نظرية النظم ... بيان أن القرآن معجز في نظمه

إنضم
12/09/2013
المشاركات
45
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
[align=justify][align=justify]

بسم1

في هذا الموضوع أود أن أضع بين أيديكم شرحا أكثر وضوحا بعض الشيء لنظرية النظم لعبد القاهر الجرجاني والتي تبين أن القرآن معجز في نظمه.
وبالطبع فإن إثبات إعجاز القرآن في أحد الوجوه لا ينفي إعجازه في الوجوه الأخرى.

في اللغة العربية ثمة نوعان من النظم :
1- نظم الحروف: وهذا يُعنى به الشعراء حيث أنهم يريدون أن يجعلوا كلامهم موزونا مقفى تتوالى فيه الحروف في نطقها مما يعطي جرسا وموسيقى تأثر في نفس السامع.
2- نظم الكَلِم: حيث يتوخى المتكلم اختيار ألفاظ معينة للمعنى الذي يريده مراعيا الفروق اللغوية بين المترادفات ، كما يتوخى قواعد علم المعاني مما يحتم عليه وضع هذه الألفاظ في قالب نحوي معين وبترتيب معين للكلمات تقديما وتأخيرا.
فمثلا حسب علم المعاني ثمة فرق بين قولك (زيد منطلق، و زيد ينطلق وينطلق زيد، ومنطلق زيد وزيد المنطلق، والمنطلق زيد، وزيد هو المنطلق وزيد هو منطلق.) . فعليك أن تختار ما رسم لك فتقول كلا في موضعه .
وأيضا ثمة فرق بين قولك (إن تخرج أخرج، وإن خرجتَ خرجتُ، وإن تخرج فأنا خارج، وأنا خارج إن خرجتَ، وأنا إن خرجتَ خارج) . فعليك أن تختار ما رسم لك فتقول كلا في موضعه .
وهذه أمثلة فقط على مسائل هذا العلم.

تعريف المعجزة
يمكن تعريف المعجزة بأنها " أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة ، يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه."
ولكي يكون القرآن معجزا يجب أن ينطبق عليه هذا التعريف ، وأول ما جاء في هذا التعريف هو أن المعجزة هي أمر خارق للعادة ، فما هي العادة التي خرقها القرآن في نظمه حتى يصح كونه معجزا من هذا الوجه؟
لقد بينا أن هناك نوعين من النظم هما نظم الحروف ونظم الكلم ، ويمكن لك أن تتعلم قواعد علم العروض وتتوخاها ومن ثم تقول كلاما منظوما نظم حروف ، ويمكن أيضا أن تتعلم قواعد علم المعاني وتنظم كلامك بما يوافق هذه القواعد ومن ثم تقول كلاما منظوما نظم كلم ، لكن دعنا نتساءل هل يمكن أن أنظم كلامي بحيث يكون منظوما نظم كلم ونظم حروف معا في آن ، فأجمع بين نوعي النظم في كلام واحد؟
في الحقيقة إن إجابة هذا السؤال هي لا.
لا يمكن أن نجمع بين نظم الحروف ونظم الكلم في آن واحد.
إن ذلك مستحيل عقلا وتجربةً. (سنبين لماذا)
فلما كان في عادة العرب وعرفهم أنه لا يوجد كلام منظوم نظم حروف و نظم كلم في آن معا ، وأن ذلك غير ممكن ، جاء القرآن خارقا لهذه العادة ولهذا القانون ، فالقرآن منظوم نظم حروف ونظم كلم معا في آن واحد ، وهذا هو الأمر الخارق للعادة ، ثم تحدى اللهُ العربَ أن يأتوا بمثل القرآن ، فعجزوا فصار القرآن معجزا لهم وصاروا هم عاجزين عن معارضته.

لماذا يستحيل الجمع بين نظم الحروف ونظم الكلم في آن واحد.
هل تعلم ما الذي يدور بخلد الشاعر حين يقول الشعر ، مثلا إذا أراد الشاعر أن ينظم قصيدة رويُّها "راء" ووصلها "ألف" ، فإنه بداية يفكر في المعنى ، ثم يستدعي عقله من ذاكرته ألفاظا لأداء هذا المعنى ، وهنا يبدأ تدخل الشاعر للحصول على الوزن والقافية ، فعقل الشاعر سوف يستدعى ألفاظا أحدها مختوم بحرف الراء حتما. بعد ذلك يبدأ عقل الشاعر في اختيار القالب النحوي لهذه الألفاظ ، وهنا تجده حتما يختار قالبا نحويا تكون فيه الكلمة المنتهية بحرف الراء منصوبةً ، بعد ذلك يبدأ عقله في ترتيب هذه الكلمات وحتما سوف يضع هذه الكلمة في نهاية البيت ويرتب الألفاظ بحيث تتفق مع البحر الشعري الذي يقرض عليه.
ولا يشعر من يقول الشعر أنه فعل ذلك ولكن هذا يحث في مخه وتتراءى له النتيجة النهائية لهذه العمليات المعقدة فحسب.
بفرض أن هذا الشاعر أراد أن ينظم كلامه نظم كلم أيضا مع نظم الحروف ، حسنا- هو في البداية سيفكر في المعنى ، ثم يستدعي عقله من ذاكرته ألفاظا لأداء هذا المعنى ، إلا أنه في هذه المرة سوف يكون مضطرا لاستخدام ألفاظ بعينها ليراعي الفروق اللغوية بين المترادفات لأنه أراد نظم الكلم ومن ثم لن يستطيع أن ينتقى ألفاظا فيها ما ينتهي بحرف يوافق الروي ، وإنما سيترك ذلك للصدفة قد يجد اللفظ الذي يريده وقد لا يجد ، ثم بعد ذلك سيفكر في القالب النحوي لهذه الألفاظ وهنا يجب عليه أن يتبع قواعد علم المعاني والتي تحتم عليه أن يضع كلامه في قالب نحوي معين ، ومن ثم لن يستطيع أن يجعل الكلمة التي تنتهي بحرف الروي مفتوحة كما فعل سابقا ، ولكن سوف يترك ذلك للصدفة فقد تكون هذه الكلمة (إن وجدت أصلا) مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ، بعد ذلك يبدأ عقله في ترتيب هذه الكلمات وهنا يحتم عليه علم المعاني اختيار ترتيب معين لهذه الكلمات ، فلن يستطيع أن يرتبها بحيث يجعل الكلمة التي تحتوي حرف الروي في آخر البيت وكذلك لن يستطيع وزن البيت .
وعلى ذلك فهو لم يتدخل مطلقا لنظم حروف البيت كما فعل سابقا لأن نظم الكلم قيده وجعله مضطرا لاختيار ألفاظ معينة للمعنى الذي يريده وكذلك وضعها في قالب نحوي معين وبترتيب معين للكلمات تقديما وتأخيرا.
وعلى هذا فسوف يكون الكلام غير منظوم نظم حروف ، لذا فإن الشعراء يهملون قواعد نظم الكلم تلك التي إن اتبعوها فلن يقولوا بيتا واحدا ، فإن أهملوها سيكون أمامهم طرق عديدة لأداء المعنى فيختاروا من هذه الطرق ما يوافق الوزن والقافية.
فإن أردت نظم الكلم عليك أن تهمل نظم الحروف لأن نظم الكلم سوف يحتم عليك ألفاظا معينة وقالبا نحويا معينا وترتيبا معينا لهذه الألفاظ لذا فلن يكون أمامك خيارات كثيرة للتعبير عن المعنى الذي تريده لتختار منها ما يوافق الوزن والقافية ولن يكون أمامك إلا خيار واحد.
وإن أردت نظم الحروف يجب أن تهمل نظم الكلم حتى يكون أمامك خيارات كثيرة للتعبير عن المعنى الذي تريده لتختار منها ما يوافق الوزن والقافية.
ومن المحال الجمع بينهما.
وقد وقع ذلك في القرآن.


[/align][/align]
 
عودة
أعلى