحد؛ فالفعل يتعدَّى ثلاثيًّا ورباعيًّا.
[5] البعيم: بمعنى المفحَم الذي لا يقول الشعر، وهي كلِمةٌ نادرة أهملتْها بعض المعاجم القديمة.
 
التعليق

(1) حرز
"حِرْز الأماني ووجْه التهاني" القصيدة المشْهورة بـ "الشاطبيَّة"، من نظْم الإمام العلامة وليِّ الله أبي القاسمِ القاسم بن فيرُّه بن خلفِ بن أحمدَ الرُّعيني الأندلُسي الشَّاطبي الضرير، توفي في الثَّامن والعشرين من جُمادى الآخرة سنةَ تِسعين وخمسمائةٍ بالقاهرة.
قال فيها - رحمه الله -:

وَسَمَّيْتُهَا حِرْزَ الأَمَانِي تَيَمُّنًا * * * وَوَجْهَ التَّهَانِي فَاهْنِهِ مُتَقَبِّلا
وقد شرحها الجمُّ الغفير من العُلماء، منهم:
- العلاَّمة علم الدين أبو الحسن عليُّ بْن مُحمَّد بن عبدالصَّمد الهمْداني السَّخاويُّ، صاحب "جمال القُرَّاء وكمال الإقْراء" ت 643، قال عنها من جُملة أبيات:

هَذِي القَصِيدَةُ بِالمُرَادِ وَفِيَّةٌ * * * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لُقِّبَتْ حِرْزَ المُنَى
قال ابنُ الجزري في "الغاية": هو أوَّل مَن شرحَها، بل هو - واللهُ أعلم - سببُ شهرتِها في الآفاق، وإليه أشار الشاطبيُّ بقوله: "يقيِّض الله لها فتًى يشرحُها"، وقال عنْ أبي القاسِم المعروفِ بابن الحدَّاد في ترجَمتِه: "ويحتمل أن يَكونَ أوَّل مَن شرحَها".
- والحافظُ أبو القاسم عبْدالرَّحْمن بْنُ إسْماعيل الدِّمشْقيُّ المعْروفُ بأبي شامة ت 665.
- والمنْتجب بْنُ أبي العزِّ بْن رشيدٍ الهمدانيُّ[1] ت 643.
- وأبو عبْداللَّه مُحمَّدُ بْن الحسن الفاسيُّ ت 656.
- وأبو إسْحاق إبْراهيمُ بْنُ عُمر الجَعْبريُّ ت 732، ونقل الإمامُ الذهبي في "معرِفة القُرَّاء الكِبار" عنْه قولَه:

إِذَا مَا رُمْتَ نَقْلَ السَّبْعَةِ الْزَمْ * * * لِتَظْفَرَ بِالمُنَى حِرْزَ الأَمَانِي
جَزَى اللهُ المُصَنِّفَ كُلَّ خَيْرٍ * * * بِمَا أَسْدَاهُ فِي وَجْهِ التَّهَانِي
بِأَلْفَاظٍ حَكَتْ دُرًّا نَضِيدًا * * * وَقَدْ نَادَتْ فَلَبَّتْهَا المَعَانِي[2]
طَمَا آذِيُّهُ عَذْبًا وَأَرْوَتْ * * * جَدَاوِلُهُ فَكُلٌّ عَنْهُ ثَانِي
حَلا فِيهِ الطَّوِيلُ[3] وَلَذَّ سَمْعًا * * * فَعدّ عَنِ المَثَالِثِ وَالمَثَانِي
- والإمامُ العلاَّمةُ أبو عبْدالله مُحمَّدُ بْنُ أحْمدَ بْن مُحمَّدٍ الموْصليُّ المعْرُوفُ بشُعْلة ت 656.
- ومن المتأخِّرين: الشيخ علي محمَّد الضَّباع ت 1380[4]، والشيخ عبدالفتاح عبدالغني القاضي ت 1403، وغير هؤلاء كثير إلى يومِنا هذا.

[1] أرجِّح أنَّه بالدَّال المهْملة نسبة إلى القبيلةِ – كالسَّخاوي - ولم أرَ مَن صرَّح به، راجعْ أعلام الزركلي.
[2] فيه إشارة إلى بيت الشاطبية:
أهلَّتْ فلبَّتْها المعاني لبابها * * * وصُغْتُ بها ما ساغ عذبًا وسلسلا
[3] في معرفة القرَّاء الكبار: المديد، والمُثْبت هنا من مصدرٍ آخَر.
[4] في بعض المصادر – كالحلقات المُضيئات للشَّيخ السيِّد أحمد عبدالرحيم، وإمتاع الفُضلاء لإلياس البرماوي - أنَّ وفاته 1376هـ، وأيضًا من التَّعاجيب أنَّ ترجمته في "الأعلام" للزِّركلي لم تزِدْ عن سطرَيْن، وورد فيها الصبَّاغ بالصَّاد والغين.
 
(2) دُرَّة
"الدُّرَّة المضيَّة في القِراءات الثَّلاث المتمِّمة للقِراءات العشْر"، نظمٌ للإمام العلاَّمة محمَّد بن محمَّد بن محمَّد ابن الجزري - رحمه الله - توفي ضحْوةَ يوم الجمُعة، لخمسٍ خلَوْن من أوَّل الرَّبيعَين، سنة ثلاثٍ وثلاثين وثمانمائة.
وقد نظم ابنُ الجزري - رحِمه الله - في "الدُّرَّة" قِراءاتِ الأئمَّة الثَّلاثة كما في كتاب "تحبير التيسير" له، فليس لهذا النَّظْم تعلُّق بالقِراءات السَّبع، قال - رحمه الله -:

وَبَعْدُ فَخُذْ نَظْمِي حُرُوفَ ثَلاثَةٍ * * * تَتِمُّ بِهَا العَشْرُ القِرَاءَاتُ وَانْقُلا
كَمَا هُوَ فِي تَحْبِيرِ تَيْسِيرِ سَبْعِهَا * * * فَأَسْأَلُ رَبِّي أَنْ يَمُنَّ فَتَكْمُلا
وقال في أواخِرها:

وَتَمَّ نِظَامُ الدُّرَّةِ احْسُبْ[1] بِعَدِّهَا * * * وَعَامَ أَضَا حَجِّي فَأَحْسِنْ تَفَؤُّلا
وهذا النَّظم شرَحَه كثيرٌ من العلماء، من أقدَمِهم الإمام الزَّبِيدي، عثمان بن عمر بن أبي بكر النَّاشري، والشَّيخ النويري، وشيخ الأزهر محمد بن حسن السمنودي ت 1199 هـ، ومن المتأخِّرين: العلاَّمة علي محمَّد الضبَّاع، وغيرهم.

وقد اصطلح المتأخِّرون على تسمِية القِراءات العشْر من طريق الشَّاطبيَّة والدرَّة: العشْر الصُّغرى، وعلى تسْمية القراءات العشْر من طريق "طيِّبة النشْر": العشْر الكبرى.

[1] مضارع حسب - التي هي من الحساب - بضمِّ العين، فيكون الأمر: احسُب بضمِّ السين، ولكن يبدو أنَّ أكثر المطبوع والمسموع من الدرَّة كسَر هذه السين هنا،، والله أعلم.
 
(3) كنز
كتاب "الكنْز في القِراءات العشْر"، تأليف الإمام أبي محمدٍ عبدالله بن عبدالمؤمن بن الوجيه الواسطي، توفي في شوَّالٍ سنة أربعين وسبعمائةٍ.
* وفي قول النَّاظِم هُنا (ابن مَن كان مؤمنًا) إشارة لمؤلِّف هذا الكتاب - "الكنز" - وهو ابن عبدالمؤمن بن الوجيه الواسطي.
وقد أحسن ابن الجزري الثناء عليه في أكثرَ من موضع، فقال في كتاب "النشر":
ولمَّا قدِمَ الشَّيخُ أبو محمَّدٍ عبْداللهِ بْنُ عبدالمُؤْمنِ الواسِطِيُّ دِمشْقَ في حُدودِ سنةِ ثلاثين وسَبْعِمائةٍ، وأقْرأَ بِها لِلعشَرةِ بِمُضمَّنِ كِتابَيْهِ "الكَنْزِ" و "الكِفاية" وغَيْرِ ذلِكَ، بلغَنا أنَّ بَعْضَ مُقْرِئي دِمَشْقَ مِمَّنْ كان لا يَعْرِفُ سِوَى "الشَّاطِبِيَّةِ" و "التَّيْسِيرِ" حَسَدَهُ، وقَصَدَ مَنْعَهُ مِنْ بَعْضِ القُضاةِ، فكتبَ عُلماءُ ذَلِكَ العَصْرِ في ذَلِكَ وأئِمَّتُهُ، وَلم يَخْتَلِفُوا في جَوَازِ ذَلِكَ، واتَّفَقُوا على أنَّ قِراءاتِ هَؤُلاءِ العَشَرة وَاحِدَةٌ، وإنَّمَا اخْتَلَفُوا في إطْلاقِ الشَّاذِّ على ما عَدَا هَؤُلاءِ العَشَرةَ، وتَوَقَّفَ بعضُهُم. اهـ.
وأثنى عليه أيضًا وعلى صاحبه الشيخ أبي الحسن الديواني أبلغَ ثناءٍ في كتاب "غاية النهاية"، فقال عنه: اعتنى بِهذا الشَّأْن أتمَّ عناية، وقرأ بِما لم يقرأْ به غيرُه في زمانه، فلو قُرِئَ عليْه بِما قرأَ أو على صاحبِه الشَّيخ علي الدِّيواني الواسطي لاتَّصَلَتْ أكثرُ الكتُب المنقطعة، ولكنَّ قُصُورَ الهِمَم أوْجَبَ العدم، فلا قوَّة إلا بالله.
استطراد:
قال الإمام ابنُ عبد المؤمن في "الكنز" بعد خطبة الكتاب:
"وأتوخَّى الإيجاز الَّذي لا يُخلّ، وأتعمَّد الإيضاح الَّذي لا يملّ، وأجعله ثلاثة أقْسام:
الأول: في المقدّمة؛ إذ بها يعرف ما يُذكَر بعد ويقرَّر.
الثاني: في الأصول الَّتي يكثُر دَورُها ويتكرَّر.
الثالث: في فرْش الحروف المبثوثة على ترْتيب السُّوَر".

وجعل القسم الأول في ثلاثة أبواب؛
- الأول في أسماء الأئمَّة وبلادهم ورواتِهم وأسانيدهم.
- الثَّاني في قواعد الكتاب.
- الثالث في مخارج الحروف وصفاتها.
ثمَّ القِسْم الثَّاني في الأصول؛ وهي عشَرة:
- الأصل الأول: في الإدغام والإظهار.
- الأصل الثاني: في هاء الكناية.
- الأصل الثالث: في الهمز.
- الأصل الرابع: في المدّ والقصْر، والوقْف على السَّاكن.
- الأصل الخامِس: في الإمالة.
- الأصل السادس: في ترْقيق الرَّاءات وتفْخيمِها.
- الأصل السَّابع: في تغليظ اللامات وترقيقها.
- الأصل الثامن: في الوقف، وفيه أربعة أبواب.
- الأصل التاسع: في الياءات.
- الأصل العاشر: في الاستعاذة، والبسملة، والتكبير، والتهليل.

ثم القسم الثالث في فرش الحروف، أوله سورة الحمد.
وأظن هذا الكتاب "كتاب الكنز" من أحسن كتُب القراءات ترتيبًا
 
(4) إقْناع
كتاب "الإقْناع في القراءات السبع"، تأليف الإمام الحافظ الخطيب أبي جعفرٍ أحمد بن علي بن أحمد بن خلف بن الباذش الأنْصاري الغرناطي، توفي في جمادى الآخرة سنة أربعين وخمسمائةٍ.
قال أبو حيَّان في مقدِّمة "البحر المحيط": وأحسنُ الموضوعات في القِراءات السَّبع كتاب "الإقناع" لأبي جعفر بن الباذش، وفي القِراءات العشْر كتاب "المصباح" لأبي الكرم الشهرزوري.
(5) غاية
أكثر من كتابٍ في القِراءات بهذا الاسم، منها:
- كتاب "الغاية"، تأليف الأستاذ الإمام أبي بكرٍ أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، ثم النيسابوري، توفي في شوَّالٍ سنة إحدى وثَمانين وثلاثمائة.
- وكِتابُ "غاية الاختِصار"، للإمامِ الحافِظِ الكبيرِ أبي العَلاءِ الحسنِ بْنِ أحمَدَ بنِ الحسَنِ بنِ أحمَدَ بنِ محمَّدٍ العَطَّارِ الهمَذانيِّ (بالمعجمة)، تُوفِّي في تاسِعَ عَشَرَ جُمادى الأولى سنة تسْعٍ وعشرين وخمْسِمائَةٍ.
- وكتاب "غاية النهاية" في تراجم القرَّاء، للإمام ابن الجزري.
وكان كتاب "الغاية" لابن مِهران عمدةً لكثيرٍ من المُقْرئين من المتقدِّمين، واعتمده الإمام البغويُّ في تفْسيرِه، فقال: "وقد ذكرتُ في الكتابِ قراءاتِ مَنِ اشتهر منهُم بِالقراءة، واختياراتِهم، على ما قرأتُه على الإمام أبي نصرٍ محمَّد بن أحمدَ بن علي المروزي - رحمه الله - تِلاوةً وروايةً، قال: قرأتُ على أبي القاسم طاهرِ بن عليٍّ الصيرفي، قال: قرأتُ على أبي بكرٍ أحمدَ بن الحسين بن مِهران بإسنادِه المذْكور في كتابه المعروف بكتاب "الغاية". اهـ.
(6) إرشاد
كتابان، هما:
- كتاب: "الإرشاد" لأبي الطيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، توفي في جمادى الأولى سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائةٍ.
- والآخر: "الإرشاد في القراءات العشر"، للإمام الأستاذ أبي العزِّ محمد بن الحسين بن بندارٍ القلانسي الواسطي، توفي في شوالٍ سنة إحدى وعشرين وخمسمائةٍ.
وكان كتاب "الإرشاد" لأبي العزِّ القلانسي عمدةَ المُقْرِئين من البغداديِّين وأهْل واسِط، حتَّى بعد شيوع "الشاطبيَّة"، فصنَّفوا في الخُلْف بين الإرْشاد والتَّيْسير، كما عند أبي الحسن الدِّيواني الواسطي ت 743، أو في الجمْع بينهُما كما عنْد أبي عبدالله بن عبدالمؤمن الواسطي.

استطراد:
علق الدكتور السالم الجكني على الموضوع، فقال فيما قال:
استوقفني كلامُكم عن "الإرشاد" وذكرتم أنهما "إرشادان" وفي ذاكرتي أنَّ أبا العزِّ القلانسي له "إرشادان: صغير وكبير" وهذا موجود على حاشية إحدى النسخ الخطية للنَّشر والتي للأسف ليست قربي هذه الأيام وأخاف أن أقول هذين العامين.
في الذاكرة أيضًا أنَّ الشيخ الإزميري - رحمه الله - أشار إلى هذه القضيَّة، ويغلب على ظني أني نقلت كلامه في رسالة الدكتوراه التي هي كحال تلك النسخة الخطيَّة.

قلتُ:
والذي ذكره الدكتور السالم في رسالته هو:
أما البحث فيرى أن عبارة المؤلف [إرشادي أبي العز] سواء في "نشره" أو "منجده" عبارة صحيحة وسليمة، حقيقة لا مجازًا، والدليل على هذا:
1- أن الشيخ أبا بكر بن أيدغدي، المشهور بابن الجندي، شيخ المؤلف، قد صرح بأن للقلانسي - إضافة للكفاية الكبرى - إرشادين.
2- قال الأزميري: مراد ابن الجزري بـ "الإرشادين" إرشادا أبي العز، وله الإرشادان: الصغير والكبير ......

ويُمكن الاطلاع على هذا الرابط:
سؤال عن كتاب الإرشاد في القراءات العشر للواسطي
 
(7) عنْوان
كتاب "العنوان" تأليف الإمام أبي الطَّاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري الأندلسي الأصل، ثم المصري النحوي المقرئ، توفي سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائةٍ بمصر.
وكان أهلُ مِصْر أكثر ما يَحفظون: "العنوان" لأبي طاهرٍ، مع مُخالفتِه لبعضِ ما في "التَّيسير"، فلمَّا شاعتِ "الشَّاطبيَّة" تركوه، وممَّن كان يعتنِي بالعنوان ويُقْرِئ به المقرئُ الكبير: أبو الجُودِ غِياثُ بنُ فارسِ بْنِ مكِّيٍّ اللَّخْمِيُّ ت 605، ثم صلاحُ الدِّين مُحمَّد بن مُحمَّد بن عمر البلْبيسي ت 792، وهو شيخ ابنِ الجزري وشيْخ أوْلاده: محمد وأحمد وعلي.
ولابن الجزري - رحمه الله -: "تحفة الإخوان في الخُلْف بين الشاطبيَّة والعنوان"، ولغيره في ذلك أيضًا، كـ "البيان في الجَمْع بين القصيدةِ والعُنوان".
(8) سماءَ العُلا والعَدلِ
جزء من بيت في الشاطبيَّة، وتمامه:

فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ قَدْ تَوَسَّطَتْ *** سَمَاءَ العُلا وَالعَدْلِ زُهْرًا وَكُمَّلا
وفيهِ يُشير الإمام الشاطبي - رحمه الله - إلى القرَّاء السَّبعة، ويُثْني عليْهِم، ويَمدَحُهم.
والنَّاظم هنا قدَّم (سماءَ العلا) ونصَبَها بـ (توطَّن) في آخر البيت.
(9) كافيه
كتاب "الكافي"، للإمام الأستاذ أبي عبدالله محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريحٍ الرعيني الأشبيلي، توفي في شوالٍ من سنة ست وسبعين وأربعمائةٍ.
ولمنزلة هذا الكتاب وصاحبِه؛ فقد جعله ابنُ أبي السَّداد المالَقي، في شرحِه لكتاب "التَّيسير" أصلاً مع كتاب "التبصِرة"، قال: فدونك زِيًّا من الدُّر النثير، ورِيًّا من العذْب النمير، في شرْح مشكلات، وقيْد مهملات، وحلِّ معقدات، اشتمل عليها كتاب "التيسير"، متبعًا بالموافقة والمخالفة على الأسلوب الوافي، فيما بيْنه وبين "التبصِرة" والكتاب "الكافي".
(10) هاديه
كتاب "الهادي"، تأليف الإمام الفقيه أبي عبدالله محمد بن سفيان القيرواني المالكي، توفي ليلة مستهل صفرٍ سنة خمس عشرة وأربعمائةٍ بالمدينة.

استطراد:
وقد علق أيضًا الدكتور حسَّان طيَّان وهو ممن حقق كتاب ابن أبي السداد المالقي (الدر النثير والعذب النمير)، فقال:
شكر الله لك وأيدك
وبارك في جهودك
لك مني كل التقدير
د. حسان الطيان

وهذا أنقله تحدُّثًا بنعمة الله - عزَّ وجلَّ.
 
(11) تذْكِرة
كتاب "التَّذكِرة في القِراءات الثَّمان"، تأليف الإمام الأُستاذ أبي الحسَن طاهر ابن الإمام الأستاذ أبي الطَّيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غَلْبون الحلبي نزيل مصر، توفي لعشرٍ مضين من ذي القعدة سنةَ تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.
وأبو الحسن بن غَلْبون - مؤلِّف هذا الكِتاب - هو من أجلِّ شيوخ أبي عمْرو الدَّاني، وعنه أسندَ بعْضَ الرِّوايات في كتاب "التَّيسير"، كرواية حفصٍ عن عاصم - قراءةً وروايةً -.
وأبوه أبو الطَّيِّب بن غَلْبون إمامٌ كبيرٌ أيضًا، وله تصانيفُ، تقدَّم منْها ذِكْرُ كتاب "الإرشاد"، وعلى أبي الطَّيِّب كان أكثر اعتِماد الإمام مكِّي بن أبي طالبٍ في كتاب "التَّبصِرة" فيما نقل من القراءاتِ السَّبْع جميعًا.
(12) تبْصِرة
كتاب "التَّبصِرة" في القِراءات السَّبع، تأليف الإمام الأستاذ العلاَّمة أبي محمَّدٍ مكي بن أبي طالب حمُّوش بن محمَّد بن مختارٍ القيْسي القيرواني ثم الأندلسي، توفي ثانيَ المحرَّم سنة سبعٍ وثلاثين وأربعمائة.
قال المصنِّف مكِّي بن أبي طالب: "فخرَّجتُ في هذا الكتاب أربعَ عشْرَةَ روايةً عن السبعة المشهورين، واعتمدتُ في أكثرِه[1] ما قرأتُ به على شيْخِنا أبي الطَّيِّب عبدالمنعم بن عبيدالله بن غَلْبون .... ...... وربَّما ذكرتُ ما قرأتُ به على غيرِه، ونبَّهتُ على قوْل مَن يُخالفه في بعض رواياتِه واختِياراته، وذلك قليل".
ثم ألف بعده كتابًا آخر في علل القراءات التي ذكرها فيه، وهو كتاب "الكشف"، قال في مقدمته: "كنتُ قد ألَّفتُ بالمشرق كتابًا مُختصرًا في القِراءات السَّبع، في سنة إحدى وتِسْعين وثلاثمائة، وسمَّيْتُه كتاب "التَّبصرة" وهو فيما اختلف فيه القرَّاء السبعة المشهورون، ... .... ووعدتُ في صدْرِه أنِّي سأؤلف كتابًا في عِلَل القِراءات التي ذكرْتُها في ذلك الكتاب - كتاب التبصرة - أذكر فيه حُجَج القِراءات ووجوهَها، وأسمِّيه كتاب "الكشْف عن وجوه القِراءات".
وانظر ما سبق عند كِتاب "الكافي" و "التَّذْكِرة".
(13) للمُسْتنير
كتاب "المستنير في القراءات العشر"، تأليف الإمام الأستاذ أبي طاهرٍ أحمد بن علي بن عبيدالله بن عمر بن سوارٍ البغدادي، توفي سنة ستٍّ وتسعين وأربعمائة.
(14) المِصْباح
كتاب "المصباح في القراءات العشر"، تأليف الإمام الأستاذ أبي الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان الشهرزوري البغدادي، توفي في ذي الحجَّة سنة خمسين وخمسمائة، وقد تقدَّمت كلِمة أبي حيَّان عند كتاب "الإقْناع".
(15) مُفْردة
صنَّف عددٌ من العُلماء كتبًا تُفْرِد قراءةً واحدة، فتُسمَّى مُفْردة فلان - صاحب القراءة - فمن ذلك:
- "مُفْرَدة يعقوب"، للإمام الحافظ الكبير أبي عمرٍو عثمانَ بن سعيدِ بنِ عثمانَ بن سعيدٍ الداني، توفي منتصف شوالٍ سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.
- و "مفردة يعقوب" أيضًا، لابن الفحَّام: الأستاذِ أبي القاسمِ عبدالرَّحمن بْنِ أبي بكْرٍ عَتيقِ بْنِ خَلَفٍ الصِّقِلِّيِّ، تُوفِّي سَنةَ سِتَّ عَشْرةَ وخَمْسِمِائَة، وهو صاحب كتاب "التجريد"، ولم يُذْكَر هنا مع أهمِّيَّته.
- و "مفْرَدةُ يعقوبَ" أيضًا، لأبي مُحَمَّد بن عبْدالبَارِي بْنِ عبْدالرَّحمنِ بْنِ عبْدالكريمِ الصَّعيديِّ، توفِّيَ بالإسْكَنْدريَّةِ في سنةِ نَيِّفٍ وخَمْسِين وسِتِّمائَةٍ.
- و "مفردة ابن كثير"، لأبي العلاء الهمذاني، المتقدِّم في غاية الاختِصار، ذكرَها ابنُ الجزري في "النَّشر"، وقال عنْه في "غاية النهاية": أفردَ قراءاتِ الأئمَّة أيضًا، كلّ مفردةٍ في مجلَّد.
- و "مفردة ابن عامر"، للشَّريفِ أبي الفضلِ عبدالقاهر بنِ عبدالسَّلامِ العبَّاسيِّ، توفي يوم الجمعة من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة[2].
- و "مفردة يعقوب" أيضًا، لابن شريح صاحب الكافي.
- و "إحدى عشرة مفردة" للأهوازي 446.

[1] في الكتاب - بتحْقيق الدكتور محمد غوث النَّدوي - هنا (من)، وأظنها مقحمة؛ فقد اعتدتُ أن أجِد بعض هفوات كهذه في التَّحقيق، رغم الجهد الكبير المشْكور من المحقِّق.
[2] قد ذكر ابنُ الجزري في "النشر" ص 308 مُفردة ابنِ عامر أيضًا فقال: "وقد تتبعتُ رواية الإسكان عن هشامٍ، فلم أجدْها في غير ما ذكرتُ، سوى ما رواهُ الهُذلي عن زيدٍ، وجعفر بن مُحمدٍ البلخي عن الحُلواني، وما رواهُ الأهوازي عن عُبيدالله بن مُحمدٍ عن هشامٍ، وذكرهُ في "مُفردة ابن عامرٍ" عن الأخفش، وعن هبة الله، والداجُوني، عن هشامٍ".
ولا أدْري أهي التي للشريف العباسي أم غيرها؟
 
(16) جامعًا
كتاب "الجامع في العشر"، لأبي الحسَين نصْر بن عبدالعزيز بن أحمد الفارسي، توفي بمصر سنة إحدى وستين وأربعمائة.
وذكر ابن الجزري - رحمه الله - عن أبي هشام الرفاعي: وله كتاب الجامع في القراءات.
* والإفْراد والجَمْع أيضًا من اصطِلاحات عِلْم القِراءات، فالإفراد: العرضُ بِروايةٍ واحدةٍ إلى أن يفرُغ من الختمة أو من المجلس، ثُمَّ إن شاءَ بعد ذلك فيبدأ في روايةٍ أخرى، والجمع: عرْض أكثرَ من روايةٍ في ختمةٍ واحدة، وهذا الجمْع له كيفيَّات، ذكرَها ابنُ الجزري في كتاب "النشْر" في "باب بَيانِ إفْرادِ القِراءاتِ وجَمْعِها" وهو - وما اتَّصل به - آخرُ بابٍ عنده في الأصول قبل أن يبدأ في فرْشِ الحُروف، وقال في "طيبة النشر":


وَقَدْ جَرَى مِنْ عَادَةِ الأَئِمَّهْ * * * إِفْرَادُ كُلِّ قَارِئٍ بِخَتْمَهْ
حَتَّى يُؤَهَّلُوا لِجَمْعِ الجَمْعِ * * * بِالعَشْرِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِالسَّبْعِ

(17) ثلاثًا
يُقْصَد بالثلاث في علْم القراءات: القِراءات الثَّلاث المتمِّمة للعشْر، وهي قراءة أبي جعفر المدني، وقراءة يعقوب الحضرمي البصري، وقراءة خلَف بن هِشامٍ الكوفي.
(18) روْضًا نضيرًا
"الروْض النَّضير في تَحرير أوجُه الكتاب المنير"، للإمام المتولي، محمَّد بن أحمد بن الحسَن بن سُلَيْمان، شيخ القرَّاء والإقْراء بالدِّيار المصريَّة في وقْتِه، توفي سنة 1313.
وهذا الكتاب هو أكبر كتُب الإمام المتولي وأنفسُها؛ قال محقِّقه خالد حسن أبو الجود: جاء الإمام المتولي فألَّف "فتح الكريم في تحرير القُرآن العظيم" و "الفوز العظيم على متْن فتْح الكريم" و "فتْح الكريم في تحرير أوجُه القُرآن الحكيم" و "عزو الطُّرق" و "الدُّرر الحِسان في تحْرير أوجُه القُرآن"، وختمَ هذا الغيْثَ بكتابه العظيم: "الروْض النَّضير في تَحرير أوْجُه الكتاب المنير"، أكبر مؤلَّفات الشيْخ المتولي وأنفسها، وأنضج ثمراتِه وأفضلها.
(19) روْضة
منَ الكتُب التي سُمِّيتْ بِاسم الرَّوضة:
- كتاب "الرَّوضة"، للإمام أبي عُمر أحمد بن عبدالله بن لبّ الطلمنكي الأندلسي نزيل قرطبة، توفي بذي الحجَّة سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة.
- وكتاب "الرَّوْضة في القِراءات الإحْدى عشْرة"، وهي قِراءات العشَرة المشْهورة وقراءة الأعمش، تأليف الإمام الأستاذ أبي علي الحسن بن محمَّد بن إبراهيم البغدادي المالكي نزيل مصر، توفي في شهر رمضان، سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة.
- وكتاب "الرَّوْضة" للإمام الشَّريف أبي إسماعيل موسى بن الحُسين بن إسماعيل بن موسى المعدَّل.
- وكتاب "روْضة التَّقرير في الخُلْف بين الإرْشاد والتَّيسير" منظومة وشرْحها، كلاهما للإمَامِ المقرِئِ أبي الحسَنِ عَليِّ بن أبي محمَّدِ بْنِ أبي سَعْدٍ الدِّيوانيِّ الواسطيِّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، قال ابنُ الجزري في "النشر (ص95)" عن سنة وفاته: "كذا رَأيْتُه بخطِّ الحافظِ الذَّهبيِّ في طبقاتِهِ".
وإلى وقْتٍ ليس ببعيدٍ كان كتابُ "معرفة القُرَّاء الكبار" الذي يتداولُه النَّاس ويتعارفونه - وهو مقصودُ ابن الجزري بطبقاتِ الذهبي - يَخلو تمامًا من ذكْر الدِّيواني صاحب "روْضة التَّقرير" ومن ذِكْر ابن عبدالمؤمن صاحب "الكنز"، وهما من أئمَّة عصرهِما في القِراءات؛ ولذا لا تَجِدُ مَن يترجِمون للأعلام يُحيلون في ترْجمة الديواني إلى معرفة الذَّهبي، كالزِّركْلي في "الأعلام"، وعمر رضا كحالة في "معجم المؤلِّفين"، والشَّيخ السَّيد أحمد عبدالرحيم في "الحلقات المضيئات"، وغيرهم، ثُمَّ لمَّا ظهرت تَحقيقاتٌ أُخرى لكتاب "معرفة القراء الكبار" للذَّهبي، تبدَّت معرفة الإمام الذهبي بالإمامين الواسِطَيين واحتِفاؤه بِهما، فظهر لنا أنَّ الإمام الذهبي لم يعرفْهُما إلا بأخرة، وأنَّ طبقاتِه التي كانتْ بيَدِ ابن الجزري وإن لم تكُنْ على الصورة النِّهائيَّة التي نراها في التَّحقيقات الأخيرة الآن، فهي ليستْ أيضًا على الصورة التي كانت عليْها في تَحقيق الدكتور بشَّار، والطبعة التي قبلها،، والله أعلم.
قال الديواني في منظومتِه، وهي داليَّة من البسيط:


وَبَعْدُ لَمَّا رَأَيْتُ الخُلْفَ مُتَّسِعًا * * * بَيْنَ الأَئِمَّةِ فِي القُرْآنِ مُنْعَقِدَا
وَخُضْتُ بَحْرَ المَعَانِي فِي رِوَايَتِهِ * * * عَنْ كُلِّ حِبْرٍ إِمَامٍ فِي العُلا صَعِدَا
رَأَيْتُ عِنْدَ العِرَاقِيِّينَ فِي طُرُقٍ * * * خِلافَ مَا نَقَلَ الشَّامِيُّ وَاعْتَقَدَا

إلى أن قال:


سَمَّيْتُهَا رَوْضَةَ التَّقْرِيرِ مُخْتَلفُ الـ * * * ـإِرْشَادِ فِيهَا مَعَ التَّيْسِيرِ فَارْتَشِدَا

تنبيه
كتاب المعدَّل واسمه "روْضة الحفَّاظ" من مصادر كتاب "النشْر" الأصيلة، إلاَّ أنَّ ابن الجزري - رحمه الله - لم يُسْنِد رواية حفْص في "النشر" من طريقِه، ومع هذا تَجِدُ بعضَ المتأخِّرين قد عوَّلوا على الكِتاب في رواية حفْص، كالأزميري والمتولي والضبَّاع - رحمهم الله - حتى ألَّف كلٌّ من الشَّيْخين الجليلَين: إبراهيم السمنُّودي، وعامر بن السَّيد عثمان - رحِمهُما الله - نظْمًا في رواية حفْص من طريقِه، قال السمنُّودي:


وَبَعْدُ فَهَذَا مَا رَوَاهُ مُعَدَّلٌ * * * بِرَوْضَتِهِ الفَيْحَاءِ مِنْ طَيِّبِ النَّشْرِ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصٍ الحبْرِ مَنْ تَلا * * * عَلَى عَاصِمٍ وَهْوَ المُكَنَّى أَبَا بَكْرِ

وقال الشَّيخ عامر بن السَّيد عثْمان:
وَبَعْدُ فَخُذْ مَا جَاءَ عَنْ حَفْصِ عَاصِمٍ * * * لَدَى رَوْضَةٍ لابْنِ المُعَدَّلِ تُجْتَلا

والصحيح أنَّه: المعدَّل، وأنَّ كتابه "روضة الحفاظ" ليس من طُرُق "طيِّبة النَّشر" في رواية حفْص، فالإسنادُ إليْه الآن في رواية حفْص غيرُ متَّصل،، والله أعلم.
 
(20) صَالَ دَلُّهَا سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ
من بيتٍ من أبيات "الشاطبية" في باب "ذكر ذال إذ"، وهو:


نَعَمْ إِذْ تَمَشَّتْ زَيْنَبٌ صَالَ دَلُّهَا *** سَمِيَّ جَمَالٍ وَاصِلاً مَنْ تَوَصَّلا

وفيه وفيما بعده يبيِّن الشاطبي حكم (إذْ) مع التاء والزاي والصاد والدال والسين والجيم - وهي ستة أحرُف: تجد + الصفير - للقرَّاء السبعة، من حيثُ الإدغامُ والإظهار.
(21) سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ذاتَ زَرْنَبٍ جَلَتْهُ
من بيتٍ من أبيات "الشاطبية" أيضًا في باب "ذكر دال قد"، وهو


وَقَدْ سَحَبَتْ ذَيْلاً ضَفَا ظَلَّ زَرْنَبٌ *** جَلَتْهُ صَبَاهُ شَائِقًا وَمُعلَّلا

وفيه وفيما بعده يبيِّن حُكْمَ (قدْ)، مع السين والذال والضاد والظاء والزاي والجيم والصاد والشين - ثمانية أحرف، منها ثلاثة الصَّفير - للقرَّاء السبعة، من حيثُ الإدغامُ والإظهار.
ويلاحَظ أنَّ النَّاظِم هنا وجَّه نظم الكلام على غير توجيه الشاطبي - رحمه الله -.
فتوجيه كلام الإمام الشاطبي - رحمه الله -: أنَّ (ضفا) فعلٌ بمعنى طال، وظلَّ من أخوات كان، اسمها زرْنب - ضرْب من النبات طيِّب الرائحة - وخبرُها (شائقًا)، و(جلتْه) بمعنى كشفته، وفاعله: (صباهُ)، أي ريحه الطيِّبة، والهاء في جلتْه لزرنب وفي صباه للذَّيل، وجملة (جلتْهُ صَباه): نعتٌ لزرْنب.
أمَّا توجيه كلام النَّاظم هنا: فـ (ضفا) بمعنى طال أيضًا، أي الذيل، وذاتَ زرنب: أي صاحبة ريحٍ طيِّبة، وهو حال لسحبَتْ، أي: سحبتْ ذيلاً طويلاً حالة كونِها طيِّبة الرَّائحة، وجلتْه: أي أظهرتْه فاعله هي.
(22) أَبْدَتْ لَهُ الثَّغْرَ ذَا السَّنَا
من بيت من أبْيات "الشاطبيَّة" في باب "ذكر تاء التأنيث"، وهو:


وَأَبْدَتْ سَنَا ثَغْرٍ صَفَتْ زُرْقُ ظَلْمِهِ *** جَمَعْنَ وُرُودًا بَارِدًا عَطِرَ الطِّلا

وفيه وفيما بعدَه يبيِّن حُكْمَ تاء التَّأْنِيثِ، مع السين والثَّاء والصَّاد والزَّاي والظَّاء والجيم - ستة أحرف، منها ثلاثة الصفير - للقُرَّاء السبعة، من حيثُ الإدْغام والإظهار.
ويلاحظ أنَّ النَّاظم لم يأخُذْ بقول بعض شُرَّاح "الشاطبية": "وحيثُ تغزَّل - الشاطبي - عنى واحدة من نساء أهل الجنَّة، على ما هو لائق بحاله - رضي الله عنه -".
ويمكن مراجعة هذا الرابط:
نعم إذ تمشت زينب

وفيه يقترح العبد الضعيف هذين البيتين:
فلا تذْكُرَنْ يا صاحِ زيْنبَهُ وخُذْ * * * تَجِدْ مع ثلاثيِّ الصَّفير حروفَ إذْ
وقيِّدْ بِـ ذَمّ الظُّلم ضِفْ جَائعًا شَهِدْ * * * وتلكَ ثمانٍ بالصَّفير حروفَ قَدْ
 
(23) التَّيسير
كتاب "التَّيسير"، للإمام أبي عمرٍو الداني - رحِمه الله - المذْكورِ عند ذِكْر "مفردة يعقوب"، وكتاب "التيْسير" هو أصْل الشاطبية، الذي رام الشَّاطبي اختِصارَه بها، قال:

وَفِي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ *** فَأَجْنَتْ بِعَوْنِ اللَّهِ مِنْهُ مُؤَمَّلا
إلا أنَّ الشَّاطبيَّ خرج في بعْض المواضع عن طرُق التَّيسير فيما يُعْرَفُ بـ "زيادات القَصيد"، وقد نبَّه على ذلك فقال:

وألْفَافُهَا زَادَتْ بِنَشْرِ فَوَائِدٍ *** فَلَفَّتْ حَيَاءً وَجْهَهَا أَنْ تُفَضَّلا
وقد شرح كتاب "التيسير": الأستاذُ أبو مُحمَّدٍ عبدالواحد بْنُ محمَّد بن عليّ بن أبي السَّداد الباهليُّ الأَنْدلُسيُّ المالَقيُّ ت 705 ، وقد سبق عند ذِكْر كتاب "الكافي".
(24) النَّشْر
كتاب "النَّشْر في القِراءات العشْر"، للإمام ابن الجزري - رحمه الله - هو أجمعُ كتابٍ للقِراءات العشر بالأسانيد المنتقاة، والمتَّصلة إلى زمانِنا هذا، وقد نظَم الإمامُ ابن الجزري - رحمه الله - منظومة "طيِّبة النشر" ضمَّنها كتاب النشْر، قال - رحمه الله -:

وَهَذِهِ أُرْجُوزَةٌ وَجِيزَهْ *** جَمَعْتُ فِيهَا طُرُقًا عَزِيزَهْ
وَلا أَقُولُ إِنَّهَا قَدْ فَضَلَتْ *** حِرْزَ الأَمَانِي بَلْ بِهِ قَدْ كَمَلَتْ
حَوَتْ لِمَا فِيهِ مَعَ التَّيْسِيرِ *** وَضِعْفِ ضِعْفِهِ سِوَى التَّحرِيرِ
ضَمَّنْتُهَا كِتَابَ نَشْرِ العَشْرِ *** فَهْيَ بِهِ طَيِّبَةٌ فِي النَّشْرِ
(25) بَنِيكِ السَّبْعَةَ الزُّهْرَ
فيه إشارة إلى البيْت الذي سبق ذِكْرُه هنا، وهو:

فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ قَدْ تَوَسَّطَتْ *** سَمَاءَ العُلا وَالعَدْلِ زُهْرًا وَكُمَّلا
أو إلى كتاب "السَّبعة" للإمامِ الحافِظِ الأُسْتاذِ أبي بكْرٍ أحمدَ بْنِ مُوسى بْنِ العبَّاسِ بْنِ مُجاهدٍ التَّميميِّ البغدادِيِّ، توفِّيَ في العشْرينَ من شَعْبانَ سنةَ أرْبَعٍ وعشْرينَ وثلاثمائَةٍ.
(26) في رهبةٍ أن يُلحَّنا
يعني يتردَّد في قراءته أو كلامه خشيةَ أن يتَّهم باللحن، ومن أخطاء القِراءة اللَّحنُ الخفي واللحنُ الجلي - كما هو معروف - ولعلَّ أقدمَ مَن ذكر اللَّحن الخفيَّ ابنُ مُجاهدٍ في كتاب "السبعة".
(27) ملفِّق
التَّلفيق في القِراءة هو ترْكيب الوجوه أو القِراءات بغير تَمييز، كأن يخلط طريقًا أو قراءةً بطريقٍ أو قراءةٍ أُخرَيَين، وقد أكثر المتأخِّرون من أصحاب التحريرات الكلام على التَّلفيق، من حيث الجواز والمنْع، أو الإباحة والحُرْمة، ولا يخلو كلامُ بعضِهم من مُبالغة، والأعدل في ذلك - والله أعلم - كلامُ ابن الجزري، تجده في كتاب "النشر" ص 18، 19.
(28) تحبيري
"تحبير التَّيسير"، كتاب لابن الجزري - رحمه الله - زاد به في كتاب "التَّيسير" للدَّاني قراءاتِ الأئمَّة الثَّلاثة: أبي جعفرٍ، ويعقوبَ، وخلَف، فيصيرُ الكتابُ في صورته تلك أصْلاً لِما في الشاطبيَّة والدُّرَّة معًا، خلا بعضَ المواضع القليلةِ التي خرج فيها كلٌّ من الشَّاطبيِّ وابنِ الجزري في منظومتَيْهِما عن ذلك الأصْل.
(29) عقيلة أتْراب
"عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد" في علوم الرَّسم، قصيدة رائية من نظم الإمام الشاطبي - رحمه الله - قال في أواخرها:

تَمَّتْ عقيلةُ أترابِ القصائدِ في *** أسْنَى المقاصِدِ للرَّسْمِ الذَّي بَهَرَا
والحمد لله أوَّلاً وآخِرًا.

رابط الموضوع على موقع الألوكة:
http://www.alukah.net/Sharia/0/4344/
 
ما شاء الله، وبارك الله فيكم أخي الكريم.
وفكرة النظم فكرة جميلة، وحفظه يساعد على تذكر هذه الكتب الأصول في بابها.
 
وفكرة النظم فكرة جميلة، وحفظه يساعد على تذكر هذه الكتب الأصول في بابها.​

بارك الله لك.
لكني لا أوصي بِحفظه لأهل القراءات... فغيرُه أوْلى.
 
عودة
أعلى