نصائح علمية لطلاب الدراسات العليا

إنضم
09/01/2004
المشاركات
1,474
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة النبوية
بسم1

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه بعض الوصايا التي أرجو بها نفع إخواني من طلبة العلم الذين يقومون بإعداد رسائل علمية في الماجستير أو الدكتوراه فأقول مستعينا بالله :

أولاً : اختيار الموضوع :

عند اختيار الموضوع ينبغي للباحث أن يتنبه لما يلي :

1 - اختر الموضوع الذي يناسب ميولك ورغبتك الخاصة داخل ذلك التخصص فمثلا تخصص أصول الفقه يشمل ( أصول الفقه ، القواعد الفقهية ، مقاصد الشريعة ، التخريج ، الفروق ... ) بالإضافة إلى تحقيق المخطوطات في هذه التخصصات الدقيقة ، وكذلك الميول إلى شخصيات معينة لدراستها كشيخ الإسلام ابن تيمية او ابن القيم او ابن عبد البر أو ابن حزم أو ابن حجر أو النووي ..... أو غيرهم من الشخصيات التي يرى الباحث ميوله لعلم وعقلية ومنهج ذلك العالم .

وقل مثل ذلك في الفقه والعقيدة والسنة وعلوم القرآن واللغة وغيرها .

وفائدة هذا الأمر هو أن بحث الماجستير أو الدكتوراه يستغرق وقتاً طويلاً يحتاج فيه الباحث مع الصبر والجلد إلى الرغبة الروحية لموضوع البحث وكلما كانت الرغبة في موضوع البحث أكثر زادت همته وصفا ذهنه وفهمه.

2 - ابتعد عن الموضوعات المطولة التي لا يحد المادة العلمية حد معين لأنه يترتب على ذلك أن تخل بالموضوع مهما طال البحث وأجهدت نفسك فيه فمثلا موضوع أصول الفقه عند ابن تيمية هذا موضوع طويل جداً ولا يمكن أن يستوعبه الباحث في رسالة علمية واحدة ومهما بلغ في الطول سيترتب على ذلك ضعف في البحث وخلل ونقص .

3 - ابتعد عن الموضوعات القصيرة التي تقل فيها المادة العلمية لأن ذلك يجرك إلى أحد أمرين إما القلق بسبب عدم توفر المادة العلمية أو أنك ستدرج في البحث ما لا علاقة له به تكثيراً مما يعود على البحث بالنقد والمناقشة .

4 - احرص على أن تختار في الماجستير موضوعاً يمكن الاستفادة منه في الدكتوراه حرصاً على الوقت بحيث تكون المادة العلمية في الماجستير تغطي جزءاً كبيراً من رسالتك في الدكتوراه وهذا يستفاد منه عدة فوائد :

أ - يسهل عليك الحصول على المادة العلمية فيقل الجهد .

ب - أنك تكون أعرف وأتقن لمباحث الموضوع لكثرة البحث فيه وتقليب الكتب المتخصصة في ذلك الموضوع .

ج - أنك في بحثك للماجستير يمكنك تقييد كثير من الفوائد التي لا تحتاج إليها في الماجستير لكنك تحتاج إليها في الدكتوراه .

فمثلا لو بحثت في الماجستير عن دليل الكتاب عند ابن القيم وفي الدكتوراه دليل السنة عند ابن القيم أو بحثت مثلاً دليل الكتاب عند ابن عبد البر وفي الدكتوراه دلالات الألفاظ عند ابن عبد البر أو القواعد الفقهية عند النووي في العبادات في الماجستير والقواعد الفقهية عند النووي في غير العبادات وهكذا.

5 - لا تستعجل في اختيار الموضوع خشية الوقت أو خوفاً من عدم قبول الموضوع فتضطر إلى أن تختار موضوعا طويلا شاقاً ليقبل في القسم أو موضوعاً لا يمكنك الإحاطة به أو إتقان مسائله فتأخرك بعض الوقت مع اختيار الموضوع المناسب خير من الاستعجال الذي سينعكس عليك أثناء البحث .

6 - استشر أهل الاختصاص في اختيار الموضوع سواء كانوا داخل القسم أو خارجه وأنت تستفيد ممن كانوا داخل القسم فائدتين :

أ - الاستفادة من خبرتهم وعلمهم في انتقاء الموضوعات إذ هم أوسع علماً وأعرف بمباحث الفن .

ب - كسب أصواتهم داخل المجلس لقبول الموضوع عند طرحه .

ولا تقتصر في الاستشارة على من كان داخل القسم بل حاول الاتصال بكثير من أهل الاختصاص حتى خارج بلدك فربما أفادوك بما كان غائباً عن ذهنك أو أحالوك إلى موضوع أفضل من موضوعك .

7 - احرص على اختيار الموضوع المفيد حقيقة لك ولغيرك وابتعد عن تكرار الموضوعات التي لا تأتي فيها بجديد وقد حصر العلماء أسباب التأليف بأمور معينة كجمع متفرق أو شرح مختصر أو اختصار مطول ....فإن لم تقم باحد هذه الأسباب فلا فائدة من التعب والجهد فليس المقصود من البحث فقط هو الحصول على الرتبة العلمية فأنت تقضي ما لا يقل عن أربع او خمس سنوات في هذا البحث ونحن نجد مثلا من يبحث عن المقاصد عند الشاطبي فلا يأتي بجديد مع العلم أنه بحث في المقاصد عند الشاطبي عشرات الرسائل العلمية فإذا كان بحثك لا يخرج عن تلك الرسائل فلا تذهب وقتك وجهدك بلا فائدة .

ثانياً : أثناء البحث :

1 - اعمل بقاعدة قليل دائم خير من كثير منقطع بمعنى أنك لا تدع يوماً يمر عليك بدون كتابة أو تقييد فالوقت سريع وهو من عمرك ومن وقت الرسالة المحدد فاستغل الواجب الموسع ولا تجعله مضيقاً فيتسبب لك ذلك بالإخلال بالبحث مع القلق والتوتر ...

2 - احرص على جمع المادة العلمية بقدر الاستطاعة فابحث في فهارس الرسائل العلمية في الجامعات وعبر المواقع الإلكترونية وسؤال أهل العلم والاختصاص فلا تشبع ولا تكل من جمع مادتك العلمية من رسالة علمية أو كتاب او مجلة أو مقال أو غير ذلك .

3 - اقرأ وافهم قبل ان تكتب وذلك بجرد وقراءة كل ما يتعلق بمباحث رسالتك العلمية من كتب ومؤلفات ومقالات حتى يمتلئ ذهنك علماً وفهما فتتصور المسألة على حقيقتها وتبدأ الكتابة من فوق وأنت تحيط فهما وعلماً بها وتعرف دقيقها وجليلها .

4 - ثق بنفسك وحلل المسائل العلمية وابتعد عن السرد الذي لا يظهر شخصيتك لا سيما في الدكتوراه فهي أكثر مجالاً لطرح شخصيتك مع ملاحظة حسن الأدب والخلق مع العلماء والتواضع في الطرح والابتعاد عن ضمائر المتكلم وتعظيم الذات والشذوذ في الاختيارات والترجيحات .

5 - استفد من المشرف قدر الاستطاعة لا سيما إذا علمت سعة علمه وعمق فهمه واتهم فهمك كثيراً حينما يصوبك فهو على الأغلب سيكون أكثر إحاطة منك في تلك المسائل سواء من الناحية العلمية أو المنهجية فلا تغتر بفهمك وذكاءك وعلمك ، وهذا لا يعني التسليم التام بل يمكن مناقشة المشرف وطرح ما يرد في ذهنك فيبين لك الخطأ أو يقتنع هو بوجهة نظرك .

6 - دقق في فقرات المنهج العام للبحث في الرسائل العلمية والمنهج الخاص واحرص على تطبيقه تماماً فأنت ملزم بما تلتزم به من منهج علمي وفني وشكلي .

7 - اطلع على المناقشات لكثير من الرسائل العلمية لتتجنب ما يقع فيه غيرك من أخطاء في البحث .

8 - استعن بالله دوماً واطلبه منه التوفيق والسداد والفهم وأكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله فالله خير معين ومنه يستمد الهدى والرشاد ، وإذا أشكل عليك فهم مسألة فالجأ إليه وأكثر من ذكره ودعائه حتى يفتح لك فتحاً من عنده .

9 - إن أمكنك طباعة البحث بنفسك فهو أولى من عدة جهات :

أ - أقل وقتاً .

ب - أقرب إلى الفهم والتصحيح .

ج - أقل كلفة مادية .

د - سرعة الاستفادة من الكتب الإلكترونية سواء عن طريق المكتبة الشاملة أو غيرها من المكتبات .

ويمكنك بعد ذلك أن تعطي البحث من يقوم بالتنسيق والترتيب الأكثر جودة من ناحية اللغة أو النواحي الشكلية إن لم تكن متقناً لذلك .

10 - حاول أن تحب بحثك قدر استطاعتك بالنظر في فوائده وثمراته والعلماء المتخصصين فيه وسيرهم مما يشحذ همتك ويؤنسك ويخفف المشقة عنك .

ثالثاً : عند تسليم الرسالة والمناقشة :

1 - احرص على أن تسلم الرسالة نهائياً بشكل متقن شكلياً وضمنياً بكثرة مراجعتها وتصحيح الأخطاء المطبعية بنفسك وعن طريق عرضها على غيرك فربما يقرأ الكاتب ما كتبه حفظاً لا نظراً فلا ينتبه للخطأ .

2 - اكتب تقريراً جيداً عن الرسالة واعرضه على المشرف واختر الكلمات المناسبة مع الشكر والثناء للجامعة والقسم والمشرف والمناقشين مع الاعتراف بالفضل لهم جميعاً .

3 - كن في أثناء المناقشة عاقلا متزناً لا تعظم الصغير ولا تصغر العظيم واعترف بالخطأ إن تبين لك واذكر رأيك بأدب واحترام وبدون تعصب وليكن في ذهنك أن المناقشة يهدف منها تصويب بحثك ومعرفة إحاطتك به ، فأنت المستفيد من ذلك ولا يعني هذا انتقاص الرسالة فلا يخلو بحث من نقد أو خلل معين علماً أن الإفهام تختلف والعقول والمناهج والمدارس التي ينتمي إليها الأساتذة مختلفة فينبغي مراعاة ذلك عند المناقشة وعدم التصلب للرأي .

11 - لا تستعدي مشرفك واكسب وده واحذر وساوس الشيطان فقد رأيت كثيراً من الباحثين يشكو سوء تعامل المشرف وأنه يبغضه أو يتنقصه أو يحسده أو نحو ذلك مما يكون وهماً وظناً كاذباً في أغلب الأحيان ، وسبب ذلك يرجع إلى عدم فهم طريقة تعامل المشرفين مع طلبتهم مما ينبغي معه الحزم والحفاظ على الهيبة وتربية الطالب على إجلال أساتذته ، وكثير من الطلاب يظن ذلك نوعاً من الإهانة أو الإذلال والأمر ليس كذلك وربما يرجع ذلك لطبيعة الشخص أو بلده أو نحو ذلك مما يكون سبباً للجفاء بين الطالب وأستاذه ، فحاول أن تكسب ود أستاذك وتخضع لعلمه وخبرته وتتحبب إليه وتبتعد عن الندية والمقارنة والكبر ، فهو حقيقة معلمك وليس عدوك .

12 - ابتعد عن كثرة الشكوى من طول الموضوع وصعوبته وسوء التعامل ونحو ذلك من الصعوبات التي تواجهك فإن كثرة الشكوى تثبط الهمة وتشتت الذهن وتجعل ذلك مستقراً في الذهن طوال الوقت مما يزيد الأمر صعوبة بل استبدل ذلك بالاستعانة بالله والشكوى إليه والعمل الجاد في البحث فعلاج المشاكل بحلها لا بشكواها وحل مشكلتك بالبحث والصبر حتى تنهي بحثك وإياك وبنيات الطريق .

وفقكم الله وسددكم وأعانكم.

(شكر الله لكاتب هذا الموضوع, وقد أرسله لي شيخنا أ.د. محمد بن عبدالعزيز العواجي منذ فترة على بريدي, ولا أدري من كتبه, شكر الله لشيخنا وللكاتب, وقد نقلته لكم هنا للفائدة)
 
عودة
أعلى