نظرة رائعة للدكتور دراز فى تفسير آيات الغيبة (فاكهة المجالس..الغيبة)

إنضم
26/05/2010
المشاركات
56
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا حديث ألقاه د/ محمد عبد الله دراز عام 1956فى الاذاعة المصرية و لم يستغرق دقائق و لكنها نظرة عالم إلى القرآن و كيفية علاجه لداء الغيبة وهى 3 صفحات فقط فى الملف المرفق فلا تحرموا منها أنفسكم و أسأل الله لنا جميعا قلوبا سليمة و ألسنة صادقة
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا حديث ألقاه د/ محمد عبد الله دراز عام 1956فى الاذاعة المصرية و لم يستغرق دقائق و لكنها نظرة عالم إلى القرآن و كيفية علاجه لداء الغيبة وهى 3 صفحات فقط فى الملف المرفق فلا تحرموا منها أنفسكم و أسأل الله لنا جميعا قلوبا سليمة و ألسنة صادقة
لا حرمت خيرا أبدا يا أخانا الفاضل .
هدية مقبوله واختيار موفق نحن جميعا في غاية الاحتياج إليه .
وكل كلام شيخ مشايخنا الدكتور محمد دراز كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من الذكر الحكيم.
 
رحم الله العلامة محمد عبد الله دراز على تلك الكلمات الرائعة المستقاة من مشكاة القرآن ، وشكر الله للأستاذ خالد هديته فنعمت الهدية إذا كانت متعلقة بكتاب الله ، وحق الهدية الاحتفاء بها ، والاحتفاء بها يكون بتطبيق مضامينها والحياة بها
رزقنا الله الحياة بكتابه وخلصنا من ذلك الداء المستشري
 
قرأتُ المقالة فجزاك الله خيراً، ورحم الله الدكتور محمد عبدالله دراز قدوة الباحثين والعلماء المخلصين رحمه الله، فقد قرأتُ جميع مؤلفاته المطبوعة ولله الحمد، وانتفعت بها انتفاعاً عظيماً، وأنصح بها كل من يستنصحني في الكتب والمؤلفات .
نسأل الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته .
 
جزاكم الله خيراً على هذه المشاركة القيمة واسمحوا لي أن أضيفها بالنص هنا حتى يتمكن من يريد من استخدامه لاحقاً إن شاء:

**************
فاكهة محبوبة شهية لولا أنها مسمومة - ونغمة مطربة شجية لكنها خداعة مشئومة. تلك هى فاكهة المجالس السامرة ، لا يشبع طاعمها ، ونغمة أحاديثها الساخرة لا يمل سامعها. ولكم سألت نفسى عن مجلس لا تقدم فيه هذه الفاكهة ، ولا يسمع فيه هذا النغم....و لقد طال إنتظار الجواب ، حتى ظننت الأمر مرضا وبائيا قد إندلع لهيبه فى كل مكان ، فمن لم تصبه ناره اصابه دخانه ، ليتلقاه سمعه إن لم يتلقفه لسانه.

بل كدت أظن أن هذا الأمر وليد فطرة البشر ، أو ريب حياة المجتمع ، و أنه ما دامت الشكوى الشكوى منه متصلة فى كل بيئة وعصر فلا طب لدائه ، ولا أمل فى شفائه.

ولكنى سمعت الله يصف المؤمين المفلحين (و الذين هم عن اللغو معرضون....الأية 3سورة المؤمنون) ويصف عباد الرحمن (وإذا مروا باللغو مروا كراما .....الأية 72 سورة الفرقان) فقلت لا شك أن فى الناس بقية من الخير ، ثم نظرت إلى الجيل الأول من سلف هذه الأمة الذين أدبهم محمد صلى الله عليه وسلم بأدب القرآن ، فرأيتهم قد بلغوا من طهر الحديث و عفة القول أن الكلمة الواحدة من السخرية كانوا يعدونها كأكبر الأعمال الفاجرة ، ويرون أنها لو مزجت بماء البحر لمزجته.... وهكذا ازددت إيمانا بجوهرة هذه النفس الإنسانية ، وما فيها من عناصر نبيلة ، و طاقات كامنة ، وتراءت لى الآفاق العليا التى تستطيع أن تسمو إليه هذه البشرية الحائرة لو تحقق لها شرطان إثنان لا ثالث لهما : قيادة رشيدة توجهها الوجهة السليمة ، واستجابة صادقة تمتد فيها الأيدى لمصافحة تلك اليد البرة الرحيمة ، فمتى تجاوبت هكذا نفسية الداعى والمدعو ، ومتى منح الطبيب مريضه نصحا وشفقة ، ومنح المريض مريضه طاعة وثقة ، فهناك تلتقى الكهرباء الموجبة و السالبة فيتولد من بينهما ما شاء الله من حركة وحياة ، وما شاء الله بعد ذلك من وثبات فسيحات نحو المعالى والأمجاد.
و هنا أخذت أتساءل عن الأسلوب الحكيم الذى إتخذه طبيب النفوس الأعظم ، ليطهر نفوس المؤمنين و مجالسهم من هذا الإثم ، فوجدته قد سلك إلى ذلك مسالك عدة :
دعاهم باسم الحجة و البرهان ؛ ثم دعاهم باسم الإيمان ؛ ثم دعاهم باسم الحس و الوجدان.

1- دعاهم باسم الحجة والبرهان .
(أيها السامرون الساخرون ، الذين نصبوا انفسهم حكما فيما بينهم و بين الناس: فلأنفسهم أبدا الرضا والثناء و الحمد ، ولغيرهم أبدا السخط والهجاء و الذم ، هل أعددتم لأنفسكم حقا لمنصب هذا الحكم؟ هل أحطتم علما بما فيه تحكمون؟ إنكم تعرفون من شؤون الناس جانبا ويفوتكم منها جوانب ، وإنكم ترضون من أنفسكم لمحات من الخير ، وتنسون فيها كثيرا من المعايب . فهلا بدأتم بالحكم على أنفسكم قبل أن تحكموا على غيركم! وهلا شغلتكم عيوبكم عن عيوب إخوانكم ! و هل أمنتم أن ينقلب الميزان عند الله ، فيكون الحكم عليكم لا لكم؟ (يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن....سورة الحجرات الأية 11)

2- ثم دعاهم باسم الإيمان :
أيها الهمازون اللمازون ، الغيابون العيابون إنكم لا تدرون كنه ما تفعلون ، ولو فكرتم قليلا لعرفتم أنكم لا تعيبون إخوانكم ، ولكن تسبون ربكم .... نعم إن أكثر ما تتفكهون به من عيوب الناس هى عيوب لا ذنب لهم فيها : عيوب ألوانهم ، عاهات أبدانهم ، مظاهر فقرهم ورقة حالهم ، خمول أنسابهم ، مهنة أبائهم و أمهاتم ، سوء أسمائهم و ألقابهم .... ألم تعلموا أن الله أعطى كل شئ خلقه ، وركبه فى الصورة التي إختارها له ، إنه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقبضه عمن يشاء ، وهو الذي قسم معيشة الناس ، ورفع بعضهم فوق بعض درجات ، وهو الذي أخرج الناس من أصلاب أبائهم وأرحام أمهاتهم ، فلم يكن لأحد منهم الخيرة فى نبل مولده أو خسته ، وفي شرف بيئته أو ضعتها..... فمن تعيبون إذا؟ ألستم تعيبون الرحمن فى صنعته ؟ و تتعقبون حكمه فى تدبيره وأسلوب قسمته ؟ أكفر إذا بعد إيمان؟ أعودة إلى الجاهلية بعد أن شرفتم بنعمة الإسلام ؟
(ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون...سورة الحجرات الأية 11).

3- وأخيرا دعاهم باسم الحس و الوجدان المغروس فى فطرة كل إنسان :
وهاهنا كشف عن الأبصار غطاءها ، و أزاح عن الحقائق نقابها ، وأخرج جسم الحقيقة ماثلا فى سوءة بادية ، تقذى بها العيون ، وريح منتنة تزكم منها الأنوف ، وطعم كريه تعافه الأذواق تغفى من النفوس.
نعم من لم يعرف كنه جريمة الغيبة ، ولا حقيقة مرتكبيها ، فلينظر إليها وإليهم فى مرآة القرآن ، هنالك يرى ، ويا هول ما يرى : خوانا ممدودا قد ألقيت عليه فريسة من البشر ؟ ويرى حول الخوان شرذمة جلودها جلود البشر ، وقلوبها قلوب النمر ، وقد جعلوا ينالون من هذه الفريسة ، لا رميا بالسهام و بالنبال ، ولا طعنا بالخناجر و النصال ، ولكن قضما بالأسنان ، ولكن لعقا باللسان فعل الضوارى بالرمم ... أمن البشر تراهم إذا أم من فصيلة أخرى تأكل لحوم البشر؟ فلو أنهم لقوا فريستهم وجها لوجه ، ونبذوا إليها على سواء : لقنا إن فيهم بقية شهامة ، ولكنهم لقوها مجردة من كل سلاح ، عاجزة عن كل دفاع ، فأتوها من قبل ظهرها ، فى ساعة غفلتها ، بل فى وقت موتها ، فأقبلوا عليها نهشا ونهبا ومصا وعرقا ، هل رأيت أفجر و أغدر ؟ أم هل رأيت أرذل و أنذل ؟ وما ظنك بعد هذا كله لو كان المأكول أخا للآكلين ، أخا فى أسرة النسب ، أو أخا فى أسرة الدين؟
تلك هى جريمة الغيبة كما صورها القرآن فى كلمات بليغة خالدة (و لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا....سورة الحجرات الأية 12)
أيها الصائمون لإن كانت هذه طعمة خبيثة ، و فاحشة شنيعة فى كل زمان ، لهي في زمن الصوم أخبث وأفحش و أشنع ، إنها تكذب الصوم و تنقضه ، وتحبطه و تبطله ، أصوم عما أحلّ الله ، و أفطر على ما حرم الله ؟!
أيها الصائمون (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين.....سورة النور الأية 17).
و السلام على من إتبع الهدى
 
الإخوة و العلماء الأفاضل جزاكم الله خيرا و نفع الله أمة الإسلام بعلمكم و جهودكم فى مجال الدعوة و جعلها الله في ميزان حسناتكم
 
الأخ محمد العبادي نعم إنها مصورة و لقد كان هذا الحديث ضمن 12 حديث ألقاها د/دراز بمناسبة قدوم رمضان عام 56 و طبعت عام 58 ثم أعيد طبعها من قبل بعض دور النشر و إلى الآن تذاع أحاديث الدكتور دراز متفرقة في إذاعة القرآن الكريم بمصر
الأخت إشراقة و جزاكم الله كل خير و بارك فيكم
 
عودة
أعلى