نظرات في الآيات 204-205-206 من سورة البقرة

إنضم
8 سبتمبر 2010
المشاركات
1
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
قال تعالى:[وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ204 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ 205 وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ]206.

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته الى يوم القيام..أما بعد:

لايخفى علينا أن كتاب الله فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم[1].

ومن هذا المنظور أن القرآن الكريم فيه نبأ ما قبل نزوله وبعد نزوله، وبعد ما رأيت وقرأت في كثير من المجلات والجرائد والمواقع الكترونية أثار استخدام الأسلحة الكيمياوية من قبل ولاة السوء والنفوس الشريرة والدول المغترسة ضد المدنيين وأناس أبرياء في اليابان والعراق وغيرهما في القرن العشرين وفي عصر العلم والتكنولوجيا، وظهور آثار هذه الاسلحة المتقدمة على البيئة والإنسان بشكل كبير والى زمن بعيد بعد استخدامها رأيت إشارة واضحة في القرآن الكريم الى ولاة السوء الذين يعلنون محاربتهم لله ورسوله وللمسلمين، والتجائهم الى الإفساد في الأرض ومحاولاتهم للهلاك الحرث والنسل من أجل سيطرتهم على ثروات بلدانهم وابتعادهم عن دينهم وعقيدتهم الربانية حتى تمكنوا من نشر أفكارهم الخبيثة وتنفيذ مشروعهم الفاسد في الأرض اخترت هذه الآيات في سورة البقرة لأتكلم في ظلها بعون الله سبحانه وتعالى.

قوله تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ] واضح ومعنى قوله: [وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ] أنه يحلف على ذلك فيقول: يشهد الله على ما في قلبي من محبتك أو من الإسلام أو يقول: الله يعلم أني أقول حقا وأني صادق في قولي لك وقرأ ابن محيصن: [وَيَشْهدُ اللَّهُ] بفتح حرف المضارعة ورفع الاسم الشريف على أنه فاعل والمعنى: ويعلم الله منه خلاف ما قال، وقوله: [فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا] متعلق بالقول أو بيعجبك فعلى الأول القول صادر في الحياة وعلى الثاني الإعجاب صادر فيها[2] والألد: الخصيم الشديد التَّأبِّي، وجمعه: لُدٌّ. وقوله:[ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ] وأصل الألد: الشديد اللديد، أي: صفحة العنق، وذلك اذا لم يمكِن صرفه عما يرده، وفلان يتلدد، أي: يتلفت[3].
هذه اللمسات العجيبة من الريشة المبدعة في رسم ملامح النفوس، تشي بذاتها بأن مصدر هذا القول المعجز ليس مصدراً بشرياً على الإطلاق. فاللمسات البشرية لا تستوعب- في لمسات سريعة كهذه - أعمق خصائص النماذج الإنسانية ، بهذا الوضوح ، وبهذا الشمول.

إن كل كلمة أشبه بخط من خطوط الريشة في رسم الملامح وتحديد السمات، وسرعان ما ينتفض النموذج المرسوم كائناً حياً، مميز الشخصية. حتى لتكاد تشير بأصبعك إليه، وتفرزه من ملايين الأشخاص، وتقول : هذا هو الذي أراد إليه القرآن! إنها عملية خلق أشبه بعملية الخلق التي تخرج كل لحظة من يد الباريء في عالم الأحياء! هذا المخلوق الذي يتحدث، فيصور لك نفسه خلاصة من الخير، ومن الإخلاص، ومن التجرد، ومن الحب، ومن الترفع، ومن الرغبة في إفاضة الخير والبر والسعادة والطهارة على الناس، هذا الذي يعجبك حديثه. تعجبك ذلاقة لسانه، وتعجبك نبرة صوته، ويعجبك حديثه عن الخير والبر والصلاح: [وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ]زيادة في التأثير والإيحاء، وتوكيداً للتجرد والإخلاص، وإظهاراً للتقوى وخشية الله[وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ] تزدحم نفسه باللدد والخصومة، فلا ظل فيها للود والسماحة، ولا موضع فيها للحب والخير، ولا مكان فيها للتجمل والإيثار[4].

وجاء في تفسير الطبري: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ الله تبارك وتعالى وَصَف هذا المنافقَ بأنه إذا تولى مدبرًا عن رسول الله sعَمِل في أرض الله بالفساد. وقد يدخل في"الإفساد" جميع المعاصي، وذلك أن العمل بالمعاصي إفسادٌ في الأرض، فلم يخصص الله وصفه ببعض معاني"الإفساد" دون بعض. وجائزٌ أن يكون ذلك الإفساد منه كان بمعنى قطع الطريق، وجائز أن يكون غير ذلك. وأيّ ذلك كان منه فقد كان إفسادًا في الأرض، لأن ذلك منه لله عز وجل معصية. غير أن الأشبه بظاهر التنزيل أن يكون كان يقطع الطريقَ ويُخيف السبيل. لأن الله تعالى ذكره وصَفه في سياق الآية بأنه" سَعى في الأرض ليفسد فيها ويُهلك الحرث والنسل"، وذلك بفعل مخيف السبيل، أشبهُ منه بفعل قَطَّاع الرحم[5].

قوله تعالى:[ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ] حملته العزوعلى الإثم من قولك أخذته بكذا: إذا حملته عليه وألزمته إياه وقيل: أخذته العزة بما يؤثمه: أي ارتكب الكفر للعزة ومنه: [بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ][6] وقيل الباء في قوله: [بِالْإِثْمِ] بمعنى اللام: أي أخذته العزة والحمية عن قبول الوعظ للإثم الذي في قلبه وهو النفاق وقيل الباء بمعنى مع: أي أخذته العزة من الإثم وقوله: [فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ] أي: كافيه معاقبة وجزاء كما تقول للرجل: كفاك ما حل بك وأنت تستعظم عليه ما حل به والمهاد جمع المهد وهو الموضع المهيأ للنوم ومنه مهد الصبي وسميت جهنم مهادا لأنها مستقر الكفار وقيل المعنى: أنها بدل لهم من المهاد[7].

هذا الذي يتناقض ظاهره وباطنه، ويتنافر مظهره ومخبره هذا الذي يتقن الكذب والتمويه والدهان حتى إذا جاء دور العمل ظهر المخبوء، وانكشف المستور، وفضح بما فيه من حقيقة الشر والبغي والحقد والفساد، وإذا انصرف إلى العمل، كانت وجهته الشر والفساد، في قسوة وجفوة ولدد ، تتمثل في إهلاك كل حي من الحرث الذي هو موضع الزرع والإنبات والإثمار، ومن النسل الذي هو امتداد الحياة بالإنسال وإهلاك الحياة على هذا النحو كناية عما يعتمل في كيان هذا المخلوق النكد من الحقد والشر والغدر والفساد مما كان يستره بذلاقة اللسان، ونعومة الدهان، والتظاهر بالخير والبر والسماحة والصلاح:{والله لا يحب الفساد} ولا يحب المفسدين الذين ينشئون في الأرض الفساد والله لا تخفى عليه حقيقة هذا الصنف من الناس؛ ولا يجوز عليه الدهان والطلاء الذي قد يجوز على الناس في الحياة الدنيا، فلا يعجبه من هذا الصنف النكد ما يعجب الناس الذين تخدعهم الظواهر وتخفى عليهم السرائر[8].

ويمضي السياق يوضح معالم الصورة ببعض اللمسات:{ وإذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} إذا تولى فقصد إلى الإفساد في الأرض؛ وأهلك الحرث والنسل؛ ونشر الخراب والدمار؛ وأخرج ما يعتمل في صدره من الحقد والضغن والشر والفساد، إذا فعل هذا كله ثم قيل له:{ اتق الله } تذكيراً له بخشية الله والحياء منه والتحرج من غضبه أنكر أن يقال له هذا القول؛ واستكبر أن يوجه إلى التقوى؛ وتعاظم أن يؤخذ عليه خطأ وأن يوجه إلى صواب.

وأخذته العزة لا بالحق ولا بالعدل ولا بالخير ولكن{بالإثم} فاستعز بالإجرام والذنب والخطيئة، ورفع رأسه في وجه الحق الذي يذكر به، وأمام الله بلا حياء منه؛ وهو الذي كان يشهد الله على ما في قلبه; ويتظاهر بالخير والبر والإخلاص والتجرد والاستحياء! إنها لمسة تكمل ملامح الصورة ، وتزيد في قسماتها وتمييزها بذاتها . . وتدع هذا النموذج حياً يتحرك. تقول في غير تردد: هذا هو. هذا هو الذي عناه القرآن! وأنت تراه أمامك ماثلا في الأرض الآن وفي كل آن!وفي مواجهة هذا الاعتزاز بالإثم؛ واللدد في الخصومة؛ والقسوة في الفساد؛ والفجور في الإفساد، في مواجهة هذا كله يجبهه السياق باللطمة اللائقة بهذه الجبلة النكدة:{فحسبه جهنم ولبئس المهاد} حسبه ففيها الكفاية جهنم التي وقودها الناس والحجارة. جهنم التي يكبكب فيها الغاوون وجنود إبليس أجمعون. جهنم الحطمة التي تطلع على الأفئدة، جهنم التي لا تبقي ولا تذر، جهنم التي تكاد تميز من الغيظ! حسبه جهنم { ولبئس المهاد} ويا للسخرية القاصمة في ذكر {المهاد} هنا ويا لبؤس من كان مهاده جهنم بعد الاعتزاز والنفخة والكبرياء.

نظرات في قوله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ:
قوله تعالى:[ وَإِذَا تَوَلَّى] قد قال العلماء فيه أن التولي يحتمل أحد أمرين: إما أن يكون معناه الانصراف والذهاب بعد أن خدع الناس بحلو القول وأقسم الأيمان المغلظة الكاذبة وجادل وناضل فيما يدعيه من حب الخير والإصلاح، وإما أن يراد به التولي بمعنى الولاية والإمرة على الناس.
وعلى الإحتمال الثاني، وهو أن يكون معنى تولى صار والياً، أن هذا الذي اجتذب ثقة الناس بالأماني البراقة، والأقوال الخادعة والأيمان الكاذبة واللسن في الجدل اذا تحققت بغيته، ونال طلبته، وصار والياً على الناس، لا يسعى لنفعهم، ولا يقيم الحق بينهم، بل يسعى لإشباع رغباته، ويحكم الناس لنفسه لا لهم، والفاصل بين الحكم العادل والحكم الظالم، أن الحاكم العادل يعتقد أنه تولى أمر الناس لتكون ثمرة الحكم للناس، وأما الحاكم الظالم فهو الذي يحكم الناس لتكون الثمرة له ومن معه، وأمثلة ذلك في التاريخ كثيرة لا يحصيها العد.

وهنا نختار أن يكون معنى التولى هو صيرورته والياً، لأنه ذلك هو الذي يتفق مع الآية الآتية، وهي قوله تعالى:[وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ]. هذه حال الطغاة يرتكبون ما يرتكبون، وينزلون بالناس ما ينزلون، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وقد زين لهم سوء عملهم فرأه حسناً، وإذا كانت النوازل تنزل بالضعفاء لم يلتفتوا إليها لعماية الطغيان وفساد البصر والمدارك، فإذا تقدم أحد الناس مرشداً واعظاً نهروه، و ربما امتدت إليه أيديهم بالأذى، وأخذتهم العزة، أي: الاستعلاء الجاهلي وحماقة الكبرياء، ودفعتهم الجرائم الى إثم آخر فوق إثم الطغيان، وفوق ما ارتكبوا من آثام، وما أنزلوا بالضعفاء من الآم[9].

نظرة في قوله تعالى:[وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ] لماذا حدد سبحانه وتعالى هلاك الحرث والنسل اذا تولى ولاة السوء زمام أمور الناس؟ في عصرنا الحاضر ولاة السوء يستخدمون الأسلحة المتطورة لفرض طغيانهم وغطرستهم الشريرة على الناس، وهذه الأسلحة لها أثارها على هلاك الحرث والنسل كما بينها علماء مختصون في هذا العصر.

أثر استخدام الأسلحة الكيمياوية على الحرث والنسل:التلوث بالاسلحة الكيمائية: وتعتبر الاسلحة الكيمائية أحد أنواع أسلحة التدمير الشامل وهدفها الانسان والحيوان والنبات كما تعتبر البيئة أحد أهدافها وهذه الأسلحة الكيميائية تسبب التلوث للهواء والماء والتراب والنبات لتنقل عن طريقها الى الانسان ومن انواع تلك الاسلحة الكيميائية غازات الاعصاب أو عوامل الأعصاب كالزارين والغازات الكاوية الخردل الحارق وغازات الدم والـ(VX) مثل حمض الهيدروسينيك والغازات الخانقة كالفوسجين والغازات المقيئة مثل الادمست والمسيلة للدموع مثل الكلوراسيتوفيتون وغاز الهلوسة مثل (LSD) وهي غازات قاتلة او مزعجة وتشكل القدرة وتستمر في البيئة لمدة زمنية معينة أما غازات الاعصاب والكاوية فتستمر 21 ساعة الى عدة ايام والغزات الاخرى غير المستمرة تبقى من عدة دقائق الى بضع ساعات وتؤثر في لون النباتات والمزروعات وتسبب في موت كثير من الحيوانات ويعتبر ذلك من علاماتها.. اما السموم الكيميائية فتمثل الاحماض والقلويات وغيرها من المواد الخطيرة مثل «سيانيد الصوديوم» والبوتاسيوم وهي تحدث التهابات جلدية وخطورتها الكبيرة تكمن عند انتاج غاز سيانيد الهيدروجين او ابخرته السامة جداً حيث جرعته المميتة تصل الى 9 مليجرام لكل كيلو جرام من وزن الجسم وذلك عن طريق التنفس او الهضم او تأثيرها على انزيمات التنفس بالذات مما يؤدي الى موت الخلية في النهاية او السموم الكيميائية بمعاملة الاحماض بكميات محسوسة من القلويات كالصودا الكاوية او البوتاسا الكاوية بغرض تحطيم مكوناتها الضارة مما يقلل آثارها الخطرة على صحة الانسان، اضافة الى طرق اخرى من المعالجة الطبيعية بواسطة الكشف والتطهير والمعالجة طبعاً وهناك آلية وميكانيكية للتسمم والتلوث حادة وتراكمية لسنا بصدد ذكرها حالياً[10].
وارتفع عدد الإصابات بالسرطان في محافظة بغداد من 4183 حالة عام 1989م إلى 6427حالة عام 1994م. وبلغ عدد حالات الإسقاط 41716 حالة عام 1994م سجلت أغلبها في المحافظات الجنوبية التي تعرضت للقصف بقذائف اليورانيوم المستنفذ. في ضوء الآثار الكارثية الناجمة عن استخدام أسلحة اليورانيوم المستنفذ أولت الدول والمنظمات الدولية وشخصيات مستقلة اهتمامًا ملحوظًا لدراسة الآثار الناجمة عن استخدام أسلحة اليورانيوم المستنفذ على السكان والبيئة والسعي لحظر استخدامها. وتمثل هذا الجهد في المساعي الأوربية الهادفة إلى وضع مفاهيم قانونية واضحة بشأن هذا السلاح خصوصًا بعد افتضاح أمر الولايات المتحدة الأمريكية عند استخدامها لليورانيوم المستنفذ في العمليات الحربية في يوغسلافيا السابقة.وعند مراجعة القانون الدولي الذي يتضمن قواعد قانونية تحرم استخدام الأسلحة ذات التدمير الشامل والعشوائي على الكائنات الحية والبيئة[11].

خصائص أسلحة الدمار الشامل:
تتميز هذه الأسلحة بعدة خصائص تميزها عما سواها، فمن ذلك:
1- ليس لها سلاح مضاد يمنع تأثيرها أو يبطل أثرها، فالطائرة مثلا لها مضادات جوية وهي طائرة مثلها، ولها مضادات أرضية كالمدافع المضادة للطائرات والصواريخ وهكذا، أما أسلحة الدمار الشامل فليس هناك سلاح يمنع تأثيرها أو يبطل أثرها.
2- التأثير الشديد على البيئة: تؤثر أسلحة الدمار الشامل على البيئة كلها سواء الإنسان أو الحيوان أو الزرع أو الهواء تأثيرا شديدا، كل ذلك في آن واحد، ولا يقتصر أثرها على مكون من مكونات البيئة كالإنسان مثلا.
3- امتداد التأثير زمنيا: لا يقتصر أثر تلك الأسلحة على الفترة الزمنية التي استخدم فيها السلاح أو قريبا منها، بل قد يمتد أثره إلى عدة عقود تالية لاستخدامه حتى إنه يشمل أجيالا لم تكن مخلوقة زمن استخدامها.
4- القوة التدميرية الهائلة التي تفوق الخيال: فلهذه الأسلحة قدرة فائقة على التدمير، فلا يقتصر أثرها على إحداث بعض الإصابات التي يسهل علاجها في بعض المجالات، بل تتعدى ذلك إلى التدمير الكلي أو قريبا منه سواء للإنسان أو الحيوان أو الزرع أو التربية أو الهواء
5- المساحة التدميرية الضخمة: السلاح العادي مهما بلغت قوته التدميرية لا يتعدى مساحة محدودة، بينما مساحة التدمير والخراب التي توجدها أسلحة الدمار الشامل مساحة واسعة جدا تبتلع حجم مدينة ، (وإن وجدت محاولات لإيجاد طرازات من هذه الأسلحة يكون تأثيره محدودا بمساحة أقل، لكنه يبقى مع ذلك أكثر بكثير جدا من المساحة التي تتأثر بالأسلحة التقليدية).
ويترتب على العاملين الأخيرين زيادة حجم الإصابة والدمار بدرجة عالية، حتى إنها تشمل الكثيرين من المحاربين وغير المحاربين ومن الموجودات جميعها[12].

الخاتمة: في عصرنا الحاضر نرى بأعيوننا فساد ولاة السوء ومحاولاتهم الشريرة لهلاك الحرث والنسل، ومكرهم بالليل والنهار لخداع البشرية بأجهزتهم الإعلامية الكاذبة لفرض غطرستهم على جميع بلدان العالم، ومن أجل الوصول الى غايتهم الفاسدة يلتجئون الى جميع الوسائل الشرعية وغير الشرعية، ولا يبالون عاقبة استخدام هذه الوسائل ولا يراعون القوانين السماوية والبشرية، بل همهم الوصول الى غاياتهم الفاسدة وهذه هي صفات النفوس الشريرة وولاة السوء، وهذه هي أثار استخدام تلك الأسلحة لهلاك الحرث والنسل كما أشار اليه القرآن الحكيم قبل القرون من ظهور هذه الأسلحة، كما قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.. وصدق الله العظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



الدكتور ئاراس محمد صالح



جامعة السليمانية- العراق


قسم الدراسات الإسلامية


مدرس التفسير وعلوم القرآن



[1]- جاء هذا الكلام في أثر غير صحيح في سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن عن رسول الله s، باب ما جاء في فضل القرآن، الرقم: 2906. وضعفه الألباني.

[2]- انظر: الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، تحقيق السيد ابراهيم، الطبعة الأولى 1413هـ1993م، دار الحديث-القاهرة م1ص 308-309.

[3]- انظر: الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، الطبعة الرابعة 1430هـ 2009م، دار القلم- دمشق، ص 739.

[4]- انظر: سيد قطب، في ظلال القرآن، الطبعة الشرعية السابعة والثلاثون، 1429هـ 2008م، دار الشروق –بيروت- لبنان، م1 ص 204-205.

[5]- انظر: الطبري، تفسير الطبري، الكتاب : جامع البيان في تأويل القرآن، المحقق أحمد محمد شاكر، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م، مؤسسة الرسالة، م4ص239.

[6]- سورة ص، الآية:2.

[7]- انظر: الشوكاني تفسير الشوكاني، م1 ص309.

[8]- انظر: سيد قطب، في ظلال القرآن، م1 ص 205.

[9]- انظر: الشيخ محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة، م2ص 642-644.

[10]- أنظر: د. معتوق الرعيني، مقالة بعنوان: الاسلحة الكيميائية تستهدف الانسان والحيوان والنبات وتسبب التلوث للهواء والماء والتراب، الموقع الألكتروني،. www.26sep.net

[11]- انظر: هاني كرم، مقالة بعنوان: تأثير الحروب على البيئة :تأكل الأخضر واليابس وتسمم الماء وتلوث الهواء، الموقع الألكتروني: www.almarefh.org.


[12]- انظر: محمد بن شاكر الشريف، أسلحة الدمار الشامل بين المنع والوجوب، الموقع الأكتروني، صيد الفوائد: www.saaid.net.
 
عودة
أعلى