نسبة قول للماوردي في (البرهان) للزركشي

حسين بن محمد

فريق إشراف ملتقى الكتب
إنضم
08/09/2008
المشاركات
934
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
القاهرة
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
الحمد لله وحده ،

في معرض حديثه عن الأحرف السبعة ، قال الزركشي رحمه الله في النوع الحادي عشر ( معرفة على كم لُغةٍ نزل ) :
" والقائلون بأنها كانت سبعاً اختلفوا على أقوال " ، فعدّ منها :
أنها " سبعة أنواع ، كلُّ نوعٍ منها جزء من أجزاء القرآن بخلاف غيره من أنحائه ، فبعضها أمر ونهي ، ووعد ووعيد ، وقصص ، وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال ، وغيره " . ثم قال :
" قال الماوردي : هذا القولُ خطأ ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أشارَ إلى جوازِ القراءةِ بكلِّ واحدٍ من الحروفِ ، وإبدالِ حرفٍ بحرفٍ ، وقد أجمعَ المسلمون على تحريمِ إبدالِ آيةِ أمثالٍ بآيةِ أحكامٍ " [1] .

كذا وقع هذا القول منسوبا للماوردي في (البرهان) ، وعنه السيوطيُّ [2] وابنُ عقيلة المكي [3] وغيرُهما .

قال محققو نشرة المجمع لكتاب (الإتقان) عند ذلك : " ذكر في (النكت والعيون) 1 / 29 ، وليس فيه تخطئته " [4] .

قلتُ : والصواب نسبته للإمام أبي عبد الله محمد المازري ( ت 536 ﻫ ) صاحب ( المُعْلِم بفوائدِ مسلم ) ؛ إذ قال :
" وهذا التأويلُ خطأ ؛ لأنه عليه السلام أشارَ في هذا الحديثِ إلى جوازِ القراءةِ بكلِّ حرفٍ ، وإبدالِ حرفٍ من السبعةِ بحرفٍ آخر ، وقد تقرَّرَ إجماعُ المسلمين على أنه لا يحلُّ إبدالُ آيةِ أمثالٍ بآيةِ أحكامٍ " [5] .

ولعل (الماوردي) وقعت من المصنِّف أو الناسخ خطأ لأي سبب ؛ من سبق قلم أو وهم أو تصحيف أو غير ذلك . والله أعلم .

___________________________
[1] ( البرهان في علوم القرآن ) للزركشي ( ت 794 ﻫ ) ، 1 / 217 ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ط دار التراث .
[2] ( الإتقان في علوم القرآن ) للسيوطي ( ت 911 ﻫ ) ، ص 326 ، ط المجمع .
[3] ( الزيادة والإحسان في علوم القرآن ) لابن عقيلة المكي ( ت 1150 ﻫ ) ، 1 / 495 ، ط1 جامعة الشارقة .
[4] قال الماوردي ( ت 450 ﻫ ) في تفسيره (النكت والعيون) : " اختلف المفسرون في تأويل السبعة الأحرف التي نزل القرآن بها على أربعة أقوال ؛ أحدها : معناه على سبعة معان ، وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وجدل وقصص ومثل " ، ثم عدّ أقوالا أخر ، ولم يرجح أيا منها . [ تفسير الماوردي ، 1 / 28 - 30 ، تحقيق السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم ، ط1 دار الكتب العلمية ، ومؤسسة الكتب الثقافية ] .
[5] ( المُعْلِم بفوائد مسلم ) للمازري ، 1 / 462 ، تحقيق محمد الشاذلي النيفر ، الدار التونسية للنشر ، ط2 / 1988م .
 
فائدة جميلة.
لا أدري هل تطرق لهذا من درس البرهان أو ترجيحات الزركشي في علوم القرآن؟
 
وكذلك قال الزركشي آخرَ النوع الرابع عشر :
عند ذكر قول أنسٍ رضي الله عنه : ( جمَعَ القرآنَ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعةٌ كلّهم من الأنصار : ... ) :
" قال الماوردي : وكيف يمكن الإحاطة بأنه لم يكمله سوى أربعة والصحابة متفرقون في البلاد ؟! وإن لم يكمله سوى أربعة فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون " [ 1 / 242 ] .

والصواب نسبته للإمام المازَِري أيضا ؛ إذ قال :
" هذا الحديث مما ذكره بعضُ المُلحِدة في مطاعنها وحاولتْ بذلك القدحَ في الثقة بنقل القرآن ، ولا مستَرْوحَ لها في ذلك ؛ لأنّا لو سلّمنا أن الأمر كما ظنّوه وأنه لم يكمل القرآن سوى أربعةٍ = فإنّه قد حفِظَ جميعَ أجزائِه مئون لا يحصون " .
وقال : " وكيف يعرف النقلةُ أنه لم يكمله سوى أربعة ؟! وكيف تتصوّر الإحاطة بهذا وأصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم مفترقون في البلاد ؟! وهذا لا يتصوّر حتى يلقى الناقلُ كلَّ رجلٍ منهم فيخبره عن نفسِه أنه لم يُكمِل القرآنَ ! وهذا بعيدٌ تصوّره في العادةِ ". [ المعلم بفوائد مسلم ، 3 / 263 - 265 ] .

ولم أقف على من أشار إلى ذلك . والله أعلم .
 
عودة
أعلى