محمد عز الدين المعيار
New member
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم رب العالمين ولي المومنين عليه نتوكل وبه نستعين والصلاة والسلام على سيد الأنام الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلى ءاله وصحابته الكرام ...
أما بعد فإن جوهر الدين وسره هو الإيمان ، الذي تهب نسماته على الإنسان فتمنحه السكينة والاطمئنان ، وتفتح بصيرته وبصره ، فإذا هو يرى ما لا يرى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"اتقوا فراسة المونم فإنه ينظر بنور الله "
و لا يخفى ما لهذه الثمرة من نتائج عظيمة وأثر بعيد في بناء الحضارة ونهضة الأمة ، لأنها تعطي الإنسان صانع الحضارة الثقة في جهاده النبيل حين يعمل مرتبطا بالله مستمدا منه كل عون وتوفيق
في هذا السياق يأتي هذا الموضوع الذي جعل محوره الذي يدور عليه الآيات الثانية والثالثة والرابعة من سورة الأنفال ، لما تضمنته من سمات فضلاء المومنين وصفات كمال الإيمان معتمدا في ذلك على مختلف التفاسير من شتى المذاهب والمشارب الإسلامية المعتبرة ، وما فتح الله به من توفيق وسداد في إبراز ما تحتويه من معان وأسرار
قال الله تعالى :{إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون أولئك هم المومنون حقا لهم درجات عند ربهم و مغفرة ورزق كريم } سورة الأنفال :2-4
تنتمي هذه الآيات إلى سورة الأنفال ثاني سورة نزلت بالمدينة النبوية بعد " البقرة" على أرجح الأقوال ، وتأتي قبلها في ترتيب المصحف سورة الأعراف ، ووجوه المناسبة بين الأنفال والأعراف كثيرة من أبرزها :
1- أن الله تعالى لما ذكر في الأعراف قصص عدد من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم ، اقتضى ذلك بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فجاء ذكره في الأنفال
2- أنه سبحانه لما ذكر في الأعراف أن اتباع الهوى أصل في الضلال والتنكب عن سبيل الرشاد ،{ ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه}[ الأعراف :176 ] أمر المومنين - هنا في الأنفال - بسد باب الأهواء ونبذ الشقاق والنزاع حفاظا على صفهم من التصدع ، ووحدتهم من الانهيار ، وبالتفويض لله ورسوله في تدبير أمورهم ، فإن ذلك أجدى لهم وأهدى ، مذكرا لهم بما ينبغي لهم التزامه {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم }.
3- أنه تعالى لما قال في الأعراف :{ وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }[ الأعراف: 204 ] بين في الأنفال حال المومنين عند هذا السماع فقال جل ذكره:{ إنما المومنون }إلى قوله :{زادتهم إيمانا }[ الأنفال :2-4 ] لأنه هكذا يكون سماع المومن { و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون }[ الأنفال:21 ]
وهذه الوجوه وغيرها مما يؤكد أن وضع الأنفال بعد الأعراف وقبل براءة في ترتيب المصحف توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة ، وليس مجرد اجتهاد من الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء اعتمادا على حديث ضعيف يدور في كل رواياته على يزيد الفارسي وهو غير مشهور بل يكاد يكون مجهولا ، روي أنه ذكر ليحيي بن معين فلم يعرفه ، وذكره الإمام البخاري في الضعفاء ، ومن ثم فلا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يعتد به في ترتيب القرآن المتواتر .
يتبع
بسم الله الرحمن الرحيم رب العالمين ولي المومنين عليه نتوكل وبه نستعين والصلاة والسلام على سيد الأنام الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلى ءاله وصحابته الكرام ...
أما بعد فإن جوهر الدين وسره هو الإيمان ، الذي تهب نسماته على الإنسان فتمنحه السكينة والاطمئنان ، وتفتح بصيرته وبصره ، فإذا هو يرى ما لا يرى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"اتقوا فراسة المونم فإنه ينظر بنور الله "
و لا يخفى ما لهذه الثمرة من نتائج عظيمة وأثر بعيد في بناء الحضارة ونهضة الأمة ، لأنها تعطي الإنسان صانع الحضارة الثقة في جهاده النبيل حين يعمل مرتبطا بالله مستمدا منه كل عون وتوفيق
في هذا السياق يأتي هذا الموضوع الذي جعل محوره الذي يدور عليه الآيات الثانية والثالثة والرابعة من سورة الأنفال ، لما تضمنته من سمات فضلاء المومنين وصفات كمال الإيمان معتمدا في ذلك على مختلف التفاسير من شتى المذاهب والمشارب الإسلامية المعتبرة ، وما فتح الله به من توفيق وسداد في إبراز ما تحتويه من معان وأسرار
قال الله تعالى :{إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون أولئك هم المومنون حقا لهم درجات عند ربهم و مغفرة ورزق كريم } سورة الأنفال :2-4
تنتمي هذه الآيات إلى سورة الأنفال ثاني سورة نزلت بالمدينة النبوية بعد " البقرة" على أرجح الأقوال ، وتأتي قبلها في ترتيب المصحف سورة الأعراف ، ووجوه المناسبة بين الأنفال والأعراف كثيرة من أبرزها :
1- أن الله تعالى لما ذكر في الأعراف قصص عدد من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم ، اقتضى ذلك بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فجاء ذكره في الأنفال
2- أنه سبحانه لما ذكر في الأعراف أن اتباع الهوى أصل في الضلال والتنكب عن سبيل الرشاد ،{ ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه}[ الأعراف :176 ] أمر المومنين - هنا في الأنفال - بسد باب الأهواء ونبذ الشقاق والنزاع حفاظا على صفهم من التصدع ، ووحدتهم من الانهيار ، وبالتفويض لله ورسوله في تدبير أمورهم ، فإن ذلك أجدى لهم وأهدى ، مذكرا لهم بما ينبغي لهم التزامه {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم }.
3- أنه تعالى لما قال في الأعراف :{ وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }[ الأعراف: 204 ] بين في الأنفال حال المومنين عند هذا السماع فقال جل ذكره:{ إنما المومنون }إلى قوله :{زادتهم إيمانا }[ الأنفال :2-4 ] لأنه هكذا يكون سماع المومن { و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون }[ الأنفال:21 ]
وهذه الوجوه وغيرها مما يؤكد أن وضع الأنفال بعد الأعراف وقبل براءة في ترتيب المصحف توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة ، وليس مجرد اجتهاد من الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء اعتمادا على حديث ضعيف يدور في كل رواياته على يزيد الفارسي وهو غير مشهور بل يكاد يكون مجهولا ، روي أنه ذكر ليحيي بن معين فلم يعرفه ، وذكره الإمام البخاري في الضعفاء ، ومن ثم فلا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يعتد به في ترتيب القرآن المتواتر .
يتبع