نظرة في تفسير (فضحكت)

إنضم
26/08/2006
المشاركات
63
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
السعودية - جدة
في قوله تعالى(وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب )سورة هود آية71 ورد في تفسير الضحك في هذه الآية عدة أقوال :
الأول :أنه الضحك المعروف.
وفي سببه ستة أقوال :
1ـ كونها وزوجها يخدمان الأضياف وهم ممسكون عن الأكل .
2ـ من غفلة قوم لوط وقد جاءت الرسل لهلاكهم .
3ـ ظنا من أنهم يريدون عمل قوم لوط .
4ـ لما رأت بإبراهيم عليه السلام من الروع .
5ـ حين بُشرت بإسحاق لكبر سنها وزوجها.
6ـ سرورا بالأمن منهم .

الثاني :أنّ الضحك هنا بمعنى التعجب.
الثالث: أنّ ضحكت بمعنى حاضت .
وقد كانت لي مع هذه الآية وقفة تجمع بينها وبين الآية في سورة الذاريات وهي قوله تعالى:(فأوجس منهم خيفة قالوا لاتخف وبشروه بغلام عليم فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم) فيمكن تفسير الضحك من خلال الجمع بين الآيتين بأن الملائكة بشرت إبراهيم عليه السلام بغلام عليم كما في آية الذاريات فأقبلت امرأته عند سماع الخبر فضحكت فرحا وصكت وجهها وقالت عجوز عقيم فبشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب . وهذا على طريقة القرآن في الاختصار والجمع في القصة الواحدة كما في قصة موسى عليه السلام وغيرها , ويدل على هذا أمران :
الأول: أنّ في سورة الذاريات كانت البشارة بالغلام ثم أقبلت سارة ,وعطف ذلك بالفاء ليفيد التعقيب مباشرة .
الثاني :أنّ الضحك في سورة هود كان حال كونها قائمة ,وذلك بعد أن أقبلت وتأكدت من سماع الخبر. هذه نظرة نتجت عن لحظة تدبر أعرضها ـمع قلة البضاعة ـ على أحبتي في هذا الملتقى المبارك بغية التصويب والتسديد.وأستغفر الله أولا وآخرا من كل ذنب وخطيئة.
 
جزاك الله خيراً يا دكتور عبدالعزيز على هذا الجمع والاستنباط الموفق . ويمكن إضافة أنها ضحكت تعجباً أيضاً من هذه البشرى ، حيث إنها ستحمل وتلد مع كبر سنها وسن زوجها . بدليل الآية (يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشيءٌ عجيب ) فصرحت بالتعجب الذي ذكر كثير من المفسرين أنه سبب لضحكها أيضاً . والقول بأن الضحك بمعنى التعجب غريب ، وإنما هو بسببه وليس به ، ولستُ على يقين بعدم ورود الضحك بمعنى التعجب في لغة العرب ، إلا أنه إن وجد فهو على ندرة وقلة ، والغالب في معنى الضحك هو معناه المعروف الذي تفضلتم بذكره أولاً .
أضف إلى ذلك أن القول بأن الضحك بمعنى الحيض غريب ٌ أيضاً ، وقد أنكره -فيما أذكر - الفراء في معانيه ، وقد اعتمد من قال به معنىً للضحك في الآية على شواهد شعرية معدودة لا تجاوز الثلاثة ، وهي شواهد مفردة لا تقوم بها حجة على الغالب الظاهر المشتهر في لغة العرب ، ولا سيما أن حمله على معناه المعروف المشتهر في هذه الآية ونظائرها التي وردت في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مستقيم لا إشكال فيه ، فهي قد ضحكت فرحاً وتعجباً من حالها وحال زوجها ، وحمل الآية على المعنى الظاهر المشتهر في لغة العرب أولى من حمله على معاني نادرة أو غير صحيحة .
وقد أجدت وأفدت فتح الله عليك وبارك فيك في جمعك بين الآيات لمعرفة المعنى الصحيح إن شاء الله للآيات .
 
هـذا الـضـحك من سارة يحتمل ان يكون لانها كانت مستاءة من قوم لوط وفجائعهم , واطلاعها على قرب نزول العذاب عليهم كان سببا لسرورها وضحكها.
وهـناك احتمال آخر وهو ان الضحك كان نتيجة لتعجبها او حتى لاستيحاشها ايضا, لان الضحك لا يـخـتص بالحوادث السارة بل يضحك الانسان - احيانا - من الاستياء وشدة الاستيحاش , ومن امثال العرب في هذا الصددشر الشدائد ما يضحك .
او ان الـضـحك كان لان الاضياف لم يتناولوا الطعام ولم تصل ايديهم اليه بالرغم من اعداده وتهياته لهم .
ويـحـتـمل ايضا ان ضحكها لسرورها بالبشارة بالولد. وان كان ظاهر الاية ينفي هذا التفسير, لان الـبشرى باسحاق كانت بعد ضحكها, الا ان يقال : انهم بشروا ابراهيم اولا بالولد, واحتملت سارة ان سيكون الولد منهافتعجبت , وانه هل يمكن لامراة عجوز وفي هذه السن ان يكون لها ولد من زوجها؟ لـذلك سالتهم بتعجب فاجابوهابالقول : نعم , وهذا الولد سيكون منك . والتامل في سورة الذاريات بهذا الشان يؤكد ذلك .
ويـنـبغي الالتفات هنا الى ان بعض المفسرين يصرون على ان ضحكت مشتقة من ضحك بمعنى الـعـادة الـنسائية وهي الحيض وقالوا:ان سارة بعد ان بلغت سن الياس اتتها العادة في هذه اللحظة وحاضت , والعادة الشهرية تدل على امكان انجاب الولد, ولذلك فحين بشرت باسحاق امكنها ان تصدق ذلـك تـمـامـا ... وهـؤلاءالمفسرون استندوا في قولهم الى لغة العرب , حيث قالوا في هذا الصدد: ضحكت الارنب , اي حاضت .
ولكن هذا الاحتمال مستبعد من جهات مختلفة :
اولا: لانه لم يسمع ان هذه المادة استعملت في الانسان بمعنى الحيض في اللغة العربية , ولهذا فان الـراغب حين يذكر هذا المعنى في مفرداته يقول بصراحة : ان هذا ليس تفسير جملة فضحكت كما تـصوره بعض المفسرين , بل معناها هو الضحك المالوف , ولكنها حاضت وهي في حال الضحك ايضا, ولذلك وقع الخلط بينهما.
ثـانـيـا: اذا كانت هذه الجملة بمعنى حصول العادة النسائية فلا ينبغي لسارة ان تتعجب من البشرى بالولد اسحاق لانه - والحال هذه - لا غرابة في الانجاب , في حين نستفيد من الجمل الاخرى انها لم تتعجب من الانجاب فحسب , بل صرخت وقالت : (يا ويلتى االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا).
وعلى كل حال فان هذا الاحتمال في الاية يبدو بعيدا جدا.
ثم تضيف الاية ان اسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب : (فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب ).
الواقع ان الملائكة بشروها بالولد وبالحفيد, فالاول اسحاق والثاني يعقوب , وكلاهما من انبياء اللّه .
ومـع الـتـفـات سـارة امراة ابراهيم الى كبر سنها وسن زوجها فانها كانت آيسة من الولد بشدة , فـاسـتنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الامر و (قالت ياويلتا االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشي ء عجيب ).
وكـان الـحـق معها, لانه طبقا للاية (29) من سورة الذاريات , فانها كانت في شبابها عاقرا, وحين بشرت بالولدكان عمرها - كما يقول المفسرون وتذكره التوراة في سفر التكوين - تسعين عاما او اكثر, اما زوجها ابراهيم (ع )فكان عمره مئة عام او اكثر.
وقد جاء في كتب المنطق :
(الـواسـطـة الخارجية تكون بالاضافة الى المعروض مساوية او اعم او اخص او مباينة والاول كعروض الضحك للانسان بواسطة التعجب المساوي له حيث لا يوجد في غيره من سائر الحيوان...)
 

وجاء في تاج العروس على شرع القاموس ؛ للمرتضى الزبيديّ :

(واستعمل للتعجب المجرد تارة، وهذا المعنى قصد من قال: إن الضحك مختص بالإنسان، وليس يوجد في غيره من الحيوان. وتضحك الرجل وتضاحك، فهو ضاحك وضحاك كشداد وضحوك كصبور ومضحاك كمحراب وضحكة كهمزة، زاد ابن عباد. وضحكة كحزقة، أي: كثير الضحك .....)
 
عودة
أعلى