نشأة التفسير (التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم)

مرهف

New member
إنضم
27/04/2003
المشاركات
511
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ـ سوريا
الموقع الالكتروني
www.kantakji.org
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
لا مشاحة في أن علم التفسير أول العلوم القرآنية نشأة ، فقد صاحبت نشأته نزول القرآن الكريم وواكبت الوحي ، فكان الصحب رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما غمض عليهم من المنزل ،وكان صلى الله عليه وسلم يبين لهم ما يحتاجون إليه من معانيه وأحكامه.
وبالنظر في مشتملات القرآن الكريم نجده قد أوجز في موضع ، وأطنب في موضع آخر ، وفصل في مكان ما أجمله في مكان آخر ، وقيد في موضع ما أطلقه في موضع آخر، وخصص في موضع ما جاء به على العموم في موضع آخر ، وهذا في ذاته بيان.
ولكن بعد ذلك دعت الحاجة إلى فهم الكتاب العزيز؛ ذلك لأن فيه إشارات لم يتح لكثير من العرب أن يفهموها ، وكذلك فإن سلوك المسلم الفردي والاجتماعي متعلق على فهم القرآن وربطه في جميع نواحي الحياة ، ولذلك أخذ التفسير مكانة مهمة في حياة المسلم إلى يومنا هذا ؛ ومما لا ريب فيه أن التفسير مرّ بأطوار ومراحل ، حتى اتخذ الصورة التي نجده عليها الآن.
وسأتكلم باخنصار هنا عن التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :

التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
رغم اشتهار العرب في عصر نزول القرآن بالفصاحة والبلاغة ، وامتلاكها لناصية البيان ، واعتبارها سموَّ الفصاحة ونظم الشعر ؛ حتى قامت أسواق شعرية تعرض فيها قصائد الفحول المشتملة على التحديات الشعرية ، وألوان الخطابة والتفنن بصياغتها ؛ للتدليل على امتلاكهم لبحر اللغة العربية وأسرارها ، والإبداع في أساليبها ؛ حتى تحداهم الله تعالى في كتابه فقال:
( وإن كنتم في ريب ممّا نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) [ البقرة/ 24 ] ، ثم بين لهم عجزهم فقال :(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) [ الإسراء /88 ] ؛ إلا أنهم لم يعلموا من القرآن إلا ظواهره ،ولم يدركوا من بيانه إلا عجزهم عنه ، ذلك لأن كتاب الله قد جمع في اللفظة الوجيزة معاني دقيقة وكثيرة ،وإشارات علمية ،وسنن كونية ،ومغيبات تاريخية وعقدية مما حاجهم إلى الشرح والبيان ، والاستفسار عن كثير من معاني القرآن بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله جعل رسوله صلى الله عليه وسلم مبيناً لكتابه ، فقال تعالى:(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) [ النحل/44].
فكان الرسول صلى الله عليه وسلم المبـيّن الأول للقرآن ، والمرجع الأساس لفهم القرآن .
ثم إن البيان الحاصل منه صلى الله عليه وسلم واقع على صور متعددة :
- فقد يكون بياناً لمجمل ، كبيانه صلى الله عليه وسلم للصلاة والزكاة ومقدارها ، لمـا أجمله الله تعالى في قوله:(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)[ البقرة/42].
- وقد يكون توضيحاً لما أشكل ، كتفسيره صلى الله عليه وسلم للخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى :(وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)[ البقرة/186] ، بقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا،بل هو سواد الليل وبياض النهار ).
- وقد يكون تخصيصاً للعام ، كتخصيصه صلى الله عليه وسلم للظلم في قوله تعالى :(الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)[ الأنعام/83] ، بأنه الشرك بقوله صلى الله عليه وسلم : (ليس كما تقولون، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه:( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)[لقمان/12] ) .
- وقد يكون تقييداً لمطلق ،كتقييد اليد في قولـه تعالى :(والسارق والسارقـة فاقطعوا أيديهما) [المائدة /40 ] باليمين.

ثم وقع اختلاف بين العلماء في القدر الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن :
ـ فمنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه كلّ معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه وهو رأي ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير صـ 35.
ـ ومنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يبين لأصحابه من معاني القرآن إلا القليل وهو رأي الخويبي ،نقله السيوطي في الإتقان 2/174
ـ ومنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم بين الكثير من معاني القرآن لأصحابه ، ولم يبين كل المعاني ؛لأن من القرآن ما استأثر الله بعلمه ،ومنه ما يعلمه العلماء ،ومنه ما يعلمه العرب من لغاتهم ،ومنه ما لا يعذر أحد في جهالته وهذا رأي الذهبي في( التفسير والمفسرون 1/53 ).

والمختار عندي هذا الأخير لما مرّ ؛ ولأنه من البدهـي أن لا يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ما يرجع فهمه إلى معرفتهم ، وهم العرب ؛ لأن القرآن نزل بلغتهم ، ولم يفسر لهم ما تتبادر الأذهان إلى معرفته ، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم وقع بينهم الاختلاف في تأويل آيات من كتاب الله تعالى ، فلو كان عندهم نص مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع هذا الاختلاف ، أو لارتفع بعد الوقوف عـلى النص .
 
الأخ الكريم:
ما هي درجة صحة حديث ينسب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول بما معناه: مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفسر من القرآن إلا آيتين أو ثلاثاً.
هذا حديث مر بي فيما مضى ولم أستطع أن أعثر عليه مع أنه يبدو لي مشهوراً إذ مر في كثير من المواضع.
وشكراً.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أثر عائشة الذي سألت عنه ذكره ابن جرير الطبري في مقدمة تفسيره ، في باب : ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن .

وهذا نص كلامه :
( ذكر الأخبار
التي غلط في تأويلها منكر والقول في تأويل القرآن
فإن قال لنا قائل: فما أنت قائل فيما:-

90- حدثكم به العباس بن عبد العظيم، قال: حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة، قال: حدثني جعفر بن محمد الزبيري، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.

91- حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد الطرسوسي، قال: أخبرنا معن، عن جعفر بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن، إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل عليه السلام .)

[color=006600]ثم ذكر آثاراً أخرى في التحذير من القول في التفسير ، ثم أجاب عنها بقوله :[/color]

( قيل له: أما الخبر الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل، وهو: أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنـزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعلمه رسول الله

< 1-88 >
صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه، إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه. فذلك هو الآي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه، وهن لا شك آي ذوات عدد.

ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.

فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل. وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره: وأنـزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نـزل إليهم ولعلهم يتفكرون [سورة النحل: 44].

ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه كان لا < 1-89 > يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد- هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغياء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنـزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنـزل إليهم، لا ليبين لهم ما أنـزل إليهم.

وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنـزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نـزل إليه ما أنـزل ليبين للناس ما نـزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.

[color=0000FF]هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده، التي لا يجوز معها الاحتجاج به لأحد ممن علم صحيح سند الآثار وفاسدها في الدين. لأن راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار، وهو: جعفر بن محمد الزبيري. [/color])

وقد قال أحمد شاكر في تعليقه على الأثر : ( الحديث 90، 91- هو بإسنادين، [color=990033]ونقلهما ابن كثير في التفسير 1: 14-15 عن الطبري، وقال: "حديث منكر غريب.[/color] وجعفر هذا: هو ابن محمد بن خالد بن الزبير العوام القرشي الزبيري، قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6: 303، وقال: "رواه أبو يعلى، والبزار بنحوه. وفيه راو لم يتحرر اسمه عند واحد منهما، وبقية رجاله رجال الصحيح. أما البزار فقال: عن حفص أظنه ابن عبد الله عن هشام بن عروة. وقال أبو يعلى: عن فلان بن محمد بن خالد عن هشام". أما ما ذكر عن البزار، فإنه لم يقع له الراوي بنسبه، ووقع له باسم "حفص" فظنه "ابن عبد الله"، ولعله تصحف عليه في نسخته عن "جعفر" أو تصحف من الناسخين، فظنه "جعفر بن عبد الله بن زيد بن أسلم". و "جعفر بن عبد الله" هذا: مترجم في التهذيب، وذكر أنه وقع اسمه في بعض نسخ مسند مالك للنسائي "حفص بن عبد الله". وأيا ما كان فقد بان خطأ البزار في ظنه، وأن الراوي هو "جعفر بن محمد بن خالد الزبيري".

و "جعفر الزبيري"، راوي هذا الحديث: ذكر في الإسناد الثاني منسوبًا إلى جده، وهو جعفر بن محمد بن خالد، كما بينه ابن كثير، وكما ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1\1: 487-488، وابن حجر في لسان الميزان 2: 124. وترجمه البخاري في الكبير 1\2: 189 منسوبًا لجده، ثم قال: "قال لي خالد بن مخلد: حدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام... وقال معن: عن جعفر بن خالد".

والراجح عندي أنه "جعفر بن محمد بن خالد"، لما ذكرنا، ولأن ابن سعد ترجم لجده "خالد بن الزبير" 5: 137، وذكر أولاده، وفيهم "محمد الأكبر" و "محمد الأصغر"، ولم يذكر أن له ولدًا اسمه "جعفر".

وسيأتي أن يعل الطبري نفسه هذين الإسنادين بأن جعفرًا راويهما "ممن لا يعرف في أهل الآثار". ص: 89 وقد نقل ابن كثير أن البخاري قال فيه: "لا يتابع في حديثه"، وكذلك نقل الذهبي عنه في الميزان، وتبعه ابن حجر في لسان الميزان. ولكن البخاري ترجم له في التاريخ الكبير، فلم يقل شيئًا من هذا ولم يذكر فيه جرحًا، وكذلك ابن أبي حاتم لم يذكر فيه جرحًا، ولم يذكره البخاري ولا النسائي في الضعفاء. ونقل ابن حجر أن ابن حبان ذكره في الثقات. وأن يذكره البخاري في التاريخ دون جرح أمارة توثيقه عنده. وهذان كافيان في الاحتجاج بروايته. ولئن لم يعرفه الطبري في أهل الآثار لقد عرفه غيره.

وفي الإسناد الأول من هذين "محمد بن خالد ابن عثمة"، وقد ترجمه البخاري في الكبير 1\1: 73-74، وقال: "محمد بن خالد، ويقال: ابن عثمة، وعثمة أمه"، ونحو ذلك في الجرح والتعديل 3\2: 243، فينبغي أن ترسم "ابن" بالألف، وهي مرفوعة تبعًا لرفع "محمد" وأمه "عثمة" بفتح العين المهملة وسكون الثاء المثلثة. ومحمد بن خالد هذا: ثقة.)

انظر تفسير الطبري 1/84-89 بتحقيق محمود شاكر وأخيه أحمد
 
جزاكم الله خيراً

جزاكم الله خيراً

بسم الله
أشكرك أخي أبا مجاهد على ردك العلمي ، وأني آسف لتأخر جوابي وذلك أني كنت غائباً عن الملتقى بسبب الدراسة والأبحاث أكثر من ستة أشهر وأسأل الله تعالى أن لا يقطعني عن المللأستفيد منه
 
عودة
أعلى