نظرات في تحقيقات كتاب (الكفاية الكبرى) لأبي العز القلانسي

إنضم
08/09/2007
المشاركات
208
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فإن كتاب الكفاية الكبرى في القراءات العشر لأبي العز القلانسي، من المراجع المهمة في علم القراءات، حيث إنه من أصول النشر، وهو أوسع من كتاب الإرشاد لأبي العز.
وهو محقق في رسالة ماجستير : حققه د. عبد الله بن عبد الرحمن الشثري في رسالة ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سنة 1414هـ، وهو أفضل تحقيق علمي لهذا الكتاب فيما اطلعتُ عليه، وللأسف لم يطبع إلى الآن، مع أنه جديرٌ بالطباعة.
وللكتاب – حسب علمي- طبعتان:
الطبعة الأولى: نشرتها دار الصحابة بتحقيق جمال شرف، بدأها بتشجير أسانيد أبي العز التي في الكفاية وهذا مما يُحسب له، واقتصر في بقية الكتاب على إخراج النص مع بعض الحواشي القليلة جداً، ويؤخذ على المحقق المذكور عدم ذكره للمخطوطات التي اعتمد عليها في تحقيقه لكتاب الكفاية ولكثير من الكتب التي نشرتها دار الصحابة! ولن أطيل في وصف هذه الطبعة، فطبعات دار الصحابة بطنطا معلوم حالها لدى المتخصصين، فما إن يخرج كتاب محققاً تحقيقاً علمياً إلا وتخرجه دار الصحابة مقتصرة غالباً على النص مع حواشٍ لا تكاد تُذكر، وقد تمتد أيديهم إلى بعض الرسائل التي لم تُطبع فتجدهم ينسخون متون هذه الرسائل ويحذفون حواشيها، ولا أستبعد أن تكون هذه الطبعة كذلك، حيث اتفقت مع الطبعة الآتية على نقل سهوٍ وقع من د. الشثري حيث قال في أصل الكتاب: ((أبي عبد الله محمد بن مهران القطعي))،مع أن د. الشثري ذكر في الحاشية : أن في كل النسخ المخطوطة لكتاب الكفاية : ((أبي الحسن علي بن محمد القطعي)) ثم ذكر تنبيه ابن الجزري على أن الصواب (أبو عبد الله محمد بن يحيى [بن مهران] القطعي)، فمن أين جاء هذا الاتفاق العجيب؟!
الطبعة الثانية:طبعتها دار الكتب العلمية بتحقيق: عثمان محمود غزال، سنة 1428هـ.​
وسأطيل في وصف هذه النسخة لكثرة ما فيها من الحواشي، فبعد النظر والتأمل في هذا الطبعة خرجتُ بهذه الملحوظات:
1- لم يذكر المحقق وصفاً للنسخ المخطوطة التي اعتمد عليها في تحقيقه ولم يشر إلى المكتبات المحفوظة بها هذه النُسخ، واكتفى بقوله نماذج صور من المخطوط، ثم قال: صورة صفحة الغلاف من النسخة (ز)، وصورة اللوحة الأولى من النسخة (ز) وصورة اللوحة الأخيرة من النسخة (ز)، ثم صورة اللوحة الأولى من النسخة (ف) وصورة اللوحة الأخيرة من النسخة (ف)، ثم صورة اللوحة الأولى من النسخة (ت) وصورة اللوحة الأخيرة من النسخة (ت)، ثم صورة اللوحة الأولى من النسخة (ح). ولم يبين لنا المحقق المذكور أين توجد هذه النسخ التي أتى بصور لبعض لوحاتها؟ ومتى عرَّف بها ليرمز لها بهذا الرموز؟ ، ولكن بعد البحث تبين أنها مصورة بعينها من رسالة الدكتور الشثري انظر تحقيقه للكفاية في المجلد الأول من ص 77 إلى ص 85 ، ونسي المحقق المذكور أن هذه الرموز الحرفية للنسخ المخطوطة هي من الدكتور الشثري، وليست من المكتبات التي توجد بها هذه المخطوطات.
2- يلاحظ أن تحقيق عثمان غزال يكاد يكون صورة طبق الأصل من تحقيق د. عبد الله الشثري، فهو متفق إلى حدٍ كبير في التعليقات والتعريفات وتوجيه القراءات، والإحالات إلى الكتب بالجزء ورقم الصفحة، انظر على سبيل المثال تعريفه للإدغام لغة واصطلاحاً ص 133 فهو متفق مع ما في رسالة د. الشثري 1/141 بما في ذلك المراجع بالرقم والصفحة وهي: جمال القراء (2/485) وإبراز المعاني (ص76) والقواعد والإشارات في أصول القراءات (ص 44) والنشر (1/274، 2/19) ! ومثل ذلك أيضاً تعريف د. الشثري لعلم العدد في حاشية بلغت عشرين سطراً في 2/223 ، فجاء المحقق المذكور ونسخها بنصها ومَراجِعِها بالجزء والصفحة انظر تحقيقه ص 175 وليس الأمر مقتصراً على نقل القسم المحقق من الكتاب مع التعليقات والتعريفات والتوجيهات، بل كان النقلُ شاملاً للأخطاء المطبعية أيضاً ففي رسالة د. الشثري 1/142 ((زاد الداجوني عن ابن ذكوان إداغمها في الزاي)) فنقلها عثمان غزال في تحقيقه ص 134 بما في ذلك الخطأ المطبعي: ((إداغمها)) والصواب: ((إدغامها)). ومثل ذلك أيضاً أن د. الشثري أخطأ فأثبت في أصل الكتاب: ((أبي عبد الله محمد بن مهران القطعي))، فتبعه على ذلك عثمان غزال ص 123 [وكذلك فعل جمال شرف في طبعة دار الصحابة كما سبق التنبيه عليه]، مع أن د. الشثري ذكر في الحاشية : أن في نُسخ الكفاية كلها : ((أبو الحسن علي بن محمد القطعي)) ثم ذكر تنبيه ابن الجزري على أن الصواب (أبو عبد الله محمد بن يحيى القطعي).
3- بعدما عرفنا اعتماد عثمان غزال على تحقيق د. الشثري حتى كاد يكون نسخةً منه، بقي أن نشير إلى أنه قام ببعض التغييرات ليُظهر شيئاً من الفرق بين التحقيقين، من ذلك :
1) حذف جميع الحواشي المبينة للفروق بين النسخ المخطوطة للكتاب.
2) وضع أرقام الآيات وأسماء السور بين معقوفين في أصل الكتاب بدلاً من كونها في الحاشية.
3) إذا قال د. الشثري مثلاً في إحدى الحواشي: ((تقدم ذكره في باب الإمالة ص : كذا)) نقله عثمان غزال فقال: ((تقدم ذكره في باب الإمالة من كتابنا هذا))، أو ((من هذا الكتاب)) ولم يشر إلى صفحته.
4) في مقدمة الكتاب عند ذكر الأسانيد قام المحقق المذكور بالترجمة للأعلام بطريقة بعيدة عن التحقيق العلمي، حيث كان ينقل كل ما يقال في ترجمة الراوي في غاية النهاية، والتي قد تبلغ الحاشية الواحدة صفحتين أو ثلاثاً كما في ترجمة الكسائي مثلاً من ص 47 إلى 49 ، وقد اتبع الطريقة نفسها في تحقيقه لكتاب المصباح أيضاً.
والأدهى من ذلك كله قيام المحقق المذكور بتلفيق خطير في نص الكتاب، حيث أدخل ثلاث صفحات من كتاب آخر وبالمقابل حذف من كتاب الكفاية مثلها، ففي فرش سورة المائدة (من أولها ص 229 إلى قوله: (رسلنا) ص 231)
كل هذه الصفحات ليست من كتاب الكفاية لأبي العز بل هي من كتاب المستنير لابن سوار 2/115 – 118
فما الذي أدخل هذا النص من كتاب المستنير لابن سوار في كتاب الكفاية الكبرى لأبي العز؟!!
إذا عُرف السبب زال العجب.
وهو أنه قد ورد في كلام المحقق المذكور في ص 6 عندما ذكر منهج عمله في كتاب الكفاية الكبرى حيث قال: ((قمنا بنسخ كتاب المستنير في القراءات العشر على حسب ما يوافق قواعد الإملاء))!
فظهر بهذا تساهلهم في تحقيق كتب هذا العلم الجليل، حيث يقومون بالنسخ واللصق، وسرقة البحوث العلمية.
وقد كتبت هذه الملحوظات منذ أكثر من سنة، ولم أكن متشجعاً لنشرها سابقاً، ولكن بعدما أعدتُ قراءاتها رأيتُ أن أنشرها لما في ذلك من فوائد ومصالح أحسبها راجحة.
ومن هنا أوصي د. عبد الله الشثري بطباعة ونشر دراسته وتحقيقه لكتاب الكفاية الكبرى لأبي العز القلانسي، وله حق المطالبة بحقوقه المسروقة أو العفو عنها إذا كان مرد العفو إلى إصلاح، فمن عفا وأصلح فأجره على الله.
وقى الله كتب علم القراءات شر السُرَّاق والمتطفلين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وآله وصحبه أجمعين
 
عودة
أعلى