نسبة كتاب ( الدر المكنون في رواية الدوري وحفص وقالون ) للزبيدي ت: 848 هـ

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
كتاب: ( الدر المكنون في رواية الدُّوري وحفص وقالون ) نسبه عددٌ من الباحثين إلى الإمام عثمان بن عمر النَّاشري الزبيدي (ت: 848 هـ)، شارح الدرَّة، ولعلَّ أوَّل من نسبه إليه -فيما أعلم، والله أعلم- هو الباحث عبد الله بن محمَّد الحبشي([1])، وتبعه على ذلك الدكتور عبد الله بن عثمان المنصوري([2])، وغيره ([3])، وكنتُ شغوفاً بالوقوف على هذا الكتاب، حتى يسَّر الله تعالى لي نسخة خطية منه، فطالعتُها مراراً، وتبيَّن لي أن الكتاب لا يصحُّ نسبته إلى الإمام عثمان بن عمر النَّاشري للأمور التالية:
1) جاء في الورقة الأولى من المخطوط: «كتاب "الدر المكنون في رواية الدوري وحفص وقالون" مجموع سيِّدنا وشيخنا الفقيه الأجل المقرئ رضي الدِّين أبي بكر بن عبد الوهَّاب بن عثمان النَّاشري نسباً، الشَّافعي مذهباً، جزاه الله خيراً وعافاه وأبقاه، وجعل الخير منقلبه ومأواه« ا.هـ.
وجاء على طرَّة الكتاب الغلاف أبياتاً ومنها قوله: «الدُّر المكنون الذي ألَّفه الرِّضى النَّاشري«.
قلتُ: فهذا تصريح واضحٌ بأنَّ هذا الكتاب هو لمقرئ فقيه اسمه "رضي الدِّين أبي بكر بن عبد الوهَّاب النَّاشري"، وصاحب الترجمة اسمه"عفيف الدِّين عثمان بن عمر النَّاشري" فبان الفرق بينهما.

2) جاء في مقدِّمة المؤلِّف: «واعتمدتُ في ذلك ما ثبت عن إمامنا وقدوتنا الإمام الفاضل شيخ القرَّاء والمحدِّثين جمال الدِّين محمَّد بن محمَّد بن محمَّد الجزري –رحمه الله تعالى-«([4]).
قلتُ: من عادة الإمام عثمان بن عمر النَّاشري رحمه الله التي وقفتُ عليها في سائر كتبه إذا ذكر أحد مشايخه باسمه قال: «شيخنا« لاسيِّما مع شيخه الإمام ابن الجزري، وهنا لم يذكر كلمة "شيخنا" بل ذكر "إمامنا وقدوتنا" على خلاف عادة الإمام عثمان الناشري في ذلك.
ثم هناك ملحظ آخر، وهو قوله: «جمال الدِّين محمد بن الجزري «، وهذا ليس بلقب لابن الجزري، بينما نجد الإمام عثمان النَّاشري رحمه الله يذكره دائماً «شيخنا شمس الدِّين« ، وقد ذكرتُ جملةً من ذلك في بحثي "الإمام الزبيدي وجهوده في علم القراءات".

3) جاء في نهاية المخطوط: «قال المؤلف –رحمه الله-: تمَّ تأليف الكتاب المختصر المسمَّى بـ"الدر المكنون" ظهر الأحد 11 من شهر شعبان سنة 973 هـ، وفرغ من زبره نهار الخميس رابع شهر محرَّم الحرام من شهور سنة خمس وسبعين وتسعمائة من الهجرة«([5]).
قلتُ: والإمام عثمان النَّاشري توفي سنة 848 هـ، أي قبل تأليف هذه الرِّسالة بـ( 135 سنة ) تقريباً، فهذا من أقوى الأدلِّة الدَّالة على عدم صحة نسبة "الدر المكنون" للإمام عثمان النَّاشري رحمه الله.
فالإمام عثمان بن عمر الناشري رحمه الله من القرن التاسع، وهذا الكتاب أُلِّف في القرن العاشر.

4) من عادة الإمام عثمان النَّاشري رحمه الله في مصنفاته في القراءات أن يبتدئ بذكر أصول القراءة، ثمَّ يعقبها بالفرش، وهنا في "الدر المكنون" بدأ بمقدِّمة ثم الاستعاذة والبسملة وفَرَشَ السورة بأصولها وفرشها، على خلاف عادة الإمام عثمان النَّاشري في كتبه.

فهذه أربعة أدلة تدلُّ بمجموعها دلالة واضحة على عدم صحة نسبة رسالة "الدُّرُّ المكنون في رواية الدُّوري وحفص وقالون" إلى الإمام عثمان بن عمر النَّاشري، وتوجد غيرها من الأدلَّة ولكن هذه أظهرها وأوضحها، والله تعالى أعلم.

([1]) ينظر: مصادر الفكر الإسلامي في اليمن صـ28، و حياة الأدب اليمني في عصر بني رسول صـ99.
([2]) ينظر: علم القراءات في اليمن للمنصوري صـ351، وقال صـ203: «ومن علماء القراءات من قام بجمع القراءات السائدة في أرجاء اليمن في عصره في مصنَّف جامع، كالمقرئ عثمان النَّاشري، وقد سمَّى مصنَّفه"الدر المكنون في رواية الدُّوري وحفص وقالون"« ا.هـ. قلتُ: ولا تصح نسبته إليه، والله أعلم.
([3]) ينظر: على سبيل المثال رسالة "القراءات القرآنية في حضرموت" صـ86 حاشية، قال المؤلِّف: «ومن خلال تصفحي للمخطوطة اتضح لي أنَّها تحمل عنوان (الدر المكنون في رواية الدُّوري وحفص وقالون) أو (الهداية إلى تحقيق الرِّواية) ومؤلفهما الشيخ عثمان بن عمر النَّاشري« ا.هـ. قلتُ: المخطوط هو "الهداية إلى تحقيق الرواية" قطعاً، وأمَّا نسبة كتاب "الدر المكنون" هذا لعثمان بن عمر النَّاشري فلا يصح، والله أعلم.
([4]) ينظر: الدر المكنون في رواية الدوري وحفص وقالون صـ2 (مخطوط).
([5]) ينظر: الدُّر المكنون في رواية الدوري وحفص وقالون صـ24 (مخطوط).
 
جزاكم الله خيرا شيخ محمد على هذا التنبيه ، دائما تأتينا بالجديد.
 
عودة
أعلى