عبدالله جلغوم
New member
( 1 ) قانون الحالات الأربع لسور القرآن ( نظام التجانس )
[ ملاحظة : سأطرح الموضوع مختصرا ما أمكن وأستبعد الجداول والاحصاءات ]
الجزء الأول :
تمهيد - تحديد المفاهيم :
القرآن الكريم : كتاب ختم به الله الكتب السماوية , أنزله على نبي ختم به الأنبياء بدين عام خالد ختم به الأديان . وهو حجة الرسول صلى الله عليه وسلم وآيته الكبرى ( معجزته ) يقوم شاهدا ناطقا بنبوته ، دليلا على صدقه وأمانته .
ولما كان الإسـلام خاتمة الأديـان ، فقد اقتضت حكمة الله أن تكون معجزته " القرآن "صالحة للبقاء إلى قيام الساعة ،فأودع فيه من أسرار الإعجاز ما لا يمكن لجيل من الأجيال ، أو لعصر من العصور الإحاطة بها .. فلكل جيل فيه نصيب ، ولكل عصر فيه نصيب . يذهب جيل ويأتي جيل ، وتتطور المعارف والعلوم ، ويظهر في كل جيل من وجوه إعجاز القرآن ما لم يكن معروفا من قبل . ويظل التحدي قائما ، وإعجاز القرآن شاهدا ودليلا على أن القرآن لا يمكن أن يكون من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم كما يزعم المرتابون والمشككون بالقرآن ، إنما هو تنزيل من حكيم حميد
[ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ( فصلت 41 / 42 )
عدد سور القرآن 114 سورة :
يتألف القرآن – على النحو الذي وصلنا عليه – من 114 سورة ، أوله سورة الفاتحة المؤلفة من 7 آيات وآخره سورة الناس المؤلفة من 6 آيات ، أما مجموع أعداد الآيات في سوره فهو : 6236 آية . وتتفاوت أعداد الآيات في سوره طولا وقصرا ، فأقصرها سورة الكوثر المؤلفة من 3 آيات ، وأطولها سورة البقرة المؤلفة من 286 آية .
ومن المعلوم أن القرآن نزل مفرقا في 23 سنة حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس ، ثم جمع في النهاية على نحو مغاير تماما لترتيب نزوله .
ولعل السؤال الأهم الذي أثارته هذه المسألة : ما الحكمة من ترتيب القرآن على غير ترتيب نزوله ؟ لقد كان من الممكن أن ينزل القرآن مفرقا حسب الأحداث والحاجات وأن يرتب أولا بأول . فلماذا لم يكن ذلك ؟
لماذا رتبت سورة الفاتحة في بداية المصحف وهناك من السور ما نزل قبلها ؟ لماذا عدد آياتها سبع ؟ لماذا كانت سورة البقرة هي الثانية ؟ ولماذا عدد آياتها 286 آية وليس 287 ؟ لماذا جاءت بهذا العدد الكبير من الآيات وهناك سور قصيرة جدا ؟ لماذا تم تجميع السور القصيرة في نهاية المصحف والطويلة في أوله وليس العكس ؟ لماذا افتتحت من بين سور القرآن 29 سورة بالحروف الهجائية المقطعة وليس 30 سورة ؟ لماذا فصلت سورة القلم وهي إحدى السور المفتتحة بالحروف عن أخواتها في ترتيب المصحف ، فرتبت في النصف الثاني من القرآن على حين جاء ترتيب السور الثماني والعشرين الأخرى في النصف الأول ؟ ..
الأسئلة في هذا الباب كثيرة ، ولا شك أن الذي انتهى إلى القول أن ترتيب القرآن لا يخضع إلى أي نظام عقلي أو منطقي قد طرح هذه الأسئلة أو مثلها على نفسه وهو يتفرس في طريقة ترتيب سور القرآن وآياته ، ولما لم يجد جوابا لأي منها خلص إلى القول بأن ترتيب القرآن فوضوي .
ليس هدفنا هنا أن نكرر ما قيل في هذه المسألة قديما كان أو حديثا ، ما نود قوله هنا : لماذا لا يكون ترتيب القرآن وجها من وجوه إعجازه ؟ أليس من المنطق أن يليق ترتيب القرآن بصاحبه ؟ وهل من المنطق أن نلمس سمة الترتيب المحكم في كل مظاهر الكون وأن نفتقدها في القرآن ؟ أليس خالق الكون هو منزل القرآن ؟ فهل يرتب الله كل شيء فيه ابتداء من الذرة وانتهاء بالمجرة ويستثني من ذلك كتابه الكريم ؟ 000
في هذا البحث رؤية جديدة تكشف عن بعض أسرار القرآن في ترتيبه ، وتؤكد أن اللغة والترتيب وجهان لإعجاز القرآن لا ينفصل أحدهما عن الآخر, فكما أن القرآن معجز في لغته وبيانه معجز في ترتيب سوره وآياته ، وأن هذا الوجه ( الجديد ) من الإعجاز لا يقل أهمية عن أي وجه آخر ، بل لعله الوجه المناسب لتقديم القرآن إلى الآخرين باللغة التي يفهمها الجميع كل بلغته .
ولا يعني ذلك أنه بديل لما هو معروف من وجوه الإعجاز ، بل هو إغناء لتلك الوجوه .
لقد وجد الذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في لغة القرآن وبيانه المعجز ، الدليل على صدق النبوة ، فآمنوا بما جاء به ، ورغم تلك المعاصرة فإنها لم تمنع البعض – وهم من أهل اللغة والفصاحة - من الزعم أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ، فما بالك في هذا العصر وقد ابتعد العربي عن لغته، وفقد الناس صلتهم بالبيان والفصاحة ، وتعددت اللغات والشعوب ؟ وازداد أعداء القرآن وخصومه والمفترون عليه عددا و شراسة ؟
لقد تولى القرآن الرد على المفترين والمشككين زمن نزول القرآن في أكثر من آية وتحداهم أن يأتوا بعشر سور وبسورة مثله، من ذلك قوله تعالى:
[ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين
( هود 11 / 13 )
( ملاحظة : سأتناول إعجاز الترتيب في بعض الايات مستقبلا أمثلة على الترتيب على مستوى الآية )
وفي النهاية أقر الجميع بعجزهم وآمنوا بمحمد ورسالته ..... وأيقنوا أن هذا القرآن كتاب الله الكريم الذي :
السؤال الذي يطرح نفسه هنا :
ما رد القرآن على المشككين فيه بعد خمسة عشر قرنا من نزوله ؟ على فئات جديدة من المشككين ، فئة متسلحة بجهلها العربية لغة القرآن ، وأخرى ابتعدت عن أسباب البيان والبلاغة ،وأخرى لا تعترف إلا بعلوم هذا العصر ومعارفه ، ولا تجد في لغة القرآن سببا مقنعا للإيمان به ،وفئة تجد القرآن فوضوي الترتيب ، لا يستند إلى أي معيار عقلي أو منطقي يناسب عقولنا اليوم .
بكل بساطة : الرد القرآني على كل هؤلاء يكمن في ترتيب سوره وآياته ، حيث أن لغة هذا الوجه هي لغة الأرقام ، اللغة العالمية المشتركة بين الناس جميعا .لغة الأدلة المادية الملموسة ، فالعالم اليوم يتكلم لغة واحدة هي لغة الأرقام ، وقد ادخر القرآن لهذا العصر – في ترتيبه - وجه الإعجاز الذي يناسبه ، خطابا يفهمه الجميع كل بلغته .. العربي بالعربية ، والفرنسي بالفرنسية ، والإنجليزي بالإنجليزية ..
لقد أودع الله سبحانه في ترتيب سور القرآن وآياته ما يكفي من الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، براهين قاطعة تنهار معها كل المحاولات للطعن في القرآن أو نسبة تأليفه إلى محمد صلى الله عليه وسلم . وبالتالي فإن في وسعنا أن نقدم القرآن للآخرين من خلال ترتيبه ، كما نقدمه من خلال لغته ، كما نقدمه من خلال سلوكنا كمسلمين .. وأي وسيلة أخرى ممكنة .
عدد سور القرآن 114 سورة :
من المعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة . ليس 113 أو 115 أو 116 . فإذا كان القرآن – كما يزعم المشككون – قصصا وأقاويل ونصوصا جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ، على فترات متقطعة – امتدت 23 سنة هي فترة الدعوة والرسالة - حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس، جمعها من هنا وهناك ، زاعما أن الله قد أوحى إليه بها ، فمن المستبعد جدا في هذه الحالة أن يأتي ترتيب هذه الأقوال والنصوص وفق أنظمة وعلاقات رياضية محكمة ، مع ما نعلمه أيضا من ترتيب هذه النصوص في المصحف على نحو مغاير تماما للترتيب الزمني الذي ظهرت فيه . وإذا كان كذلك – كما يزعم المفترون – فانتهاء القرآن إلى 114 سورة ، هذا العدد دون سواه ،كان مجرد مصادفة ..
أما إذا كان اختيار العدد 114 عددا لسور القرآن اختيارا إلهيا ، فالله لا يختار شيئا عبثا أو دون قصد ، وبالتالي فلا بد أن يخفي هذا الاختيار للعدد 114 أهدافا ومقاصد ، ولا عجب حينئذ أن نكتشف في ترتيب القرآن التوازن والتناسق والإحكام الذي لا مثيل له ، وما يؤكد أنه كتاب إلهي لا تطاله الشبهات ولا الافتراءات في أي عصر .
الحالات الأربع لسور القرآن :
المدخل لفهم ترتيب سور وآيات القرآن الكريم يكمن في الفكرة البسيطة التالية :
يتألف القرآن – على النحو الذي وصلنا عليه – من 114 سورة ، أوله سورة الفاتحة المؤلفة من 7 آيات ، وآخره سورة الناس المؤلفة من 6 آيات ..
انطلاقا من هذه الفكرة ، وباعتبار قانون الزوجية ( العدد إما زوجي وإما فردي ) ،فسور القرآن الكريم باعتبار أعداد آياتها ، إما أن تكون زوجية الآيات وإما أن تكون فردية الآيات ..وباعتبار الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها فهي إما زوجية الترتيب وإما فردية الترتيب ..
[ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ] ( الذاريات 51/49 )
بهذين الاعتبارين فالسورة القرآنية واحدة من أربع :
1- زوجية الآيات زوجية الترتيب، ومثال ذلك سورة البقرة :
عدد آياتها : 286 عدد زوجي ، ورقم ترتيبها : 2 عدد زوجي .
2 - فردية الآيات فردية الترتيب،ومثال ذلك سورة الفاتحة :
عدد آياتها : 7 عدد فردي ، ورقم ترتيبها :1 عدد فردي .
3- زوجية الآيات فردية الترتيب ، ومثال ذلك سورة المائدة :
عدد آياتها : 120 عدد زوجي ، ورقم ترتيبها: 3 عدد فردي .
4- فردية الآيات زوجية الترتيب ، ومثال ذلك سورة الأنعام :
عدد آياتها : 165 عدد فردي ، ورقم ترتيبها:6 عدد زوجي .
بعد هذا التوضيح للحالات الأربع لسور القرآن ،نطرح الأسئلة التالية :
ما عدد سور القرآن زوجية الآيات ؟
ما المواقع التي رتبت فيها على امتداد المصحف ؟
ما عدد السور فردية الآيات ؟ ما المواقع التي رتبت فيها ؟
هل هناك علاقة بين ترتيب هذه السور وأعداد آياتها ؟
لكي نتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة كان لا بد من إعداد عدد من الجداول الإحصائية بحالات سور القرآن –وقد اعتمدت للقيام بهذا العمل المصحف برواية حفص عن عاصم " مصحف المدينة النبوية " - حيث ظهر لنا : .....................
سور القرآن وقانون الزوجية :
السور زوجية الآيات – السور فردية الآيات
سور القرآن فردية الآيات :
أظهر الإحصاء أن عدد سور القرآن فردية الآيات 54 سورة لا غير . وحينما تأملنا الأرقام الدالة على ترتيب هذه السور في المصحف اكتشفنا النظام التالي :
إن من بين هذه السور 27 سورة ( النصف ) فردية الترتيب ، وأما السور ال 27 الباقية ( النصف ) فهي زوجية الترتيب ..
السؤال الذي يطرح نفسه هنا : من رتب هذه السور على امتداد المصحف بحيث يجيء نصفها 27 سورة فردية الترتيب ونصفها الثاني27 سورة زوجية الترتيب على هذا النحو من التناسق والتوازن ؟ هل يمكن رد هذا التوزيع إلى المصادفة ؟ أليس من الواضح أن زيادة أو نقصان آية في أي سورة كان كافيا لإخفاء هذا التوازن ؟
( انظر الجدولين رقم 1 و 2 في نهاية البحث ) .
سور القرآن زوجية الآيات :
سور القرآن الباقية وعددها 60 سورة جاء كل منها من عدد زوجي من الآيات.
( انظر الجدولين 3 و 4 )
فإذا توقفنا عند الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها على امتداد المصحف ، فإننا سنقف على ظاهرة مماثلة للظاهرة التي شاهدناها في السور فردية الآيات .. فكأنها تأكيد لها ودليل عليها، وابتعاد بها عن شبهة المصادفة والعشوائية .
: إن من بين السور الستين زوجية الآيات 30سورة ( النصف ) زوجية الترتيب ، أما السور الباقية وعددها 30 سورة فهي فردية الترتيب .
هل يمكن رد هذا النمط من التوزيع إلى المصادفة ؟ أليس من الواضح أن زيادة أو نقصان آية في أي سورة كان كافيا لإخفاء هذا التوازن والتناسق ؟
( انظر الجدولين رقم 3 و 4 في نهاية البحث ) .
نعيد طرح السؤال السابق : ومن رتب السور زوجية الآيات على امتداد المصحف بحيث جاء نصفها تماما 30 سورة فردية الترتيب، والنصف الآخر 30 سورة زوجية الترتيب ؟
هل أحصى الصحابة- رضي الله عنهم - أعداد الآيات في سور القرآن سورة سورة ،ثم رتبوها على هذا النحو مراعين هذه العلاقة ؟ بالتأكيد لا . فلم تكن هذه المسائل من مشاغلهم ولم يزعم أحد أنهم تحروا هذه العلاقة حينما جمعوا القرآن .. كما لا يمكن أن نفسر أن هذه الحقائق جاءت بفعل مصادفة عمياء . فمن يكون إذن صاحب هذا الترتيب ؟ ومن حدد أعداد الآيات في هذه السور بهذه الصورة والتي أدت إلى هذا النمط من الترتيب ؟
الإحصاء القرآني :
لقد طرحنا في بداية هذا المبحث السؤال عن عدد سور القرآن فردية الآيات وعدد السور زوجية الآيات ، وبعد عملية الإحصاء اللازمة اكتشفنا عددهما . فهل نحن أول من أحصى عدد هذه السور ؟
إذا تأملنا معادلتي الترتيب القرآني ، سنكتشف أننا لسنا أول من أحصى حالات سور القرآن ، لقد سبقنا القرآن إلى ذلك .. وأودعه لنا في معادلتين على نحو يمكننا اكتشافه بالتدبر .
( المعادلتان هما : 19 × 6 = 114 ، 19 × 3 = 57 )
وأساسهما العدد 114 عدد سور القرآن الكريم .
المعادلة الأولى : 19 × 6 = 114 .
19 = 9 + 10 ( 9 أكبر الأرقام : عدد فردي+ 10 أصغر الأعداد : عدد زوجي ) .
لنتأمل كيف خزن القرآن إحصاءه لحالات سور القرآن :
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي ) في 6 = 54 وهذا هو عدد السور فردية الآيات .
إن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي ) في 6 = 60 وهذا هو عدد السور زوجية الآيات .انتهى الإحصاء .
هل هذه مصادفة ؟
لماذا لم تتدخل المصـادفة هنا فتزيد آية في أي سورة أو تنقص آية لتخل بهذا الإحكام ؟ إن زيادة أو نقصان آية في إحدى السور زوجية الآيات سيجعل منها سورة فردية الآيات وهذا يكفي لاختفاء هذا الترتيب المحكم المتوازن . فلماذا لم يحدث ذلك ؟
أليس من الواضح أن أعداد الآيات في سور القرآن محددة ومحسوبة على نحو يترتب عليه أن تأتي منسجمة تماما مع القانون الذي تمثله معادلة الترتيب 19×6 والتي هي صورة العدد 114 عدد سور القرآن ؟
أليس واضحا أن هناك من أودع سر العددين 60 و 54 عددي السور زوجية الآيات والسور فردية الآيات في المعادلة 19 × 6 ، ليكون ذلك حين اكتشافه بعد زمن ما من نزول القرآن دليلا على صحة أعداد الآيات في تلك السور وأنها لم تأت هكذا مصادفة أو دون حساب ؟
كيف نفسر مجيء أعداد الآيات على هذا النحو المحكم مع ما نعلمه من نزول القرآن مفرقا حسب الحاجات والوقائع خلال ثلاث وعشرين سنة ، وترتيبه على نحو مختلف تماما عن ترتيب النزول ؟
أليس ما نكتشفه الآن حقيقة لا مجال لإنكارها ؟ هذا هو القرآن بين أيدينا وبإمكان أي كان أن يتأكد من صحة الإحصاء الذي ادخره القرآن لنا .
المعادلة الثانية : ( 19 × 3 = 57 ).
( يتألف العدد 114 من : 57 عددا زوجيا + 57 عددا فرديا ، وهذا هو أساس المعادلة الثانية : 57 = 19 × 3 ).
والآن لنتأمل الإحصاء التفصيلي المخزن في المعادلة الثانية:
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي) في 3 = 27 وهذا هو عدد السور فردية الآيات فردية الترتيب ،وهو كذلك عدد السور فردية الآيات زوجية الترتيب .
إن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي) في 3 = 30 . وهذا العدد هو عدد السور زوجية الآيات زوجية الترتيب ، وهو كذلك عدد السور زوجية الآيات فردية الترتيب .
وبماذا نفسر هذه الحقيقة ؟
هل جاءت أعداد الآيات في سور القرآن على هذا النحو مصادفة أيضا ؟ هل قامت بترتيب نفسها بنفسها ؟
ما معنى أن تصلنا سور القرآن بهذه الأعداد من الآيات ؟ وفق نظام رياضي واضح لا مجال للتشكيك فيه ؟
التفسير الوحيد لما اكتشفناه أننا في رحاب واحد من أنظمة الحماية التي أحاط الله بها كتابه الكريم ، يستحيل معها إحداث أي تغيير أو تبديل في مواقع سور القرآن أو أعداد آياتها ، والمحافظة على هذا النظام ..
ويمكننا التأكد من ذلك بتغيير موقع أي سورة من سور القرآن ، كأن نقدمها على السورة التي تليها في ترتيب المصحف ، أو نزيد في عدد آياتها آية ، لا نعني بالزيادة أن نأتي بآية من عندنا ، ما نعنيه أن نقسم آية إلى آيتين وبذلك تحصل الزيادة .. لو حدث شيء من هذا لما اكتشفنا هذا النظام ولما وصل إلينا على هذا النحو ..
إن زيادة آية أو إنقاص آية في سورة زوجية الآيات سيجعلها فردية الآيات ، كما أن زيادة أو إنقاص آية في سورة فردية الآيات سيجعلها زوجية الآيات ، وفي الحالين سيختل هذا البناء المحكم . ( انظر الجدول رقم 5 )
والسؤال هنا : ما معنى أن يصلنا القرآن بهذا الترتيب وبهذه الأعداد ، إلا أن يكون محفوظا كما وعدنا الله ؟
مواقع ترتيب سور القرآن :
عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات 60 سورة ، وعدد السـور فردية الآيات 54 سورة ،وقد تم تخزين الإشارة إلى هذين العددين في معادلة الترتيب الأولى 19 × 6 .
السؤال الآن : ما المواقع التي رتبت فيها هذه السور على امتداد المصحف ؟
: من المعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة ، معنى ذلك أن كل سورة من سور القرآن تحمل واحدا من الأرقام 1- 114 رقما دالا على موقع ترتيبها .
إن مجموع هذه الأرقام ال 114 ( 1+2+3+4..114) هو : 6555 .
العدد 6555 يساوي : 19 × 345 .
( انظر الجدول رقم 6 ) ..
ما السر في هذين العددين 19 و 345 ؟
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي) في 345 = 3105 . هذا العدد هو مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور فردية الآيات في القرآن كله وعددها- كما مر- 54 سورة .
وإن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي) في 345 = 3450 .
هذا العدد هو مجموع الأرقام الدالة على ترتيب السور زوجية الآيات في القرآن وعددها 60 سورة .
وبماذا نفسر هذه الحقيقة أيضا ؟ هل تحتمل اختلافا في التفسير ؟
أليس من الواضح أن مواقع ترتيب سور القرآن محددة أيضا وفق نظام رياضي أساسه العدد 114 وهو العدد الذي اختاره الله عددا لسور كتابه الكريم ؟ ما معنى أن يأتي مجموع الأرقام الدالة على مواقع السور فردية الآيات 3105 والذي هو حاصل ضرب 9( العدد الفردي ) في 345 ومجموع الأرقام الدالة على مواقع السور زوجية الآيات 3450 والذي هو حاصل ضرب ( العدد الزوجي )10 في 345 .
(ومن السهل ملاحظة أن الفرق بين المجموعين هو : 345 ) ..
معناه أن مواقع تلك السور محددة وفق العلاقة الموجودة في العدد 114 ، واكتشافنا الآن يعني أنه لم يطرأ على مواقع تلك السور أي تغيير منذ أن نزل القرآن .
والسؤال هنا : من واضع هذا النظام ؟ أهناك غير الله سبحانه وتعالى ؟ إن تحديد مواقع سور القرآن قد تم وفق قانون ونظام محكم لا يمكن نسبته إلى الاجتهاد أو المصادفة ، فهو ترتيب إلهي محكم هادف ناطق بمصدر القرآن وإعجاز ترتيبه .
والسؤال هنا : ألا يكشف لنا هذا الترتيب عن الهدف ( الحكمة ) من وراء توجيهات جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم أن يضع هذه الآية هنا وتلك هناك وهذه السورة هنا وتلك هناك ؟
الحكمة هي : الوصول بترتيب القرآن المعد سابقا والمخطط له بتدبير إلهي إلى النحو الذي نكتشفه الآن؟ .
ولو لم يكن هذا الترتيب مقصودا لتم ترتيب القرآن أولا بأول ، ولما كانت هناك حاجة إلى توجيهات جبريل عليه السلام...
كانت الآيات أو السورة تنزل ، ويحدد جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم موقعها سلفا ( أي قبل اكتمال نزول القرآن ) في الترتيب النهائي للقرآن ، والذي سيتم نقله بالتدريج.
أما ظهور هذا الترتيب ، فهو مرتبط باكتمال نزول القرآن ولن يظهر قبل ذلك .
نهاية الجزء الأول من الموضوع الأول
( ملاحظة : الاعجاز العددي موضوع جديد والمواقف منه متباينة تصل عند البعض الى رفض الموضوع لمجرد مشاهدة العدد 19 ، وقد وصل الامر عند بعضهم إلى التمسك بالقول ان ترتيب القرآن اجتهادي رافضا أي رأي آخر ، والبعض رفض الروايات التي تقول ان جبريل كان يعين للرسول صلى الله عليه وسلم موقع الآية والسورة ، وبعضهم ادعى ان هذا الحساب ليس اكثر من مصادفات يمكن وجودها في أي كتاب ، وبعضهم احتج بأن هذا الحساب لا ينطبق على جميع المصاحف باعتبار القراءات ، والبعض يطالب بالتأصيل والضوابط ..........
أحببت ان أذكر هذه الملاحظات وانا اعلم أنني في ملتقى له مكانته وفيه الخيرة من اهل القرآن ، ولا أتوقع احدا سيقول لي - كما قال الكثيرون من أهل القرآن أيضا - لماذا 114 = 19 × 6 ؟ لماذا لا تكون ( 3 + 7 + 9 ) × 6 . ..
وكما نبهت في البداية : موضوع ترتيب القرآن موضوع طويل جدا ، وليس من الحكمة المبادرة الى رفضه لأي سبب دون الاطلاع عليه كاملا .. في حالة واحدة يكون الرفض مقبولا : إذا وجد في هذا البحث وما سيتبعه خطأ في الحساب او مخالفة لمسألة متفق عليها ] .
بانتظار تعليقاتكم
[ ملاحظة : سأطرح الموضوع مختصرا ما أمكن وأستبعد الجداول والاحصاءات ]
الجزء الأول :
تمهيد - تحديد المفاهيم :
القرآن الكريم : كتاب ختم به الله الكتب السماوية , أنزله على نبي ختم به الأنبياء بدين عام خالد ختم به الأديان . وهو حجة الرسول صلى الله عليه وسلم وآيته الكبرى ( معجزته ) يقوم شاهدا ناطقا بنبوته ، دليلا على صدقه وأمانته .
ولما كان الإسـلام خاتمة الأديـان ، فقد اقتضت حكمة الله أن تكون معجزته " القرآن "صالحة للبقاء إلى قيام الساعة ،فأودع فيه من أسرار الإعجاز ما لا يمكن لجيل من الأجيال ، أو لعصر من العصور الإحاطة بها .. فلكل جيل فيه نصيب ، ولكل عصر فيه نصيب . يذهب جيل ويأتي جيل ، وتتطور المعارف والعلوم ، ويظهر في كل جيل من وجوه إعجاز القرآن ما لم يكن معروفا من قبل . ويظل التحدي قائما ، وإعجاز القرآن شاهدا ودليلا على أن القرآن لا يمكن أن يكون من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم كما يزعم المرتابون والمشككون بالقرآن ، إنما هو تنزيل من حكيم حميد
[ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ( فصلت 41 / 42 )
عدد سور القرآن 114 سورة :
يتألف القرآن – على النحو الذي وصلنا عليه – من 114 سورة ، أوله سورة الفاتحة المؤلفة من 7 آيات وآخره سورة الناس المؤلفة من 6 آيات ، أما مجموع أعداد الآيات في سوره فهو : 6236 آية . وتتفاوت أعداد الآيات في سوره طولا وقصرا ، فأقصرها سورة الكوثر المؤلفة من 3 آيات ، وأطولها سورة البقرة المؤلفة من 286 آية .
ومن المعلوم أن القرآن نزل مفرقا في 23 سنة حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس ، ثم جمع في النهاية على نحو مغاير تماما لترتيب نزوله .
ولعل السؤال الأهم الذي أثارته هذه المسألة : ما الحكمة من ترتيب القرآن على غير ترتيب نزوله ؟ لقد كان من الممكن أن ينزل القرآن مفرقا حسب الأحداث والحاجات وأن يرتب أولا بأول . فلماذا لم يكن ذلك ؟
لماذا رتبت سورة الفاتحة في بداية المصحف وهناك من السور ما نزل قبلها ؟ لماذا عدد آياتها سبع ؟ لماذا كانت سورة البقرة هي الثانية ؟ ولماذا عدد آياتها 286 آية وليس 287 ؟ لماذا جاءت بهذا العدد الكبير من الآيات وهناك سور قصيرة جدا ؟ لماذا تم تجميع السور القصيرة في نهاية المصحف والطويلة في أوله وليس العكس ؟ لماذا افتتحت من بين سور القرآن 29 سورة بالحروف الهجائية المقطعة وليس 30 سورة ؟ لماذا فصلت سورة القلم وهي إحدى السور المفتتحة بالحروف عن أخواتها في ترتيب المصحف ، فرتبت في النصف الثاني من القرآن على حين جاء ترتيب السور الثماني والعشرين الأخرى في النصف الأول ؟ ..
الأسئلة في هذا الباب كثيرة ، ولا شك أن الذي انتهى إلى القول أن ترتيب القرآن لا يخضع إلى أي نظام عقلي أو منطقي قد طرح هذه الأسئلة أو مثلها على نفسه وهو يتفرس في طريقة ترتيب سور القرآن وآياته ، ولما لم يجد جوابا لأي منها خلص إلى القول بأن ترتيب القرآن فوضوي .
ليس هدفنا هنا أن نكرر ما قيل في هذه المسألة قديما كان أو حديثا ، ما نود قوله هنا : لماذا لا يكون ترتيب القرآن وجها من وجوه إعجازه ؟ أليس من المنطق أن يليق ترتيب القرآن بصاحبه ؟ وهل من المنطق أن نلمس سمة الترتيب المحكم في كل مظاهر الكون وأن نفتقدها في القرآن ؟ أليس خالق الكون هو منزل القرآن ؟ فهل يرتب الله كل شيء فيه ابتداء من الذرة وانتهاء بالمجرة ويستثني من ذلك كتابه الكريم ؟ 000
في هذا البحث رؤية جديدة تكشف عن بعض أسرار القرآن في ترتيبه ، وتؤكد أن اللغة والترتيب وجهان لإعجاز القرآن لا ينفصل أحدهما عن الآخر, فكما أن القرآن معجز في لغته وبيانه معجز في ترتيب سوره وآياته ، وأن هذا الوجه ( الجديد ) من الإعجاز لا يقل أهمية عن أي وجه آخر ، بل لعله الوجه المناسب لتقديم القرآن إلى الآخرين باللغة التي يفهمها الجميع كل بلغته .
ولا يعني ذلك أنه بديل لما هو معروف من وجوه الإعجاز ، بل هو إغناء لتلك الوجوه .
لقد وجد الذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في لغة القرآن وبيانه المعجز ، الدليل على صدق النبوة ، فآمنوا بما جاء به ، ورغم تلك المعاصرة فإنها لم تمنع البعض – وهم من أهل اللغة والفصاحة - من الزعم أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ، فما بالك في هذا العصر وقد ابتعد العربي عن لغته، وفقد الناس صلتهم بالبيان والفصاحة ، وتعددت اللغات والشعوب ؟ وازداد أعداء القرآن وخصومه والمفترون عليه عددا و شراسة ؟
لقد تولى القرآن الرد على المفترين والمشككين زمن نزول القرآن في أكثر من آية وتحداهم أن يأتوا بعشر سور وبسورة مثله، من ذلك قوله تعالى:
[ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين
( هود 11 / 13 )
( ملاحظة : سأتناول إعجاز الترتيب في بعض الايات مستقبلا أمثلة على الترتيب على مستوى الآية )
وفي النهاية أقر الجميع بعجزهم وآمنوا بمحمد ورسالته ..... وأيقنوا أن هذا القرآن كتاب الله الكريم الذي :
السؤال الذي يطرح نفسه هنا :
ما رد القرآن على المشككين فيه بعد خمسة عشر قرنا من نزوله ؟ على فئات جديدة من المشككين ، فئة متسلحة بجهلها العربية لغة القرآن ، وأخرى ابتعدت عن أسباب البيان والبلاغة ،وأخرى لا تعترف إلا بعلوم هذا العصر ومعارفه ، ولا تجد في لغة القرآن سببا مقنعا للإيمان به ،وفئة تجد القرآن فوضوي الترتيب ، لا يستند إلى أي معيار عقلي أو منطقي يناسب عقولنا اليوم .
بكل بساطة : الرد القرآني على كل هؤلاء يكمن في ترتيب سوره وآياته ، حيث أن لغة هذا الوجه هي لغة الأرقام ، اللغة العالمية المشتركة بين الناس جميعا .لغة الأدلة المادية الملموسة ، فالعالم اليوم يتكلم لغة واحدة هي لغة الأرقام ، وقد ادخر القرآن لهذا العصر – في ترتيبه - وجه الإعجاز الذي يناسبه ، خطابا يفهمه الجميع كل بلغته .. العربي بالعربية ، والفرنسي بالفرنسية ، والإنجليزي بالإنجليزية ..
لقد أودع الله سبحانه في ترتيب سور القرآن وآياته ما يكفي من الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، براهين قاطعة تنهار معها كل المحاولات للطعن في القرآن أو نسبة تأليفه إلى محمد صلى الله عليه وسلم . وبالتالي فإن في وسعنا أن نقدم القرآن للآخرين من خلال ترتيبه ، كما نقدمه من خلال لغته ، كما نقدمه من خلال سلوكنا كمسلمين .. وأي وسيلة أخرى ممكنة .
عدد سور القرآن 114 سورة :
من المعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة . ليس 113 أو 115 أو 116 . فإذا كان القرآن – كما يزعم المشككون – قصصا وأقاويل ونصوصا جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ، على فترات متقطعة – امتدت 23 سنة هي فترة الدعوة والرسالة - حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس، جمعها من هنا وهناك ، زاعما أن الله قد أوحى إليه بها ، فمن المستبعد جدا في هذه الحالة أن يأتي ترتيب هذه الأقوال والنصوص وفق أنظمة وعلاقات رياضية محكمة ، مع ما نعلمه أيضا من ترتيب هذه النصوص في المصحف على نحو مغاير تماما للترتيب الزمني الذي ظهرت فيه . وإذا كان كذلك – كما يزعم المفترون – فانتهاء القرآن إلى 114 سورة ، هذا العدد دون سواه ،كان مجرد مصادفة ..
أما إذا كان اختيار العدد 114 عددا لسور القرآن اختيارا إلهيا ، فالله لا يختار شيئا عبثا أو دون قصد ، وبالتالي فلا بد أن يخفي هذا الاختيار للعدد 114 أهدافا ومقاصد ، ولا عجب حينئذ أن نكتشف في ترتيب القرآن التوازن والتناسق والإحكام الذي لا مثيل له ، وما يؤكد أنه كتاب إلهي لا تطاله الشبهات ولا الافتراءات في أي عصر .
الحالات الأربع لسور القرآن :
المدخل لفهم ترتيب سور وآيات القرآن الكريم يكمن في الفكرة البسيطة التالية :
يتألف القرآن – على النحو الذي وصلنا عليه – من 114 سورة ، أوله سورة الفاتحة المؤلفة من 7 آيات ، وآخره سورة الناس المؤلفة من 6 آيات ..
انطلاقا من هذه الفكرة ، وباعتبار قانون الزوجية ( العدد إما زوجي وإما فردي ) ،فسور القرآن الكريم باعتبار أعداد آياتها ، إما أن تكون زوجية الآيات وإما أن تكون فردية الآيات ..وباعتبار الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها فهي إما زوجية الترتيب وإما فردية الترتيب ..
[ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ] ( الذاريات 51/49 )
بهذين الاعتبارين فالسورة القرآنية واحدة من أربع :
1- زوجية الآيات زوجية الترتيب، ومثال ذلك سورة البقرة :
عدد آياتها : 286 عدد زوجي ، ورقم ترتيبها : 2 عدد زوجي .
2 - فردية الآيات فردية الترتيب،ومثال ذلك سورة الفاتحة :
عدد آياتها : 7 عدد فردي ، ورقم ترتيبها :1 عدد فردي .
3- زوجية الآيات فردية الترتيب ، ومثال ذلك سورة المائدة :
عدد آياتها : 120 عدد زوجي ، ورقم ترتيبها: 3 عدد فردي .
4- فردية الآيات زوجية الترتيب ، ومثال ذلك سورة الأنعام :
عدد آياتها : 165 عدد فردي ، ورقم ترتيبها:6 عدد زوجي .
بعد هذا التوضيح للحالات الأربع لسور القرآن ،نطرح الأسئلة التالية :
ما عدد سور القرآن زوجية الآيات ؟
ما المواقع التي رتبت فيها على امتداد المصحف ؟
ما عدد السور فردية الآيات ؟ ما المواقع التي رتبت فيها ؟
هل هناك علاقة بين ترتيب هذه السور وأعداد آياتها ؟
لكي نتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة كان لا بد من إعداد عدد من الجداول الإحصائية بحالات سور القرآن –وقد اعتمدت للقيام بهذا العمل المصحف برواية حفص عن عاصم " مصحف المدينة النبوية " - حيث ظهر لنا : .....................
سور القرآن وقانون الزوجية :
السور زوجية الآيات – السور فردية الآيات
سور القرآن فردية الآيات :
أظهر الإحصاء أن عدد سور القرآن فردية الآيات 54 سورة لا غير . وحينما تأملنا الأرقام الدالة على ترتيب هذه السور في المصحف اكتشفنا النظام التالي :
إن من بين هذه السور 27 سورة ( النصف ) فردية الترتيب ، وأما السور ال 27 الباقية ( النصف ) فهي زوجية الترتيب ..
السؤال الذي يطرح نفسه هنا : من رتب هذه السور على امتداد المصحف بحيث يجيء نصفها 27 سورة فردية الترتيب ونصفها الثاني27 سورة زوجية الترتيب على هذا النحو من التناسق والتوازن ؟ هل يمكن رد هذا التوزيع إلى المصادفة ؟ أليس من الواضح أن زيادة أو نقصان آية في أي سورة كان كافيا لإخفاء هذا التوازن ؟
( انظر الجدولين رقم 1 و 2 في نهاية البحث ) .
سور القرآن زوجية الآيات :
سور القرآن الباقية وعددها 60 سورة جاء كل منها من عدد زوجي من الآيات.
( انظر الجدولين 3 و 4 )
فإذا توقفنا عند الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها على امتداد المصحف ، فإننا سنقف على ظاهرة مماثلة للظاهرة التي شاهدناها في السور فردية الآيات .. فكأنها تأكيد لها ودليل عليها، وابتعاد بها عن شبهة المصادفة والعشوائية .
: إن من بين السور الستين زوجية الآيات 30سورة ( النصف ) زوجية الترتيب ، أما السور الباقية وعددها 30 سورة فهي فردية الترتيب .
هل يمكن رد هذا النمط من التوزيع إلى المصادفة ؟ أليس من الواضح أن زيادة أو نقصان آية في أي سورة كان كافيا لإخفاء هذا التوازن والتناسق ؟
( انظر الجدولين رقم 3 و 4 في نهاية البحث ) .
نعيد طرح السؤال السابق : ومن رتب السور زوجية الآيات على امتداد المصحف بحيث جاء نصفها تماما 30 سورة فردية الترتيب، والنصف الآخر 30 سورة زوجية الترتيب ؟
هل أحصى الصحابة- رضي الله عنهم - أعداد الآيات في سور القرآن سورة سورة ،ثم رتبوها على هذا النحو مراعين هذه العلاقة ؟ بالتأكيد لا . فلم تكن هذه المسائل من مشاغلهم ولم يزعم أحد أنهم تحروا هذه العلاقة حينما جمعوا القرآن .. كما لا يمكن أن نفسر أن هذه الحقائق جاءت بفعل مصادفة عمياء . فمن يكون إذن صاحب هذا الترتيب ؟ ومن حدد أعداد الآيات في هذه السور بهذه الصورة والتي أدت إلى هذا النمط من الترتيب ؟
الإحصاء القرآني :
لقد طرحنا في بداية هذا المبحث السؤال عن عدد سور القرآن فردية الآيات وعدد السور زوجية الآيات ، وبعد عملية الإحصاء اللازمة اكتشفنا عددهما . فهل نحن أول من أحصى عدد هذه السور ؟
إذا تأملنا معادلتي الترتيب القرآني ، سنكتشف أننا لسنا أول من أحصى حالات سور القرآن ، لقد سبقنا القرآن إلى ذلك .. وأودعه لنا في معادلتين على نحو يمكننا اكتشافه بالتدبر .
( المعادلتان هما : 19 × 6 = 114 ، 19 × 3 = 57 )
وأساسهما العدد 114 عدد سور القرآن الكريم .
المعادلة الأولى : 19 × 6 = 114 .
19 = 9 + 10 ( 9 أكبر الأرقام : عدد فردي+ 10 أصغر الأعداد : عدد زوجي ) .
لنتأمل كيف خزن القرآن إحصاءه لحالات سور القرآن :
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي ) في 6 = 54 وهذا هو عدد السور فردية الآيات .
إن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي ) في 6 = 60 وهذا هو عدد السور زوجية الآيات .انتهى الإحصاء .
هل هذه مصادفة ؟
لماذا لم تتدخل المصـادفة هنا فتزيد آية في أي سورة أو تنقص آية لتخل بهذا الإحكام ؟ إن زيادة أو نقصان آية في إحدى السور زوجية الآيات سيجعل منها سورة فردية الآيات وهذا يكفي لاختفاء هذا الترتيب المحكم المتوازن . فلماذا لم يحدث ذلك ؟
أليس من الواضح أن أعداد الآيات في سور القرآن محددة ومحسوبة على نحو يترتب عليه أن تأتي منسجمة تماما مع القانون الذي تمثله معادلة الترتيب 19×6 والتي هي صورة العدد 114 عدد سور القرآن ؟
أليس واضحا أن هناك من أودع سر العددين 60 و 54 عددي السور زوجية الآيات والسور فردية الآيات في المعادلة 19 × 6 ، ليكون ذلك حين اكتشافه بعد زمن ما من نزول القرآن دليلا على صحة أعداد الآيات في تلك السور وأنها لم تأت هكذا مصادفة أو دون حساب ؟
كيف نفسر مجيء أعداد الآيات على هذا النحو المحكم مع ما نعلمه من نزول القرآن مفرقا حسب الحاجات والوقائع خلال ثلاث وعشرين سنة ، وترتيبه على نحو مختلف تماما عن ترتيب النزول ؟
أليس ما نكتشفه الآن حقيقة لا مجال لإنكارها ؟ هذا هو القرآن بين أيدينا وبإمكان أي كان أن يتأكد من صحة الإحصاء الذي ادخره القرآن لنا .
المعادلة الثانية : ( 19 × 3 = 57 ).
( يتألف العدد 114 من : 57 عددا زوجيا + 57 عددا فرديا ، وهذا هو أساس المعادلة الثانية : 57 = 19 × 3 ).
والآن لنتأمل الإحصاء التفصيلي المخزن في المعادلة الثانية:
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي) في 3 = 27 وهذا هو عدد السور فردية الآيات فردية الترتيب ،وهو كذلك عدد السور فردية الآيات زوجية الترتيب .
إن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي) في 3 = 30 . وهذا العدد هو عدد السور زوجية الآيات زوجية الترتيب ، وهو كذلك عدد السور زوجية الآيات فردية الترتيب .
وبماذا نفسر هذه الحقيقة ؟
هل جاءت أعداد الآيات في سور القرآن على هذا النحو مصادفة أيضا ؟ هل قامت بترتيب نفسها بنفسها ؟
ما معنى أن تصلنا سور القرآن بهذه الأعداد من الآيات ؟ وفق نظام رياضي واضح لا مجال للتشكيك فيه ؟
التفسير الوحيد لما اكتشفناه أننا في رحاب واحد من أنظمة الحماية التي أحاط الله بها كتابه الكريم ، يستحيل معها إحداث أي تغيير أو تبديل في مواقع سور القرآن أو أعداد آياتها ، والمحافظة على هذا النظام ..
ويمكننا التأكد من ذلك بتغيير موقع أي سورة من سور القرآن ، كأن نقدمها على السورة التي تليها في ترتيب المصحف ، أو نزيد في عدد آياتها آية ، لا نعني بالزيادة أن نأتي بآية من عندنا ، ما نعنيه أن نقسم آية إلى آيتين وبذلك تحصل الزيادة .. لو حدث شيء من هذا لما اكتشفنا هذا النظام ولما وصل إلينا على هذا النحو ..
إن زيادة آية أو إنقاص آية في سورة زوجية الآيات سيجعلها فردية الآيات ، كما أن زيادة أو إنقاص آية في سورة فردية الآيات سيجعلها زوجية الآيات ، وفي الحالين سيختل هذا البناء المحكم . ( انظر الجدول رقم 5 )
والسؤال هنا : ما معنى أن يصلنا القرآن بهذا الترتيب وبهذه الأعداد ، إلا أن يكون محفوظا كما وعدنا الله ؟
مواقع ترتيب سور القرآن :
عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات 60 سورة ، وعدد السـور فردية الآيات 54 سورة ،وقد تم تخزين الإشارة إلى هذين العددين في معادلة الترتيب الأولى 19 × 6 .
السؤال الآن : ما المواقع التي رتبت فيها هذه السور على امتداد المصحف ؟
: من المعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة ، معنى ذلك أن كل سورة من سور القرآن تحمل واحدا من الأرقام 1- 114 رقما دالا على موقع ترتيبها .
إن مجموع هذه الأرقام ال 114 ( 1+2+3+4..114) هو : 6555 .
العدد 6555 يساوي : 19 × 345 .
( انظر الجدول رقم 6 ) ..
ما السر في هذين العددين 19 و 345 ؟
إن حاصل ضرب الرقم 9 ( العدد الفردي) في 345 = 3105 . هذا العدد هو مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور فردية الآيات في القرآن كله وعددها- كما مر- 54 سورة .
وإن حاصل ضرب العدد 10 ( العدد الزوجي) في 345 = 3450 .
هذا العدد هو مجموع الأرقام الدالة على ترتيب السور زوجية الآيات في القرآن وعددها 60 سورة .
وبماذا نفسر هذه الحقيقة أيضا ؟ هل تحتمل اختلافا في التفسير ؟
أليس من الواضح أن مواقع ترتيب سور القرآن محددة أيضا وفق نظام رياضي أساسه العدد 114 وهو العدد الذي اختاره الله عددا لسور كتابه الكريم ؟ ما معنى أن يأتي مجموع الأرقام الدالة على مواقع السور فردية الآيات 3105 والذي هو حاصل ضرب 9( العدد الفردي ) في 345 ومجموع الأرقام الدالة على مواقع السور زوجية الآيات 3450 والذي هو حاصل ضرب ( العدد الزوجي )10 في 345 .
(ومن السهل ملاحظة أن الفرق بين المجموعين هو : 345 ) ..
معناه أن مواقع تلك السور محددة وفق العلاقة الموجودة في العدد 114 ، واكتشافنا الآن يعني أنه لم يطرأ على مواقع تلك السور أي تغيير منذ أن نزل القرآن .
والسؤال هنا : من واضع هذا النظام ؟ أهناك غير الله سبحانه وتعالى ؟ إن تحديد مواقع سور القرآن قد تم وفق قانون ونظام محكم لا يمكن نسبته إلى الاجتهاد أو المصادفة ، فهو ترتيب إلهي محكم هادف ناطق بمصدر القرآن وإعجاز ترتيبه .
والسؤال هنا : ألا يكشف لنا هذا الترتيب عن الهدف ( الحكمة ) من وراء توجيهات جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم أن يضع هذه الآية هنا وتلك هناك وهذه السورة هنا وتلك هناك ؟
الحكمة هي : الوصول بترتيب القرآن المعد سابقا والمخطط له بتدبير إلهي إلى النحو الذي نكتشفه الآن؟ .
ولو لم يكن هذا الترتيب مقصودا لتم ترتيب القرآن أولا بأول ، ولما كانت هناك حاجة إلى توجيهات جبريل عليه السلام...
كانت الآيات أو السورة تنزل ، ويحدد جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم موقعها سلفا ( أي قبل اكتمال نزول القرآن ) في الترتيب النهائي للقرآن ، والذي سيتم نقله بالتدريج.
أما ظهور هذا الترتيب ، فهو مرتبط باكتمال نزول القرآن ولن يظهر قبل ذلك .
نهاية الجزء الأول من الموضوع الأول
( ملاحظة : الاعجاز العددي موضوع جديد والمواقف منه متباينة تصل عند البعض الى رفض الموضوع لمجرد مشاهدة العدد 19 ، وقد وصل الامر عند بعضهم إلى التمسك بالقول ان ترتيب القرآن اجتهادي رافضا أي رأي آخر ، والبعض رفض الروايات التي تقول ان جبريل كان يعين للرسول صلى الله عليه وسلم موقع الآية والسورة ، وبعضهم ادعى ان هذا الحساب ليس اكثر من مصادفات يمكن وجودها في أي كتاب ، وبعضهم احتج بأن هذا الحساب لا ينطبق على جميع المصاحف باعتبار القراءات ، والبعض يطالب بالتأصيل والضوابط ..........
أحببت ان أذكر هذه الملاحظات وانا اعلم أنني في ملتقى له مكانته وفيه الخيرة من اهل القرآن ، ولا أتوقع احدا سيقول لي - كما قال الكثيرون من أهل القرآن أيضا - لماذا 114 = 19 × 6 ؟ لماذا لا تكون ( 3 + 7 + 9 ) × 6 . ..
وكما نبهت في البداية : موضوع ترتيب القرآن موضوع طويل جدا ، وليس من الحكمة المبادرة الى رفضه لأي سبب دون الاطلاع عليه كاملا .. في حالة واحدة يكون الرفض مقبولا : إذا وجد في هذا البحث وما سيتبعه خطأ في الحساب او مخالفة لمسألة متفق عليها ] .
بانتظار تعليقاتكم